<!--<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman","serif";} </style> <![endif]-->
وداعا قداسة البابا
· أحمدك يالله على نعمة الإيمان .. وعلى نعمة الأسلام العظيم .. وعلى نعمة أبوين عظيمين هما أول من علمونى سماحة الأسلام وعظمته . الأسلام الذى يعرف حق الجار , حتى ولو كان هذا الجار من غير ملتنا ... ولكن له حقوق كثيرة ليس هذا مجال ذكرها الان . فى بيتنا تعلمت أن جيراننا فى المنزل وهم أسرة صغيرة على ما اتذكر مكونة من ثلاثة أفراد أبو وديع – أم وديع – وابنهم الوحيد وديع . هم أهلنا مثل آقاربى تماما – بل هم أقرب عند الحاجة بحكم الجوار المنزلى . ليست هذه الأسرة فقط ولكن أسرة الأستاذ \ شكرى حنا , وتانت أم رؤوف , واولادهم بالترتيب رؤوف ثم ماجدة ثم منى ثم هشام الذى اختطفه الموت سريعا وهو بالكاد طالب جامعى بكى عليه الحى كله لشدة أدبه . حتى مدام بسيليكيه وزوجها الخواجة والتى تركت مصر بعد وفاته وعادت الى اليونان , وكثير من الأسر المسيحية التى تسكن الحى بحكم أننا فى وسط البلد وبالحى ثلاثة كنائس تمثل ثلاثة طوائف مسيحية منها الكنيسة التى فى شارعنا وخادمها المرحوم عم محمد بركات .
· من حسن حظى أننى كنت أسكن وسط البلد , وكانت أقرب مدرسة إعدادية يذهب إليها أبناء المنطقة هى مدرسة ثمرة الحياة القبطية للبنات , ومدرسة ثمرة الحياة القبطية للبنين . وكأغلب أبناء منطقتى الذكور ذهبت الى مدرسة ثمرة الحياة القبطية الأعدادية بنين وهى من أشهر مدارس المنصورة الأعدادية .
· فى هذه المدرسة لم ألحظ أننى بعدت عن البيت كثيرا سواء بسبب القرب الجغرافى , أو سواء بسبب ما نتلقاه فى هذا الصرح العظيم من اساتذة ومعلمين عظماء مسلمين كانوا أو مسيحيين . عرفت قواعد الرياضة على يد نعيم هارون اسرئيل - ادجار جرجيوس \ مدرسى الفصل , وفى اوقات الحصص الأحتياطىة على يد العظيم \ ثابت باسيلى مدرس أول الرياضيات , والد صاحب شركة آمون للأدوية , المواد الأجتماعية على يد \ أنيس رزق الله , اللغة الأنجليزية على يد الأساتذة \ يعقوب – طلعت ..الخ , ولا أنسى ناظر المدرسة الخالد \ كامل حنا والذى فى جنازته المهيبة دخلت لأول مرة كنيسة المنصورة الرئيسية فى شارع الثورة .
· تذكرت كل ذلك وغيره كثير عن أخواتنا المسيحيين من أصدقائى وأصدقاء والدى وأخواتى بنات وصبيان ومر بخاطرى أسماء كثيرة منها الأستاذ فوزى جرجس صديق والدى وأول من وقف بجوارنا يوم وفاة والدى – مريم غبريال وكل أخواتها صديقة أختى الكبيرة – أخى وصديقى المرحوم مجدى نسيم أحد أمهر عازفى الأيقاع فى مصر – شريف شوقى وعماد شوقى أصدقائى فى لعب كرة القدم الشراب أمام سينما عدن الشهيرة على المشاية الان , منال ميخائيل صديقة أختى الأصغر المفضلة ...الخ .
· تذكرت ذلك وانا جالس شارد الذهن أمام الفضائيات وهى تنعى نبأ وفاة البابا شنودة , هذا الرجل العظيم الذى يعتبر من ثوابت الحياة اليومية المصرية , تذكرت وفاة كل عظماء الوطن فى شريط يمر بخاطرى :- طه حسين والعقاد والمازنى , أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش , مشايخ الأزهر العظام من أمثال الشيخ جاد الحق على جاد الحق و الشيخ شلتوت , ثم تأتى جنازة الراحل جمال عبد الناصر وخروج الملايين فى الشوارع كى يودعوه . كل هذا وغيره كثير مر بخاطرى وانا أنعى الى نفسى و الى الوطن واحد من اخلص أبنائه – أنعى الى الأمة العربية واحد من أشجع رجالها الذى رفض الذهاب الى القدس فى معية السادات – بل وأصدر فتواه الشهيرة بحرمان كل مسيحى من الكنيسة وهى عقوبة شديدة جدا على أى مسيحى تساوى الخروج من الملة تقريبا , وذلك فى حالة ذهابه للحج الى بيت لحم وقال قولته الشهيرة ( لن ندخل القدس إلا مع اخواننا المسلمين وتحت حكم الفلسطنيين ) .
· رحل شنودة عاشق مصر الذى أطلق قولته الشهيرة كى نرددها وراءه :( مصر ليست وطنا نعيش فيه ..... بل هي وطن يعيش فينا).
· ولد البابا شنودة الطفل( نظير جيد) في3 أغسطس1923 في أسيوط وتوفيت والدته بحمي النفاس بعد الولادة مباشرة, أمضي تعليمه الابتدائي متنقلا من دمنهور, إلي أسيوط, إلي بنها, الي القاهرة, وكان ترتيبه الأول دائما بين زملائه, عرف هواية القراءة وهو في الرابعة عشرة فعشقها وقرأ لطه حسين والعقاد وروايات الجيل والشعر وكل الكتب التي استطاع أن يقتنيها, ثم قرض الشعر وهو في السادسة عشرة من عمره, ولأنه كان طفلا يتيما فقد أرضعته نساء القرية, ومن هنا كان له إخوة في الرضاع من كل صنف ولون ودين ومذهب, منهم زهري حمدان ابن الحاجة, زينب سيد درويش, كما نشرت جريدة الأهرام في يوم الثلاثاء10/19/.2010.
· عرفتم لماذا كان البابا شديد الأعتزاز بعروبته ومصريته ولا أنسى قوله ( إذا كان لابد من حماية أمريكا لمسيحييى مصر ... فليمت المسيحيين .. ولتحيا مصر ) .
· كثيرون لا يدركون هذه المعانى.. لم يشربوا من النيل.. لا يعرفون قيمة ماء النيل.. ماء جمع بين المسلم والمسيحى.. جعلنا كلنا أقباطاً.. هم أقباط مسيحيون، ونحن أقباط مسلمون.. يجمعنا إله واحد، وتجمعنا مصر العظيمة.. شاء الله أن تتجدد هذه الوحدة، فى وداع البابا.. شاء الله أن يبعث رسالة أخرى إلى العالم.. ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين.. لا تخافوا منها، ولا تخافوا عليها!
· إن التحدى الذى ستواجهه الكنيسة المصرية فى مرحلة ما بعد البابا شنودة، هو فى قدرتها على الاحتفاظ بهذا المزج السحرى بين هموم الأقباط ومشاكلهم، وبين هموم الوطن وأوجاعه، صحيح أن هذا الأمر جزء من تراث الكنيسة المصرية العريقة، ولكنه أيضا جزء من موهبة البابا شنودة ووطنيته الصادقة.
رحل عنا رجل من سلالة العظماء ... وداعا بابا شنودة
ساحة النقاش