<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman";} </style> <![endif]-->
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد / توماس فريدمان
تحية طيبة ... وبعد
ردا على مقالكم المنشور اليوم 12 \ 1 \ 2012 فى جريدة نيويورك تايمز الامريكية بخصوص فوز تيار الأسلام السياسى فى مصر متمثلا فى حزب جماعة الأخوان المسلمين وكذا حزب النور السلفى بأكثر من 70 % من مقاعد البرلمان أود توضيح الآتى :-
أولا :-
لقد بنيت كل استنتاجاتك فى هذا المقال على نتيجة الأنتخابات البرلمانية . واسمح لى أن أبلغك ان هذا خطأ فادح يرجع إلى :-
1- عدم معرفتكم بطبيعة الشعب المصرى الثقافية وبالتحديد الدينية سواء كان المواطن مسلم او مسيحى .
2- هذا بالإضافة إلى ان كل ما حدث ويحدث فى مصر منذ 25 يناير الماضى لم ياخذ منكم فى الغرب التحليل الكافى ولا الأهتمام المستحق . واسمح لى أن أقول :-
· يخصوص النقطة رقم 1
· فإن الشعب المصرى ومنذ فجر التاريخ فهو شعب متدين بطبعه بالرغم من اختلاف كل الحضارات التى مرت عليه سواء الحضارة الفرعونية او المسيحية أو الأسلامية
· احتضنت مصر الديانة المسيحية منذ بدء ظهورها وحاربت الدولة الرومانية فى سبيل نشر المسيحية وقدمت ىلاف الشهداء الذين ماتوا على يد الأحتلال الرومانى . وأصبحت مصر مسيحية وقدمت للعالم وما زالت تقدم الكثير للدين المسيحى من خلال الكنيسة المرقسية بالأسكندرية التى تقود العالم المسيحى الأورثوذكسى منذ هذا التاريخ .
· لما دخل الأسلام مصر كان من أهم عوامل نجاحه هو سوء معاملة الحاكم الرومانى لمسيحيى مصر مقابل المعاملة الحسنة التى وجدوها من الفاتح العربى الأسلامى مما أدى إلى تحول الكثير من سكان مصر الذين يدينون بالمسيحية إلى الدخول فى الأسلام . وبذلك انتشر الأسلام انتشارا عظيما فى مصر وأصبح الدين الرسمى للدولة .
· منذ هذا التاريخ وبالرغم من المحاولات المتكررة للوقيعة بين المسلمين والمسيحيين فى مصر إلا أنها تبوء بالفشل فى النهاية وذلك بسبب أن الآسلام المنتشر فى مصر منذ دخول هذا الدين الى مصر كان هو الآسلام الصحيح المعتدل وهو يختلف كثيرا عما هو موجود فى السعودية حيث المذهب الوهابى المتشدد والذى أمكن نشره فى ربوع المملكة العربية السعودية ومازال عن طريق السيف و الذهب , هذا بالأضافة الى التحالف الوثيق مع القوى الأستعمارية السائدة سواء كانت بريطانيا أو بعد ذلك الولايات المتحدة الأمريكية ( وهذا حاصل حتى الآن ) .
· منذ نشأة جماعة الأخوان المسلمين فى عام 1928 على يد مؤسسها الشيخ حسن البنا وهى تنتهج منهج الآسلام المعتدل السائد فى مصر حتى الان ولذلك لم يحدث تصادم دينى بين الأزهر كمؤسسة دينية وجماعة الأخوان المسلمين . بل على العكس فإن الكثير من أقطاب ومؤسسى جماعة الأخوان المسلمين من خريجى جامعة ومعاهد الأزهر الشريف مثل :- الشيخ \ محمد الغزالى – دكتور \ يوسف القرضاوى – دكتور \ محمد عمارة وغيرهم كثيرين لا مجال لذكرهم الان .
· نظرا للظروف السياسية التى مرت بها جماعة الأخوان المسلمين قبل ثورة يوليو 1952 فقد حدث اتصال بين الشيخ حسن البنا مؤسس الجماعة وبين الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية وحدث اتفاق ان يذهب الشيخ حسن البنا الى السعودية . ولكن تم إلغاء هذا الأتفاق من قبل الملك عبد العزيز خوفا على عرشه من نجاح الشيخ حسن البنا فى تأسيس فرع سعودى لجماعة الأخوان المسلمين فى السعودية – مع تعارض مذهب الجماعة الدينى ( المذهب الحنفى السائد فى مصر ) مع المذهب الدينى السائد فى السعودية ( وهابى حنبلى ) بما يؤدى الى ضياع نفوذ الأسرة السعودية فى شبه الجزيرة العربية .
· تم استبدال هذا الأتفاق برعاية الملك عبد العزيز ماليا لجماعة الأخوان المسلمين حتى تقوى فى مواجهة القصر الملكى المصرى ( الملك فؤاد ) وتقوم بتأييد الملك عبد العزيز كخليفة للمسلمين فى محاولة لأحياء مشروع الخلافة الأسلامية خاصة بعد سقوطها بعد هزيمة تركيا فى الحرب العالمية الأولى ( 1914 – 1918 م ) .
· بعد ثورة يوليو وفى محاولة للقضاء على المد الثورى و مشروع القومية العربية بقيادة جمال عبد الناصر – قامت السعودية بالعم الكامل لجماعة الأخوان المسلمين خاصة بعد أحداث 1954 ومحاولة اغتيال جمال عبد الناصر على يد أفراد من الجماعة .
· ظل نفوذ جماعة الأخوان ينتشر بين الشعب المصرى عن طريق الخدمات الأجتماعية ( مساعدة الفقراء – انشاء المستشفيات الشعبية ....الخ ) وهذا هو الأساس فى شعبية الأخوان المسلمين فى الشارع المصرى الآن خاصة بين أبناء الطبقات شديد الفقر و الغير متعلمة أو مثقفة .
· على حسب المصادر الرسمية لجماعة الاخوان المسلمين فإن عدد أعضاء الجماعة = 700000 ( سبعمائة ألف عضو ) يسددون الأشتراكات السنوية .
· هنا لابد من سؤال :- كيف حصلت جماعة الأخوان المسلمين على ما يقرب من 45 % من عدد أصوات الناخبين ؟؟ سوف نقوم بالأجابة لاحقا وفى مكانه .
· بالنسبة لحزب النور السلفى فهو حزب قائم على بعض الجماعات الآسلامية التى ظهرت فى سبعينات القرن الماضى و التى تختلف اختلافا ايديولوجيا كبيرا عن جماعة الأخوان المسلمين والتى كان السبب فى إطلاقها الرئيس السابق \ أنور السادات كمحاولة منه للقضاء على تيار اليسار المصرى وخاصة الناصريين . وكنها انتهت بمأساة اغتياله على يد بعض أفراد الجماعة الأسلامية فى 6 أكتوبر 1981 .
· تم القبض على غالبية كوادر الجماعة الأسلامية عقب مقتل السادات وانتهت القصة بدخولهم السجن . علما بأن فكر الجماعة المتشدد و القائم على تكفير الحاكم والمجتمع لم ينتشر بين المصريين نهائيا . بل كان ينظر إليهم على أنهم ارهابيون ولا زال مثل النظرة الى الشيخ أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة الحالى بعد موت بن لادن . هنا يأتى السؤال من أين تأتى شعبية التيار السلفى فى مصر ؟؟
· تأتى شعبية التيار السلفى فى مصر بين أوساط الطبقات الفقيرة و الغير متعلمة عن طريق شيوخ البترول الذين يدنون بالفضل للحكومة السعودية و المدعومين ماليا سعوديا فى محاولة لنشر الفكر الوهابى فى مصر وهذا هو التيار السلفى الأكبر . على رأس هؤلاء الشيوخ يأتى الشيخ \ محمد حسان – الشيخ \ محمد يعقوب – الشيخ \ أبو اسحاق الحوينى . هذا بالأضافة الى القنوات الدينية التى تم اشاؤها بغرض نشر الدعوة الوهابية مثل قناة الرحمة الفضائية – قناة الناس برأس مال سعودى خالص .
· نسبة قليلة جدا لاتكاد تذكر من التيار السلفى كان سببها رجوع بعض المصريين العاملين فى دول الخليج العربى البترولية و الذين يقومون ببعض التصرفات التشددية الوهابية فى المظهر وليس الفكر ( 2 – 5 % من التيار السلفى ) .
· هنا نستطيع القول أن الشعبية الطاغية التى حصل على تيار الأسلام السياسى فى مصر ليس سببها الصحوة الدينية أو العامل الدينى ولكنه السبب السياسى .
بخصوص النقطة رقم 2
السبب الرئيسى لهذه النتيجة هو ما يلى :-
· خروج الشعب المصرى على الرئيس المخلوع \ حسنى مبارك هو ثورة شعبية بكل المقاييس وليس مجرد تمردا على السلطة كما ذكرتم فى مقالكم .
· حيث أن القائمين على قيادة الجيش المصرى هم يعتبرون جزء لا يتجزأ من نظام الحكم السابق لا يرون يعترفون بثورة 25 يناير التى قام بها الشعب المصرى .
· على سبيل المثال فإن المشير \ حسين طنطاوى عين كوزير للدفاع فى عام 1991 – اى منذ عشرين سنة تقريبا وكذلك باقى جنرالات القوات المسلحة و المستمرين فى مناصبهم منذ مدة طويلة .
· الكل يعرف فى مصر انه فى ظل حكم حسنى مبارك لا يجد ظابط برتبة لواء أو يزيد إلا ويكون فاسدا بالطبيعة سواء فى الشرطة أو القوات المسلحة .
· كما هو منشور فى وسائل الأعلام فإم ميزانية القوات المسلحة المالية تمثل حوالى 40 % من ميزانية الدولة دون رقيب أو مراجعة من البرلمان المصرى أو أى جهة رقابية . ويتمتع الجنرالات على وجه الخصوص بمكاسب وامتيازات خيالية كان يسمح بها الرئيس السابق كضمان لولاء هؤلاء القادة .
· قيادة الجيش المصرى كانت ضد مشروع توريث حكم مصر الى جمال مبارك ابن الرئيس السابق حسنى مبارك وهذا هو سبب تأخير مشروع التوريث كل هذه السنين السابقة منذ مؤتمر الحزب الوطنى عام 2002 بالتحديد .
· وبناء عليه رأت قيادة الجيش فيما حدث فى يوم 25 يناير وما تلاه فرصة عظيمة فى القضاء على مشروع التوريث ولكنها لا تؤمن بأهداف ثورة 25 يناير الشعبية ولذا فهى تحاول جاهدة الحفاظ على النظام القائم ومحاولة عمل بعض الأصلاحات الشكلية و ليست الجذرية المطلوبة خاصة فى المجال السياسى .
· لو اعترف الجنرالات بالثورة فسوف يقدمون الى المحاكمة إذا تركوا الحكم وسوف يكون مصيرهم المحتوم السجن أو الأعدام . ومن هنا أصبح البحث جاريا من قبل الجنرالات على محاولة الأحتفاظ بالسلطة كحد أقصى أو الخروج الآمن من السلطة كحد أدنى .
· وعليه أصبح يوجد تعارض فى المصالح بين من قاموا بالثورة وبين قيادة الجيش .
· قام المجلس العسكرى بالأتصال بكل التيارات السياسية القديمة و الحديثة عقب تخلى حسنى مبارك عن السلطة وبشكل مكثف للبحث عن تنفيذ أهدافه السابق ذكرها .
· رفضت معظم التيارات السياسية خاصة التى قامت بالثورة وجهة نظر الجنرالات الذين استولوا على حكم مصر ولم يستطع الجنرالات اغراء الثوار بالمناصب و المال .
· قام الجنرالات بالتقرب الى التيار الأسلامى السياسى المتعطش الى السلطة , وتمت الموافقة من قبل تيار الأسلام السياسى على وجهة نظر الجنرالات .
· قام الجنرالات بتنفيذ خديعة الأعلان الدستورى فى مارس 2011 والذى كانت نتيجته ما يحدث الآن من محاولة القاضاء على الثورة وبشكل دستورى وقانونى عن طريق تنظيم هذه الأنتخابات الشكلية و المعروف نتيجتها سلفا حيث أن الأحزاب السياسية القديمة فاسدة وليست لديها أية شعبية على الأطلاق . كما لم تعطى فرصة مناسبة للقوى الثورية لعمل احزاب تستطيع أن تعبر عن غالبية الشعب المصرى الذى خرج فى الثورة .
· كما هو معروف فإن تيار الأسلام السياسى بأنواعه كان ضد قيام الثورة . بل وأصدر فتاوى دينية تجرم الخروج على الحاكم حتى ولو كان فاسدا .
· لم ينضم تيار الأخوان المسلمون الى ثورة 25 يناير إلا بعد ضمان نجاح الثورة وكانوا الأكثر استفادة من نتائج الثورة فقد قاموا بفتح السجون المصرية واخراج المعتقلين سواء اسلاميين أو مجرمين مما ساعد على تفشى ظاهرة الأنفلات الأمنى وهذا معروف ومعلن .
· أمام صندوق الأنتخابات أصبح الناخب المصرى مخيرا بين مرشحين كلاهما مر :- إما عودة مرشحى الحزب الوطنى السابق أو اختيار تيار الأسلام السياسى .
· حدث أثناء الأنتخابات كل أنواع الخروج على القانون وبالذات من قبل أحزاب الأسلام السياسى ولكن السلطة لم تاخذ أى إجراء .
· وصلت الطعون القضائية الى أكثر من الطعن على 50 % من نتائج الأنتخابات .
النتيجة ان الناخب المصرى لم يختار بكامل إرادته وبناء عليه أصبح البرلمان القادم مطعون فى شرعيته قبل أن يبدأ .
وختاما أرجو ان أكون قد ساعدت فى توضيح المشهد السياسى المصرى
شكرا و الى اللقاء فى حديث آخر ومقالة أخرى
ساحة النقاش