<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

موقف الطوائف غير المسلمة من حكم الإسلام مسألة يقال عنها دائماً إنها شائكة ودقيقة ، ويتجنب الناس الحديث فيها مخافة وقوع الفتنة بين المسلمين وغير المسلمين .

ولكني شخص تعودت على الصراحة الكاملة بيني وبين نفسي ، وبيني وبين الناس ، وبهذه الصراحة الكاملة أحب أن أسأل المسيحيين في الشرق الإسلامي : ما الذي يخشون من حكم الإسلام ؟ هل يخشون النصوص أم يخشون التطبيقات ؟

أما النصوص فتقول : " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرُّوهم وتقسطوا إليهم . إن الله يحب المقسطين ( ) " .

وتقول : " وطعام الذين أتوا الكتاب حلٌّ لكم وطعامكم حلٌّ لهم ، والمحصنات من المؤمنات ، والمحصنات من الذين أوتو الكتاب ( ) " .

والمبدأ الفقهي العام : " لهم ما لنا وعليهم ما علينا ".

فهي تأمر بالبر بهم والعدل في معاملتهم ، والمساواة بينهم وبين المسلمين في الحقوق والواجبات التي لا تتعلق بعبادة أو فريضة ، إنما تتعلق بنظام المجتمع وحقوق المواطنين فيه . وتزيد على ذلك أن تسعى إلى توثيق الروابط بينهم وبين المسلمين بالتزاور والمؤاكلة والمشاربة ، وهي لا تكون إلا بين الأصدقاء المتحابين ، وتتوج ذلك برباط الزواج وهو أوثق رباط .

أما التطبيقات ، فيحسن أن نترك الحديث فيها لرجل مسيحي أوربي لا يتهم بالتحيز للإسلام .

يقول سيرت. و . أرنولد في صفحة 48 من كتابه " الدعوة إلى الإسلام " ترجمة حسن إبراهيم حسن وعبد المجيد عابدين وإسماعيل النحراوي :

" ويمكننا أن نحكم من الصِّلات الودية التي قامت بين المسيحيين والمسلمين من العرب بأن القوة لم تكن عاملاً حاسماً في تحويل الناس إلى الإسلام . فمحمد نفسه قد عقد حلفاً مع بعض القبائل المسيحية ، وأخذ على عاتقه حمايتهم ومنحهم الحرية في إقامة شعائرهم الدينية . كما أتاح لرجال الكنيسة أن ينعموا بحقوقهم ونفوذهم القديم في أمن وطمأنينة " .

ويقول في صفحة 51 : " ومن هذه الأمثلة التي قدمناها آنفاً عن ذلك التسامح الذي بسطه المسلمون الظافرون على العرب المسيحيين في القرن الأول من الهجرة ، واستمر في الأجيال المتعاقبة ، نستطيع أن نستخلص بحق أن هذه القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام ، إنما فعلت ذلك عن اختيار وإرادة حرة . وإن العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات مسلمة لشاهد على هذا التسامح " .

ويقول في صفحة 53: " ولما بلغ الجيش الإسلامي وادي الأردن ، وعسكر أبو عبيدة في فحل ، كتب الأهالي المسيحيون في هذه البلاد إلى العرب يقولون : يا معشر المسلمين أنتم أحب إلينا من الروم ، وإن كانوا على ديننا . أنتم أوفى لنا وأرأف بنا وأكف عن ظلمنا وأحسن ولاية علينا " .

وفي صفحة 54 : " وهكذا كانت حالة الشعور في بلاد الشام إبان الغزوة التي وقعت بين سنتي 633 ، 639م والتي طرد فيها العرب جيش الروم من هذه الولاية تدريجاً . ولما ضربت دمشق المثل في عقد صلح مع العرب سنة 637م ، وأمنت بذلك السلب والنهب ، كما ضمنت شروطاً أخرى ملائمة ، لم تتوان سائر مدن الشام في أن تنسج على منوالها فأبرمت حمص ومنبج وبعض المدن الأخرى معاهدات أصبحت بمقتضاها تابعة للعرب ، بل سلم بطريق بيت المقدس هذه المدينة بشروط مماثلة . وإن خوف الروم من أن يكرههم الإمبراطور الخارج على الدين على إتباع مذهبه ، قد جعل الوعد الذي قطعه المسلمون على أنفسهم بمنحهم الحرية الدينية أحب إلى نفوسهم من ارتباطهم بالدولة الرومانية وبأية حكومة مسيحية . ولم تكد المخاوف الأولى التي أثارها نزول جيش فاتح في بلادهم تتبدد حتى أعقبها تحمس قوي لمصلحة الفاتحين " .

تلك شهادة رجل مسيحي عن الإسلام . فما الذي يخشاه المسيحيون إذن من الحكم الإسلامي ؟

لعلهم يخشون تعصب المسلمين ضدهم . فيظهر إذن أنهم لا يعرفون معنى التعصب . فلنضرب لهم أمثلة منه على مدار التاريخ .

كانت محاكم التفتيش في أسبانيا مقصوداً بها القضاء على المسلمين قبل كل شيء . وقد استخدمت فيها أبشع ألوان التعذيب التي عرفت في التاريخ ، من إحراق الناس أحياء ، ونزع أظافرهم وسمل عيونهم وتقطيع أوصالهم ، لإكراههم على ترك دينهم واتباع مذهب مسيحي معين . فهل لقي المسيحيون في الشرق الإسلامي شيئاً من ذلك طول مقامهم هناك ؟

والمجازر تقام للمسلمين في كل بلد أوربي أو واقع تحت سيطرة الأوربيين في يوغوسلافيا وألبانيا وروسيا ، وفي الشمال الأفريقي والصومال وكينيا وزنجبار ، وفي الهند والملايو ، مرة باسم تطهير الصفوف ومرة باسم إقرار الأمن والسلام !

ولكنا نترك كل هذا ونأخذ مثلاً واحداً له دلالته الخاصة وهو الحبشة ، فهي بلد تربطنا به منذ القدم روابط تاريخية وجغرافية وثقافية ودينية . فالحبشة – كما هو معلوم - تابعة للكنيسة المصرية . وسكانها خليط من المسلمين والمسيحيين ، وأقل الناس تقديراً يقدر المسلمين بـ55% من مجموع السكان . بينما يقدرهم آخرون بـ65% ! فلنأخذ أقل التقديرين!

ليس في الحبشة مدرسة واحدة حكومية تدرس الدين الإسلامي لتلاميذها المسلمين . ولا مدرسة واحدة تعلم اللغة العربية . أما المدارس التي يفتحها المسلمون على نفقتهم فإن الحكومة تظل تفرض عليها من الضرائب والمضايقات ما يؤدي إلى إغلاقها في آخر الأمر وتيئيس غيرهم من القيام بمحاولة جديدة . وهكذا يقتصر الأمر هناك بالنسبة للمسلمين على الكتاتيب .

وإلى عهد قريب – إلى ما قبل الغزو الإيطالي – كان المسلم الذي يستدين من مسيحي حبشي ويعجز عن الوفاء بدينه يصبح رقيقاً للحبشي يشترى ويباع ويعذب بمعرفة الدولة .

وبطبيعة الحال ليس في وظائف الحكومة ولا وزاراتها واحد مسلم ليقوم بتمثيل أكثر من نصف السكان . وهذا كله والكنيسة المصرية هي المشرفة على التوجيه الديني هناك ! !

فهل رأى المسيحيون في العالم الإسلامي شيئاً من ذلك في تاريخهم ؟ أم يرضون المعاملة بالمثل مع هذا القطر الذي تربطنا به روابط الطبيعة وروابط الدين ؟ !

ذلك هو التعصب الحق . أما في مصر مثلاً فماذا يخشون !

والشيوعيون يقولون إن الكيان الحقيقي للإنسان هو كيانه الاقتصادي . فهل حرم المسيحيون في الإسلام من حق الملك أو التصرف أو تجميع الثروات ؟

هذا بشري حنا عندما زار الملك فؤاد الصعيد قد اقتلع من مزرعته من أشجار البرتقال المحملة بالثمار ما زرعه على طول 25 كيلو متراً من الجانبين في طريق الملك ! فمن أين له ذلك لو لم يكن له حق الملكية بغير حد ؟

وحق التعليم ؟ وحق التوظيف ؟ وحق الترقية في الوظيفة ؟ هل يدخل فيه العنصر الديني ؟

على أننا لا نوافق الشيوعيين في أن كيان الإنسان هو كيانه الاقتصادي فحسب . ونضيف إليه كيانه المعنوي والروحي .

فهل حدث اضطهاد في العبادة – إلا الأمثلة النادرة التي كان المستعمرون الإنجليز دائماً من ورائها ليثيروا الفتنه التي تمكن لهم في الأرض ؟

ويقولون إن هناك تمييزاً في مسألة الجزية . فنرد عليهم بقول سير أرنولد الذي استشهدنا به من قبل ، إذ يقول في ص 58 : " وقد فرضت الجزية كما ذكرنا على القادرين من الذكور في مقابل الخدمة العسكرية التي كانوا يطالبون بأدائها لو كانوا مسلمين  . ومن الواضح أن أي جماعة مسيحية كانت تعفى من أداء الضريبة إذا ما دخلت في خدمة الجيش الإسلامي . وكان الحال على هذا النحو مع قبيلة الجراجمة ، وهي قبيلة مسيحية كانت تقيم بجوار أنطاكية وسالمت المسلمين وتعهدت أن تكون عوناً لهم وأن تقاتل معهم في مغازيهم على شريطة ألا تؤخذ بالجزية ، وأن تعطى نصيبها من الغنائم " .

وفي ص 59 : " ومن جهة أخرى أعفي الفلاحون المصريون من الخدمة العسكرية على الرغم من أنهم كانوا على الإسلام . وفرضت عليهم الجزية نظير ذلك كما فرضت على المسيحيين " .

ليست المسألة إذن تفرقة طائفية . وإنما هي الخدمة العسكرية من أداها أعفي من الجزية ، ومن لم يؤدها فعليه الجزية بلا تفرقة بين دين ودين .

أما النص الذي يقول : " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ، ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " . [ سورة التوبة : 29 ] .

فهو نص خاص بالمحاربين لدار الإسلام من أهل الكتاب كما لو حاربنا الإنجليز أو الفرنسيين ، وليس ينصرف إلى المقيمين في الوطن الإسلامي .

ولكني أعلم أن شياطين الشيوعية ينبثون في كل طائفة فيمنونها بأمنية خاصة .

فهم ينبثون بين العمال فيقولون لهم : " اتبعونا وسنملككم المصانع " . وبين الفلاحين فيقولون لهم : " اتبعونا وسنملككم الأرض " . وبين خريجي الجامعات والمدارس المتعطلين فيقولون لهم " اتبعونا وسنمنحكم عملاً يوازي مؤهلاتكم " . وبين الشباب المحروم من الجنس ، فيقولون لهم : " اتبعونا وسننشئ لكم مجتمعاً " حراً " يصنع فيه من يشاء ما يشاء بلا تدخل من القانون ولا اعتراض من التقاليد " .

ثم يخلون بالمسيحيين فيقولون لهم : " اتبعونا وسنحطم لكم هذا الإسلام الذي يفرق بين الناس على أساس العقيدة " . كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً . ليس الإسلام هو الذي يفرق في نظامه ومعاملاته بين الناس على أساس العقيدة ، وهو الذي يمنحهم كل الحقوق الحيوية بلا تفريق . وإنما هو يجمع بينهم على أساس الإنسانية ، ثم يترك لهم بعد ذلك كامل الحرية في اعتناق العقيدة التي يريدونها ، برضاء الإسلام ، بل بحمايته وتحت رعايته .

وإني لأعلم كذلك أن المسيحيين في الشرق ، أحرص على روابطهم التاريخية مع المسلمين ، وأحرص على مصالحهم المتشابكة ، من أن يستمتعوا لدس الدساسين أو وسوسة الشياطين .

(محمد قطب)

======================

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 89 مشاهدة
نشرت فى 14 ديسمبر 2011 بواسطة akramalsayed

ساحة النقاش

اكرم السيد بخيت (الطهطاوي)

akramalsayed
ثقافي اجتماعي ديني »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

912,364