مقدمة

ونحن ندخل القرن الواحد والعشرين، أصبح التغيير وكيفية قيادتة بنجاح من أهم المواضيع التي تشغل عقلية القيادات الإدارية. وذلك لأسباب مقنعة: أن التغيير يحدث في كل مكان، وأن سرعتة في ازدياد وتعقد، وأن مستقبل نجاح منظماتنا يعتمد على كيفية قدرة القادة على قيادة التغيير. وربما تكون القيادة والتغيير من أعظم التحديات التي تواجة المنظمات في الوقت الحاضر. وقد يتفق اغلب الباحثين في مجال القيادة والتغيير مع Burn (1978) في أن مهام القائد الرئيسية تحقيق التغيير وأن التغيير يتطلب قيادة. أن القدرة على التعامل مع التغيير بأسلوب فعال يتطلب أسلوب قيادي، أطلق علية Burn مسمى القائد التحويلي. وفقاً لدراسة الجمعية الأمريكية للإدارة (1994) فان القيادة تمثل المفتاح الأساسي لنجاح التغيير، ومن هنا أصبح موضوع دور وأهمية قيادة التغيير محور اهتمام الدارسين والباحثين طوال العقدين الماضيين. ولا شك أن الاهتمام بمفهوم القيادة التحويلية يشكل عنصراً أساسياً للمؤسسات والشركات في المملكة العربية السعودية خصوصاً في ظل التحديات والتغيرات المتسارعة. ولمواجهة هذة التحديات فأن منظمات الأعمال في المملكة العربية السعودية تحتاج لنموذج جديد قادر على قيادة التغيير.
ولهذا يهدف هذا البحث إلى دراسة دور القيادة التحويلية في إدارة التغيير. حيث يحاول البحث أن يبرهن أن مفهوم القيادة التحويلية من أكثر مفاهيم القيادة ملاءمة لقيادة التغيير. ولذا يتم تقسيم البحث إلى أربعة أجزاء رئيسة.ويتناول الجزء الأول إدارة التغيير، بينما يتناول الجزء الثاني القيادة التحويلية، ثم الجزء الثالث يتم استعراض دور القيادة التحويلية في إدارة التغيير، وفى الجزء الرابع يتم عرض الخاتمة.

إدارة التغيير
يهدف هذا الجزء من البحث إلى استعراض بعض المفاهيم والمسميات المرتبطة بدراسة إدارة التغيير. وقبل البدء في الحديث عن موضوع إدارة التغيير لابد من مراجعة كيف عرفة الدارسون والباحثون. يعد مفهوم إدارة التغيير موضوع مثير للجدل بين الباحثين والممارسين في مجال الإدارة، ويرجع ذلك لعدة أسباب منها أنة لا يوجد تعريف محدد لإدارة التغيير، كما أن هناك عدة أنواع من التغيير، لكل منها مسمى مختلف: التغيير المخطط و التغيير الطارىْ (Wilson, 1992)، التغيير الاستراتيجي والتغيير الغير استراتيجي ( Pettigrew, 1987)، التغيير الجذري والتغيير التدريجي (Burnes, 1996 ).
ويستخدم مصطلح إدارة التغيير لوصف عملية التنفيذ. وقد وردت في الأدبيات تعاريف عدة لإدارة التغيير منها على سبيل المثال تعريف Recordo (1995) أن التغيير عملية تستخدمها المنظمة لتصميم تنفيذ وتقييم المبادرات الملاءمة للتعامل مع المتطلبات التي تفرضها البيئة الخارجية.
هذا وتتطلب إدارة التغيير قيادة. ويرى Harper (1998) أن قيادة التغيير تتعلق بنشر وهج جديد، وصياغة رؤية جديدة والدفع بشكل مستمر لتحقيقها. وفى اى جهد للتغيير، يمثل تنفيذ التغيير مصدر لتحقيق الميزة التنافسية. (Tushman and Anderson, 1997)
ويوضح Tushman and Anderson (1997) أن إدارة التغيير تتضمن الانتقال بالمنشأة من وضعها الحالى إلى وضع آخر مرغوب فية خلال فترة انتقالية. وفى إدارة جهود التغيير تظهر الحاجة لإيجاد حالة من عدم الرضا عن الوضع الحالي( Kotter, 1997) ورغبة جادة للانتقال لوضع مستقبلي والاحتكام إلى استراتيجية واضحة لتحقيق الرؤية (Kotter, 1997). وللقيادة أيضا دور فعال وبارز في التغيير التحويلي ( Transformational change) وذلك من خلال تحديد طريق لمسيرة المنظمة، وإيجاد زخم للتغيير حتى وان لم يتم تحديد الوضع المستقبلي للمنشاة.
القيادة التحويلية
أصبح مصطلح التحويلي والاجرائى (Burns, 1978, Bass, 1990) أساس لدراسة القيادة وقد استخدم في الغالب للتمييز بين الإدارة والقيادة. وقد ظهر مصطلح القيادة التحويلية على يد Burns (1978) في كتابة القيادة، وذلك للتمييز بين أولئك القادة الذين يبنون علاقة ذات هدف وتحفيزية مع مرؤوسيهم من أولئك القادة الذين يعتمدون بشكل واسع على عملية تبادل المنافع للحصول على نتائج. وعرف Burns (1978:20) القيادة التحويلية على أنها " عملية يسعى من خلالها القائد والتابعين إلى النهوض بكل منهم الأخر للوصول إلى أعلى مستويات الدافعية والأخلاق". وتسعى القيادة التحويلية إلى النهوض بشعور التابعين وذلك من خلال الاحتكام إلى أفكار وقيم أخلاقية مثل الحرية والعدالة والمساواة والسلام والإنسانية (Bass, 1985). فسلوك القيادة التحويلية يبدأ من القيم والمعتقدات الشخصية للقائد وليس على تبادل مصالح مع المرؤوسين (Bass, 1985). فالقائد التحويلي يتحرك في عملة من خلال نظم قيمية راسخة كالعدالة والاستقامة، ويسمى Burns تلك القيم القيم الداخلية. والقيم الداخلية قيم لا يمكن التفاوض حولها أو تبادلها بين الإفراد. ومن خلال التعبير عن تلك المعايير الشخصية يوحد القائد التحويلي أتباعة ويستطيع أن يغير معتقداتهم وأهدافهم. وقد ميز Burns بين نوعين من القيادة القيادة الإجرائية والقيادة التحويلية. فالمبدأ الرئيس لنمط القيادة الإجرائية تبادل المنافع بين الرئيس والمرؤوس. حيث يؤثر كل منهم في الآخر وذلك بأن يحصل كل من الفريقين على شي ذو قيمة. وبعبارة أخرى، فالرئيس يقدم للمرؤوسين شىْ يريدون الحصول علية على سبيل المثال، زيادة في المكأفات وفى المقابل يحصل الرئيس على أشياء يرغبون بها كزيادة الإنتاجية على سبيل المثال.
ويعتقد Tichy and Devanna (1990) أن القيادة التحويلية تشارك في عمليات تتضمن خطوات متتالية. وتشمل الاعتراف بالحاجة للتغيير، إيجاد رؤية جديدة، وجعل التغيير عمل مؤسسي. وفى مراجعة ( House, 1995)لأدبيات القيادة والتغيير التي تتضمن أيضاً القيادة الجاذبية والقيادة ذات الرؤية أوضح أن " أغلبية النماذج تتشارك بوجة عام على أهمية إيضاح الرؤية، الإسراع في قبول أهداف الجماعة، وتقديم الدعم الفردي، وأن القائد الفعال يسعى لتغيير القيم الأساسية واتجاهات التابعين وبالتالي يكون لديهم الاستعداد لأداء مستويات عالية تفوق المستويات التي حددتها المنظمة".( Podsakoff et al. 1996:260)
وقد طور Bass and Avolio (1994) استبانة متعددة العناصر "Multifactor Leadership Questionaire" بنيت على نظرية أن القيادة التحويلية تتضمن أربعة أبعاد:
1. الجاذبية ( التأثير المثالي) حيث تصف سلوك القائد الذي يحظى بإعجاب واحترام وتقدير التابعين. ويتطلب ذلك المشاركة في المخاطر من قبل القائد، وتقديم احتياجات التابعين فبل الاحتياجات الشخصية للقائد، والقيام بتصرفات ذات طابع أخلاقي.
2. الحفز الالهامى. يركز هذا البعد على تصرفات وسلوكيات القائد التي تثير في التابعين حب التحدي. وتلك السلوكيات تعمل على إيضاح التوقعات للتابعين، وتصف أسلوب الالتزام للأهداف التنظيمية، واستثارة روح الفريق من خلال الحماسة والمثالية.
3. الاستثارة الفكرية. وفيها يعمل القائد التحويلي على البحث عن الأفكار الجديدة وتشجيع حل المشاكل بطريقة إبداعية من قبل التابعين، ودعم النماذج الجديدة والخلاقة لأداء العمل.
4. الاعتبار الفردي. وتظهر هذة الصفة من خلال أسلوب القائد الذي يستمع بلطف، ويولى اهتمام خاص لاحتياجات التابعين وكذلك انجازتهم من خلال تبنى استراتيجيات التقدير والإطراء.
دور القيادة التحويلية في إدارة التغيير

ضمن أدبيات القيادة، هناك اعتراف واضح بالارتباط الوثيق بين القيادة والثقافة في عملية التغيير ( Afsaneh, 1993; Kotter, 1998; Schein, 1992). وكما أوضح Kotter (1998:166) "يمكن للشخص ومن خلال القيادة فقط وبصورة صادقة إيجاد ورعاية بيئة تتكيف مع التغيير ". وناقش Schein (1992) وبشكل مطول الوسائل التي يمكن من خلالها القائد التأثير على الثقافة. وتشمل هذة الأساليب سلوك القيادة التحويلية مثل توجية الاهتمام للأحداث الحرجة، الاستجابة للازمات، دور المثال الذي يقتدي بة، رواية القصص والخرافات والأساطير. وضمن Schein كذلك الرموز المرتبطة بمعايير توزيع المكأفات واختيار وتسريح الموظفين. وحدد Schein كذلك الثقافة التحويلية مثل تصميم النظم والاجراءت، وتصميم البناء التنظيمي، وتصميم المرافق. ويعتقد Kilmann (1985) أن القيادة أساسية أثناء تطوير وتغيير الثقافة التنظيمية حيث تحتاج للمتابعة. مؤكداً هذا الأتجاة، يعتقد Bass (1998) أن بقاء اى منظمة يعتمد توجية الثقافة التي أوجدتها القيادة الفعالة. وهذا الأمر صحيح خاصة عندما تواجة المنظمة مرحلة تغيير. ويرى كل من Kotter and Heskett (1992:48) " أن من أكثر الأمور وضوحاً في التمييز بين التغيرات الثقافة الناجحة وتلك الفاشلة هو القيادة في المستويات العليا " فالقيادات التي تلهم التابعين وتساعد في تكوين ثقافة تتكيف مع المتغيرات ، تمتلك كما يطلق عليها Kotter and Heskett صفات القيادة التحويلية. وحدد Kotter and Heskett (1992:146) القادة الناجحين بأولئك القادة الذين لديهم القدرة على إيصال رؤيتهم، تسمح للأفراد بتحدي ومسائلة رسالتهم وتحفز الإدارة الوسطي بتولي زمام الأمور القيادية. و تعود تلك كل هذة الصفات للقيادة التحويلية.
ويعتبر تحقيق التغيير سمة أساسية للقيادة التحويلية. ففي أدبيات القيادة الحالية، تحديد التغيير الذي يجلبة القائد التحويلي يرتكز على أسلوبين من التغيرات. وقد ركز Bass (1985) وبشكل أساسي على التغيير الذي يتم أحداثة في سلوكيات واتجاهات التابعين. بالإضافة إلى أن Bass أوجز أيضا في دور القائد التحويلي في تغيير الثقافة التنظيمية، إلا أن التركيز الأساسي كان في تفصيل دور القائد التحويلي في تحفيز التابعين. أما Tichy and Devanna (1986) فقد ركزا بشكل أساسي على التغيرات التنظيمية واعتبرا أن التغيرات في سلوكيات التابعين احد المتطلبات الجوهرية المرتبطة بعملية التغيير التنظيمي. أما Burns (1978) فقد أتخذ موقفاً متوازناً في نظريتة للقيادة التحويلية والتي ربطها بتغيرات في الجوانب التنظيمية بالإضافة للتغيرات في فكر وحفز التابعين. وتتطلب القيادة الفعالة توافر مجموعة من الكفاءات الجوهرية. وقد حدد Higgs and Rowland (2001) مجموعة من الكفاءات الأساسية للقيادة الفعالة، وتتضمن تلك الكفاءات مايلى:
• إيجاد حجة مقنعة لتبنى التغيير-حيث يشرك القائد جميع العاملين في إدراك حاجة المنشاة لتبنى التغيير.
• إحداث تغيير في البناء التنظيمي- التأكد من أن التغيير بنى على أساس تفهم عميق لاحتياجات المنشاة ودعم بمجموعة من الادوات والعمليات.
• مشاركة وإدماج العاملين جميع العاملين في المنشاة لبناء الالتزام بعملية التغيير.
• التنفيذ والمحافظة على التغييرات- بناء وتطوير خطة فعالة لتنفيذ التغيير والتأكد من إيجاد خطة للمتابعة.
• تطوير القدرات- التأكد من تطوير قدرات الأفراد للعمل على مواجهة متطلبات التغيير ودعمهم ومساندتهم خلال مراحل التغيير. ومن خلال مراجعة أدبيات القيادة والتغيير يمكن الخروج بإطار لدور القيادة التحويلية في عملية إدارة التغيير.
صياغة الرؤية
تتطلب القيادة رؤية، وتمثل الرؤية القوى التي توفر معنى وغاية للعمل الذي تقوم بة المنشاة. وقادة التغيير قادة لهم رؤية، والرؤية أساس لعملهم. ويشكل صياغة وإيصال رؤية واضحة عن الوضع المستقبلي المرغوب فية خطوة جوهرية لإنجاح التغيير (.(Kotter, 1996 ويعتبر صياغة وإيصال الرؤية من قبل القادة احد العناصر الأساسية لإدارة التغيير الناجح (Kanter, .1992; Kotter, 1995)حيث يحتاج الأفراد لمعرفة كيفية أسباب تبنى التغيير وأثارة المحتملة. واقترح kotter (1996) أن نقطة البداية لعملية التغيير الناجح إيجاد حاجة ملحة لتبني التغيير وإبراز أهميتة. ويقول Kotter أنة من الضروري إيجاد حالة من عدم الرضا عن الوضع الحالي لتفهم الحاجة للتغيير. وفى سبيل إيجاد الحاجة للتغيير، فان على القائد أن يقترح بعدم ملاءمة الوضع الحالي لمواجهة التحديات القادمة. حيث يقوم القائد بطرح أفكار ونماذج تساعد على حل المشكلات التي تواجة المنشأة. وعند طرح القائد للرؤية لابد أن يضع في الاعتبار أن تكون ذات مغزى وأخلاقية وذات طابع الهامى. والرؤية الفعالة بحسب رأى (Kotter, 1996) يمكن تخيلها، يرغب في تحقيقها، يمكن رؤيتها، ومرنة، ويمكن إيصالها. وتعتبر الرؤية المشتركة أساس للتغيير الفعال. ويؤكد ( Kotter, 1997) أهمية الرؤية المشتركة للتغيير التنظيمي، ويقول أن الرؤية:
• توضح الاتجاة للتغيير.
• تحفز الأفراد لاتخاذ التصرفات السليمة، حتى في ضوء أن التغيير في صورتة الأولية قد يسبب الألم لبعض الأفراد.
• تساعد لربط الأفراد ببعضهم البعض، وتوحيد جهودهم بأسلوب فعال.
الاستراتيجية
أوضحت أدبيات التغيير ( Nadler, 1989; Kotter, 1995) أهمية إضفاء الطابع الاستراتيجى عند تنفيذ التغيير، فإدارة التغيير يجب أن ترتبط بالرؤية والأهداف الاستراتيجية للمنشأة. فعملية التغيير في ظل غياب الاستراتيجية تشبة الحلم الذي يستحيل تحقيقة. فالاستراتيجية عبارة عن أداة لتحقيق الرؤية والرسالة. والخطط الاستراتيجية عبارة عن خطط الطريق التي تحتاجها الرؤية (Covey, 1992). وتستلزم القيادة الفعالة القدرة على البناء والالتزام لتنفيذ استراتيجيات عقلانية للأعمال على ضوء احتمالات مستقبلية لاحتياجات المنشأة.
وأوضح Nadler (1989) أنة لكي يكون التغيير ناجحاً، يجب أن يتم ربطة بشكل واضح بالمواضيع الاستراتيجية للمنشأة، ويجب أن تلامس الرؤية بعض النقاط الأساسية:
• العقلانية- لوصف لماذا نحتاج للرؤية، أو لماذا نحتاج للتغيير.
• أصحاب المصالح- مناقشة أصحاب المصالح في المنشأة، وماذا سيقدم لهم التغيير.
• أهداف الأداء- تحديد القيم والمعتقدات الأساسية التي تدفع المنشاة للتغيير.
• العمليات والبناء التنظيمي- كيف سيكون البناء التنظيمي للمنشاة، أو كيفية العمل لتحقيق الرؤية.
• أسلوب التشغيل- المناقشة لتحديد بعض العناصر لكيفية أداء الأفراد للعمل وكيفية تفاعلهم مع بعضهم البعض.
وتستلزم الاستراتيجية الفعالة للتغيير إيجاد تحالف مع مجموعة من الأفراد وإعطائهم سلطة لقيادة التغيير والعمل بصورة جماعية كفريق عمل. وقد ركز Kotter أيضا على الحاجة لاستخدام كل الوسائل الممكنة لإيصال وشرح الرؤية الجديدة والاستراتيجية والتأكيد على أهمية إيجاد أداة تشكل نموذج لتوجية السلوك المتوقع لجميع العاملين.
الاتصال
يعتبر الاتصال احد العناصر الرئيسة لنجاح تنفيذ التغيير ( Kotter, 1995; Stace and Dunphy, 1994). حيث تحتاج المنشأة التي تمر بعملية تحول لعملية الاتصال لإيضاح الوضع المستقبلي فيما يتعلق بكل ما هو وثيق الصلة باحتياجات ومتطلبات العاملين في مختلف المستويات الإدارية. فقد كتب Stace and Dunphy (1999:120)" أن أهم المهام الأساسية للقادة صياغة رؤية جديدة لقيادة المنشاة للمستقبل المأمول. وهناك حاجة للتأكد بأنة تم الاتصال بأسلوب فعال لإيصال الرؤية لكي يتم تحويلها لتصرفات من قبل جميع الأفراد في المنشاة. حيث لابد للقائد أن يهى نفسة بحيث يقرن أقوالة بأفعالة. وان يتصرف بأسلوب يتطابق مع الرسالة التي تحتويها الرؤية".ولا يمكن تجاهل أهمية دور القيادات في الاتصال خلال تنفيذ المراحل المختلفة للتغيير لمختلف المستويات الإدارية. حيث تشكل قناعة الموظفين خلال المراحل الأولية للتغير أساس لتقبلهم للتغيرات اللاحقة، ويعتمد ذلك بصورة جوهرية على قدرة القيادات على تبني استراتيجية الاتصال الفعال والمستمر مع أصحاب المصالح داخل المنشأة وخارجها. أن الفشل في تبنى استراتيجية للاتصال يقلل الفرصة في تسهيل تفسير الأفراد للتغيير ومن ثم يضعف الفرصة لتقبل التغيير ( Reger, et al. 1994; Smith, 1998). ولكي يكون الاتصال فعالاً، لا بد من توافر عناصر أساسية، حددها ( Kotter, 1996:90-91)، فيما يلي:
• البساطة Simplicity- البعد عن المصطلحات الفنية المعقدة.
• استخدام البلاغة والمثال Metapher, Analogy and Example – التركيز على استخدام الصور اللفضية في عملية الاتصال.
• تنوع الطرح والنقاش Multiple Forums.
• التكرار.
• القدوة الحسنة وإظهار المصداقية.
• التغذية العكسية.
التزام وقناعة القيادة
يتوقف نجاح التغيير على مدى التزام وقناعة القيادة الإدارية في المنشأة بضرورة الحاجة لتبني برنامج للتغيير، من أجل تحسين الوضع التنافسي للمنشأة، وهذة القناعة يجب أن تترجم في شكل دعم ومؤازرة فعالة من خلال توضيح الرؤية وإيصالها لجميع العاملين في المنشأة، والحصول على ولاء والتزام المديرين في المستويات الوسطي لتنفيذ التغيير. وأكد Nadler, 1989)) أن التغيير الفعال يتطلب الاستثمار في الموارد فيما يتعلق بالوقت والجهد والمال، حيث أن تحقيق التغيير بشكل فعال يتطلب الأعداد وبذل الإمكانيات المادية والبشرية لدعم التغيير. ويرى ( Nadler, 1998; Morris and Roben, 1995) أهمية تحديد وتوفير الموارد البشرية والمادية وعملية التدريب والتطوير خلال مختلف مراحل التغيير. وأحد أهم الأدوار للقيادات خلال عملية التغيير تتمثل في مساعدة المتأثرين بالتغيير للتكيف مع بيئة وظروف عدم التأكد التي يخلقها التغيير، ويتحتم على القيادات في نفس الوقت العمل على التأكد أن التغيير يسير حسب الخطة. فقد أكدت الدراسات ( e.g Maurer, 1996; Strebel, 1994). أن أسباب فشل العديد من مبادرات التغيير يرجع لمقاومة التغيير. لذا يبرز دور القيادات في تخفيف حدة مقاومة التغيير.
التحفيزوالألهام
يعمل القائد الفعال على تحفيز والهام التابعين لإنجاز العمل. وفى اى عملية تغيير، يجب أن يكون قائد التغيير ذو مصداقية. ويقول Kouzer and Posner, 2002) ) أن المصداقية تأتى من الشعور بأمانة وكفاءة القائد ومن قدرتة على الإلهام. وينشأ التحفيز والإلهام من خلال ربط أهداف المنشأة باحتياجات الأفراد وقيمهم واهتماماتهم والاحتكام للغة أقناع ايجابية. وينشأ التحفيز كذلك من خلال تحقيق انتصارات على المدى القصير. ويستلزم تحقيق الانتصارات الاعتراف بشكل واضح ومكأفات الأفراد الذين جعلوا تحقيق الانتصارات ممكنناً (Kotter, 1995a). وأحد مظاهر القيادة التحويلية تتمثل في القدرة على تحفيز والهام التابعين.
وقد ركز ( Nadler, 1998; Kotter, 1995a) على أهمية مساعدة العاملين خلال مرحلة التغيير عن طريق التقدير والاعتراف ومكافأة المشاركين في التغيير. ويقدم ( Spitzer, 1996) العديد من الأسباب لفشل المكافآت في تحقيق التأثير السلوكي المأمول. ومن تلك الأسباب الاعتماد بشكل رئيس على المكافآت المالية، وغياب التقدير والاعتراف، ومكافأة أصحاب الأداء الضعيف.
تمكين العاملين
أحد السمات الجوهرية للقيادة التحويلية التمكين. والافتراض الرئيس في فكرة التمكين أن سلطة اتخاذ القرار يجب أن يتم تفويضها للموظفين في الصفوف الأمامية لكي يمكن تمكينهم للاستجابة بصورة مباشرة لطلبات العملاء ومشاكلهم واحتياجاتهم. ويتضح أن فكرة التمكين تتطلب التخلي عن النموذج التقليدي للقيادة الذي يركز على التوجيه إلى قيادة تؤمن بالمشاركة والتشاور. وهذا بدورة يتطلب تغيير جذري في أدوار العمل ومن ثم العلاقة بين المدير والمرؤوسين. بالنسبة لدور المدير يتطلب التحول من التحكم والتوجيه إلى الثقة والتفويض، أما بالنسبة لدور المرؤوسين فيتطلب التحول من أتباع التعليمات والقواعد إلى المشاركة في اتخاذ القرارات. ويبرز دور القيادة التحويلية حيث يمثل تمكين العاملين أحد الخصائص التي تميز القيادة التحويلية عن القيادة التبادلية. حيث يتميز القيادة التحويلية بأتباع أساليب وسلوكيات تشجع على تمكين العاملين كتفويض المسؤوليات، تعزيز قدرات المرؤوسين على التفكير بمفردهم، وتشجيعهم لطرح أفكار جديدة وإبداعية Dvir et. Al., 2002)). ويرى Bennis and Nanus ( 1985) أن القائد العظيم يعمل على تمكين الآخرين لمساعدتهم على تحويل رؤيتهم إلى حقيقة المحافظة عليها. حيث يؤكد الكاتبان أن القادة الذين يتمتعون بسلوك تحويلي لديهم القدرة على إمداد مرؤ وسيهم بالطاقة والإلهام لتمكينهم من التصرف عن طريق إمدادهم برؤية للمستقبل بدلاً من الاعتماد على أسلوب العقاب والمكأفات. فالقيادات التي تملك الرؤية يمكن أن تخلق مناخ المشاركة وتهيؤ الظروف المساعدة للتمكين التي عن طريقها يستطيع الموظفين أن يأخذوا على عاتقهم السلطة لاتخاذ القرارات التي تعمل على تحقيق الرؤية. وبجانب إمداد الموظفين بالرؤية، فالقيادة التحويلية تتميز بقدرتها على خلق السلوك الإلهامي الذي يعزز الفاعلية الذاتية للعاملين للوصول إلى الهدف ( Bass and Avolio,1993). وتتميز القيادات التي لديها توقعات وطموحات عالية بقدرتها على تعزيز الفاعلية الذاتية للموظفين وتحفيزهم لبناء المبادرة الفردية لتحقيق الهدف ( Eden, 1992 ).

الخاتمة

أوضحنا في مقدمة الورقة الاتجاة المتزايد لأهمية قيادة التغيير. وبينا أن هذا عائد لسرعة التغيرات التي تتعرض لها المنشآت. وندعو المنشات في المملكة العربية السعودية للاستجابة بصورة سريعة لتلك التغيرات. ولا يمكن أن يشكل أسلوب القيادة التقليدي النموذج القادر على قيادة التغيير.
أن مفهوم القيادة التحويلية ودورها في إدارة التغيير جدير بالبحث والدراسة، ولكن التحدي الحقيقي الذي يواجة قيادتنا الإدارية كيفية وضع هذا المفهوم موضع التطبيق، حيث أظهرت الدراسات أن فاعلية القيادة التحويلية يعتمد على توافر عناصر أساسية. الاعتقاد البارز أن مفهوم القيادة التحويلية من أكثر مفاهيم القيادة ملاءمة لقيادة التغيير. وأخيرا، يتضح أن نجاح القيادة التحويلية مرتبط بعناصر ومواصفات سلوكية ومعرفية وأخلاقية.
وختمنا الورقة بإبراز دور القيادة التحويلية في إدارة التغيير.

المصدر: . سعد بن مرزوق العتيبى .
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 95/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
31 تصويتات / 4360 مشاهدة
نشرت فى 18 نوفمبر 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,879,543

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters