"مطلوب عامل أو موظف خبرة".. "مطلوب عاملة أو موظفة حسنة المظهر.. رشيقة.. عمرها لا يزيد عن 25 عاما.. غير متزوجة".

هذان النموذجان الثابتان لإعلانات الشركات والمحال التجارية عن الوظائف.. ومن النادر أن تجد إعلانا يطلب موظفة خبرة.. فالجمال والرشاقة والوجه الحسن والعمر الصغير هم أهم مواصفات عمل المرأة فى مصر.. أما الرجل فالأمر يتحدد طبقا لخبرته فى مجال الأعمال..

ما علاقة جمال المرأة بخبرة العمل وما هى دلالات هذا الاتجاه السائد فى سوق العمل المصرى وخاصة القطاع الخاص.. وأسئلة كثيرة تفرضها هذه الإعلانات المنتشرة بكثرة على أبواب المحال التجارية الكبرى وفى الصحف.. وهل الأمر يتعلق بمحدودية ذكاء المرأة وقلة خبراتها عامة أم بتقدم صفة الجمال والرشاقة وحسن الوجه عن صفة العمل فى السوق المصرى.. وغيرها من الأسئلة يجيب عليها خبراء فى هذا المجال.

الدكتورة سوسن الغزالى أستاذة الصحة العامة والطب السلوكى ورئيس قسم طب المجتمع بجامعة عين شمس تشير إلى أن السائد دائما أثناء عملية البيع والشراء هو الروح التجارية وعملية الجذب هى الأهم عند اختيار الفتاة للعمل لأنها لن تستعرض ثقافتها، ولهذا يفضل فى العمل أن تكون الفتاة نضرة وصغيرة مثل "المضيفة تكون رشيقة ولبقة".

وتضيف دكتورة سوسن بأن المساواة بين الرجل والمرأة فكرة ولكنها غير واقعية فى مصر ولم تطبق بعد، ويرى صاحب العمل أن الفتاة تسوق للبيع والشراء بشكلها، ويرى أيضاً أن الشاب عندما يكون واثق من نفسه ولبق يعتبر فكر تجارى ولكنه يعتقد أن الفتاة أجدر على تسويق المنتج من الشاب.وهكذا ينظر المجتمع للمرأة وبالأخص (صاحب العمل) بمنظور شكلى وهذه النظرة هى السائدة بينما ينظر للرجل بمنظور موضوعى.

وتضيف "أننا لا نستطيع أن نقلد الغرب فى المساواة الفكرية بين الرجل والمرأة ولكن نقلدهم تقليد أعمى فى أشياء تافهة لا جدوى منها. لأنه يوجد خلل فكرى فى المجتمع لأن الغرب موضوعيون فى الفكر وفى التصرف ومنطقية فى جميع الأمور، أما نحن مازلنا مجتمعات شكلية وحتى الدين شكلى والقبول شكلى ولهذا يأخذ الشكل مساحة كبيرة من التفكير وبالتالى هذا يؤخرنا".

وتضيف أيضا دكتورة سوسن أن البيئة الاجتماعية هى التى تشكل المجتمع، مثلاً فى العائلة لو البنت جميلة الكل ينجذب لها والأقل جمالاً تكون أكثر خبرة وأكثر علماً لتلفت الانتباه بدورها.

وترى أنه فى التعاملات الجماهيرية يكون المنظور الشكلى هام مثل "المذيعة – الممثلة – المضيفة" وتظهر فى القياس "الوزن والطول" أما فى أعمال الخدمة الإنسانية لا يهم الشكل فيها مثل "الطبيبة والمهندسة".

الدكتورة سهير عبد العزيز أستاذة علم الاجتماع بالأزهر تقول إن المجتمع ينظر للمرأة على أنها الأصلح لترويج أى سلعة، ويستخدم جسد المرأة بصورة سلبية باعتبارهسلعة مما يقلل من قيمتها
وتضيف الدكتورة سهير عبد العزيز أن الفتاة التى تقبل هذه الوظيفة عليها بالتنازلات وتكون باعت نفسها وقللت من قيمة المرأة، وقد تكون الفتاة مضطرة للعمل ولكن يوجد كثيرات من الفتيات ترفض هذه الإعلانات التى تفرض أسلوبها على الفتاة مثل عدم ارتداء الحجاب وغيره.

وتشير دكتورة سهير عبد العزيز بأن الغرب هو أول من "شيأ" المرأة وجعلها شىء مادى، والغرب أيضاً هو الذى علمنا الإعلانات وكيفية تسويق المرأة فيها وجعلها سلعة وهو الذى استخدمها بصورة سلبية، وتوجد اللافتات الإعلانية التى تتضمن هذه المواصفات لوظائف محددة وهى الوظائف التسويقية التى تحتك فيها الفتاة بالجمهور.

وتتابع الدكتورة سهير بأن مدلول هذه الإعلانات يقلل من قيمة المرأة المطالبة بالمساواة، والمساواة الإنسانية فى الإسلام موجودة بين الجنسين" كما فى الآية القرآنية قال الله تعالى:
"مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "سورة النحل أية 97 ،فساوى الإسلام بين الذكر والأنثى ولكن فرق بينهم فى النوع كل واحد منهم له عمل، وتوجد أزمة أخلاق دينية وأزمة فهم للمرأة.

وتختم دكتورة سهير بأن التربية منذ الصغر هى أساس هذا الفكر الرجعى، عندما يكون الطفل صغير ينشأ على عدم احترام الفتيات منذ صغرهم وعندما يكبروا لا يروا أن لها كيان مستقل يجب أن تحترم، والحل فى تغير هذه النظرة فى رأيها هو اتباعنا الدين السليم".

دكتورة سوسن فايد أستاذة علم نفس الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية تقول "يجب أولاً أن ننظر إلى منطقية شكل طبيعة العمل فهو الذى على أساسه نختار الفتاة حسب الشكل أو الشخصة، فبعض الأعمال قد تشترط جاذبية الفتاة وحسن مظهرها وتستهدف هذه الأعمال الرواج من خلال الجمهور مثل "مذيعة – مضيفة – علاقات عامة"، لكن حينما تكون الوظيفة لا تحتاج للمظهر ولكن تحتاج إلى عقل المرأة هنا نضع علامة استفهام لأن طبيعة العمل لا تستدعى الاهتمام الزائد بالمظهر.

ويوجد كثير من الناس تحتاج للفتاة وهى بدون خبرة سابقة وتكون ربح له لأنه يعلم كيف يستخدمها فى خدمة المنتج.

وتضيف دكتورة سوسن بأن الأنثى تضطر للتنازل وتضع فى الاعتبار حدودا ومعايير، وتكون المادة هى الفاصل فى المكسب وتطغى على بعض القيم والمبادئ، ومجال السياحة يفضل الفتاة لأنها تعتبر الواجهة، ومن ناحية أخرى قد يفضل فى أعمال أخرى الشباب مثل مهنة الهندسة مثلاً لأن الأنثى تقضى وقت فى الزواج والحمل والولادة مما يعطل بعض الأعمال الهامة.

وأخيراً تقول الدكتورة سوسن بأن المرأة قد تضطر لقبول عمل أكثر تحرراً للحصول على الكسب المادى وقد تعتبر المرأة سلعة تستغل وتستثمر لإعلاء القيم المادية من قبل.

إبراهيم على المستشار الإعلامى لوزيرة القوى العاملة والهجرة يقول كل وظيفة لها شروطها ومواصفاتها التى يرى صاحب العمل ضرورة أن تتوفر فى الشخص المتقدم للوظيفة الشاغرة لديه ليكون أفضل من غيره، وهو حق صاحب العمل فى وضع الشروط التى يراها مناسبة للوظيفة وهناك عدد من الوظائف والتى تعتمد على التواصل مع الآخرين تتطلب المظهر الجيد سواء للرجل أو المرأة، بمعنى أن شرط المظهر ليس أمر مطلق على المرأة وحدها، وأشار أن المرأة فى سوق العمل تشغل نسبة 23 % فقط".

ترفض شريفة سرور رئيس نادى روتارى الجزيرة أن يكون حسن المظهر والشكل أمر مرتبط بالمرأة فقط، فهناك الكثير من المهن التى ترتبط المظهر الجيد والوجه البشوش واللباقة فى الكلام سواء كان من يشغلها رجل أو امرأة مثل الجرسون وموظف الاستقبال مثلا فهى مهن لا تعتمد على المرأة فقط.

وقالت شريفة: ليس عيب أن يطلب أصحاب المحلات فتيات شرط العمل الأساسى المظهر، فالمظهر هنا لا يعنى جمال الشكل، وإنما يقصد به مظهرها فى اللبس، نظافتها الشخصية، لباقتها مع الزبائن وصبرها عليهم، وبالتالى طبيعة المهنة هى التى تفرض هذه الشروط.

وترى انتصار السعيد مدير مركز القاهرة للتنمية أن النظرة النمطية والصورة التقليدية للمرأة هى التى تفرض هذه الشروط وليس سوق العمل كما يعتقد البعض، هذه النظرة التى اختصرت المرأة فى جسد وجمال بصرف النظر عن الخبرة والكفاءة والشهادات التى تحملها، خاصة فى بعض الوظائف، فى حين هناك وظائف أخرى فى الإعلانات يكتب فيها عبارة "للذكور فقط" وكأن المرأة لا تصلح لهذه الوظائف.مؤكدة أن هذه الشروط تهدر تكافؤ الفرص بين الجنسين، فالأساس فى العمل الكفاءة والخبرة وليس المظهر، ولكن التركيز على المظهر يحصر المرأة فى عدد محدد من الوظائف حتى تم تأنيثها فنجد السكرتيرة مهنة أكثر استساغة من السكرتير.

وتتعجب انتصار من قانون العمل الذى يمنع المرأة من العمل أمام أفران صهر الحديد، ومواقع البترول خوفا عليها، ويسمح لها بالعمل كراقصة، يخشى عليها من العمل الشريف ويوافق على العمل كراقصة لان المرأة فى المجتمع جسد.

وتشير انتصار إلى حرمان المرأة التى تعمل فى مهنة الفلاحة من الحماية بمظلة التأمينات الاجتماعية، على الرغم من كثر عددهن والذى يصل إلى حوالى 3 مليون سيدة تعمل فى الحقل بجانب عملها فى البيت، كلهن فى حاجة ماسة للحماية القانونية والتأمينية، بل ويعتبرها القانون لا تعمل.

يقول ناصر محمود بائع بأحد محلات الملابس الجاهزة، العمل مع الجمهور خاصة فى محلات الملابس الجاهزة يتطلب شروط معينة أهمها الوجه البشوش المبتسم مهما كانت الظروف التى يعانيها البائع لأن كثيرا ما تعتمد الزبائن على ذوق البائع ويطلب مشورته فى اختيار الموديل واللون وهذه الشروط ارتبطت بالمرأة ولكن ليس معنى هذا ان الرجل لا يصلح لهذه المهنة، ويضرب المثل بنفسه، فمنذ ما يزيد على خمس سنوات وهو يعمل بهذا المحل، وقد اثبت كفاءة أكثر من بنات كثيرة لتوافر هذه الشروط.

أكد الدكتور أحمد عكاشة أستاذ علم النفس أكد لليوم السابع أن الكفاءه وحسن المظهر من أهم العوامل التى يفضلها أصحاب العمل عند اختيار موظفيهم فالكفاءة تزيد من الإنتاج وحسن المظهر يجعل الزبائن أكثر اقبالا على المحل حيث إن الوجه الحسن والمنظر الجميل سمة تدعو الى التفاؤل والاقبال بينما الوجه العبوس والمظهر المتواضع سمة تدعو للتشاؤم والنفور والأفضل أن يتجه ذوات المظهر الحسن للأعمال التى لها علاقه بالتعامل مع الجمهور كما يفضل أن يتجه متواضعى المظهر الى الأعمال العلمية البعيدة عن التعامل للجمهور فان الله جميل يحب الجمال.

هبة 21 عام – تدرس فى أكاديمية– فى العام الثانية – تعمل فى أحدى المحلات التجارية- تقول: فى ناس بتاخد البنت بالشكل على أساس أنها واجهة للمكان وفى ناس بتاخد البنت على أساس معاملتها الحعام مع العميل، وقد يفرض صاحب العمل على الفتاة أن تترك أرتداء الحجاب لأن هذا فى رأيه يصرف العميل عن المكان، وهى تشعر بالضيق لأنها تشعر بأن الفتاة تصبح أقل بهذه التحكمات ويجب أن يحترموا شخصية الفتاة.

مشيرة 18 عاما – لا تدرس - تعمل فى أحدى محلات الملابس - تقول : بأن صاحب العمل قد يمنع الفتاة من ارتداء العباءة كونها غير متحضرة وغير مناسبة للعمل.
سمر 17 عاما – تعمل فى أحدى المحلات : ذهبت مع صديقتى لاجتياز مقابلة عمل لها واختارنى صاحب العمل بدلاً من صديقتى لأنها لم تعجبه بسبب كونها بدينة وعملت لديه وزعلت منى صديقتى.

كريم 18 عاما – يعمل فى أحدى المصانع - طبعاً بضايق لما البنات بتشتغل والشباب مالهاش فرصة شغل، بس بيبقى ساعات فى الإعلان مطلوب آنسات فقط، يعنى الشباب يعملوا أيه؟، ولدى أخت لا أحب أن تعمل فى مثل هذه الإعلانات التى تحدد شكل الفتاة والتى يمكن أن يكون أحد شروطها عدم ارتداء الحجاب مثلاً ولا يحكم عليها بمنظور عقلى.
يقول محمد خليل 34 عاما - صاحب محل - إنه يفضل النساء فى العمل لأنهن أكثر صبرا على الزبائن من الرجال كما أنه يعتبر أن الحسنوات من النساء مجالا لجذب الزبائن فالوجه الحسن والبشوش من الجنس الناعم يجعل الزبائن أكثر إقبالا على المحل كما أن النساء يستطعن تحمل الزبائن وطلباتهم المتعدده عند الشراء.

يقول على سعيد 46 عاما -صاحب محل ملابس- أنه يفضل أن تكون عمالته من النساء لأنهم يقبلون العمل بأجور قليله توفر له التكلفة الإجمالية لمصروفات المحل بينما أغلب الرجال يفضلون العمل برواتب عالية كى يستطيعون إعالة أسرهم بينما على النقيض نجد أن أغلب النساء لا يحتجن للأجور العالية لأن الرجال فى مصر فى الغالب هم الذين يتحملون مصاريف البيت على حد قوله.

بينما يرى خالد السعيد 49عاما -صاحب أحد المطاعم - أنه يفضل أن تكون عمالته من الرجال عن النساء لأن الرجال يقدرون على تحمل ضغوط العمل كما أن الرجال يستطيعون العمل لفترات طويله ولساعات متأخرة من الليل بينما معظم النساء لايفضلن العمل ليلا كما أن هناك أعمالا لا يستطعن القيام بها، إلا الرجال فقط بينما يصعب على النساء القيام بها كحمل الأشياء الثقيلة التى تحتاج لقوة عضلية لا تتوفر الا عند الرجال فقط.

المصدر: مجلة اليوم السابع
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 66/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
22 تصويتات / 1153 مشاهدة
نشرت فى 26 يناير 2011 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,879,160

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters