استطاع الإنترنت خلال فترة بسيطة أن يقدّم حلولاً ذهبية بالنسبة لإنجاز الأعمال؛ فيمكن للمرء أن ينجز عمله دون أن يتحرك من مكانه، كما يمكن له أن ينجز أكثر من عمل في وقت ومكان واحد، وهو ما وفّر للنساء مئات الآلاف من فرص العمل دون الاضطرار للاختلاط مع الرجال في المكاتب والشركات.

أزمة الخروج اليومي من المنزل:
الفتاة الفلسطينية حنان مصطفى في منتصف العشرينيات من عمرها تؤكد أن الإنترنت منحها حلاً لأزمة خروجها للعمل يومياً فهي تنهي أعمالها ومن ثمَّ تستخدم الإنترنت كوسيلة لإرسال ما أتمته من عمل، كما يتيح لها التواصل مع رئيسها المباشر في العمل دون اختلاط.
وبشيء من التفصيل توضح الفتاة أنها أنهت قبل عامين دراسة السكرتاريا، ودعمت دراستها بعدد من الدورات المتخصصة في مجال الترجمة والطباعة السريعة.

وتؤكد الفتاة أن تلك الدورات أفادتها في عملها الذي استعاضت به عن الخروج لإنجازه عبر الانترنت، وتضيف: "يعتمد عملي على الطباعة بالدرجة الأولى وأحياناً الترجمة حيث أقوم بطباعة بعض الكتب العلمية لصالح المكتبة الإلكترونية التي تعتزم جامعتي تطبيقها قريباً"، مشيرة إلى أن التواصل مع المسئولين يكون عن طريق الإنترنت في حدود الضوابط الشرعية للعمل مما يمكنها من إنجاز العمل بإتقان.

وتوضح الفتاة أن العمل عبر الإنترنت له مزايا بحيث يجعل الفتاة قريبة من أسرتها وينأى بها عن الآثار السلبية الناتجة عن خروج المرأة للعمل وبعدها عن بيتها ساعات لا تقل عن سبع ساعات وفق قانون العمل، وأحياناً تزيد هذه الساعات لدى بعض العاملات في الشركات الخاصة والمؤسسات الأهلية.

أثر التكنولوجيا في سوق العمل:
هاني عبد العزيز (تقني كمبيوتر ويعمل بشركة I.B.M) يقول: الإنترنت وفر مجالات كثيرة للعمل وفتح أبواباً للعمل لم تكن موجودة قبل ذلك، حيث كانت هذه الأعمال تستلزم إدارتها الحضور في مكان محدد للإعداد لها.
وأضاف، من هذه الأعمال خدمة الترجمة عبر الإنترنت فضلاً عن تجارة الأعمال التي كانت تتطلب الحضور والاتفاق والتفاوض، حيث أصبح الإنترنت يختصر كل هذه المراحل لصالح مرحلة واحدة وهي التواصل عبر الشبكة الكبيرة.
لافتاً إلى أن كثيراً من المواقع على شبكة الإنترنت يمكن للنساء المتخصصات أن يقمن بإنشائها بما يوفر لهنّ فرص عمل دون الارتباط بمكان أو مزاحمة الرجال، فضلاً عن العمل في مواقع الإنترنت التي لا تستدعي حضورهنّ، فهذا التطور التكنولوجي له أثر بالغ في سوق العمل، كما أنه أتاح فرصة كبيرة للمتخصصين وبخاصة المحترفين بأن يقوموا بإنجاز أكثر من عمل في وقت واحد دون حضورهم.
وأكد المهندس هاني على أهمية استغلال هذه التكنولوجيا الحديثة وتأثيرها في مكونات الحياة العامة بما يتيح فرصة أكبر للجميع أن يشاركوا بالعمل رجالاً ونساء وأن تكون مشاركتهم إيجابية.


من جهته، يقول محمد سمعان (مصمم مواقع): "أقوم بالعمل في مجال تصميم المواقع فعملي حر ولا أريد الارتباط بمكان يلزمني بدوام، فمثل هذه الأعمال لا تتطلب أن أتواجد في موقع معين".
وأضاف بالقول: "يرتبط بي العملاء من خلال الإيميل ووسائل الاتصال الأخرى وتقوم زوجتي بمساعدتي، كما أنها تعمل ضمن نطاق شركة أخرى من خلال التواصل الحديث عبر الإنترنت دون أن تذهب إلى العمل، وحتى راتبها تقوم الشركة بإرساله لها".
مضيفاً أن مجال الإنترنت واسع فيمكن العمل في التسويق وإدارة محتوى المواقع الكبيرة فضلاً عن خدمة العملاء والتي لا تستلزم التواجد في مكان واحد.
وأكد بالقول: "من المجالات التي يفتحها الكمبيوتر للعمل أمام الرجال والنساء هو إعطاء دورات متخصصة في كافة المجالات سواء الخاصة بالكمبيوتر أو دورات في إدارة الأعمال وغيرها".

عمل بدون آثار سلبية:
أما إيناس (خريجة قسم العلاقات العامة بالجامعة الإسلامية) فتؤكد أن هناك العديد من المجالات التي يمكن للمرأة العمل بها عبر الإنترنت كبديل لخروجها يومياً إلى العمل، وأضافت الفتاة التي أنهت الثلاثين من عمرها أن الإنترنت يوفر لها التواصل مع مسئولي العمل وينأى بها عن الآثار السلبية لخروج المرأة للعمل، وأكثر هذه الآثار السلبية، الاختلاط المباشر مع الجنس الآخر.
وبالإشارة إلى طبيعة عملها تؤكد الفتاة أنها تعتمد على البحث الميداني وتحليل البيانات والنتائج عبر برامج خاصة ومن ثمَّ صياغة تقارير إحصائية بالأرقام، مشيرة إلى أن عملية جمع المعلومات يتولاها مجموعة من الشباب "باحثين ميدانيين" وتتلقى هي الاستمارات، وبالتالي فإن ذلك لا يكلفها الخروج من البيت إلا في أوقات محدودة لتسلم الاستمارات، بعد تقوم بتعبئتها ومن ثمَّ تعكف على تحليل بياناتها وإظهار نتائجها وصياغتها في تقارير إحصائية، قبل أن تقوم بإرسالها للمشرفين على المشروع باعتبارها منسقة المشروع في غزة.

مجالات الإنترنت واسعة والعاملين بها قلة:
من جانبه أكد حاتم حماد (أستاذ تكنولوجيا المعلومات بالجامعة الإسلامية) أنه وعلى الرغم من انتشار استخدام الإنترنت، إلا أن قلة وعدد محدود من المستخدمين يتجه إلى القيام بأعمال مستقلة عبر الإنترنت.
وأشار حماد لـ " لها أون لاين " أن تكنولوجيا المعلومات من الأعمال التي بدأ الإنترنت يقدم فيها حلولاً للعمل بشكل مستقل فيها، لافتاً إلى أن المجال مفتوح أمام خريجي تكنولوجيا المعلومات الذين يعملون على تطوير البرمجيات، وهم لا يحتاجون سوى العقل والمادة العلمية التي حصلوا عليها خلال سنوات الدراسة. مؤكداً أن العمل عبر الإنترنت كبير جداً وواسع جداً لكنه يحتاج إلى رفع كفاءة الخريج ليتمكن من الاعتماد على نفسه وإنتاج برامج (ستاندرد السوفت وير) على حد قوله.

وأوضح د.حماد أن هناك العديد من المجالات والأعمال التي يمكن الاعتماد في إنجازها على الإنترنت كالتسويق مثلاً، وما يقوم به الكتاب والصحفيون في توصيل أعمالهم الأدبية وأخبارهم ومقالاتهم الإعلامية إلى أكبر نطاق من المستخدمين، ليتمكنوا من قراءتها والاستفادة منها.
وتوقع أن يحدث تطور كبير خلال الفترة المقبلة، يشكل فيه الإنترنت الكثير من الأعمال سواء الاقتصادية أو غيرها خاصة أعمال التسويق، مشدداً على أن نجاح ذلك المجال يعتمد على إيجاد سوق عالمية وتزويدها بالمنتجات والسلع غير المحلية التي تحتاج إليها. وأضاف بالقول: "إن ذلك من شأنه أن يعزز رؤوس الأموال ويدفق الأرباح خاصة إذا ما اعتمد على البرمجيات والتصميمات المميزة عبر الإنترنت".
مشيراً إلى أن المواطنين الآن بدؤوا يتجهون إلى شراء السلع عبر الإنترنت من خلال إيصال عروضهم وما تحتويه من تفاصيل ومميزات سواء في الجودة أو الأسعار بالإضافة إلى المواصلات حيث أنها تعرض السلعة كما يراها الزبون.

ويرى د. حماد أن عمل المرأة عبر الإنترنت يحقق لها مصدر رزق مميز خاصة في ظل النظرة الشرعية لعمل المرأة والتي تبيح لها العمل بلا اختلاط إلا في حدود وضوابط أبرمها الشارع الإسلامي، لافتاً إلى أن كم من الخريجات بدأن بأعمال الطباعة وإعداد الدراسات والأبحاث عبر الإنترنت، والذي يجعل التواصل غير مباشر ويجنب المرأة الاختلاط، وفي ذات الوقت يمنحها الفرصة للعيش الكريم، وأضاف أن الإنترنت ألغى الحواجز لدى المرأة فما عادت بحاجة إلى الانتقال لمكان العمل لمزاولة مهنتها فهي تعمل على إنجاز مهامها وتسويقها من خلال الويب.

إيمي، امرأة أمريكية أنجبت قبل عام تقريباً طفلها الأول، هي تحب طفلها كثيراً، وتخشى أن تتركه لوحده أو مع جليسة أطفال (مربية)، وعندما احتاجت أن تعمل خارج المنزل؛ لم تستطع تقبل فكرة ترك طفلها لساعات طويلة يومياً، خاصة وأن العمل سوف يأخذها بعيداً عن المنزل، ويوجد لها اهتمامات ومشكلات هي في غنى عنها، فهي تفضل أن تكون أماً جيدة.

بعد بحث استمر لأكثر من شهر، استطاعت أن تجد إيمي فرصة عمل جيدة من خلال الإنترنت، فهي لن تكون مضطرة للذهاب خارج المنزل ولو لشبر واحد، ولن تحتاج بالتالي لترك طفلها وحيداً، أيضاً لن تضطر للدخول في مشكلة المواصلات ومضايقات زملاء وزميلات ومدير العمل. كل ما عليها القيام به هو أن تسوّق لإحدى المنتجات التجميلية عبر الإنترنت.

بعد حصولها على الصفقة الجديدة للعمل في هذه الشركة المتخصصة بمنتجات الصحة والجمال، قدمت لها الشركة فرصة الحصول على دورة تدريبية، حتى هذه الدورة حصلت عليها في المنزل من خلال الإنترنت. وبعد التأكد من جاهزيتها، بدأت إيمي في التسويق لمنتجات الشركة، والحصول على الراتب آخر الشهر.

اختراع.. وفرصة:
عندما تبحث في الإنترنت عن فرص عمل نسائية منزلية باللغة الإنكليزية، فإنك ستفاجأ بحجم الإعلانات والمواقع الإعلانية التي تحاول تقديم خدمات متكاملة حول هذا الموضوع، تتضمن استقبال طلبات النساء الراغبات في العمل من المنازل، وعرض الفرص الوظيفية التي تقدمها المواقع والمؤسسات والشركات المختلفة، والتنسيق بين النساء والشركات لتحديد الرواتب والحوافز وساعات العمل وغيرها.
فالإنترنت الذي يعتبر تقنية جديدة لم تكن موجودة قبل 20 عاماً تقريباً، استطاع أن يوجد فرص عمل كثيرة وكبيرة للملايين من الناس، إنه تعبير حقيقي عن إمكانية  تقديم الاختراعات الجديدة فرص عمل للكثيرين.

ويبدو أن الكثير من المجتمعات استطاعت أن توظف هذه التقنية الحديثة في سبيل تحقيق أهدافها وطموحاتها، مع المحافظة على خصائصها وعاداتها بكل سهولة. فأصحاب رؤوس الأموال استطاعوا الاستثمار من خلال الإنترنت دون أن يتركوا أعمالهم الأساسية.
 الكثيرون يتابعون اليوم ألوان مؤشرات الأسهم صعوداً هبوطاً لمتابعة أسهم الشركات التي يستثمرون فيها دون أن يضطروا لترك أعمالهم أو وظائفهم الحقيقية.
حتى اللصوص لم يتخلوا عن عاداتهم فوجدوا في الإنترنت فرصة للسرقة والاحتيال على الآخرين.

النساء والإنترنت:
في المملكة العربية السعودية، استطاعت الكثير من النساء توظيف هذه التقنية الحديثة في إيجاد فرص عمل لهنّ دون الحاجة للدخول في المشكلات المتعلقة بالعمل التقليدي. فغالبية النساء في السعودية يفضلن عدم الاختلاط مع الرجال في الأماكن العامة، والأمر يصبح أكثر حساسية في المكاتب وأماكن العمل، لذلك فإن العمل من المنزل عبر الإنترنت يعتبر الحل الأمثل لهنّ، والصفقة الرائعة التي تحلم بها كل واحدة منهنّ.

غالبية النساء في السعودية يخشين من العمل خارج المنزل، خوفاً من الاختلاط مع الرجال، وبالتالي فإن أعمالهنّ محصورة في أمور محددة لا تتضمن الاختلاط، كالتعليم في المدارس والجامعات الخاصة بالفتيات، والعمل في الأسواق النسائية المغلقة وغيرها. ليصبح الإنترنت اليوم وسيلة لفتح فرص كبيرة وواسعة أمام العمل النسائي، كالبرمجة والتصميم والإعلام وخدمات الدعم الفني والنسخ والحجوزات والترجمة والاستشارات والعلاقات العامة والخدمات الاجتماعية والعمل المصرفي الإلكتروني والإشراف على المواقع الإلكترونية أو على أقسام منها، وغيرها.
كما أن مشكلة المواصلات، الزحمة في الشوارع، ارتفاع درجات الحرارة، الأولاد والمسؤوليات، كل ذلك يجعل من الإنترنت فرصة مثالية لإيجاد فرصة عمل بعيداً عن هذه المشكلات التي تسبب للرجال ضياع الوقت، والتوتر والإرهاق، والضغط النفسي.

المفارقة هنا، أنه في الوقت الذي بدأ فيه الكثير من الرجال بالتململ من مشقات العمل خارج المنزل، بسبب الزحام ومشكلة المواصلات اليومية، وبسبب إرهاق وضغط العمل والحرارة وغيرها، فتح الإنترنت أمام النساء فرصة كبيرة للعمل، الذي يستطيع _إن وظّف بشكل جيد_ أن يقدّم للنساء إيجابيات وميزات العمل، ويجنّبهنّ سلبياته ومضايقاته.

المصدر: لها أون لاين
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 71/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
23 تصويتات / 1740 مشاهدة
نشرت فى 19 فبراير 2011 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,783,200

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters