يطرح الكثير تساؤلات حول امكانية تغيير الاخلاق الى الأحسن، وينقسم الناس حيال ذلك الى قسمين الاول يرى ان الاخلاق ثابتة بالانسان ولا يمكن ان تتغير لأنها غرائز فطر عليها، والثاني يرى ان ذلك ممكن وغير متعذر لأن الاخلاق منها الثابت الغريزي ، ومنها المكتسب الذي يأتي بالدربة والممارسة والمجاهدة وهذا الرأي هو الاصوب لأن الاخلاق لو كان لا يمكن ان تتغير لبطلت الوصايا والمواعظ والارشادات التي حث عليها الاسلام وورد بها الادلة الشرعية التي تحث على التحلي بالفضائل ، قال تعالى قد أفلح من تزكى ‘’ الأعلى الآية14 وقال عليه الصلاة والسلام: ‘’إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه’’ رواه المناوي والخطيب ، فهذه النصوص دليل على قابلية الاخلاق للتغيير، وهناك اسباب عديدة ووسائل متنوعة يستطيع الانسان من خلالها ان يكتسب حسن الخلق اذا روّض نفسه على ذلك وسعى له، ومن ذلك ما يلي:-
- سلامة العقيدة ، فالسلوك في الغالب ثمرة لفكر الانسان وما يعتقد ، والانحراف نتيجة لخلل في العقيدة فإذا صحت العقيدة حسنت الاخلاق تبعاً لها فإن اكمل المؤمنين ايماناً احسنهم اخلاقاً ، لذا فمن حرص على سلامة عقيدته وكمال ايمانه استقامت اخلاقه تبعاً لذلك.
- الدعاء ، وهو باب واسع للعبد ليرزقه الله تعالى حسن الخلق ويصرف عنه سيئه ، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير الضراعة لله تعالى ان يرزقه حسن الخلق، وهناك العديد من هذه الادعية ومنها دعاؤه عليه السلام ‘’ اللهم اهدني لأحسن الاخلاق ولا يهدي لأحسنها إلاّ أنت واصرف عني سيئها ، لايصرف سيئهاإلاّ أنت’’ رواه مسلم.وقال أيضاً: ‘’ اللهم جنبني منكرات الأخلاق والأهواء والأعمال والأدواء’’ رواه البخاري.
- المجاهدة ، بمعنى مجاهدة النفس على التحلي بالفضائل والابتعاد عن الرذائل وذلك لتدريب النفس على الخلق الحسن والمجاهدة يجب ان تستمر طوال الحياة ، فهي عبادة والله تعالى يقول ‘’ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين’’ الحجر الآية 99
- المحاسبة ، بمحاسبة النفس إذا ارتكبت الأخطاء والأخلاق الذميمة ، محاولة اصلاحها ان تعود لمثلها، على أنه لا يحسن المبالغة في محاسبة النفس ، لأن ذلك قد يؤدي إلى نتائج عكسية وقد تؤدي الى العزلة والابتعاد عن الناس.
- التفكير في آثار حسن الخلق والثمار الحسنة التي تترتب على ذلك ، وبالمقابل النظر في عواقب سوء الخلق وما تجلبه من ندم وحسرة وسمعة سيئة ، وابتعاد الأصدقاء والأقارب.
- الحذر من اليأس من إصلاح النفس ،فإذا ابتلي الانسان بسوء الخلق وحاول التخلص ولم يفلح فعليه ان لا ييأس من إصلاح نفسه وان يقوي إرادته ويشحذ عزيمته و يحاول مرات عديدة حتى يتحلى بأحسن الأخلاق.
- الصبر، فالصبر من الاسس الاخلاقية التي يقوم عليها حسن الخلق ، فالصبر يحمل على الإحتمال وكظم الغيظ وكف الأذى ويوصل الى حسن الخلق.
- علو الهمة الذي يستلزم الجد والعمل وطلب الكمال والترفع عن الدنايا، فمن علت همته اتصف بكل خلق جميل ومن دنت همته طغت عليه واتصف بكل خلق رذيل.
- العفة التي تحمل صاحبها على اجتناب الرذائل والقبائح من القول والفعل وتحمل على الحياء وتمنع الفحشاء.
- الشجاعة وقوة البأس، التي تحمل صاحبها على عزة النفس والبذل وتحمله على كظم الغيظ والحلم وهي من فضائل الأخلاق.
- العدل، الذي يحمل على اعتدال الاخلاق وتوسطها بين طرفي الإفراط والتفريط، فيحمل على الجود بين البخل
- الإسراف ، وعلى الحلم الذي يتوسط الغضب والمهانة وغيرها من الاخلاق التي يجلبها العدل.
- إجبار النفس على البشر والطلاقة ، وإبعادها عن العبوس والتقطيب، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ‘’ تبسمك في وجه أخيك صدقة ‘’ رواه الترمذي . فإذا كانت أخلاق المرء على التقطيب والعبوس ، فليجاهد نفسه على تكلف البشر والطلاقة وحينئذ ترق مشاعره وتتلطف أخلاقه.
- الحلم ، فهو من أشرف الأخلاق ، وأحقها بذوي العقول السليمة ، وحد الحلم ضبط النفس ، وشفافيتها ، ورفعة المنزلة والمكانة، ومن أعرض عن الجاهلين حمى عرضه وأراح نفسه ، وسلم من سماع ما يؤذيه ، فبالإعراض عن الجاهلين يحفظ المرء على نفسه عزتها، تقول الحكمة ‘’ إن من ابتغاء الخير إتقاء الشر’’.
- الترفع عن السباب مخافة الوقوع في المكاره والمهاترات بين الأفراد مما يزيل الهيبة والإحترام.
- نسيان الأذية والعفو والصفح ومقابلة الإساءة بالإحسان ، فهي من أسباب علو المنزلة ، ورفعة الدرجة ، وفيه الطمأنينة والسكينة ، وشرف النفس وعزها ، قال عليه الصلاة والسلام : ‘’ وما زاد الله عبداً يعفو إلا عزاً’’ رواه مسلم وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله ‘’ أحب الأمور الى الله ثلاثة : العفو عند المقدرة والقصد في الجدة ، والرفق بالعيدة. فالعفو والنسيان ، اسقاط للحق جوداً وكرماً بخلاف الذل وهو من الأخلاق الحسنة
- السخاء ونسيان المعروف والإحسان إلى الناس ، فالسخاء محبة ومحمدة خلاف البخل الذي يجلب العداوة ، وكذلك نسيان المعروف منزلة رفيعة ، فمن أراد أن يرتقي في حسن الخلق فلينس ما قدم من إحسان ومعروف حتى يسلم من المنة والترفع على الناس وهي أخلاق يكرهها الناس ويبتعدون عن صاحبها.
- الرضا بالقليل من الناس، وترك مطالبتهم بالمثل ، لما في ذلك ترفع على الناس، قال تعالى ‘’ خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين’’ الأعراف آية 199 يقول الرافعي رحمه الله ‘’ إن السعادة الإنسانية الصحيحة في العطاء دون الأخذ ، وان الزائفة هي الأخذ دون العطاء ، وذلك آخر ماانتهت إليه فلسلفة الأخلاق’’.
- تجنب الغضب واحتساب الأجر عند الله عز وجل ، إذ الغضب هو من أقوى أسباب الوقوع فريسة رذائل الأخلاق كما أن إحتساب الأجر عند الله تعالى يعين على اكتساب الأخلاق الفاضلة ، فإذا أيقن العبد أن الله تعالى سيجزيه على حسن الخلق فإنه سيحرص على إكتساب محاسن الأخلاق ومعاملة الآخرين بها.
- تجنب الجدال والتواصي بحسن الخلق، لأن الجدال يذكي العداوة ويورث الشقاق والنزاع قال تعالى: ‘’ وجادلهم بالتي هي أحسن’’ النحل آية 125 كذلك التواصي بحسن الخلق يبعث على الفضائل ويحذر من مساوئ الأخلاق ويشجع على المكارم قال تعالى : ‘’ وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ‘’ العصر 3 .
- قبول النصح الهادف والنقد البناء ، فهذا مما يعين على إكتساب الأخلاق الفاضلة ، ومما يبعث على التخلي عن الأخلاق السيئة، فعلى من نõصح ان يتقبل النصح وان يأخذ به ، بل ينبغي له ان يطلبه ، فإصلاح النفس لا يتم بتجاهل عيوبها وإخفائها ، بل بالبحث عن العلاج لذلك.
وهناك العديد من الأسباب التي تساعد على اكتساب الأخلاق الحسنة لا مجال للتفصيل فيها مثل التسليم بالخطأ ، ولزوم الرفق والتواضع ، والصدق ، وتجنب كثرة اللوم والتعنيف على من أساء، وتجنب الوقيعة بين الناس ، وأهمها مصاحبة الأخيار من الناس وأهل الفضيلة ، وزيادة أهل الحلم والحكمة وغيرها الكثير ولمن أراد أن يكتسب الخلق الحسن فليروض نفسه على ذلك
المصدر: جريدة اللواء
نشرت فى 4 سبتمبر 2010
بواسطة ahmedkordy
أحمد السيد كردي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
30,877,232