المركزية واللامركزية في الإدارة
يتخذ التنظيم الإداري في الدولة الحديثة صورتين هما المركزية واللامركزية ، وهما مظهران يعكسان طبيعة النظم السياسية والاقتصادية . وعلى الرغم من تعارضهما النظري فإنهما متكاملان ، ولا يمكن تصور قيام اللامركزية إلا في كنف المركزية .
وفي الواقع أن استخدام المركزية أو اللامركزية يتوقف على عدة عوامل أهمها :
1- درجة الانتشار الجغرافي للوحدات والفروع التابعة للإدارة الرئيسية .
2- نوعية النشاط الذي يزاوله الجهاز الإداري .
3- نوعية الرؤساء واستعدادهم لتحمل مسؤوليات اتخاذ القرارات .
4- درجة التوسع في أعمال وأنشطة الجهاز الإداري .
5- الأنظمة والقوانين التي تعمل المنظمة في ظلها .
مفهوم المركزية و اللامركزية
أولاً - مفهوم المركزية :
تعني المركزية ( أسلوب إداري يؤدي إلى تجميع السلطات بيد عدد محدود من الأفراد في المنظمة ) . هذا معنى المركزية في المنظمة ، أما معناها على مستوى الإدارة العامة هو ( أسلوب من أساليب نشاط الدولة يؤدي إلى تجميع الأمور الإدارية بيد الوزير والعاملين معه مع عدم استقلال الوحدات الإدارية في مجال اتخاذ القرارات الإدارية منها بعيداً عن السلطة المركزية في الأقاليم ببعض النشاطات الإدارية حسب توجيهات الحكومة المركزية . )
بناءً على ذلك فإن الدولة ممثلة بجهازها الإداري في المركز وفروعه خارج المركز تقوم بمباشرة نشاطاتها وتقديم خدماتها إلى المواطنين كافة من دون استثناء في بقاع الدولة كافة ، عن طريق موظفيها الذين يتم تعيينهم من قبلها للقيام بمختلف أوجه النشاطات . وهم في ممارستهم لتلك الوظائف يخضعون لرقابة وتوجيه الجهة الأعلى في السلم الإداري . وينتج عن ذلك خضوع الجهاز الأدنى للجهاز الأعلى . وبذلك يمكن القول بأن المركزية الإدارية تقوم على ركنين أساسيين هما :
1- حصر سلطة التقرير والبت النهائي في السلطة المركزية . وفي ظل هذا النظام لا يوجد للوحدات المحلية كيان قانوني مستقل ، وحتى إذا وجدت فهي لا تتمتع بالشخصية المعنوية ، وتخضع سلطاتها وهيآتها خضوعاً شبه مطلق للسلطات المركزية .
2- تبعية الموظفين و تدرجهم إدارياً . بمعنى أن يتخذ الجهاز الإداري في الدولة صورة هرم متتابع الدرجات وأن يقوم بين تلك الدرجات نوع من التبعية ، يتمثل في الدرجات الدنيا في واجب الخضوع والطاعة . ويتمثل بالنسبة للدرجات العليا فيما يسمى بالسلطة الرئاسية .
مزايا المركزية:
1- له صورة رسمية متحدة
2- تسمح للشركة بتوسيع قاعدة البيانات الحاسوبية
3- سهولة التنسيق و توحيد السياسات و و الممارسات بين الإدارات المختلفة
4- تسمح للشركة بتوسيع قاعدة البيانات الحاسوبية
5- التشغيل الاقتصادي الأمثل للموارد المتاحة
6- تكوين فريق متعاون من متخذي القرارت على مستوى الإدارة العليا
7- عدم الازدواجية في القرارات
8- سهولة الرقابة و إجراءاتها
9- وسيلة للقيام بالمشروعات القومية الكبرى بكفاءة .
عيوب المركزية:
1- انخفاض الشعور بروح العمل لدى المستويات الإدارية المتوسطة و الدنيا
2- التغييرات تتم بشكل بطيء
3- عدم تكوين صف ثاني أو تنمية طبقة بديلة من متخذي القرارات
4- قد يغفل متخذ القرار في المستوى الأعلى عن بعض العوامل الهامة التي تعايشها المستويات الأقل فيزداد احتمال القرار الفاشل
5- تؤدي المركزية إلى نوع من الاتكالية و الاعتماد عند أعضاء المستويات الإدارية الأدنى فلا يتصرفون في أي موقف انتظارا للقرار من الإدارة العليا الأمر الذي يعطل الابتكار و يضيع الأفكار الجديدة ويؤدي إلى التأخر في الاستجابة
6- إهمالهم للعامل المحلي في تقديم الخدمات .
7- كثرة التعقيدات التي يتعرض لها المتعاملون مع الإدارة .
ثانياً مفهوم اللامركزية الإدارية :
بشكل عام يقصد باللامركزية الإدارية ( توزيع السلطات على أكبر عدد ممكن من الأفراد داخل التنظيم ) .
أما المقصود بها في مجال الإدارة العامة هو ( أسلوب في التنظيم يقوم على أساس توزيع السلطات والاختصاصات بين السلطة المركزية وهيئات أخرى مستقلة قانوناً ) ، واللامركزية بهذا المعنى قد تكون لامركزية سياسية أو لامركزية إدارية ، ونحن ما يهمنا هنا هو موضوع اللامركزية الإدارية والتي تقوم على توزيع الوظيفة الإدارية بين الجهاز الإداري المركزي وهيئات أخرى مستقلة على أساس إقليمي أو موضوعي .
وتقوم اللامركزية الإدارية على عناصر أهمها :
مزايا اللامركزية:
1- تزيد التواصل و التفاعل بين الموظفين و تزيد الابتكار و الإبداع و تعطي فهم أفضل للوحدات الفردية
2- تحرر الإدارة من الروتين
3- إضفاء الصفة الديمقراطية على العمل الإداري ذاته
4- تفرغ المديرين للقرارات الهامة و عدم انشغالهم بالمشكلات الفرعية .
5- سرعة اتخاذ القرارات و حل المشكلات
6- اتخاذ قرارات أفضل:لأن متخذ القرار إذا كان يعايش المشكلة فهو أقدر من المدير الذي لا يعرف تفاصيلها
7- توازن السلطات و المسؤوليات
8- رفع الروح المعنوية للمديرين والرؤساء في المستويات الإدارية المختلفة لشعورهم بالمشاركة الإيجابية .
9- مخاطر القرارات الضعيفة موزعة فهي تؤثر على إدارة واحدة أو قسم واحد بدلا من التأثير على المنظمة كلها أو عدد من الإدارات
عيوب اللامركزية:
1- قد يحدث تشتيت للهدف
2- الحاجة إلى العمالة المدربة
3- تناقض أو عدم تناسق القرارت المتخذة و ازدواج الخدمات التي تستلزمها الإدارات المختلفة و زيادة التكاليف
4- صعوبة الرقابة
5- خطورة النظرة الجزئية
3- تحديد درجة المركزية و اللامركزية
هناك مجموعة من العوامل التي تحدد درجة المركزية واللامركزية أهمها :
1- حجم المنظمة : كلما زاد حجم المنظمة مقاسا بعدد العمال زادت درجة تعقد عملية اتخاذ القرار التي تحتاج وقتها إلى وقت اطول و ذلك لأجل الدراسة و التحليل و و مما يزيد العبء على كاهل المدراء في المستويات العليا و عندها يصبح التفويض حاجة ملحة فزيادة حجم المنظمة يزيد اللامركزية
2-التداخل بين الأنشطة: كلما زادت درجة التداخل بين الأنشطة يكون الأفضل تطبيق المركزية في اتخاذ القرارات و ذلك لكي يمكن الحصول على جميع المعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات من مصدر واحد
3- شخصية العاملين : إن تمتع العاملين بمستوى عال من والمهارة يعد من الأسباب االتي تبرر اللامركزية و العكس صحيح
4- توافق الأهداف : كلما توافقت أهداف العاملين مع أهداف الإدارات و الأقسام المختلفة و مع الهدف العام للمنظمة كلما كان تطبيق اللامركزية ناجحا
5- مستوى صنع القرار : إن صنع القرار المناسب يتوقف على نوع النشاط ، فقرارات التمويل عادة ما يحتفظ بها المستوى الأعلى أي أنها مركزية ، بينما القرارات الروتينية تكون لامركزية.
4- أيهما أفضل: المركزية أم اللامركزية؟
للإجابة على هذا السؤال صعب للغاية ولكن يمكننا استعراض بعض الحالات التي يفضل بها تطبيق أحدهما على الآخر وهذه تتمثل بـالحالات التالية :
- بالنسبة للأقليات فإن النظام اللامركزي هو أفضل : لأنه يحافظ على هوية الأقليات و لغتهم وعاداتهم و تاريخهم أكثر من النظام المركزي.
- في البلدان التي يدفع فيها الشعب ضرائب باهظة يكون النظام اللامركزي هو الأفضل : لأنه يضمن للمواطن أن ضريبته المدفوعة ستعود بالنفع عليه.
- في الكثير من الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة و المملكة المتحدة يكون النظام اللامركزي هو المفضّل : لأنه يرتبط بسؤال (( ما هي أفضل طريقة لعمل الحكومة؟ )) و يكون الجواب (( أفضل طريقة لتعمل الحكومة بشكل فعال و إنتاجي و اقتصادي هو أن تعمل وفق مبادئ الأعمال )) ، و لتحقيق ذلك يجب اتباع اللامركزية.
- إن الإصلاح الإداري غالبا ما يرتبط بمفهوم اللامركزية ، و لذلك أصبح السعي نحو اللامركزية هو لغة عالمية.
- يجب على الدول النامية أن تعتمد على النظام المركزي في أوائل مرحلة سعيها نحو التنمية الاقتصادية و الاجتماعية الشاملة
- الدول المتقدمة الصناعية تعتمد سبيل اللامركزية الإدارية في تنظيماتها
- ارتبطت المركزية بالرأسمالية و البيروقراطية وارتبطت اللامركزية بالديمقراطية
- المنشآت صغيرة الحجم تميل إدارتها نحو النظام المركزي أما المنشآت كبيرة الحجم نجد فيها أن النظام اللامركزي هو الأولى بالاتباع تحقيقا لحرية الحركة و اقتناصا للفرص في دنيا الأعمال
- أنواع اللامركزية
· اللامركزية الإدارية:
تعني لامركزية الإدارة توزيع الوظائف الإدارية للدولة بين الحكومة المركزية و بين هيئات محلية أو مصلحية لها شخصية معنوية مستقلة و لكنها تعمل بإشراف و رقابة من الحكومة المركزية فالمركزية هي الأساس والأصل واللامركزية هي الفرع ، فإذا كانت المركزية هي تجميع كافة الصلاحيات في يد هيئة واحدة في جميع أنحاء الدولة فإن اللامركزية الإدارية هي نقل بعض الصلاحيات إلى هيئات مستقلة لتمارسها بالحدود التي يسمح بها القانون دون أن تفقد الهيئة المركزية رقابتها على الهيئات المستقلة المنشأة و دون أن تفقد الدولة ترابطها و وحدتها
· اللامركزية السياسية:
يتصل نظام اللامركزية السياسية بالتنظيم الدستوري للدولة و يقوم على حساب الوحدة التشريعية و التنفيذية و القضائية فيها و يتمثل هذا النظام بالولايات و المقاطعات و الأقاليم في الدول المتحدة اتحادا مركزيا أو الدول ذات النظام الفيدرالي . و يتناسب نظام اللامركزية السياسية في الدول الكبيرة الحجم ذات القوميات و الديانات و اللغات المتعددة و يؤكد الفقهاء أن الولاية في اللامركزية السياسية تسهم في إدارة الدولة و تقاسمها مظاهر السيادة بالرغم من أنها تفقد شخصيتها من الناحية الخارجية لمصلحة الدولة الاتحادية التي تحتفظ بتمثيل جميع الولايات أو المقاطعات لدى الدول المستقلة الأخرى .
- الخاتمة
وفي نهاية هذا البحث نريد التنويه إلى أن المركزية واللامركزية كلاهما لايعدان هدفاً بحد ذاته بل إنهما فلسفة وإدارة تنموية ووسيلة لإتخاذ القرارات، وتكمن الصعوبة في كيفية الاختيار بينهما وعدم القدرة على تغلب أحدهما على الآخر فكل منها يحقق مزايا لا تتوفر في الآخر.
وإن الواقع العملي يقول: إنه ليس هناك مركزية و لا مركزية مطلقة ولكن هناك مواءمة بين ما تحققه المركزية من الرقابة الفعّالة على سلامة العمل، وما تحققه اللامركزية من سهولة وتدفق وانطلاق في العمل.
فكل منهما له مزايا و له عيوب ايضا .. لكن كما ذكر المواءمة بينهما هي اجدى الاساليب حتى يظهر العمل في افضل صورة …
ولكن منذ إواخر القرن العشرين ازداد الاهتمام بمفهوم اللامركزية نتيجة للمتغيرات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية التي شهدها العالم.
وقد رأى بعض الباحثين ( حنوش) “لا يجب علينا أن نجري المقارنة بين المركزية من جهة و اللامركزية من جهة أخرى ، حيث أن هذين النقيضين لا وجود لهما أصلا ، ذلك أن ما يوجد في الواقع هو ميل نحو هذا الطرف أو ميل نحو ذاك و لكن على الطريق بين الاثنين. و إن الميل إلى أي منهما يرجع إلى الهيئة التي يمارس فيها النشاط الإداري مع ضرورة وجود سلطة مركزية مهمتها التنسيق العام لنواحي النشاط في المنظمة أو المنشأة”