مفهوم إدارة الجودة الشاملة في التعليم:
إن الجودة الشاملة اليوم قد حققت موقعا إستراتيجيا في منظمات الأعمال المختلفة, ورافق ذلك إختلاف المفاهيم والفلسفات الحديثة حولها, وتعتبر الجودة عملية بنائية تهدف الى تحسين المنتج النهائي, ولا يمكن اعتبارها عملية خيالية أو معقدة, حيث تستند على الإحساس العام للحكم على الأشياء, وعلى ضرورة تحسين ظروف العمل وبيئته الإدارية لكل العاملين داخل المؤسسة (أحمد, 2007م, ص: 17).
ومن الملاحظ اليوم في العالم بأسره زيادة عدد المؤسسات التربوية والتعليمية التي تهتم بتطبيق إدارة الجودة الشاملة في المدارس, وتطويعها لتطوير وتحسين عملية التعليم والتعلم داخل الصفوف الدراسية وخارجها.
1/1- مفهوم جودة التعليم:
من هذا المنطلق عرفت (رافدة الحريري, 2008م, ص: 14) إدارة الجودة الشاملة في التعليم بأنها: تحسين وتطوير الأساليب القيادية والإدارية, والعمل على إدخال التغييرات الملائمة والجديدة, وإشراك كل أعضاء المدرسة في إحداث ذلك التغيير وبشكل جماعي تعاوني, بحيث يكفل إجراء التحديث والتطوير المستمر, مع خلق روح المنافسة الشريفة بين المدارس للتصدي لتحديات العصر, والتطورات المتلاحقة, وبالتالي لتأهيل كل تلميذ بما يناسب قدراته ومهاراته وحاجاته, والعمل على نموه بشكل متكامل من جميع الجوانب العقلية, والنفسية, والإجتماعية, وذلك لمقابلة متطلبات المجتمع وسد حاجات سوق العمل.
وعرف الزواوي (2003م, ص: 34) الجودة الشاملة في التعليم بأنها: معايير عالمية للقياس والإعتراف, والإنتقال من ثقافة الحد الأدنى الى ثقافة الإتقان والتميز, وإعتبار المستقبل هدفا نسعى إليه, والإنتقال من تكريس الماضي والنظرة الماضية إلى المستقبل الذي تعيش فيه الأجيال التي تتعلم الأن.
وترى أحلام حبتر (1428هـ, ص: 620) أن مفهوم الجودة في التعليم يتعلق بكافة السمات والخواص التي تتعلق بالمجال التعليمي, والتي تظهر جودة النتائج المراد تحقيقها وهي ترجمة إحتياجات وتوقعات التلاميذ (المستفيدين من الخدمة), إلى خصائص محددة تكون أساسا في تعليمهم وتدريبهم, لتعميم الخدمة التعليمية التربوية وصياغتها في أهداف يمكن تحقيقها, لتقديمها للتلاميذ بما يوافق توقعاتهم.
أما إبراهيم (1428هـ, ص: 154) فقد عرف إدارة الجودة الشاملة في التعليم بأنها: أسلوب إداري حديث يعتمد على تحقيق توقعات الطلاب والأساتذة وحاجات المجتمع المحلي والعالمي, ومشاركة كل أفراد المؤسسة التعليمية في التحسين المستمر للعمليات والخدمات بإستخدام الأدوات العلمية, بهدف النجاح في المدى الطويل, وهي تمثل أهم الأهداف التي تسعى إليها المؤسسة من خلال المسؤولية التضامنية بين إدارة المؤسسة التعليمية, وأعضاء هيئة التدريس, والإداريين على إجراء التحسينات المستمرة لجميع الأنشطة والمستويات الإدارية المختلفة.
ومن خلال إستعراض التعريفات السابقة يمكن القول بأن إدارة الجودة الشاملة في التعليم تتضمن الأتي:
<!--التركيز على مشاركة جميع العاملين في المؤسسة التعليمية لتحقيق الجودة والتحسين المستمر.
<!--التركيز على الطلاب كمنتج نهائي, لأنهم المستفيد الأول من هذه الخدمة, والمؤسسة التعليمية تسعى لإعدادهم وتنميتهم ومراعاة جوانب نموهم.
<!--شمولية العمليات والأنشطة التي تطور وتغير ثقافة المؤسسة التعليمية, مع مراعاة جوانب التجديد والتطوير العالمية لمواكبتها والإستفادة منها.
<!--التقييم المستمر لعمل المؤسسة التعليمية في المدخلات والعمليات والمخرجات, على أساس التحسين والتطوير, وتحقيق إحتياجات سوق العمل في البيئة المحيطة.
من هنا يمكن تعريف الجودة الشاملة في التعليم بأنها: إتقان وتحسين الأداء في العمل التربوي والتعليمي بكل مقوماته, وفي جميع جوانبه المختلفة, وهي مهمة جميع المنتمين للمؤسسة التربوية التعليمية دون إستثناء, للوصول بعملية التربية والتعليم إلى أعلى درجات التميز في المدخلات والعمليات والمخرجات, وبالتالي يتم تحقيق الأهداف المنشودة وتحسين المنتج النهائي لهذه المؤسسة.
1/2- مفهوم جودة أداء المعلم:
يعتبر المعلم هو أحد المداخل الأساسية في أي عملية تعليمية، لما له من أثر بارز في تحقيق أهدافها والرقي بها الى أعلى درجات التميز, ولذا فإن الأمر يتطلب تحسين أداء المعلم بصورة مستمرة, وهذا الأمر يتطلب التحسين المستمر لجوانب تكوين المعلم وإعداده, وكذلك جوانب تدريبه أثناء الخدمة, وما كل ذلك إلا لأن المعلم الجيد شرط أساسي ومقوم ضروري لجودة التعليم وتحديثه, لمواكبة العصر وتحدياته واستشراف المستقبل وتوقعاته.
من هذا المنطلق عرف سعيد (1428هـ, ص: 474) جودة أداء المعلم بأنها إتقان الأداء العلمي والمهني للمعلم, من خلال تطوير أدائه العلمي وتمكنه من تخصصه ومتابعة الجديد والحديث فيه, وتطوير أدائه المهني بما يمكنه من بناء الأهداف التعليمية بمستوياتها المختلفة, والعمل على تحقيقها وقياسها, واستخدام طرق وأساليب التدريس الحديثة في بيئة الصف التعليمية, مع تطوير أساليب تقويم الطلاب المختلفة والعمل على تنويعها.
كما تعرف جودة أداء المعلم بأنها: جودة تأهيلها العلمي والمهني والثقافي, وتزويدها بثقافة الجودة الشاملة وايمانها بالفلسفة التي يتبناها المنهج القائمة على مفهوم الجودة, والتي تعني تميزها بالجودة النوعية في أدائها وشخصيتها ومعتقداتها وأساليبها في التعليم: التفاؤل والمرونة, التجديد, الدقة والموضوعية في العمل, الإهتمام بالتطوير, جودة طرائق التدريس, توظيف التقنيات الحديثة واستثمارها في التعليم بطريقة تتسم بالجودة. (عطيه, 2009م, ص: 139)
كما أن جودة أداء المعلم هي إتقان وتحسين أداء المعلم علميا, ومهنيا, وشخصيا, وإجتماعيا, وقيامه بمهام التربية والتعليم المنوطة به على أكمل وجه وفقا للمعايير الموضوعة, بهدف الوصول إلى تحقيق أهداف تربوية معينة, مع مراعاة تحقيق حاجات التلاميذ وتوقعاتهم, وبالتالي يحقق رضا التلاميذ والمسؤولين عن عملية التربية والتعليم.