إحتل موضوع المحاسبة عن رأس المال الفكري أهمية بالغة لدى كثير من المنظمات المهنية المحاسبية, فعلى سبيل المثال قامت لجنة معايير المحاسبة الدولية IASB بإصدار المعيار الدولي رقم 38 الخاص بالمحاسبة عن الأصول غير الملموسة.
وقام معهد المحاسبين الإداريين بكندا CIMA بإصدار عدة مقالات حول قياس وإدارة رأس المال الفكري والتقرير عنه.
كما قام المحاسبون المهنيون بلجنة الأعمال PAIB المنبثقة عن الإتحاد الدولي للمحاسبين IFAC بإصدار مقالة حول قياس المعرفة ضمن المقالات المتقدمة لنيل جائزة الإستحقاق عن أفضل مقالة قدمت في مجال المحاسبة المالية والإدارية لعام 2004م.
وتبرز أهمية المنظور الإستراتيجي للمحاسبة عن رأس المال الفكري لما يحققه من أهداف عديدة من أهمها تمكين المنشأة من استخدام أساليب المحاسبة عن رأس المال الفكري التي تحقق الأهداف الإستراتيجية لها, ودعم دور المحاسبة الإدارية في مجال قياس وإدارة الآداء الإستراتيجي للموارد المختلفة (فكرية ومادية ونقدية).
وقد أدى قيام وتطوير نظم المحاسبة التقليدية على أساس قياس الجانب المالي لرأس المال دون الفكري منه وعلى أساس إفتراض أن القيمة تتولد من خلال توظيف العمالة في الإنتاج وليس استخدام المعرفة إلى عجز تلك النظم عن توفير الأسس الملائمة للمحاسبة عن رأس المال الفكري من منظور استراتيجي.
وعلى الرغم من تناول الكثير من الدراسات لموضوع المحاسبة عن رأس المال الفكري, إلا أن الموضوع ما زال يمثل مجالا خصبا للبحث المحاسبي في ظل قصور الدراسات العربية والأجنبية النادرة المتاحة في البحث عن توفير إطار متكامل للمحاسبة عن رأس المال الفكري من منظور إستراتيجي يشمل: مفهوم ومكونات رأس المال الفكري في إطار البعد الإستراتيجي له, إطار للعلاقة بين أساليب المحاسبة عن رأس المال الفكري والأهداف الإستراتيجية الداخلية والخارجية للمشروع, دور أجيال المحاسبة عن رأس المال الفكري في قياس الآداء الإستراتيجي للموارد بشكل عام في تحقيق القيمة للمنظمة.
أولا: أهمية المحاسبة عن رأس المال الفكري من منظور استراتيجي.
يحقق المنظور الإستراتيجي للمحاسبة عن رأس المال الفكري العديد من الأهداف من أهمها:
- تمكين المنشأة من اختيار الطريقة أو الطرق المناسبة لقياس وتقييم رأس المال الفكري التي تحقق أهدافها الإستراتيجية داخلية وخارجية.
- تحقيق التوظيف الأمثل لموارد المشروع (تنظيمية ومادية وعلاقية وهيكلية ونقدية) بما يحقق أعلى قيمة مضافة للمنشأة.
- تقليل الفجوة التنافسية لقيمة رأس المال الفكري للمنشأة مع المنافسين.
- دعم دور المحاسبة الإدارية في مجال قياس وإدارة الأداء الإستراتيجي للموارد ليشمل جميع موارد المنشأة مالية وغير مالية, ملموسة وغير ملموسة وعلاقة الأطراف ذات المصلحة بالمنشأة بالأداء الإستراتيجي لموارد المشروع والعلاقة بين أداء عناصر رأس المال وقيمة المنشأة.
ثانيا: مفهوم ومكونات رأس المال الفكري.
إستخدام الباحثون عدة مصطلحات بالترادف مع رأس المال الفكري مثل الأصول غير الملموسة في الأدب المحاسبي والأصول المعرفية عند الإقتصاديين ورأس المال الفكري في أدبيات الإدارة والتنظيم وكلها يشير إلى نفس المعنى وهو المطالبه غير المادية بالمنافع المستقبلية.
كما إختلف الباحثون أيضا بشكل جوهري حول مفهوم ومكونات رأس المال الفكري, الأمر الذي يثير عدة تساؤلات حول مفهوم ومكونات رأس المال الفكري:
- ما هو المعنى الإصطلاحي لرأس المال الفكري ؟ وما الفرق بينه وبين المصطلحات الأخرى ؟
- ما مدى إمكانية التوفيق بين الآراء المختلفة حول مفهوم رأس المال الفكري للتوصل إلى تعريف محدد له يشمل الأجزاء المكونه له والدور الذي يؤديه بالنسبة للمنظمة ؟ وأبعاده المختلفه.
- ما هي مكونات رأس المال الفكري في إطار المفهوم المقترح له ؟
وتتضمن النقاط التالية الإجابه على التساؤلات السابقة:
(أ) المعنى الإصطلاحي لرأس المال الفكري والمصطلحات الأخرى:
تم استخلاص المعنى الإصطلاحي لكل من رأس المال الفكري والمصطلحات الأخرى التي استخدمت بالترادف معه وذلك بالرجوع إلى القواميس المتخصصة ومعيار المحاسبة الدولي رقم 38 الخاص بالأصول غير الملموسة كما يتضح من الشكل رقم (1)
(ب) مفهوم رأس المال الفكري:
تباينت آراء الباحثين بدرجة كبيرة حول مفهوم رأس المال الفكري, يتم استعراض أهم تلك الآراء بهدف التوصل إلى مفهوم رأس المال الفكري موضوع الدراسة على النحو التالي:
(1) أهم آراء الباحثين حول مفهوم رأس المال الفكري:
يرى Bontis أن رأس المال الفكري هو تجميع للموارد غير الملموسة وتدفقاتها.
بينما يرى Brooking أن رأس المال الفكري هو مجموعة الأصول غير الملموسة التي تجعل المنشأة قادرة على أداء وظيفتها.
كما عرفه Harris & Sullivan على أنه هو المعرفه التي يمكن تحويلها إلى ربح.
بينما يرى Stewart أن رأس المال الفكري هو مجموع كل من رأس المال البشري ممثلا في الموهبه ورأس المال الهيكلي ممثلا في الممتلكات الفكرية والمنهجيات والبرامج والمستندات وغيرها من المنتجات المعرفية ورأس مال العملاء ممثلا في العلاقات مع العملاء.
وقد أوضح Prusak أن رأس المال الفكري يشير إلى المواد الفكرية مثل المعرفة, المعلومات, الممتلكات الفكرية, الخبرة والتي يمكن استخدامها لإيجاد الثروة.
بينما يرى Sveiby أن مصطلح رأس المال الفكري يتعلق بثلاثة أنواع من الأصول غير الملموسة وهي: الهيكل الداخلي لرأس المال الفكري والهيكل الخارجي له والمهارة البشرية.
وأشار Marr إلى أن رأس المال الفكري هو مجموعة الأصول المعرفية التي يمكن تعزو إلى منشأة ما وتساهم بشكل فعال في تحسين قدرتها التنافسية بإضافة القيمة لأهم الأطراف ذات المصلحة بالمنشأة.
بينما عرفه معيار المحاسبة الدولي رقم 38 (أصول غير ملموسة) بأنه: أصل ذو طبيعة غير نقدية قابل للتحديد وليس له وجود مادي ويحتفظ به للإستخدام في الإنتاج أو لتوفير السلع أو الخدمات أو للتأجير للغير أو للأغراض الإدارية.
ويرى Kaplan &
Nortonبأن الأصول غير الملموسة (رأس المال الفكري) تتكون من رأس المال البشري مثل المهارات والمواهب والمعرفة ورأس مال المعلومات مثل قواعد البيانات ونظم المعلومات والبنية التحتية التكنولوجية ورأس المال التنظيمي مثل الثقافة وأسلوب القيادة والقدرة على المشاركة المعرفية.
وأخيرا عرفه معهد المحاسبين الإداريين بكندا (CIMA) على أنه هو امتلاك المعرفة والخبرة والمعرفة والخبرة والمعرفة المهنية والمهارة والعلاقات الجيدة الجيدة والقدرات التكنولوجية والتي طبقت ستمنح المنظمات القدرة التنافسية.
(2) إطار تحديد مفهوم رأس المال الفكري:
قام كلا من Marr & Mostaghfir بدراسة وتحليل أهم اثنين وعشرين تعريفا تعكس وجهات النظر المختلفة حول مفهوم رأس المال الفكري وانتهت إلى ما يلي:
أ- صعوبه وضع تعريف محدد لرأس المال الفكري يحقق التوافق بين تلك الآراء في ظل التباين الواضح بين آراء الباحثين حول مكونات رأس المال الفكري ودوره بالنسبه للمنظمة وأبعاده المختلفه.
ب- وضع إطار استرشادي لتحديد مفهوم رأس المال الفكري يشتمل على ثلاثة عناصر أساسية هي: مكونات رأس المال الفكري, دوره بالنسبه للمنظمة, أبعاده المختلفة (محاسبية- اقتصادية- استراتيجية...... وما إلى ذلك).
فبالنسبة لمكونات رأس المال الفكري فإنه يمكن أن يسترشد بالعناصر التالية عند تحديد مكونات رأس المال الفكري المناسبة لشركة ما أو منظمة وهي:
- مهارات العاملين وحق المعرفة.
- صورة المنظمة وسمعتها.
- البنية التحتية التكنولوجية (قواعد بيانات, نظم معلومات...... وما إلى ذلك).
- حقوق الملكية الفكرية الفكرية (براءات الإختراع, العلامات التجارية).
- الممارسات والإجراءات الروتينية.
أما بالنسبة لدور رأس المال الفكري بالنسبة للمنظمة فإن أي تعريف لرأس المال الفكري لا بد وأن يوضح دوره بالنسبه للمنظمة والذي يمكن أن يندرج تحت واحد أو أكثر من الأنواع التالية لدور رأس المال الفكري بالنسبة للمنظمة.
- إدارة الإستراتيجية: وتشمل دور رأس المال الفكري في صياغة الإستراتيجية, وتنفيذ الإستراتيجية, وتنويع وتوسيع الإستراتيجيات.
- السلوك التأثيري: وتشمل دور رأس المال الفكري في توجيه العاملين فكريا نحو سلوك التقدم للأمام والحصول على مكافآت.
- الإفصاح: ويشمل دور رأس المال الفكري في التوصيل الداخلي والخارجي والقياس المرجعي والتوافق مع التنظيمات المختلفة.
وأخيرا فإن أي تعريف لرأس المال الفكري لا بد وأن يعكس بعدا من الأبعاد المختلفة لتطبيقه والتي يمكن أن تشمل: الإقتصاديات, إدارة الإستراتيجية, التمويل, المحاسبة, التقرير والإفصاح, الموارد البشرية, التسويق والتوصيل.
(3) مفهوم رأس المال الفكري موضوع الدراسة:
بإعتبار أن الدراسة تركز على البعد الإستراتيجي للمحاسبة عن رأس المال الفكري في إطار البعد الإستراتيجي له يشمل العناصر الإستراتيجية لكل من الموارد البشرية (رأس المال البشري) ومودرد العلاقات (رأس مال العلاقات) والموارد التنظيمية (رأس المال التنظيمي) والتي تحقق صياغة الإستراتيجية وتحديد مسببات القيمة للمنظمة.
(ج) مكونات رأس المال الفكري:
يتكون رأس المال الفكري- في إطار المفهوم المقترح له- من ثلاثة عناصر أساسية:
(1) رأس المال البشري: ويتضمن المهارات وحق المعرفة وخبرة وكفاءات الأفراد داخل المنظمة.
(2) رأس مال العلاقات: ويعبر عن طبيعة العلاقات مع الأفراد ذوي الصلة بالمنشأة خارج المنظمة مثل العلاقات الجيدة مع الموردين والعملاء.
(3) رأس المال التنظيمي: ويتضمن الإجراءات والممارسات التنظيمية المختلفة, والممتلكات الفكرية مثل العلامات التجارية وبراءات الإختراع.
ثالثا: إطار المدخل الإستراتيجي للمحاسبة عن رأس المال الفكري.
يتضمن المدخل الإستراتيجي للمحاسبة عن رأس المال الفكري بعدين أساسيين هما: إستخدام أساليب المحاسبة عن رأس المال الفكري التي تحقق الأهداف الإستراتيجية للمشروع داخلية وخارجية, إستخدام أجيال المحاسبة عن رأس المال الفكري في قياس سلوك الموارد المختلفة (فكرية ومادية ونقدية) نحو تحقيق القيمة.
(أ) أساليب المحاسبة عن رأس المال الفكري:
يرى Andriessen أنه طبقا لمفهوم القيمة وهو الفائدة أو النفع والمرغوبية فإن تحديد طبيعة أسلوب ما بين القياس والتقييم يتطلب تحديد موضوع القياس والتقييم (رأس المال الفكري), معايير تصنيف الأساليب المختلفة بين القياس والتقييم, إطار القياس والتقييم وفقا لمعايير التصنيف.
وتتضمن معايير تصنيف أساليب المحاسبة عن رأس المال الفكري أربعة معايير ينطبق إحداها على أي أسلوب من تلك الأساليب:
أ- إمكانية التعبير عن قيمة رأس المال الفكري في شكل نقدي, ويطلق على الأساليب التي ينطبق عليها المعيار النقدي أساليب أو مداخل التقييم المالي لرأس المال الفكري.
ب- إمكانية استخدام المعيار غير النقدي لقيمة رأس المال الفكري والتعبير عنه كميا, حيث يطلق على الأساليب التي ينطبق عليها المعيار الكمي أساليب أو مداخل قياس قيمة رأس المال الفكري.
ج- استخدام الحكم الشخصي للقائم بالتقييم في حالة عدم إمكان استخدام المعيار الكمي, ويطلق على الإساليب التي ينطبق عليها معيار الحكم الشخصى أساليب أو مداخل تقدير قيمة راس المال الفكري.
د- استخدام نطاق قياسي لعناصر رأس المال الفكري في حالة عدم إمكان تطبيق أي من المعايير الثلاث السابقة, حيث يطلق على الأساليب التي ينطبق عليها المعيار المذكور أساليب أو مداخل قياس رأس المال الفكري.
المراجع
1. توفيق عبد المحسن الخيال, أهمية المحاسبة عن رأس المال الفكري وتحديد آثارها على جدوى المعلومات المحاسبية, مجلة كلية التجارة للبحوث العلمية, جامعة الإسكندرية, العدد الأول, المجلد الثاني والأربعين, مارس 2005م.
1- Angell, Reasonin Practical Reasoning g and Logic, Meredith Publishing Company, New York,1964.
2- Bitner, & Betty, Logical and Critical thinking Abilities of sixth Achievement, Journal of Research in Seines Teaching, Vol: 25, No: 4, 1988.