المحسوبية.

وهو نمط سلوكى ينطلق من دوافع أو إقليمية أو طائفية تقوم على التمييز بين المواطنين وبين المناطق أو بين شرائح المجتمع وفئاته, وتؤدى إلى تفريق الصفوف وشق الوحدة الوطنية, وغرس العداء فى النفوس وتأليب المواطنين بعضهم على بعض , وإضعاف ثقتهم بنزاهة الإدارة وعدالتها. ([1])  

من أخطر الجرائم فى المجتمع: جريمة المحسوبية والنفاق والرياء ومن صورها إنفاق جزء كبير من المال العام (من مال الوزارات والمصالح والهيئات العامة والمؤسسات وشركات قطاع الأعمال الخاص..) فى المجاملات الشخصية لوزير أو مدير أو رئيس مصلحة أو مدير، والغاية الأساسية من ذلك هو التقرب وكسب الرضا وتحقيق مآرب شخصية ليست معتبرة شرعاً ، والدليل على ذلك عندما يترك من جُومل وظيفته أو منصبه يُهَمْلْ. ([2])

وأن من الأسباب التى تؤدى إلى انخفاض مستوى الكفاءة فى الإدارة الحكومية هى أن كثير من القرارات الإدارية, أو الإجراءات تقوم على الواسطة, والتى تعتبر بمثابة اعتداء وهضم لحقوق الآخرين, فالواسطة تخل بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين فى الحصول على الخدمات الحكومية , فهى تعد بحق انحراف فى السلطة توجب المساءلة والعقاب.

أسباب الواسطة والمحسوبية:

1- تحقيق المصالح المتبادلة ولعمل المعروف حيث أن الأطراف الثلاثة في موقف السلطة: طالب المعروف، ومسوغه (المتوسط لديه) والوسيط له يحصلون جميعا على فائدة ما وإن كان مسوغ المعروف يبقى أكثرهم جنيا للربح أو الفائدة من هذا الموقف، فهو الذي يتمتع بالنفوذ والجاه الأمر الذي يمكنه من صنع المعروف، ويبقي له دين اجتماعي لدى المتوسط فقد يحتاجه لنفسه أو أحد أقاربه في المستقبل. أما المتوسط له فإنه يحصل على السمعة الطيبة والاحترام والوجاهة من الجماعة الأولية التي ينتمي إليها ومن أصدقائه مما يعزز مكانته بينهم

2- تأثير القيم الاجتماعية السائدة (مثل الولاء العائلي أو العشائري) وإعادة إنتاجها دون استجابة للمتغيرات الحديثة.

3- انتشار الفقر والظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها بعض الدول العربية والتي تؤدي إلى شح المصادر اللازمة لخلق فرص عمل، أو لأداء الخدمات الموكلة للدولة.

4- ارتفاع معدلات الخصوبة التي ترفع معدلات الإعالة وتضيف أعباء على الدولة في توفير خدمات أساسية للمواطنين.

5- عجز المؤسسات الحكومية عن تقديم الخدمات المناطة بها بسبب البيروقراطية والترهل الوظيفي وقلة الكفاءة مما يدفع المواطنين إلى البحث عن واسطة لتسهيل الحصول على بعض الخدمات.

6- انتشار البطالة خاصة بين الشباب، فالعالم العربي من المناطق "الفتية" في العالم الذي يزداد فيه عدد الباحثين عن عمل سنويا باطراد مستمر.

7- تكاسل بعض الموظفين من رؤساء ومرؤوسين وإهمالهم وتقصيرهم في أداء المهام الوظيفية الموكلة لهم.

8- غياب الأنظمة والتعليمات الواضحة للجمهور وعدم وعيهم بها وعدم وجود جهات موثوقة يمكنهم اللجوء إليها لتقديم شكاوى في حالة عدم تقيد الموظفين بهذه الأنظمة والإجراءات

9- غياب الثقة بنزاهة القضاء، بالإضافة إلى تعقيدات وتكلفة التقاضي وعدم الثقة بأجهزة الضبط الاجتماعي.

والتكييف الشرعى للمجاملات الشخصية من المال العام التحريم لأنها تدخل فى نطاق النفاق، والإسراف والتبذير، وعدم الإلتزام بالأولويات الإسلامية فى إنفاق المال العام، ولاسيما فى حالة الدول الفقيرة المدينة التى يويجد لديها نقص واضح وجلى فى توفير الضروريات والحاجيات لعموم الناس. وعقوبة جريمة المحسوبية فى الشريعة الإسلامية، التعزير حسب ما يراه القاضى وتصويب وإصلاح ما سببته هذه الجريمة من خلل وفساد وظلم ، كما يجب رد الحقوق المغتصبة إلى المجتمع. ([3])

آثار الواسطة والمحسوبية:

1- يعاني الفقراء والمهمشين وأحيانا الأقليات من عدم القدرة على الوصول لخدمات عن طريق الواسطة والمحسوبية والتي تعمل لصالح الأغنياء والأقوياء، مما يعني أنهم يدورون في حلقة مفرغة من الحرمان ويصعب عليهم الخروج من حالة الفقر والبطالة والمعاناة. تعزز المحسوبية والواسطة والشللية من حالات التهميش والفقر في المجتمع وحاربتها هي إحدى الوسائل للتصدي لمشكلات الفقر واللاتنمية.

2- ضياع حقوق الموهوبين من أفراد المجتمع الذي هو بواقع الأمر بحاجة لهم للتطوير والتنمية. ويتفق الخبراء على أن هذه المظاهر لها أثار سلبية على التنمية، وهي ظاهره غير صحية تؤدي إلى تفشي الفساد، ويخلق روح الانتهازية لأصحاب النفوذ والحظوظ، كما تخلق روح الحقد والكراهية والسلبية لدى الفئة التي لا تملك هذه المميزة.

3- فقدان الثقة في النظام الاجتماعي السياسي، وبالتالي فقدان شعور المواطنة والانتماء القائم على علاقة تعاقدية بين الفرد والدولة فيها مسؤوليات وواجبات وينتج عنها حقوق.

4- هجرة العقول العربية والكفاءات والتي تفقد الأمل في الحصول على موقع يتلاءم مع قدراتها، مما يدفعها للبحث عن فرص عمل ونجاح في الخارج. يساهم إفراغ الدول العربية من العقول الواعدة لصالح العلاقات العائلية والعشائرية في استمرار تخلف الدول العربية عن ركب الحضارة والتقدم.

5- تركز ثروات البلاد في أيدي فئة محددة مما يزيد من الفقر ويساهم في هروب الاستثمارات الوطنية.

يختلف أثر الواسطة على القرارات الإدارية حسب نوع الواسطة المقدمة، فعلى سبيل المثال يختلف أثر الواسطة في التعيين في المناصب بجميع فئاتها حسب المنصب وأهميته، فإن كان متعلقًا بولاية القضاء فولاياته باطلة فلا يصير القاضي قاضيًا، وأما ما عداها فمن كانت في منزلتها وأهميتها كالمستشارين والمحققين فيما يتعلق بأمور الناس من حقوق ودماء وسائر الوظائف التي يترتب عليها أضرارًا جسيمة تؤثر في الأمة فينبغي أن تلحق بها فتكون ولاية من تولاها بالواسطة باطلة, وأما ما سوى ذلك من الوظائف مما ليس له ذلك الأثر فإن التولية لا تحل بالواسطة أبدًا ويأثم صاحبها، والتولية صحيحة.

عقوبة  الواسطة:

نص المشرع في قانون العقوبات على أن "كل موظف عمومي قام بعمل من أعمال وظيفته أو امتنع عن عمل من أعمال وظيفته أو أخل بواجباتها نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائتي جنية ولا تزيد عن خمسمائة جنية". فقد حدد المشرع عقوبة هذه الجريمة بالسجن كعقوبة أصلية، وبالغرامة التي لا تقل عن مائتي جنية ولا تزيد على خمسمائة جنية، وتوقع هذه العقوبة على الموظف باعتباره الفاعل، وتوقع على من صدر عنه الرجاء أو الوساطة أو التوصية باعتباره شريك. ([4])

 


([1]) الفساد الإقتصادي والإصلاح الإسلامى, ص 43, حسين شحاتة, مرجع سبق ذكره.

([2]) الفساد الإقتصادي والإصلاح الإسلامى, ص 43, حسين شحاتة, مرجع سبق ذكره.

([3]) الفساد الإقتصادي والإصلاح الإسلامى, ص 43, حسين شحاتة, مرجع سبق ذكره.

([4]) البُنى القانونية والمؤسسية لمكافحة الفساد في جمهورية مصر العربية, ص 6, علي الصاوي, مرجع سبق ذكره.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 3777 مشاهدة
نشرت فى 27 سبتمبر 2014 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,754,483

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters