يعد إستخدام مفهوم الثقافة التنظيمية, من الموضوعات الحديثة التي إستخدمها المفكرون والمحللون, لشرح وتفسير أنماط السلوك التنظيمي ومدى الإستقرار في سلوك الجماعات وسلوك المنظمة ككل، حيث يتعرض الكثير من الكتاب والباحثين للثقافة التنظيمية بالعديد من التعاريف والمصطلحات على إختلاف صيغها, نشير إلى البعض منها كما يلي:
تتصف الثقافة: بأنها عملية إنسانية، وإكتسابية، ومتغيرة، ومتطورة، وأن لها دوراً كبيراً في تحديد نمط الحياة للفرد, فهي تفاعلية مع حركة الحياة، وتعتبر الثقافة متوارثة, أي أنها عملية قابلة للإنتقال من جيل إلى جيل، بالإضافة إلى أنها تنبئية.[1]
تم تعريف الثقافة التنظيمية: على أنها مجموعة من المفاهيم المشتركة, للكيفية التي يفكر ويتصرف بها العاملون.[2]
وقد أوضح هذا التعريف أن هذه المفاهيم تتأثر وتؤثر في العديد من الجوانب والقضايا داخل وخارج المنظمة, بما في ذلك الهيكلة وتوقعات الأدوار وصفات الوظيفة, ومن الذي يقوم بصنع القرار في مختلف المواقف. كما أوضح أيضا كيفية التفكير والتصرف حيال الموظفين المساعدين والمراقبين والمعايير والممارسات الصناعية. وذكر أن هذه المفاهيم تتأثر بالظروف المادية مثل: تصميم المكتب, وطريقة عرض الرسائل والملفات.
كما تم تعريفها بأنها: مجموعة المعتقدات والقيم والطقوس والقصص والأساطير واللغة المشتركة (الثابتة), والتي من شانها خلق شعور إجتماعي بين أعضاء المنظمة.[3]
وهذا التعريف يوضح أنه رغم أن هذه الثقافة تقوم أساسا على مجموعة من العوامل غير المرئية والمسلم بها, إلا أنها تملك تأثيراً كبيرا على السلوك.
وعرفت أيضا بأنها: الأنماط الإدارية, أو هي الطريقة التي يقوم بها الأفراد أو المنظمات بإنجاز أعمالهم, وقد تسمى أيدلوجيات سائدة في المنظمة.[4]
كما أن المقصود بالثقافة التنظيمية هي: الثقافة في إطار العمل وأسسه التنظيمية.[5]
ويقصد بالثقافة التنظيمية: نمط المعتقدات والمزاعم والأفكار والفلسفات والأيدلوجيات, التي قامت مجموعة ما بإختراعها وتبنيها والإتفاق والإجماع بشأنها, سواء كان إجماع غير رسمي, من خلال القواعد والسلوكيات الغير مكتوبة, وهو ما يعرف بالعرف السائد في بيئة عمل ما، وبذلك تكون الثقافة التنظيمية يمكن تبنيها ونقلها وتوارثها من جيل إلى جيل جديد.[6]
ويضيف البعض مفهوما للثقافة التنظيمية بأنها: مجموعة من المزايا التي تميز المنظمة عن باقي المنظمات الأخرى, ولهذه المزايا صفة الإستمرارية النسبية, ولها أثر كبير على سلوك الأفراد في منظمة ما.[7]
ويذكر آخر أن الثقافة التنظيمية: هي تعني مجموعة من المعتقدات مشتركة بين أعضاء الإدارة العليا بالمنظمة, تعني كيفية إدارة أنفسهم وإدارة الموارد البشرية في المنظمة, وكيف يسيرون أعمال منظمتهم، هذه المعتقدات غير محسوسة للإدارة العليا, ولكن لها تأثير على أفكارهم وأفعالهم.[8]
ويعرفها بعض الكتاب بأنها: الفلسفات والإيديولوجيات والقيم والمفاهيم والمعتقدات المشتركة, وكذلك الطموحات والآمال والإتجاهات والمعايير التي تربط الجماعة، وكل هذه الخصائص النفسية المتشابكة توضح مدى التوافق والإتفاق والإتساق الإجتماعي, سواء كان ضمنيا أو كان واضحا وظاهرا، وتتضمن أيضا كيفية التعامل مع القرارات وكيفية التعامل مع المشكلات، وتشمل كذلك الطبيعة البشرية والمعايير السلوكية, حيث أنها قواعد غير مكتوبة تصف السلوكيات والإتجاهات التي يضغط بها الأفراد أو الجماعات على أفراد وجماعات أخرى, حتى يتبعوا هذه المعايير, وهي قواعد يتوارثها الأجيال من خلال القصص والحكايات والخبرة والطقوس, التي تتبعها الشركات والمؤسسات.[9]
وذكر البعض أن العديد من التعريفات تعبر عن فكرة رئيسة هي أن ثقافة المنظمة تشير إلى: معنى مشترك، وهو أن كل منظمة تمتلك مجموعة من المعتقدات والرموز والطقوس والأساطير، نشأت بمرور الزمن، وهذه خلقت بدورها فهما مشتركا لدى أعضاء المنظمة حول الأشياء والأهداف وكيفية التصرف إزاءها. وهذا المعنى المشترك للثقافة يجعل الأفراد ذوي الخلفيات الثقافية المتباينة أو المستويات المختلفة للمنظمة القيام بوصف ثقافة المنظمة بأطر وصيغ متماثلة، والثقافة السائدة تعبر عن القيم المركزية التي يشترك فيها غالبية أعضاء المنظمة، وعندما نتحدث عن ثقافة المنظمة إنما نشير إلى الثقافة فيها، لكونها تعكس السمة الخاصة بها.[10]
ويضيف بعض الباحثين بأنه ينطوي تحت مفهوم الثقافة التنظيمية العديد من المصطلحات مثل: الأخلاقيات والنواحي المادية والقيم والنماذج الإجتماعية والتكنولوجيا، وبالتالي فهي تمثل مجموعة من المزايا التي تميز المنظمة عن باقي المنظمات الأخرى، وتكتسب هذه المزايا صفة الإستمرارية النسبية، وتمارس تأثيرا كبيرا على سلوك الأفراد في المنظمات، وتركز على إيجاد قيم وأهداف مشتركة بين العاملين، ولذلك تعد ركنا أساسيا في المنظمات المعاصرة، إضافة إلى أنها تلعب دورا بارزا في التأثير على التنمية الإدارية، حيث تتأثر عمليات التنمية الإدارية بالمستوى الثقافي السائد في المجتمع سلبا أو إيجابا.
الأمر الذي جعلها تفرض على القادة والمديرين الإهتمام بها في محاولة للوصول إلى فهم أبعادها وعناصرها، فالثقافة التنظيمية نتاج ما إكتسبه العاملون والمديرون من أنماط سلوكية وطرق تفكير وقيم وعادات وإتجاهات ومهارات تقنية, قبل إنضمامهم للمنظمة التي يعملون فيها، ثم تضفي المنظمة على ذلك النسق الثقافي لمنسوبيها من خصائصها وإهتماماتها وسياستها وأهدافها وقيمها بما يحدد شخصية المنظمة، ويميزها عن المنظمات الأخرى.[11]
وأخيرا، يمكن إستخلاص مفهوم متكامل لثقافة المنظمة مؤداه: أنه نظام ذو معنى مشترك، يقيمه أعضاء التنظيم بهدف تمييز منظمتهم عن غيرها. وهذا النظام نسيجه مجموعة من القيم، والمعتقدات، والرموز، والمعايير، والسلوك، واللغة المشتركة، والتعلم، والمعرفة، ومدى تمييز درجه الإحتكاك بالبيئة المحيطة، وله مجموعة من الخصائص، تنظر إليها المنظمة بعين الإعتبار، وتقيمها من آن إلى آخر، لتندمج مع متغيرات البيئة الخارجية.
[1] - هدى جواد محمد بدر, واقع الثقافة التنظيمية وإنعكاساتها في فاعلية بلديات محافظتي الخليل وبيت لحم, مرجع سابق, ص: 20.
[2] - Khalifa N. Al-khalifa, Elaine Aspinwall, Using the Competing Values Framework to identify the ideal culture profile for TQM, a UK perspective. IJMTM 2(1-7), 2000.
[3] - Kreitner R. Organizing managing Human Resources and communicated, Houghton Mifflin- Boston new York, 2001.
[4] - أكتم عبد المجيد الصرايرة، العلاقة بين الثقافة التنظيمية والإبداع الإداري في شركتي البوتاس والفوسفات المساهمتين العامتين الأردنية دراسة مسحية، مرجع سابق, ص: 190.
[5] - Kretiner, Robert And . Kinicki, Angelo . Organizational Behavior. New yourk. BPI\IRWIN , 2003.
[6] - KAO , john., The Enterepreneurial Organization, Prentice-Hall International, INC, 2005.
[7] - محمود سليمان العميان، السلوك التنظيمي في منظمات الأعمال، مرجع سابق, ص: 311.
[8] - أحمد سيد مصطفى، إدارة البشر: الأصول والمهارات، الناشر: المؤلف, القاهرة, مصر, 2002م, ص:155.
[9] - French Wendell L And . Bell.JR . Cecil H And. Zawaki. Robert A. Organization Development And Trancformation. San Francisco, Irwin McGaw – Hill. 2005.
[10] - زكريا الدوري، الإدارة الإستراتيجية: مفاهيم وعمليات وحالات دراسية، دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع،عمان، 2005م, ص: 129.
[11] - عبد العزيز حسن آل حسن، الثقافة التنظيمية وعلاقتها بفعالية التطوير التنظيمي:(دراسة تطبيقية على الإدارة العامة للمجاهدين بالمملكة العربية السعودية)، مرجع سابق, ص: 41.