مقومات واستراتيجيات التحول الناجح للحكومة الإلكترونية

تهدف الحكومة الإلكترونية إلي إحداث تحول في طريقة تفاعل الحكومة مع المواطنين والأعمال. ويتطلب ذلك، كما سبق عرضه في إطار النموذج الخاص بها، ضرورة إعداد استراتيجية متماسكة تبدأ بدراسة تنمية الإدارة الحكومية وترشيد مواردها وتهيئة بيئتها القانونية والاقتصادية والنظام الاجتماعي لها، وتعزيز قدرات المواطنين علي استخدام المعلوماتية والتكنولوجيا المتطورة والانتفاع منها. ويتطلب نجاح الحكومة الإلكترونية قدرا كبيرا من التغيير في أساليب عمل الحكومة وفي نظرة المواطنين إلي الأساليب والطرق التي تتبعها الحكومة في تقديم العون والدعم لهم. ويلاحظ أنه لا توجد استراتيجية واحدة تصلح لكل الحالات والظروف، حيث ينبغي أن تكون الاستراتيجية مفصلة علي أساس احتياجات واهتمامات المواطنين المتلقين للخدمة والظروف والأحوال التي يعيشون فيها. ويمكن تحقيق الكفاءة والفعالية المنشودة من خلال تطوير نموذج للحكومة الإلكترونية يرتكز علي حاجات ومتطلبات المواطنين ومنشآت الأعمال المتعاملة معها. ويوضح العرض التالي كل من مقومات التحول الناجح للحكومة الإلكترونية، والاستراتيجيات المشكلة لها، والتقييم الاستراتيجي للحكومة الإلكترونية:

7/1 مقومات التحول الناجح للحكومة الإلكترونية (1) إصلاح العملية الإدارية:

ليست الحكومة الإلكترونية مجرد عملية آلية العمليات أو معالجة التصرفات والأفعال القائمة في الأعمال الحكومية بالمصالح والأجهزة المختصة، بل تختص الحكومة الإلكترونية بتكوين عمليات وعلاقات جديدة بين الحكومة والمواطنين والأعمال.كما أن استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ليست مجرد أداة لتحقيق عوائد وتوفير التكلفة المترتبة علي تشغيل وتعيين القوى العاملة أو في استثمار الوقت، كما أنه لا يتحقق بقيام العاملين بإعداد السجلات والوثائق الإلكترونية، بل إن الحكومة الإلكترونية تعتبر من الحلول الجوهرية لو استحسن استخدامها بشكل صحيح، علي إصلاح العمليات والإجراءات القائمة التي تقوم بأدائها. لذلك يجب عند تطوير الحكومة الإلكترونية البدء في التخطيط السليم لمشروعاتها ودراسة المجال الذي تطبق فيه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي يجب أن توظف لتكوين عمليات جديدة تتسم بالشفافية في حل المشكلات. وتمثل الشفافية أسلوبا جديدا للتعامل في حل المشكلات التي تواجه مسار إمداد المعلومات والخدمات الحكومية لجمهور المستفيدين. وعلي ذلك، فإن إصلاح العمليات الإدارية يمثل الخطوة الأولي في إطار عملية التحول الناجح نحو إقامة الحكومة الإلكترونية. وعلي الرغم من إصلاح العمليات يعتبر أساسا مرغوبا ومتطلبا، إلا أنه من المهم تكوين أو خلق عمليات وإجراءات جديدة تؤدي إلي إحداث تغييرات جذرية في أساليب وطرق العمل الإداري وخاصة في علاقاتها بالمواطنين ومنشآت الأعمال(Tsekos, Theodore and Peristeras, Vassilis, April 2003).

(2) القيادة الإدارية:

حتى يمكن تحقيق عملية التحول للحكومة الإلكترونية بنجاح، يصبح من الضروري توافر عددا من القوى العاملة القادرة علي التعامل والتكيف مع التكنولوجيا المتقدمة والتي سبق استعراض مجموعات المهارات اللازمة لها. وبدون هذه الكفاءات المؤهلة للتعامل مع متطلبات الحكومة الإلكترونية، يصعب بل ويستحيل تحقيق أهداف إقامة مشروعات الحكومة الإلكترونية حتى لو توافرت الإمكانيات والموارد المادية والمعنوية. لذلك فإن الحكومة الإلكترونية تتطلب قيادة سياسية وإدارية قوية تلتزم علنا بدعم الجهود التي تؤدي للتحول نحو الحكومة الإلكترونية من خلال توفير الوقت والجهد والمال والموارد والمناخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي الذي يسهم في إطلاق قدرات القوي العاملة الإبداعية والخلاقة.

(3) وضوح الاستراتيجية:

التحول نحو حكومة إلكترونية فعالة وكفء وناجحة يتطلب وجود رؤية ورسالة واضحة المعالم وأوليات محددة ودقيقة في ضوء معايير ومواصفات واضحة المعالم تتمشى وتتطابق مع التطورات الحديثة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ويتطلب الاستثمار الاستراتيجي توافر خطط استثمار واضحة وأهداف محددة ترتبط بالموارد البشرية والمادية المتاحة في الوقت المحدد لها. وعلي ذلك تختار مشروعات الحكومة الإلكترونية علي أساس تحقيقها أقصى عائد ممكن يختص بعائد الاستثمار أو الاستغلال الأمثل للموارد البشرية والمادية. من هذا المنطلق، تنبثق ضرورة توافر معايير كيفية وكمية لقياس الإنتاجية والأداء الجيد المقبول.

(4) التعاون مع المجتمع:

حيث أن الحكومة الإلكترونية تقام في الأساس لخدمة المواطنين ومنشآت الأعمال وغبرها من منظمات المجتمع ووحداته، لذلك يجب التعاون معها ومشاركتها في بناء وإرساء علاقات متبادلة وتحالفات تعود بالنفع علي المجتمع ككل. ولا يقتصر التعاون علي العلاقة مع المواطنين ومنشآت الأعمال ومنظمات المجتمع فحسب، وإنما بشمل أيضا علاقة المصلحة الحكومية بإداراتها ووحداتها وتنظيماتها المتعددة وعلاقة كل ذلك بمصالح والأجهزة الحكومية الأخرى علي كافة المستويات المركزية والمحلية. كما يجب أن تتعاون منشآت القطاع الخاص مع الحكومة الإلكترونية بحيث لا يقتصر هذا التعاون علي المعاملات الإلكترونية فحسب، بل يجب أن يتضمن أيضا تبادل الرؤى والأفكار والاستثمارات.

(5) المشاركة المدنية:

المشاركة والتضمين المدني في أعمال الحكومة الإلكترونية يعتبر عاملا مهما وضروريا لتأكيد فعاليتها ونجاحها، حيث تتجه نحو تحسين مقدرات المجتمع وفعاليته الحياتية. لذلك يجب مشاركة المواطنين ومؤسسات المجتمع المدنية من نقابات وجمعيات غير حكومية في اتخاذ القرارات الخاصة بالحكومة الإلكترونية من خلال التشاور والمشاركة الإيجابية للتعرف علي وجهات النظر والآراء المختلفة نحو مشروعات الحكومة الإلكترونية.

7/2 الاستراتيجيات المشكلة للحكومة الإلكترونية

يمكن تحديد سبع استراتيجيات أساسية ترشد وتوجه الأداء في جهود إقامة الحكومة الإلكترونية بطريقة مقبولة. وتتمثل هذه الاستراتيجيات في التالي:

(1) سد الفجوة بين المهارات المطلوبة والمتاحة:

تحتاج الحكومة الإلكترونية إلي مهارات إدارية وتواصلية وتكنولوجية وتنظيمية وتسويقية واقتصادية، الخ. كما أن المهارات المحتاج إليها متجددة ومتغيرة علي الدوام. ولهذا العامل الاستراتيجي يجب التأكد علي تنمية الموارد البشرية المحتاج إليها من الكفاءات المتاحة بالفعل وتأهيل قوي عاملة جديدة وتنمية المتوافر منها للقيام بمشروعات الحكومة الإلكترونية المتباينة والمتعددة. وفي هذا النطاق تعتبر مشروعات تدريب خريجي الجامعات علي تكنولوجيا المعلومات، وإقامة نوادي تكنولوجيا المعلومات، القرية الذكية الخ من المشروعات التي قامت بها وزارة الاتصالات والمعلومات ذات طابع استراتيجي لسد الفجوة بين المهارات المطلوبة والمتاحة.

(2) سد الفجوة الشاسعة بين التوقعات وإدراك المواطنين:

استراتيجية سد الفجوة الشاسعة بين توقعات الحكومة وإدراك المواطن العادي لخدمات الكومة الإلكترونية، تحدد برامج التوعية نحو تسويق المعلومات والخدمات المتاحة بالفعل والشفافية المطلوبة في مشاركة الجمهور من المواطنين والأعمال في إدراك نقاط القوة والقصور والفرص الناجمة من الحكومة الإلكترونية والمخاطر التي تمثلها.

(3) الوصول للمواطنين:

استراتيجية الوصول للمواطنين المحتاجين للمعلومات والخدمات الحكومية بغض النظر عن قدراتهم في الوصول لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تحتاج إلي إمكانية إمداد هذه الخدمات وإتاحتها عبر مراكز خدمة المجتمع مثل مكاتب البريد ونوادي رعاية الشباب ونوادي تكنولوجيا المعلومات وغيرها.

(4) التحول في الخدمات:

تتمثل هذه الاستراتيجية في التحول من الخدمات الموجهة بالبرامج الفردية لخدمة متكاملة تقدمها الحكومة الإلكترونية الوقت الحقيقية، حيث أن رؤى الحكومة الإلكترونية تعتبر رؤى متكاملة للإتاحة المعلومات والخدمات الحكومية التي تقدم في الوقت الحقيقي المناسب. ويستدعي ذلك إحداث تغييرات جوهرية وتحويلية في الأنشطة والعمليات التي لا يراها المستخدمون، حيث أنها تعتبر غير مرئية وتتم في الدوائر الحكومية المقدمة لمعلوماتها وخدماتها. وتشتمل هذه الأنشطة والعمليات علي كثير من الإجراءات وتدفق العمل المرتبط بالأساليب الإدارية المختلفة والمتنوعة.

(5) التحول للديناميكية والتفاعل في الأداء:

استراتيجية التحول من الويب الساكن إلي الويب الديناميكي النشط ترتبط بتفاعل المستخدمين مع الموقع المحدد للحكومة الإلكترونية بطريقة نشطة وإيجابية بحيث تتم التفاعلات وملأ النماذج وتسديد الرسوم وغير ذلك بطرقة افتراضية علي الويب حتى الحصول علي المعلومات أو الخدمات المطلوبة.

(6) إتاحة الخدمات من خلال بوابات مكرسة لذلك:

استراتيجية توفير الخدمات من خلال بوابات الحكومة الإلكترونية وإيجاد حلول للمشكلات والأمور الخاصة بالخصوصية ومشاركة البيانات من خلال تكنولوجيا البوابة Portal حيث يتطلب ذلك تكامل عمليات وإجراءات أعمال جديدة ووسائل لحماية الخصوصية والسرية وضمان أعلى مستويات الأمن والجودة بالإضافة إلي حماية الملكية وتوفير الخدمة الحكومية بسهولة وكفاءة وفعالية.

(7) وضع خريطة واضحة:

استراتيجية صياغة خريطة واضحة المعالم توضح الوضع الحالي والوضع المستهدف الوصول إليه في المستقبل، تشرك المستخدمين الحاليين والمتوقعين بأبعاد ومراحل وبرامج الحكومة الإلكترونية.

المصدر: الحكومة الإلكترونية كوسيلة للتنمية والإصلاح الإداري أ.د. محمد محمد الهادي أستاذ نظم المعلومات أكاديمية السادات للعلوم الإدارية
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 5/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 2410 مشاهدة
نشرت فى 26 يناير 2013 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,756,901

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters