جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
د. طه النعمة |
" إذا ما تفحصنا بدقة كيف يمكن الحصول على مفاهيم جديدة في العلم يتضح لنا أن مبادئ مثل القصور الذاتي أو النظرية النسبية لا يمكن اكتشافهما بأية طريقة علمية تقليدية، استدلالية كانت أم استقرائية، ولكن يتم ذلك فقط باستخدام قدر من الابتكار أو الخيال أو، في أحيان كثيرة، الحدس".
ألبرت أينشتاين
هل يمكن أن يكون الحدس ذكاء آخر حقاً؟ والجواب، بحسب رأي الطبيب النفسي دونالد كابون وآخرين، نعم يمكن ذلك. بل إن كابون يذهب أبعد من ذلك نحو تصميم مقياس للحدس، على غرار مقاييس مكافئ الذكاء المعروفة، مشيراً إلى أن ذلك المقياس هو حصيلة سنوات طويلة من جمع البيانات حول الحدس وتحليلها، سواء من خلال الممارسة المهنية السريرية أو المقابلات المقننة التي تناولت صناع القرار في الشركات والمؤسسات الكبرى وكبار العلماء والمبدعين، لاستبار مدى تمتعهم بمهارات حدسية، وللتعرف على نصيب الحدس في القرارات التي يتخذونها في حياتهم العملية. ولكن هل يعني الحديث عن ذكاء آخر أن الأمور قد تم حسمها على جبهة الذكاء التقليدي؟ وهل تمت الإجابة على تساؤلات مثل: ما المقصود بالذكاء؟ وهل للذكاء تعريف محدد ومتفق عليه؟ وهي تساؤلات قد تبدو هينة في الظاهر، ولكنه ظاهر مضلل، وذلك لسبب بسيط هو أن الباحثين في موضوع الذكاء لا زالوا منقسمين حولها. فعلى صعيد التعريف يقال إن للذكاء عدد من التعاريف مساوٍ لعدد الباحثين فيه، لذا فإن أغلب من تصدوا لدراسته تجاوزوا معضلة التعريف وانصرفوا إلى محاولة قياسه وفهمه وصفياً ودينامياً، مما أفسح المجال لظهور ثلاثة اتجاهات نظرية. أولها اتجاه لجأ إلى نظريات القياس النفسي وهي نظريات تستند إلى الأنموذج النفسي الذي يرى أن الذكاء هو قابليات مركبة يمكن قياسها بواسطة الاختبارات (المقاييس) الذهنية. وقد انقسم هذا الاتجاه إلى موقفين نظريين رئيسَين: موقف أسسه جارلس سبيرمان الذي توصل إلى أن للذكاء نوعان من العوامل، الأول والأكثر أهمية أسماه العامل العام (ع) وهذا العامل يتخلل، بحسب قناعته، كافة العمليات والوظائف الذهنية مع اختلاف في درجة تشبعها به. فالعمليات الحسية أو الحركية البسيطة لا تحتاج سوى إلى قدر ضئيل منه، بينما يحتاج استنباط العلاقة بين طرفي معادلة جبرية، في سبيل المثال، إلى قدر أوفر من (ع). لذا فالمهمة الذهنية، أياً كانت طبيعتها أو نوعها، طالما كانت بحاجة إلى ذكاء فهي تحتاج إلى قدر من (ع). أما العامل الثاني فانه يرتبط نوعياً بقدرة ذكائية خاصة يمكن قياسها مثل القدرة التي تقيسها الأسئلة الحسابية – الرقمية أو القدرة على اكتشاف العلاقات وغيرها. إلاّ أن ثورستون عارض نظرية سبيرمان، خصوصاً فيما يتعلق بالعامل العام، مشيراً إلى أن تحليل البيانات لو تم بصورة مغايرة، فستبرز سبعة عوامل متعادلة، أسماها ثورستون "القدرات الذهنية الأولية" ومنها القدرات اللفظية والحسابية والذاكرة وغيرها. وينحاز قسم من الباحثين إلى صف سبيرمان، وقسم ثان إلى ثورستون، بينما يعتقد قسم ثالث بأن الاثنين على صواب. هذه الخلافات، فضلاً عن عدم قدرة نظريات القياس النفسي على طرح تصور لطبيعة العمليات التي يمكن أن تكون أساساً للذكاء، أفسح المجال أمام ظهور النظريات الاستعرافية، والتي تصدت لدراسة العمليات (المعالجات) المعرفية المؤسسة للذكاء. فقد تصدرت كافة المقاربات الاستعرافية للذكاء فرضية مفادها أن الذكاء يتضمن جانبين، الأول: التمثيلات الذهنية للمعلومات، والثاني: المعالجات القادرة على إجراء العمليات على تلك التمثيلات الذهنية. وبذا فالشخص الأكثر ذكاء هو من يمثل المعلومات بصورة أفضل وكذلك من يجري العمليات على تلك التمثيلات بصورة أوضح وأسرع من الشخص الأقل نصيباً في الذكاء. لذا بغض النظر عن نوع الأنموذج المستخدم، فإن وحدة التحليل الأساسية تبقى مكونة من معالجة ذهنية تجري عمليات على تمثيلات ذهنية، فالتمثيل الذهني للمحامي والمهندس والطبيب، في سبيل المثال، هو أنهم مهنيون يقدمون خدمات، لذا يتم حل سؤال الاختبار التالي بالعمل على ذلك التمثيل: محام إلى متهم مثل طبيب إلى (). في العام 1983 برز اتجاه ثالث هو الاتجاه الاستعرافي السياقي أو الاتجاه اللاخطي، عندما طرح هوارد غاردنر نظريته التي تقول إن الذكاء ليس واحداً وإنما هناك ذكاءات متعددة منها: الألسنية، وتعني المهارة اللغوية والقدرة على تمييز المعاني الخفية والمزدوجة والضمنية للكلمات. والموْسقة، الموسيقى كاللغة، كلاهما وسيلة تعبير، والمهارة هنا تخص الإحساس بالإيقاعات والألحان والقدرة على تمييز تنغيماتها والانتباه إلى ظلالها المختلفة. والمنطقية الرياضية، وتعني القدرة على تكوين وفهم واستخدام الرموز الرقمية واكتشاف ما يربط بينها من علاقات منطقية. والقدرة على تخيل الفراغ واستخدامه وإعادة تشكيله في الواقع والمخيلة، وغيرها مما لا يتسع المجال لذكرها. غير أن روبرت ستيرنبرغ، وهو أيضاً باحث نفسي استعرافي، عارض كاردنر مشيراً إلى أن بعض ذكاءاته ليست ذكاءات وإنما هي ملكات أو قابليات، طارحاً بالمقابل تصوره الاستعرافي السياقي للذكاء فيما أسماه " النظرية التثليثية للذكاء البشري" والتي يقترح فيها ثلاثة جوانب للذكاء، يتضمن الأول المعالجات والتصورات المعرفية الداخلية، ويتضمن الثاني استخدام هذه المعالجات والتصورات في التعامل مع العالم الخارجي، بينما يتضمن الجانب الثالث تفاعل وتكامل العالمين الداخلي والخارجي من خلال التجربة. خلاصة القول، إن الاتفاق على إشكالية الذكاء بعد مرور قرابة القرن على بداية تناولها بالبحث لا زال بعيد المنال. ويبدو لنا أن ذلك واحد من العوامل التي شجعت دونالد كابون وباحثين آخرين على طرح مفهوماتهم حول الحدس وحفزت اهتمامهم به. وهم يعتقدون أن بذور نشوء الحدس تكمن في دوافع الأجداد الغريزية للبقاء والتكيف. إذ بما أنهم لم يكن لديهم غالباً وقتاً كافياً للتفكير والتدبر المنطقي الواعي أمام الأخطار الداهمة فإن استجاباتهم توجب أن تكون لحظية وإجراءاتهم فورية. ولكن ميزة الإنسان الأساس هي أنه حقق قفزاته التكيفية المتسارعة بواسطة حث البيئة على التكيف له بدلاً من أن يتكيف هو كلياً لها. لذا فإن الجانب الابتكاري والخلاق للذكاء التقني كان يجب أن يبنى على الأسس المجربة التي أرستها تلك الدوافع والاستجابات. وخلال ملايين السنين من النشوء، التي سبقت اكتساب القدرة على الكلام، ساد الحدس وحكم الحياة اليومية لأسلافنا لأنه ذلك الجزء الأقدم والأكثر حيوية من الذكاء البشري، وكان علة مهمة من علل البقاء فضلاً عن كونه يقف خلف الكثير من النجاحات التي حققوها. ولكن منذ اكتسبت القدرة على الكلام تراجع الحدس عن موقع الصدارة لصالح الرمزية اللغوية في تشكيل المفاهيم التفكيرية. وتم لاحقاً إدماجه في الأسطورة وحاصرته الخرافة وأغرق في لجة الغموض الطقوسي وجرى تسلمه وتبنيه من قبل الجماعات الهامشية لأنه يعمل أساساً على مستوى الذهن اللاشعوري. إذ في مساق نشوء الذكاء البشري توجب على الحدس أن يصبح لاشعورياً تلبية لحاجة الكفاية الدماغية في الاقتصاد بالطاقة، والاقتصاد بالطاقة هو أحد المبادئ الأساس التي تعمل بموجبها الأنساق الحية. إذ بمجرد نشوء الدماغ الواعي بقشرته الدماغية المقسومة إلى نصفين، توجب على الذهن حماية وعاء الشعور ذاك، أي تفكيره المركز الثمين، لذا أنشأ الذهن حواجز أو رقابة لحماية بؤرة التفكير الواضح الصاحي من غزو مخزونات بنك الدماغ، وهي حواجز تكثر ثغراتها أثناء النوم لتنتج الأحلام. والحدس، في وصف طريف لكابون، مثل فتاة قديمة سيئة السمعة تمت تبرئتها وإعادة الاعتبار لها تمهيداً لجعلها سيدة تستحق الكثير من الاحترام. والفتاة سيئة السمعة تلك كانت تقيم على الجانب الذي يضم المنحرفين والمشعوذين والمختلين من الجادة النفسية. ولكن السيدة المحترمة تحظى اليوم باهتمام علماء ورؤساء مؤسسات كبيرة وفنانين يجتهدون في التقرب منها والتودد لها، لأنها في الواقع الجوهرة السلالية الثمينة التي تزين تاج الذكاء البشري. وفي وصفه للحدس يقول جوناس سالك مكتشف لقاح شلل الأطفال: "الذهن الحدسي يشير على الذهن المنطقي أين يجب أن يتوجه البحث في الخطوة التالية". ويقول وستن آكور أحد الذين تناولوا الحدس في عدد من الكتب، "إن عدد تعريفات الحدس مساوٍ لعدد الأشخاص الذين تسألهم عنه"، ولكنه يخلص إلى القول بأن الحدس هو: "أن تعرف على وجه التأكيد دون أن تعرف على وجه اليقين !". بينما يعزف لويس باستور الغني عن التعريف على وتر آخر بالقول: "المصادفة تكافئ الذهن المستعد". ويمكن القول، في ضوء ما تقدم، إن الافتقار إلى تعريف متفق عليه يعد واحداً من المصاعب التي واجهت دراسة الحدس بصورة مناسبة، ولكن الافتقار إلى تعريف للذكاء لم يمنع السيكولوجيين التقليديين من اختراع الاختبارات المعروفة التي تقيس مكافيء الذكاء IQ، مما حفز كابون على السعي إلى ابتكار مقياسه الخاص بالحدس، مبتدئاً بجمع كل ما كتب وقيل على الإطلاق عن الحدس منتبهاً إلى التعبيرات والمصطلحات التي استخدمت في وصفه وإلى المشاعر والتأملات والخبرات الخاصة به.
وأولى انتباهاً خاصاً للكتاب والمفكرين الذين ادعوا امتلاكهم حدساً أو من أسماهم الباحث والكاتب الإيطالي أومبرتو ايكو " الحدسيون" من أمثال الدوس هكسلي وإسحاق أسيموف وماري ستيوارت وغيرهم، وقام بمقابلة ودراسة كتابات علماء حازوا جائزة نوبل بمن فيهم الكسندر فليمنج، مكتشف البنسلين. وتبين له أن كل اكتشاف علمي كبير يبدأ بإحساس حدسي تتم متابعته بمعاناة واجتهاد لما يمكن أن يأخذ سنين من البحث والتجارب. ومن خلال التمعن في جوهر آلية التوصل إلى اتخاذ القرار المناسب يمكن القول: إن الحدس هو جوهر الفطرة السليمة. ومن الجلي، كما يقول بعض الباحثين، إننا لو تمعنا في التفكر العقلاني فسوف نصفه غالباً بأنه تحليليٌ وخطي التعاقب وقياسي المنطق ويميل إلى الاستقراء العقلاني. بينما معظم الأوصاف المتداولة للحدس لا تشير إلا إلى شذرات من الكلي وتلميحات عن الأصل. وغالباً ما تتناول آثاره الانفعالية عوضاً عن الحدس ذاته. ولكن الانفعال ليس سوى عنصر مصاحب للظاهرة وليس الظاهرة نفسها، أو هو التماعات الحلي وليس الحلي ذاتها. ويبدو أن هذه الآثار الانفعالية المرئية التي يخلفها الحدس وجدت على الأرجح لتكون ملامح طريق تدلنا على كيفية الوصول إلى هذه العملية اللاشعورية ثانية، وهي أيضاً تذكير لنا بأن الحدس يجب أن يستدعى من مكان آخر في الذهن. وبغرض دراسته قام كابون بتقسيم الحدس إلى ثلاثة أقسام: التكوين (الجانب التشريحي) ويؤلف الأساس الجبلي للإمكانات والقدرات الحدسية. والوظائف (الجانب الفسلجي) وتؤلف الخطوات التقربية التي تطلق العملية الحدسية. ثم، أخيراً، البنية وتشكل الولاف الجمعي التكاملي للإمكانيات الحدسية وأنساقها الوظائفية على المستوى الفردي. والحدس لديه يأتي على صورتين بحسب اختلاف طبيعة الأشخاص والظروف: الحدس سريع التدفق، والذي يبدو وكأنه يأتي من لا مكان، كالبرق يعصف بالدماغ، وهو يقدح في لحظة مثل تلك التي يتم التعامل فيها مع حدث مهدد للحياة. والصورة الأخرى تتمثل في الحدس بطيء التدفق، الذي يتشكل، بخلاف الأول، بتؤدة كما يحدث عندما نعثر على حل ناجح لمعضلة بقيت، لبعض الوقت، وكأن حلها مستعصٍ أو مستحيل. وقد ضمن الحدس مجموعتين من المهارات: مجموعة المدخلات: وتتألف من المهارات الأساس مثل القدرة على التحكم بالوقت المنقوص، والإدراك الولافي المتحسس لجريان الزمن المعيش فيه، وذاكرة نوعية تتمتع بسرعة في التسجيل والاستدعاء. ومجموعة المخرجات: وتتألف من المهارات العليا كالخيال الفعال والتوقع أو سبق النظر، والتوقيت الدقيق، والإحاطة الشاملة بمعنى الأشياء، والبصيرة النافذة. وقد صمم، كما سبقت الإشارة، مقياساً قادراً، حسب قناعته، على الكشف عن مدى امتلاك الشخص لمثل تلك المهارات، وبالتالي مدى ما يتمتع به من حدس. وقد أُطلق عليه اسم اختبار مكافئ الحدس أو اختبار مكافئ الذكاء الثاني IQ2 إلا أن هذا المكافئ لا يتضمن هنا عمراً زمنياً أو عمراً عقلياً، كما هو الحال في اختبارات مكافئ الذكاء التقليدي، ولكن يؤشر نسبة الحدس في الذكاء العام على أساس الاعتقاد بأن الحدس يؤلف الجزء الأقدم والأكثر حكمة، وربما الجزء الأكبر، من الذكاء البشري. وعلى الرغم من أن بعض الباحثين من أمثال ديفيد مايرز يبقون غير واثقين تماماً من اعتمادية الحدس، إلا أنهم مقتنعون بكونه قوة لا يمكن تجاهلها. وكما يقول زميل أينشتاين الفيزيائي ريتشارد فاينمان: "المبدأ الأول في التعاطي مع الحدس هو عليك أن لا تخدع نفسك لأنك أسهل ما يمكن لنفسك خداعه". لذا صحيح، كما يقول مايرز، أن الحدس يؤدي دوراً مهماً في اتخاذ القرار لدى البشر ولكن الحقيقة المكملة هي أن الحدس كثيراً ما يخطئ، مشيراً إلى أن الناس يسيئون، في سبيل المثال، تقدير ديمومة وشدة انفعالاتهم بعد انتهاء علاقة عاطفية أو خسارة مالية جسيمة أو بعد الفوز في مباراة أو عند التعرض للإهانة. وقد قام ديفيد كلبرت وزملاؤه في جامعة هارفارد بدراسات طوليه تناولت قدرات الأشخاص التنبؤية حول انفعالاتهم ووجدوا أنه على الرغم من أن غالبية الأشخاص الذين يواجهون كوارث شخصية يتوقعون أن تكون جراحاتهم مستدامة، فإن مثل هذه التوقعات كثيراً ما يثبت عدم صحتها. ولكن المدافعين عن دور الحدس في حياة الناس يقولون إن هذه القراءات للبحوث لا علاقة لها بالحدس بل بمحدودية الوعي الإنساني الذي كثيراً ما يتأثر بوقع اللحظة المعيش فيها.
وترى آن روبنسون خبيرة الموارد البشرية أن الحدس تُمسّ الحاجة له في الحالات الآتية: - عند عدم توفر بيانات كافية، أو عدم توفر وقت كافٍ لجمعها. - عندما يكون هناك الكثير من المعلومات المتشابكة، أو عندما تكون البيانات متضاربة. - عندما تبدو البيانات داعمة لعدة خيارات بصورة متعادلة. - عند وجود ضرورة لاتخاذ قرار على الفور مع عدم التمكن من مراجعة البيانات المتاحة. - عندما تفتقر المجموعة إلى وضوح الرؤية أو عندما تكون أهداف مهمتها الراهنة غير ملائمة أو فات أوانها. - عندما لا يقدم المنطق والتحليلات العقلانية والخبرات سوى القليل من العون في ظروف تضغط نحو اتخاذ قرارات فورية. والحدس كما تقول روبنسون: قابلية ذهنية طبيعية يمتلكها الجميع ولكن البعض يمتلكها جبلياً بقدر أكبر من البعض الآخر. وكما هو حال أية قابلية أو مهارة، فإن قابلية الحدس يمكن شحذها وتنميتها وجعلها أكثر اعتمادية بواسطة التدريب والممارسة. مشيرة إلى أن البحوث أظهرت أن الحدس يتواجد في جانب الدماغ الأيمن أكثر من الجانب الأيسر، وأن حصة اللاشعور فيه أكثر من حصة الشعور، فضلاً عن ارتباطه بحالات فسلجية تتسم بموجات كهربية دماغية ذات تردد منخفض (تردد ألفا)، وهو تردد يترافق طبيعياً مع حالة الاسترخاء. لذا فإن أفضل وقت لطلب العون الحدسي في اتخاذ القرار هو وقت النوم، إذ إن تردد ألفا يحدث طبيعياً عند بداية الإغفاء وبداية الصحو من النوم، أي في الحالتين التي نكون فيهما مسترخين ولكننا في نفس الوقت واعين. لذا يمكن أن نبقى متمددين وهادئين وفي أثناء ترددات ألفا الطبيعية وقبل الدخول في النوم نشرح لذهننا اللاشعوري ما الذي نعرفه عن حالة أو مسألة وما طبيعة العون الذي نحتاجه ومتى نحتاجه. بعبارة أخرى نكلف اللاشعور بمهمة محددة ونخلد إلى النوم، مانحين اللاشعور حرية استكشاف جميع موارده السلالية الغنية، وعندما يحل موعد بداية الاستيقاظ، يكون بمقدور اللاشعور تقديم ما توصل إليه إلى الشعور أو الذهن الواعي.
المصدر : الباحثون العدد 43 كانون الأول 2011 |
خدمات البحث العلمي 01009848570