أسامة زين العابدين‏

* المؤسسات التي استخدمت التخطيط الاستراتيجي تميّزت بمعدل نمو عالٍ في المبيعات والأموال‏.

* بعض المدراء لا وقت لديهم لوضع أهداف لوحداتهم الإنتاجية‏.

* قصور الموارد المتاحة يشكل عقبة أمام استخدام مفهوم التخطيط الاستراتيجي‏.

* ظهور المشكلات يعطي انطباعًا سيئًا عن التخطيط الاستراتيجي في أذهان المدراء‏.

‏لعل أول من اهتم من علماء الإدارة المعاصرين بالاستراتيجية في أبحاثه الإدارية، أستاذ التاريخ الإداري في جامعة هارفارد الأمريكية (الفريد شاندلر) حينما استعرض في كتابه الذي أصدره عام 1962 الهياكل التنظيمية للشركات الكبرى في أمريكا وخرج بأربع استراتيجيات تتعلق بالنمو والتطور، مؤكدًا أن تنمية وتطور الهياكل التنظيمية يعتمد بشكل أساسي على الاستراتيجية.‏

وفي عام 1965 أعدت أستاذة الإدارة في جامعة أشتون (جوان ودورد) بحثًا ربطت فيه التغيرات التنظيمية مع التقنية والاستراتيجية المعتمدة.‏

وفي عام 1976 عرض (وهلين وهنجر) مفهومهما للإدارة الاستراتيجية من خلال بحث أجرياه انتهيا فيه إلى نموذج شامل للإدارة الاستراتيجية، ثم جاء العالمان (كبنر وتريجو) ليخوضا في مضمار الاستراتيجية من خلال القول بأن (قوة الدفع) التي تمثل مجال المنتجات أو الأسواق أو القدرات التي تعتبر مصدر القوة للشركة تشكل الإطار العام للاستراتيجية، حيث إن تحديد (قوة الدفع) يساهم في صياغة الأهداف الشاملة وأهداف الوحدات المكونة في حين أن الأهداف الشاملة تعتبر الجسر مابين الاستراتيجية الشاملة وبين استراتيجيات الوحدات المكونة لها.‏

ولعل الكتاب الصادر في عام 1985 للمستشار في مجموعة مكنزي الأستاذ ( أومايا) بعنوان (العقل الاستراتيجي) يمثل ذروة الأبحاث المقدمة في هذا الميدان، وقد كان له أكبر الأثر في نمو وتطور النهج الاستراتيجي المعاصر في الإدارة.‏

وفي عام 1991 جاءت نظرية (جون ثومبسون) حول تطوير الوعي الاستراتيجي انطلاقًا من تشخيص التغيير الشامل للمنظمة المرتبط بالصياغة الاستراتيجية التي تتمحور حول تحديد المسار وطريقة الوصول إلى الهدف. ويؤكد في هذا المجال على أن المنافسة وتميز الأداء المقرون بالإبداع والابتكار تشكل الأبعاد الثلاثية المترابطة.‏

وفي عام 1991 أيضًا، أصدر المستشار الإداري لدى مجموعة (مكنزي) السيد لينشي أوهامي مع مجموعة من أساتذة الإدارة كتابًا بعنوان: (الاستراتيجية) يوضح فيه أن تحديد الأهداف وصياغة الاستراتيجية ينبغي أن يتم من منطلق الزبائن والسلعة والقيمة المضافة وليس من منطلق التغلب على المنافس، وانتهى إلى تقديم ما سمي بالاستراتيجية المعاصرة التي ترتكز على صقل وتكريس واستغلال مواهب الشركة القابضة وشركاتها التابعة في التأكيد على جوهر الاختصاص لتركيز استمرارية النمو ضمن البيئة العالمية الجديدة.‏

وفي عام 1992 أصدر الأستاذ في جامعة كاليفورنيا (جورج يب) كتابًا انتقد فيه الشركات المتعدية الجنسية من خلال أنها لم تبدل مفاهيمها نحو العالمية ولا تمتلك استراتيجية عالمية شاملة، حيث توصل إلى استنتاجاته من خلال دراسة طويلة شملت أكبر الشركات العالمية (كوكا كولا* ماكدونالد* كانون * فولكس فاكن)، وانتهى إلى ضرورة قيام هذه الشركات بتغير مفاهيمها ونهجها من أجل مواكبة التغيرات في العالم عن طريق الترابط المتبادل بين جميع فروع الشركة في العالم لتقليل التكاليف والتنميط والاستفادة من التعليم الذاتي.‏

نتائج مذهلة للإدارة الاستراتيجية‏

ولعل أهم ما نشر حول التجربة المعاصرة للإدارة الاستراتيجية والتفكير الاستراتيجي، سلسلة مقالات تناقلتها العديد من المجلات المتخصصة، تناولت تجربة (شركة جنرال الكتريك) بعد تولي الدكتور جاك ويلش قيادتها، حيث حققت نتائج مذهلة تمثلت في:‏

* تبديل صفة صناعاتها من صناعة كهربائية إلى صناعات تقنية عالية مع تعدد الاستثمارات الصناعية.‏

* تطوير مركز التدريب الإداري للشركة.‏

* تكوين ثقافة جديدة في الشركة مبنية على الصراحة والصدق وعدم التحيز.‏

* خلق جو عمل جديد.‏

* تشجيع المبادرة الفردية.‏

* القضاء على البيروقراطية عن طريق تفويض الصلاحيات إلى الإدارة المتوسطة الإشرافية.‏

* ارتفاع الإنتاجية ثلاثة أضعاف نتيجة تغيير الهيكل التنظيمي.‏

ويتمثل الفكر الاستراتيجي للدكتور ويلش من خلال الأفكار التالية:

* التخلي عن البيروقراطية.‏

* تشجيع المبادرة الفردية ومنح الثقة إلى العمال مع تفويض الصلاحيات.‏

* التخلي عن التقنية المتدنية والمكننة المتخلفة والهيكلية الوظيفية المضنية.‏

* الالتزام بالجانب الاستراتيجي للخيارات المطروحة.‏

* فهم معادلات السوق الحديثة والمعقدة.‏

* التأقلم مع المستجدات ومع معطيات الحضارة والتطور.‏

* اعتماد مبدأ شركة "بلا حدود"، حيث فتح المجال أمام الجميع للمساهمة بأفكارهم كشركاء حقيقيين وفاعلين في مسار العملية الإنتاجية.‏

وقد استطاع ويلش أن ينهض بالشركة لتتبوأ الصدارة بين الشركات المماثلة.. وأن يلتزم الفكر الاستراتيجي ليعيد بناء سياسات الشركة، وذلك بالتفاعل مع وتيرة التغير في السياسة الدولية والتطور التكنولوجي.‏

وقد كانت أهم مرتكزات نجاح (ويلش) أنه:‏

* ألغى الشكليات البيروقراطية في الإدارة كالتقيد بعدد معين من التواقيع على الإجراءات المالية البسيطة وارتداء الزي الرسمي والمظاهر التقليدية.. الخ، وأصبح القرار يتخذ من المدير بعد الاطلاع على أفكار الكثيرين قبله، وهذا ما ضاعف ثقة العاملين بأنفسهم وحقق نتائج إيجابية باهرة.‏

* اعتمد مبدأ إغناء القرار الإداري فألغى ثلثي المناصب الإدارية، وهذا لا يعني إلغاء ثلثي عدد المديرين بل ثلثي المناصب إذا فهمت على أساس كونها أدوارًا إدارية وليست مواقع للمساهمة في مسيرة الشركة ونجاحها.‏

* اعتمد مبدأ تفويض السلطة الذي أدى إلى تفويض جزء هام من صلاحيات القادة إلى العاملين معهم.‏

* اعتمد مبدأ (شركة بلا حدود)، حيث يتم تبادل الأفكار بين أفراد الشركة، ويتم تنقلهم بين المراكز المختلفة والتخصصات المتنوعة لإغناء خبراتهم والتوصل إلى استعمالات متعددة للمستجدات التقنية.‏

ويبقى السؤال: ماذا نعني بالمنهج الاستراتيجي في الإدارة؟ وماذا نتوقع من اعتماد هذا المنهج؟‏

لقد أكدت دراسات عديدة أجريت على منظمات الأعمال الأمريكية أن عدد المنظمات التي اعتمدت مفهوم الإدارة الاستراتيجية يفوق عدد المنظمات التي لا تأخذ بهذا المفهوم، وأن المديرين الذين يأخذون بهذا المفهوم يعتقدون أنه يؤدي إلى النجاح والنمو والاستمرار.‏

إحدى الدراسات التي أجراها كل من (ليون وهاوس) عام 1970 دلت على أن المنظمات التي اعتمدت هذا المفهوم في قطاعات صناعة الأدوية والصناعات الكيماوية والآلات فاقت المنظمات الأخرى المماثلة التي تعتمد هذا المفهوم في مؤشرات المبيعات ومعدل العائد على رأس المال المملوك والعائد على الأسهم والعائد على رأس المال المستثمر.‏

وأكدت دراسة أخرى أجراها كل من (ايستلاك ومكدونالد) أن المنظمات التي استخدمت مفهوم التخطيط الاستراتيجي تميزت بمعدل نمو عالٍ جدًا في المبيعات والأموال. ودراسة أخرى قام بها كل من (كارجروواليك) أكدت أن المنظمات التي أخذت بمفهوم التخطيط الاستراتيجي فاقت المنظمات التي لم تأخذ بهذا المفهوم في ثلاثة عشر مؤشرًا من مؤشرات الأداء للمنظمة.‏

أما الدراسة التي قام بها كل من (شوافلر وبازل وهيني) على 57 منظمة أعمال كبيرة فقد دلت على أن المنظمات التي أخذت بمفهوم التخطيط الاستراتيجي قد فاقت تلك التي لم تعتمده في معدل الفائدة على رأس المال المستثمر.‏

ما هو المنهج الاستراتيجي في الإدارة؟‏

كثيرة هي التعاريف التي أطلقت على النهج الاستراتيجي في الإدارة، ولعل أهمها ما قاله الدكتور (إبراهيم منيف) في كتابه تطور الفكر الإداري المعاصر : (هي أسلوب تفكير إبداعي وابتكاري يدخل فيه عامل التخطيط والتنفيذ معًا، في سبيل تحسين نوعية وجودة المنتج أو في أسلوب خدمة المستهلك).‏

وحسب (معهد ستانفورد) : (هي الطريقة التي تخصص بها الشركة مواردها وتنظم جهودها الرئيسة لتحقيق أغراضها). وحسب تعريف (كبنر): هي صورة التوجه إلى ما يجب أن تكون عليه المنظمة مستقبلاً. وحسب (أومايا): فإن جوهر الاستراتيجية في الإتيان بالأساليب والإجراءات الهادفة بشكل مباشر إلى تغيير نقاط القوة للمنظمة مقارنة نسبيًا بمنافسيها. والهدف النهائي للاستراتيجية هو المحاولة الجادة لإحداث حالة من التحكم في الظروف المحيطة لصالح متخذ القرار‏، إذ من خلالها نستطيع أن نحدد الوقت الملائم للتحرك أو التريث أو إلغاء القرار أو تجميد الإجراء.‏

وبصورة عامة فإن إيجابيات اعتماد النهج أو التخطيط الاستراتيجي في الإدارة تتمحور في:‏

* يزود المنظمات بالفكر الرئيس لها theme وهو حيوي من أجل تقييم الأهداف والخطط والسياسات.‏

* يساعد على توقع بعض القضايا الاستراتيجية: حيث يساعد على توقع أي تغيير محتمل في البيئة التي تعمل فيها المنظمة ووضع الاستراتيجيات اللازمة للتعامل معه.‏

* يساعد على تخصيص الفائض من الموارد، حيث يساعد على تحديد أولويات تلك الأهداف ذات الأهمية الأكبر للمنظمة.‏

* يساعد على توجيه وتكامل الأنشطة الإدارية والتنفيذية، حيث يؤدي التخطيط الاستراتيجي إلى تكامل الأهداف ومنه ظهور التعارض بين أهداف الوحدات الفرعية للمنظمة والتركيز عليها بدلاً من الأهداف العامة للمنظمة ككل.‏

* يفيد في إعداد كوادر للإدارة العليا، من خلال تبصير مدراء الإدارات لنوع التفكير والمشاكل التي يمكن أن تواجههم عندما يتم ترقيتهم إلى مناصب الإدارة العليا في المنظمة، ويساعد مشاركة هؤلاء المدراء في التخطيط على تنمية الفكر الشمولي لديهم من خلال رؤيتهم لكيفية خلق التكامل بين وحداتهم الفرعية مع أهداف المنظمة ككل.‏

* يمكّن هذا التخطيط من زيادة قدرة المنظمة على الاتصال بالمجموعات المختلفة داخل بيئة المنظمة، ويساعد على وضوح صورة العقبات التي تواجه استخدام التخطيط الاستراتيجي للمنظمة أمام مجموعات المصالح والمخاطر المختلفة التي تعمل مع المنظمة.‏

العقبات التي تواجه استخدام التخطيط الاستراتيجي‏

رغم تعدد المزايا التي تحققها المنظمات المعتمدة لمفهوم التخطيط الاستراتيجي إلا أن ثمة عددًا من المنظمات لا تستطيع استخدامه لأسباب تتعلق بـ:‏

* وجود بيئة تتصف بالتعقيد والتغير المستمرين، بحيث يصبح التخطيط متقادمًا قبل أن يكتمل.

* امتناع بعض المدراء عن وضع أهداف لوحداتهم بسبب اعتقادهم بأنه لا وقت لديهم من أجل ذلك.‏

* ظهور المشاكل أمام التخطيط الاستراتيجي يعطي انطباعًا سيئًا عن هذا التخطيط في أذهان المدراء.‏

* قصور الموارد المتاحة للمنظمة ربما كانت عقبة أمام استخدام مفهوم التخطيط الاستراتيجي.‏

* التخطيط الفعال يحتاج إلى وقت وتكلفة.‏

أين تمارس الإدارة الاستراتيجية؟‏

عندما تتعدد الصناعات وتكثر أنواع المنتجات المترابطة منه وغير المترابطة في منظمة من منظمات يصبح العمل الإداري في هذه المنظمة من التعقيد بحيث لا يمكن أن يتم بالأسلوب ذاته الذي تدار فيه المنظمات ذات المنتجات والأسواق المحدودة، لهذا اتفق على تقسيم هذه المنظمات إلى عدد من الوحدات بحيث يطلق على كل وحدة اسم (وحدة العمل الاستراتيجية unit str agic business) وتعرف بالآتي: أي جزء من المنظمة التي يتم معاملتها بصورة منفصلة لأغراض الإدارة الاستراتيجية.‏

وبشكل عام فإن كل وحدة من وحدات العمل الاستراتيجي تتعامل في خط واحد من خطوط الأعمال، ولكن في بعض الأحيان قد يتم جمع بعض العمليات في وحدة أعمال استراتيجية واحدة، وتعامل كل وحدة على أنها مركز للربح مستقل عن الأجزاء الأخرى للمنظمة، ويترتب على ذلك في الغالب إعطاء مثل هذه الوحدات الحرية والاستقلال الكامل عن المنظمة الأم، وقد تمارس المنظمة الرقابة والسيطرة الكاملة على وحدات العمل الاستراتيجية التابعة لها من خلال إلزام هذه الوحدات بالسياسات والقواعد التي تضعها للممارسات اليومية.‏

المستويات المختلفة للإدارة الاستراتيجية‏

ثمة ثلاثة مستويات للإدارة الاستراتيجية:‏

أولاً: الإدارة الاستراتيجية على مستوى المنظمة.‏

ويعرف بأنه إدارة الأنشطة التي تحدد الخصائص المميزة للمنظمة والتي تميزها عن المنظمات الأخرى والرسالة الأساسية لهذه المنظمة والمنتج والسوق الذي سوف تتعامل معه وعملية تخصيص الموارد وإدارة مفهوم المشاركة بين وحدات الأعمال الاستراتيجية التي تتبعه.‏

والأهداف الخاصة بالإدارة والاستراتيجية على مستوى المنظمة وهي:‏

* تحديد الخصائص التي تميزها عن غيرها.‏

* تحديد الرسالة الأساسية للمنظمة في المجتمع.‏

* تحديد المنتج والسوق.‏

* تخصيص الموارد المتاحة على الاستخدامات البديلة.‏

* خلق درجة عالية من المشاركة بين وحدات الأعمال الاستراتيجية للمنظمة.‏

والإدارة الاستراتيجية على مستوى المنظمة تحاول أن تجيب عن الأسئلة التالية:‏

* ما هو الغرض الأساس للمنظمة؟‏

* ما هي الصورة التي ترغب المنظمة في تركها بأذهان أفراد المجتمع عنها؟‏

* ما هي الفلسفات والمثاليات التي ترغب المنظمة في أن يؤمن بها الأفراد الذين يعملون لديها؟‏

* ما هو ميدان العمل الذي تهتم به المنظمة؟‏

* كيف يمكن تخصيص الموارد المتاحة بطريقة تؤدي إلى تحقيق أغراضها؟‏

ثانيًا: الإدارة الاستراتيجية على مستوى وحدات الأعمال الاستراتيجية:‏

وهي إدارة أنشطة وحدات العمل الاستراتيجي حتى تتمكن من المنافسة بفعالية في مجال معين من مجالات الأعمال وتشارك في أغراض المنظمة ككل. هذا المستوى من الإدارة يحاول أن يضع إجابات عن الأسئلة التالية:‏

* ما هو المنتج أو الخدمة التي سوف تقوم (الوحدة) بتقديمها إلى الأسواق؟‏

* من هم المستهلكون المحتملون (للوحدة)؟‏

* كيف (للوحدة) أن تنافس منافسيها في ذات القطاع التسويقي؟‏

* كيف يمكن للوحدة أن تلتزم بفلسفة ومثاليات المنظمة وتساهم في تحقيق أغراضها؟‏

وتقع مسؤولية الإدارة الاستراتيجية على مستوى وحدات الأعمال على عاتق النسق الثاني من رجال الإدارة في المنظمة والمتمثل في نائب رئيس المنظمة.‏

ثالثًا: الإدارة الاستراتيجية على المستوى الوظيفي:‏

تقسم عادة وحدة العمل الاستراتيجي إلى عدد من الأقسام الفرعية، والتي يمثل كل منها جانبًا وظيفيًا محددًا. ومعظم المنظمات تميل إلى وجود وحدات تنظيمية مستقلة لكل من (الإنتاج، التسويق، التمويل، الأفراد)، وكل وحدة تنظيمية من هذه الوحدات تمثل أهمية بالغة سواء للوحدات أو للمنظمة ككل. وعلى مستوى هذه الوحدات الوظيفية تظهر الإدارة الاستراتيجية الوظيفية. والمستوى الإداري يمثل عملية إدارة مجال معين من مجالات النشاط الخاص بالمنظمة والذي يعد نشاطًا هامًا وحيويًا وضروريًا لاستمرار المنظمة، فعلى سبيل المثال تهتم الإدارة الاستراتيجية على مستوى وظيفة التمويل بعملية وضع الموازنات والنظام المحاسبي وسياسات الاستثمار وبعمليات تخصيص التدفقات النقدية.‏

وفي مجال الإدارة الاستراتيجية المتعلقة بالأفراد نجد أن هذه الإدارة تهتم بسياسات الأجور والمكافآت وسياسات الاختيار والتعيين والفصل وإنهاء الخدمة والتدريب.‏

إن الإدارة الاستراتيجية على المستوى الوظيفي لا تهتم بالعمليات اليومية التي تحدث داخل المنظمة، ولكنها تضع إطارًا عامًا لتوجيه هذه العمليات، كما تحدد أفكارًا أساسية يلتزم بها من يشرف على هذه العمليات، وذلك من خلال التزام إداري بمجموعة من السياسات العامة.‏

من المسئول عن الإدارة الاستراتيجية؟‏

يمكن حصر هذه المسؤولية ضمن ثلاث جهات رئيسية، هي : الإدارة العليا½ الصف الثاني لها ½الخبراء الذين يعملون بصفة دائمة والاستشاريين الذين يمكن الاستعانة بخدماتهم خارجة المنظمة.‏

وفي الغالب تكون الإدارة العليا هي المسئولة مسؤولية كاملة عن القيام بالإدارة الاستراتيجية، وغالبًا ما يتمثل ذلك في مجلس إدارة الشركة ورئيسها أو في المدير العام أو في العضو المنتدب، وعندما يكون للمنظمة عدد من وحدات الأعمال الاستراتيجية فإن نواب الرئيس كرجال الصف الثاني للإدارة العليا عادة ما يقومون بهذه الإدارة.‏

وتعين الإدارة عددًا من الخبراء في الإدارة الاستراتيجية وذلك كاستشاريين يساعدون الإدارة العليا في القيام بوظيفة التخطيط الاستراتيجي، وكثيرًا ما تستعين المنظمات بعدد من الاستشاريين المختصين في تقديم الخدمات المتعلقة بالإدارة الاستراتيجية، والفرق بين الخبراء والمستشارين أن الأخيرين يشاركون في عملية الإدارة الاستراتيجية ككل: أي التخطيط والتنفيذ، أما الخبراء فهم يخدمون في مرحلة واحدة فقط من مراحل الإدارة الاستراتيجية وهي التخطيط.‏

مكونات الإدارة الاستراتيجية‏

تتمثل المكونات الأساسية للعملية الإدارية الاستراتيجية في تحديد غرض ورسالة المنظمة، ثم دراسة وتقويم البيئة الخارجية التي تعمل فيها المنظمة، ثم القيام بتقييم البيئة التنظيمية الداخلية، ثم قيام الإدارة العليا بتحديد البدائل الاستراتيجية المتاحة، ثم دراسة هذه البدائل واختيار أحدها أو بعضها، ويعقب ذلك تهيئة الظروف أو المناخ لوضع الاختيار الاستراتيجي موضع التنفيذ الفعلي وتنتهي بعملية التقييم.‏

الرقابة التقويمية كأداة أساسية في عمل الإدارة الاستراتيجية‏

تبدأ الرقابة التقويمية قبل اختيار المنظمة استراتيجيتها وأثناءه وبعده، ذلك أن هذه الرقابة التقويمية تتولى:‏

* إجراء المسح التقويمي لكل من البيئة الخارجية والداخلية لبيئة العمل تمهيدًا لاختيار الاستراتيجية.‏

استخدام الوسائل العلمية في التحليل وصولاً إلى اختيار وصياغة الاستراتيجية.‏

* اعتماد التقويم والمتابعة من خلال وضع معايير قياسية مسبقة وتطبيقها في إجراء قياس الأداء لمعرفة ما إذا كان الأداء الفعلي يتطابق مع التنظيمي.‏

* تقييم محتويات الاستراتيجية.‏

* تقييم النتائج التي تحققت للمنظمة جراء استخدام اختياراتها الاستراتيجية.‏

* تقييم درجة جودة نظام التحليل الذي تستخدمه المنظمة في الوصول إلى الاستراتيجيات التي تستخدمها.‏

يتطلب نجاح عملية الرقابة أن يكون النظام الرقابي المعتمد من الجودة بحيث يكون قادرًا على اكتشاف الانحرافات الهامة بسرعة حتى تتمكن المنظمة من اعتماد إجراءات التصحيح، وأن يكون اقتصاديًا وقادرًا على تزويد الأفراد بالمعلومات اللازمة لتصحيح الأداء، وأن يكون شاملاً بحيث يغطي كافة جوانب الأنشطة الحيوية الهامة وأن يتسم بالتوازن وفي الوقت ذاته أن يكون اقتصاديًا.‏

المراجعة الاستراتيجية‏

إحدى وسائل قياس أداء المنظمة ككل أو أداء بعض وحداتها تمارسها الإدارة العليا أو لجان المراجعة أو المديرين، وغالبًا ما يتم الاستعانة بالاستشاريين في هذا المجال.‏

تستهدف المراجعة الاستراتيجية تدقيق:‏

* درجة فعالية المنظمة في علاقاتها بالمجتمع من حيث استجابتها لحاجات المستهلكين والانطباع السائد لدى الجماهير حيالها.‏

* فعاليات العلاقات بين الوحدات التنظيمية الوظيفية.‏

* درجة مساهمة الأنشطة الوظيفية المختلفة في تحقيق رسالة المنظمة وأهدافها.‏

* تحديد جوانب القوة وجوانب الضعف لدى المنظمة مقارنة بالمنظمات الأخرى وتحديد الاستراتيجيات اللازمة للاستفادة من هذه الجوانب.‏

اتخاذ الإجراءات التصحيحية‏

الخطوة الأخيرة في عملية الرقابة هي قيام الإدارة ببعض التصرفات التي تؤدي إلى تصحيح الانحرافات المؤثرة بين الأداء الفعلي والمعايير الموضوعة، بحيث يتم تغيير بعض المعايير أو تعديل الاستراتيجيات، وتتم هذه العملية بمرحلتين:‏

* تحديد أسباب الانحرافات: هل تتعلق هذه الأسباب بأخطاء في تنفيذ الاستراتيجية أم هي أمور طارئة وغير متوقعة في البيئة الخارجية؟ وينبغي لتحديد هذه الأسباب الإجابة عن سلسلة من الأسئلة، لعل أهمها: الاستيضاح عن مدى ملائمة الاستراتيجية في ظل قيام الانحرافات.‏

* الإجراءات التصحيحية وذلك من خلال:‏

إما تعديل الاستراتيجية التي لا تحقق المعايير المطلوبة أو تعديل المعايير بعد إجراء تقييم العلاقة بين المعايير المستخدمة والنظام الرقابي المستخدم.‏

وأخيرًا، فإن عملية التقويم والرقابة على الاختيارات الاستراتيجية تؤدي تلقائيًا إلى قيام سلطة رقابية مستمرة وفاعلة تستهدف فحص الرسالة الأساسية للمنظمة وعلاقتها ـ أي المنظمة ـ بالبيئتين الداخلية والخارجية، وتحديد جوانب الضعف والقوة والفرص والمخاطر التي تواجهها، وفي المحصلة فحص الاختيار الاستراتيجي.‏

المصادر:‏

* كتاب الإدارة الاستراتيجية (مفاهيم وحالات تطبيقية) الدكتور إسماعيل محمد السيد* الناشر المكتب العربي الحديث عام 1993‏

* كتاب الفكر الإداري المعاصر، الدكتور إبراهيم المنيف.‏

* كتاب الإدارة دراسة تحليلية للوظائف والقرارات الإدارية، الدكتور مدني علاقي.‏

 

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 1537 مشاهدة
نشرت فى 22 أغسطس 2011 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,755,041

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters