شهد القطاع المالي على مستوى العالم العديد من التطورات خلال العقد الأخير من القرن العشرين تمثلت في التقدم التكنولوجي الهائل في الصناعة المصرفية, و استحداث أدوات مالية جديدة, و انفتاح الأسواق المالية على بعضها البعض بصورة غير مسبقة. و على الرغم من هذه التطورات الايجابية, فإن هناك بعض الأزمات التي شهدها القطاع المالي سواء في الدول النامية أو المتقدمة أدت إلى التأثير السلبي على اقتصاديات تلك الدول, و المتتبع لتطورات الاقتصاد العالمي يمكنه أن يلاحظ أن معظم الدول التي شهدت أزمات مالية و اقتصادية كانت مشاكل البنوك قاسما مشتركا فيها, و ارجع الخبراء ذلك إلى تزايد المخاطر المصرفية و على رأسها المخاطر الناتجة عن الائتمان.
و نتيجة لهذه الأزمات ظهرت الحاجة إلى الحوكمة في العديد من الاقتصاديات المتقدمة و الناشئة خلال العقود القليلة الماضية خاصة في أعقاب الانهيارات الاقتصادية و الأزمات المالية التي شهدها عدد من دول شرق آسيا و أمريكا اللاتينية و روسيا سنوات التسعينات من القرن العشرين, و كذلك ما شهده الاقتصاد الأمريكي مؤخرا من انهيارات مالية بسبب الإقراض المفرط من طرف البنوك.
و نتيجة لهذه التطورات أصدرت لجنة بازل للرقابة و الإشراف على البنوك عدة أوراق عمل في سنة 1998 تم التركيز فيها على أهمية الحوكمة المؤسسية في البنوك, كما أصدرت سنة 1999 نشرة بعنوان "تحسين الحوكمة المؤسسية للبنوك", إضافة إلى ذلك أصدرت سنة 2006 نسخة محدثة تتضمن مبادئ الحوكمة الثمانية للبنوك.
من خلال ما سبق:
- ما هو أثر تطبيق الحوكمة في البنوك على الأسواق المالية؟
هذا السؤال يحمل في طياته العديد من الأسئلة و التي سيتم الإجابة عليها من خلال عرضنا للموضوع
- ماذا نقصد بحوكمة البنوك و ما هي اهميتها؟
- من هي الأطراف الأساسية فيها؟
- ما هي أعمال لجنة بازل في مجال حوكمة البنوك؟
- ما هي مبادئ الحوكمة؟
- ما هي نتائج تطبيق الحوكمة في البنوك على الأسواق المالية؟
تم الاعتماد في هذا البحث على المنهج الوصفي. تم تقسيم هذا البحث إلى ثلاث فصول:
تضمن الفصل الأول ماهية حوكمة البنوك و ذلك من خلال تقسيم الفصل إلى مبحثين تضمن المبحث الاول مفهوم و أهمية الحوكمة في البنوك, أما المبحث الثاني فقد تضمن الأطراف الأساسية في حوكمة البنوك و عملية إدارة المخاطر. الفصل الثاني تحت عنوان لجنة بازل و الحوكمة المؤسسية للبنوك تم تقسيمه أيضا إلى مبحثين في المبحث الأول تعرضنا فيه إلى التعريف بهذه اللجنة من خلال عرض أهدافها و مقرراتها أما في المبحث الثاني تناولنا مبادئ الحوكمة في البنوك حسب مقررات لجنة بازل. أما الفصل الثالث و الأخير فقد تم التركيز فيه على أثر حوكمة البنوك على الأسواق المالية و ذلك من خلال تقسيمه إلى مبحثين تضمن الأول إستقرار السوق المالي الذي تناولنا فيه مفهوم الاستقرار المالي و المبدأين الأساسيين لانضباط السوق المالي ألا و هما مبدأ الشفافية و مبدأ الإفصاح, أما المبحث الثاني فقد تعرضنا إلى أثر تطبيق الحوكمة في البنوك على السوق المالي الذي توصلنا فيه إلى أن الأثر يتمثل في رفع أداء السوق المالي و كذلك ضبط الثغرات و تطوير قدرات البنوك.



الفصل الأول: ماهية حوكمة البنوك
المبحث الأول: مفهوم و أهمية حوكمة البنوك

يعتبر نظام الحوكمة الجيد أحد الدعائم الأساسية لإنعاش أي مؤسسة و استمرار نجاحها على المدى الطويل و يعتمد نجاح هذا النظام بصورة كبيرة على مهارات و خبرات و معرفة القائمين على المؤسسة.

المطلب الأول: مفهوم حوكمة الجهاز المصرفي و المالي1

تعني الحوكمة في الجهاز المصرفي و المالي, مراقبة الأداء من قبل مجلس الإدارة و الإدارة العليا للمؤسسة و حماية حقوق حملة الأسهم و المودعين, بالإضافة إلى الاهتمام بعلاقة هؤلاء بالفاعلين الخارجيين, و الني تتحدد من خلال الإطار التنظيمي و سلطات الهيئة الرقابية و تنطبق الحوكمة في الجهاز المصرفي على البنوك العامة و الخاصة و المشتركة.
و يعرف بنك التسويات الدولية الحوكمة في المصارف بأنها الأساليب التي تدار بها المصارف من خلال مجلس الإدارة و الإدارة العليا و التي تحدد كيفية وضع أهداف البنك و التشغيل و حماية مصالح حملة الأسهم و أصحاب المصالح مع الالتزام بالعمل وفقا للقوانين و النظم السائدة و بما يحقق حماية مصالح المودعين.
و تتمثل العناصر الأساسية في عملية الحوكمة في مجموعتين2:
o المجموعة الأولى: تتمثل في الفاعلين الداخليين، وهم حملة الأسهم ومجلس الإدارة والإدارة التنفيذية والمراقبون والمراجعون الداخليون.
o المجموعة الثانية: تتمثل في الفاعلين الخارجيين، المتمثلين في المودعين، وصندوق تأمين الودائع، ووسائل الإعلام، وشركات التصنيف والتقييم الائتماني، بالإضافة إلى الإطار القانوني التنظيمي والرقابي.
أما الركائز الأساسية للحوكمة التي لا بد من توافرها حتى يكتمل إحكام الرقابة الفعالة على أداء البنوك، تتلخص في الشفافية، وتوافر المعلومات، وتطبيق المعايير المحاسبية الدولية، والنهوض بمستوى الكفاءات البشرية من خلال التدريب, ولا يرتبط نجاح الحوكمة في الجهاز المصرفي فقط بوضع القواعد الرقابية، ولكن أيضا بأهمية تطبيقها بشكل سليم، وهذا يعتمد على البنك المركزي ورقابته من جهة، وعلى البنك المعني وإدارته من الجهة الأخرى.
ويجب أن تكون إدارة البنك مقتنعة بأهمية مثل هذه القواعد والضوابط، مما يساعد على تنفيذها. وهذا ما يكشف عن دور كل من مجلس الإدارة بقسميه التنفيذي وغير التنفيذي، ولجان المتابعة التي توفر له البيانات اللازمة عن أداء البنك، وإدارات التفتيش داخل الجهاز المصرفي التي تعرض تقاريرها على مجلس الإدارة والمساهمين، الذين يجب أن يقوموا بدورهم في الرقابة على أداء البنك، إلى جانب المساهمة في توفير رؤوس الأموال في حالة حاجة البنك إليها.
المطلب الثاني: أهمية الحوكمة الجيدة في البنوك1
يمكن تلخيص أهمية الحوكمة الجيدة في البنوك في النقاط التالية:
§ تعتبر الحوكمة المؤسسية نظام يتم بموجبه توجيه و رقابة العمليات التشغيلية للبنوك؛
§ تمثل الحوكمة المؤسسية الجيدة عنصرا رئيسيا في تحسين الكفاءة الاقتصادية و سوء هذه الحوكمة على العكس من ذلك و خاصة في البنوك يمكن أن يؤثر على الاستقرار الاقتصادي و المالي. و خير دليل على ذلك, ما حصل في الأزمة المالية الآسيوية؛
للبنك المركزي دور في تعزيز و تشجيع الحوكمة المؤسسية في البنوك التجارية و ذلك للأسباب التالية:
v إن تطبيق الحوكمة المؤسسية الجيدة يقع ضمن المسؤوليات الإشرافية للبنك المركزي؛
v إن البنوك التجارية تختلف عن غيرها من الشركات المساهمة لأن طبيعة عملها تحمل المخاطر, إضافة إلى كون هذه البنوك مسؤولة عن المحافظة على أموال الغير (المودعين)؛
v نتيجة لتعرض البنوك لهذه المخاطر و بسبب تداول أسهمها في بورصة الأوراق المالية, فإن وجود الحوكمة المؤسسية مسألة مهمة و ضرورية لهذه البنوك؛
v يحتاج أعضاء مجلس الإدارة في البنوك ضمان أن المخاطر التي تتعرض لها طبيعة أعمال البنوك تدار بشكل سليم, و أن لدى البنك المركزي المسؤولية القانونية للتأكد من ذلك؛
v ليس من السهل الحصول على أعضاء مجلس الإدارة مستقلين بشكل حقيقي, أو الأعضاء الذين يمكن أن يقفوا في وجه المساهمين المسيطرين على رأس مال البنك.

المبحث الثاني: الأطراف الأساسية في حوكمة البنوك و عملية إدارة المخاطر المصرفية
المطلب الأول: الأطراف الأساسية في الحوكمة1
1- السلطات التنظيمية: بناء إطار للحوكمة و إدارة المخاطر
إن منظمي البنوك لهم دور فعال في بناء إطار لحوكمة البنوك و إدارة مخاطر البنوك, حيث تتركز جهود الجهات التنظيمية نمطيا على المحافظة على ثقة الجمهور في القطاع المصرفي و على خلق سوق عادلة للمؤسسات المالية و الهيئات التي تقدم خدمات مالية و تهدف الهيئات التنظيمية أيضا إلى إيجاد سوق حرة نحو الإشراف على البنوك و الوظائف المهنية الإشرافية و كذلك العمل على خلق وعي لدى الجمهور بمسؤولية إدارة البنك في عملية إدارة المخاطر.
أما من حيث إدارة المخاطر المالية فتتركز مسؤولية الجهات التنظيمية حول تحسين الجودة من خلال متطلبات الترخيص و الحد الأدنى لرأس المال و قواعد كفاية رأسمالية صارمة و تشديد المسؤوليات و المعايير الائتمانية و توفير قواعد إرشادية حول إدارة المخاطر و السياسات ذات الصلة.
2- السلطات الإشرافية: مراقبة إدارة المخاطر
إن معاملات البنوك الكبيرة بالغة التعقيد و من ثم يصعب تتبعها و تقييمها حيث يعتمد المشرفون بدرجة كبيرة على نظم الرقابة الإدارية الداخلية. و قد تسبب المدخل التقليدي للتنظيم و الإشراف في بعض الأوقات في إحداث تحريفات في الأسواق المالية عن طريق تقديم حوافز سلبية للتهرب من تطبيق القواعد التنظيمية بدلا من التشجيع على كفاية إدارة المخاطر المالية. و منذ أواخر الثمانينات حدث إدراك متزايد بأن المدخل القديم للإشراف على البنوك لا يستطيع الصمود في وجه تحديات البيئة المصرفية المعاصرة و الأسواق المضطربة, و في بعض الجهات أدى هذا الإدراك إلى حدوث عملية مكثفة من التشاور بين السلطات التنظيمية و البنوك الساعية لإيجاد إطار قانوني من اجل التحول إلى مدخل موجه نحو السوق و قائم على المخاطرة للإشراف على البنوك, و لإرساء مثل هذا الإطار يجب تحديد مسؤوليات مختلف الأطراف في عملية إدارة المخاطر بوضوح.
و لذلك فإن مهمة الإشراف على البنوك يمكن النظر لها على أنها مراقبة و تقييم و عند الضرورة تقوية عملية إدارة المخاطر التي تؤديها البنوك, و مع ذلك فإن السلطة الإشرافية هي فقط واحدة من عدة أطراف مساهمة في إيجاد نظام مصرفي مستقر.
3- المساهمون: تعيين صناع السياسة المناسبين
يلعب المساهمون دورا هاما في تقرير حوكمة البنوك و ذلك من خلال انتخاب المجلس الإشرافي و الموافقة على مجلس الإدارة و لجنة المراجعة و المراجعين الخارجيين, و يكون المساهمون في وضع يسمح لهم بتحديد توجه البنك. و تختلف البنوك عن الشركات الأخرى في أن مسؤوليات الإدارة و المجلس ليست فقط تجاه حملة الأسهم بل أيضا تجاه المودعين الذين يوفرون رافعة مالية لرأس مال الملاك و هنا يختلف المودعين عن الدائنين التجاريين العاديين لان كامل وظيفة الوساطة في الاقتصاد بما في ذلك المدفوعات و من ثم استقرار النظام المالي تكون على المحك.
4- مجلس الإدارة1: المسؤولية النهائية عن شؤون البنك
تختلف البنوك عن عموم الشركات لأن انهيارها يؤثر على دائرة أكثر اتساعا من الأشخاص فضلا عما قد يؤدي إليه من إضعاف النظام المالي ذاته, و ما يحدثه من أثار سيئة على الاقتصاد بأسره. و هو ما يلقي بمسؤولية خاصة على أعضاء مجلس إدارة البنوك, و تظل المسؤولية تلاحقهم حتى بالرغم من خضوع عملهم لإشراف جهة تنظيمية مهمتها هي ضمان قيامهم بأعمالهم بطريقة تؤدي إلى الاستقرار. و يتركز اهتمام المشرفين التنظيميين على نوعية إدارة البنك ابتداء من مجلس الإدارة ذاته.
و لما كان لا يمكن لأعضاء مجلس الإدارة أن يقوموا بكل شيء بأنفسهم و كان يجب عليهم تفويض بعض المهام فانه يجب عليهم على الدوام التأكد من قدرة أولئك الذين ائتمنوهم و عهدوا إليهم بالسلطة. و على أعضاء مجلس الإدارة عقد اجتماعات المجلس وفقا لضرورات العمل على إلا تقل عن مرة كل ثلاثة شهور. و تتمثل مسؤوليات مجلس الإدارة في مايلي:
4-1- التنظيم:
العناصر الرئيسية لواجبات أعضاء مجلس الإدارة المتعلقة بالتنظيم العام للبنك هي:
§ دعم إدارة البنك في المهام الموكلة إليه بتطوير أعمال البنك و تشجيع الابتكار بهدف تحقيق الأغراض المستهدفة.
§ وضع إطار واضح من السياسات و الأهداف في كافة المجالات التي يجب أن تعمل الإدارة في نطاقها و هذه السياسات تغطي السياسات الخاصة بالأفراد و النظام المالي الأساسي بما في ذلك وضع الموازنات و العمليات المالية بما فيها إدارة الأصول و الالتزامات و التخطيط الرأسمالي و الاستثمارات
§ النظر بعناية شديدة إلى الموارد البشرية و المادية و المالية للبنك و إلى نقاط القوة و الضعف به بالإضافة إلى الاتفاق على أهدافه و الإستراتيجية طويلة الأجل و خطط العمل في الأجلين المتوسط و القصير, هذا على أن يأخذ في الاعتبار في نفس الوقت البيئة الاقتصادية التي سيعمل البنك في محيطها.
4-2- القيادة: و تتمثل مهام القيادة في أعضاء مجلس الإدارة في الواجبات التالية:
§ وضع الأسس السلوكية و الأخلاقية لكافة العاملين بالبنك من خلال القدوة ووضع قواعد للقيم و السلوك السليم.
§ التأكد من التزام عمليات البنك بكافة القوانين السارية
§ تشجيع ثقة المودعين و العملاء في نزاهة المعلومات التي تتدفق من البنك, و يجب على أعضاء مجلس الإدارة إدراك ضرورات السرية التجارية, مع عدم استخدام ذلك كعذر لا ضرورة له لعدم الشفافية, و ينبغي أن ينظروا إلى الشفافية باعتبارها القاعدة.
4-3- الرقابة: تتلخص واجبات أعضاء مجلس الإدارة فيما يخص الرقابة فيما يلي:
§ التأكد من أن مجلس الإدارة يتلقى تقارير سليمة تفصيلية دورية عن المركز المالي للبنك و أدائه.
§ التأكد من التقدم في اتجاه تحقيق أهداف البنك, و غالبا ما يتم ذلك من خلال مقارنة الأداء بالموازنات
§ التأكد من سلامة الرقابة على العمليات التي يقوم بها البنك و القيام من اجل هذا وضع و تنفيذ خطوط للمساءلة و المسؤولية في جميع أنحاء البنك لتحديد المخاطر و إدارتها و تقديم التقارير عنها
§ التأكد من وجود نظم سليمة لاتخاذ القرارات و الرقابة و التأكد من فعالية النظم عن طريق اختبارها بانتظام.
5- الإدارة: المسؤولة عن عمليات البنك و تنفيذ سياسات إدارة المخاطر
إن السلامة المالية و أداء نظام مصرفي ما, تعتمد في النهاية على مجالس الإدارة و على الإدارة العليا للبنوك, و المركز الاستراتيجي للبنك و طبيعة شكل مخاطرة البنك و كفاية النظم للتعرف على شكل المخاطرة و مراقبتها و إدارتها أمور تعكس مدى جودة مراقبة الفريق الإداري و مجلس الإدارة للبنك. و لهذه الأسباب فإن الإستراتيجية الأكثر فعالية للترويج لنظام مالي قوي هو تقوية مساءلة أعضاء مجلس الإدارة وتعظيم حوافزهم على إدارة البنك بحكمة و رشادة. لذلك فإن دور الادارة العليا مكون جوهري في المدخل القائم على السوق إلى التنظيم و الإشراف.
المطلب الثاني: عملية إدارة المخاطر
أ/ يتعرض البنك لعدة مخاطر عند توظيف أمواله, و هذه المخاطر تتمثل في1:
1- المخاطر الائتمانية: تتعلق هذه المخاطر دائما بالسلفيات (القروض) و الكشف على الحساب أو أي تسهيلات ائتمانية تقدم للعملاء, و تنجم هذه المخاطر عادة عندما يمنح المصرف العملاء قروضا واجبة السداد في وقت محدد في المستقبل و يفشل العميل في الإيفاء بإلتزاماته بالدفع عند حلول وقت سداد القروض.
2- مخاطر السوق: تنشأ مخاطر السوق للتغيرات المفاجئة في أحوال السوق حيث تتأثر المصارف بذلك التغيير.
3- مخاطر سعر الفائدة: هذه المخاطر ناتجة عن تغير أسعار الفوائد صعودا أو هبوطا حسب وضع كل مصرف على حدة نسبة إلى السيولة المتوفرة لديه و مثالا على ذلك: هناك احتمال أن يتعرض المصرف إلى خسارة عند توفر فائض السيولة لديه في حالة هبوط سعر الفائدة و عندما تشح السيولة يضطر المصرف للاقتراض من سوق المصارف فمن المحتمل أن يتعرض لخسارة في حالة ارتفاع سعر الفائدة, لذلك يتوجب على المصرف أن يولي هذا الموضوع مراقبة و إدارة مستمرة تجنبا للمخاطر.
4- مخاطر السيولة: غالبا ما تنتج هذه المخاطر بسبب عدم مقدرة المصرف على جذب إيداعات جديدة من العملاء أو بسبب ضعف المصرف في إدارة الموجودات و المطلوبات, هذا و يقوم المصرف باللجوء إلى أسواق المصارف كلما أقرض عملاءه و ذلك لكي يتمكن من الإيفاء تعهداته على الوفاء بطلبات القروض من عملاء المصرف. فكلما اقترض المصرف من الأسواق المالية قلت مقدرته على إبقاء هامش ربحي جيد على القروض التي يقدمها.
5- المخاطر التشغيلية: هذه المخاطر تتعلق بالمخاطر المتصلة بالعمل اليومي في المصارف و لأن المصارف ليست كالمصانع فإن المخاطر التشغيلية فيها تتركز في عمليات السطو و المباني غير الآمنة و تتضمن هذه المخاطر أيضا أخطاء الصرافين و القيود الخاطئة.
6- مخاطر المعاملات: كثيرا ما نسمع عن تحرك أسعار الدولار الأمريكي أو الين الياباني صعودا أو هبوطا في الأسواق المالية مقابل الأورو أو الجنيه الإسترليني مثلا. لذلك يجب أن يكون للمصرف القدرة على حماية أمواله و أموال عملائه ضد هذه التقلبات سواء كانت صعودا أو هبوطا.
7- المخاطر القانونية: و هي المخاطر التي يتعرض لها المصرف من جراء نقص أو قصور مستنداته مما يجعلها غير مقبولة قانونيا.
و قد يحدث أكثر من واحدة من المخاطر المذكورة في آن واحد. لذا فإن المصارف عموما ترسم سياساتها لإدارة و تحديد تلك المخاطر, و تقوم بعد تحليلها بضبطها ضمن حدود معقولة كما تقوم بمراقبتها بصفة مستمرة من خلال قسم ينشأ خصيصا لإدارة المخاطر.
ب/ عملية إدارة المخاطر 1:
ترتبط أي عمليات للبنوك و المؤسسات المالية بحتمية مواجهة مخاطر متعددة الأنواع. و يعلم مجلس الإدارة أن علاج أي نوع من المخاطر ينبغي أن يبدأ بتحليل منتظم لعنصرين هامين هما عنصري الاحتمالات و الآثار, الاحتمالات بمعنى انتظار و ترقب وقوع الحدث و الآثار بمعنى الضرر الذي ينتج في حال حدوث الاحتمال.
و مهمة مجلس الإدارة في جانب إدارة المخاطر تتمثل فيما يلي:
· التعامل مع المخاطر الإستراتيجية. و هذه المخاطر تؤثر في السياسات الأساسية و لا يمكن تفويض التعامل في المخاطر الإستراتيجية للجنة المراجعة. و هي تتطلب النظر فيها و تقديرها بصفة منتظمة. و على سبيل المثال, هل البنك موجود في الأسواق الصحيحة؟ هل منتجاته و خدماته ملائمة و منافسة؟ ما هي التهديدات التي يمثلها وجود منافسون؟ ما هي نقاط الضعف التي يجب علاجها؟ و هذا النوع من التحليلات يطلق عليه SWOTأو تحليل نقاط القوة و الضعف.
· التأكد من كفاية النظام الموجود للتعامل مع كافة المخاطر الأخرى, و أن كل نوع من أنواع المخاطر يقع تحت مسؤولية مدير بعينه أو لجنة بعينها, و التأكد أيضا من أن النظام يعمل, و يتم اختباره بشكل موضوعي.
إن هدف1 إدارة المخاطر و إدارة الأصول و الخصوم هو تحقيق مفاضلة مثلى بين المخاطرة و العائد وتخطيط و تمويل تنمية الأعمال بناء على ذلك, و إدارة المخاطر هي عبارة عن مجموعة من الأدوات و التقنيات و أيضا عملية مطلوبة لتنفيذ إستراتيجية البنك, هدفها قياس هذه المخاطر و التحكم فيها, و تركز إدارة الأصول و الخصوم على مخاطرة السيولة و مخاطرة أسعار الفائدة على المستوى العام للميزانية الختامية.و يمكن اعتبارها مجموعة نوعية من إدارة المخاطر. و تغطي إدارة المخاطر مخاطر أخرى مثل المخاطرة الائتمانية و السوقية, كما تشمل أيضا كل عمليات الإدارة و التصميم التنظيمي المطلوبة لفعالية تنفيذ مجموعة التقنيات و النماذج التي تتناول إدارة المخاطر و التحكم فيها.

الفصل الثاني: لجنة بازل و الحوكمة المؤسسية للبنوك
تمهيد: أصدرت لجنة بازل للإشراف على البنوك في شهر سبتمبر 1999 نشرة بعنوان: "تحسين الحوكمة المؤسسية للبنوك"(Enhancing Corporate Governance For BankingOrganisations) كجزء من الجهود المستمرة للتطرق لمواضيع الإشراف البنكي, و قد نشطت لجنة بازل للإشراف البنكي للحصول على الخبرة الإشرافية المجمعة من أعضائها و غيرهم و التي تمثلت في إصدار توجيه إشرافي من اجل تسريع ممارسات بنكية آمنة و معقولة. حيث لا يمكن أن يعمل الإشراف بشكل جيد إذا لم تكن الحوكمة المؤسسية تعمل حسب الإطار المخطط لها. و بالتالي فإن المشرفين في البنوك لهم مصلحة قوية في ضمان وجود حوكمة مؤسسية فعالة في كل منظمة بنكية, حيث أن الخبرة الإشرافية تشدد على ضرورة وجود المستويات المناسبة للمساءلة و فحص الأرصدة في كل بنك. فالحوكمة المؤسسية المقبولة تجعل من عمل المشرفين أكثر سهولة. كما أنها تمكن من أن تساهم في إيجاد علاقات عمل تعاونية بين إدارة البنك و المشرفين.
المبحث الأول: التعريف بلجنة بازل1
إدراكا من الدول الصناعية الكبرى لأهمية وخطورة القطاع المالي، وخاصة قطاع المصارف، فقد حرصت الدول العشر (بلجيكا، كندا، فرنسا، ألمانيا، لكسمبورغ، هولندا، اسبانيا، السويد، سويسرا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة) على تشكيل لجنة في إطار مصرف التسويات الدولية للرقابة على المصارف مع نهاية 1974، وهي لجنة استشارية فنية لا تستند إلى أية اتفاقية دولية وإنما أنشئت بمقتضي قرار من محافظي المصارف المركزية للدول الصناعية وتجتمع هذه اللجنة مرات سنويا ويساعدها عدد من فرق العمل من الفنيين لدراسة مختلف جوانب الرقابة على المصارف، ولذلك فإن قرارات أو توصيات هذه اللجنة لا تتمتع بأي صفة قانونية أو إلزامية، رغم أنها مع مرور الوقت، أصبحت ذات قيمة فعلية، وتتضمن قرارات وتوصيات اللجنة وضع مبادئ ومعايير المناسبة للرقابة على المصارف مع الإشارة إلى نماذج الممارسات الجديدة في مختلف البلدان، بغرض
تحفيز الدول على إتباع تلك المبادئ والمعايير والاستفادة من هذه الممارسات.
وقد قامت لجنة بازل، إدراكا منها بأن سلامة القطاع المصرفي يتوقف على حسن مواجهة المخاطر التي تتعرض لها المصارف، بإصدار اتفاقية كفاية رأس المال في عام 1988، حيث حددت نسبة 8 ٪ كحد أدنى لكفاية رأس المال لمواجهة مخاطر الائتمان في المصارف، وقد أخذت الدول الصناعية بشكل عام بالانصياع على هذه القواعد وما لبثت أن أصبحت الأحكام من القواعد والمعايير العامة التي أخذت بها مختلف الدول.
إن اللجنة لم تقتصر على وضع حدود دنيا لكفاية رأس المال في المصارف، بل قدرت أن مواجهة المخاطر المصرفية يتطلب مجموعة من المبادئ والقواعد في تنفيذ الرقابة على المصارف، فأصدرت اللجنة عام 1997 المبادئ الأساسية للرقابة المصرفية الفعالة، واتبعتها في 1999 بوضع منهجية للتأكد من تطبيق المبادئ .
وخلال عقد التسعينات وخاصة في نهايتها عند وقوع الأزمة المالية الأسيوية سنة ( 1997) ظهرت الحاجة إلى إعادة النظر في اتفاقية بازل لكافية رأس المال، وان الأمر قد يتطلب أكثر من مجرد مواجهة مخاطر الائتمان التي يمكن أن يتعرض لها أحد المصارف ، حيث أن هناك حاجة إلى ضمان استقرار النظام المالي في مجموعة ، فضلا عن أن المخاطر التي تواجهها المصارف تجاوزت مجرد مخاطر الائتمان ومن هنا بدأ الأعداد الاتفاقية بازل الثانية.
المطلب الأول: أهداف لجنة بازل1
تهدف لجنة بازل للرقابة المصرفية من خلال مقرراتها أساسا إلى:
- المساعدة في تقوية و استقرار النظام المصرفي الدولي خاصة بعد تفاقم أزمة المديونية الخارجية لدول العالم الثالث؛
- وضع البنوك الدولية في أوضاع تنافسية متكافئة, و بالتالي إزالة الفروق في المتطلبات الرقابية الوطنية بشأن رأس المال المصرفي حيث تمثل تلك الفروق المصدر الرئيسي للمنافسة غير العادلة بين البنوك, كما كان الأمر بالنسبة للبنوك اليابانية المتفوقة على البنوك الأوروبية و الأمريكية؛
- إيجاد أساليب و آليات للتكيف مع المتغيرات العالمية و في مقدمتها العولمة المالية و تحرر حركة رؤوس الأموال و انفتاح الأسواق المالية لمسايرة الواقع الحديث و المتطور؛
- تحسين الأساليب الفنية للرقابة على أعمال البنوك و تسهيل عملية تداول المعلومات حول تلك الأساليب بين السلطات النقدية المختلفة (البنوك المركزية).
المطلب الثاني: مقررات لجنة بازل
1- اتفاقية بازل 21:
في عام 1986 اقترح منظموا البنوك الأمريكية أن يشترط على هذه الأخيرة امتلاك حد ادني من رأس المال يعكس مدى مخاطرة الأصول البنكية, و بحلول عام 1988 اتسع نطاق الاقتراح ليشمل معايير رأس المال القائمة على المخاطرة لدى البنوك في 12 دولة صناعية. و قد طبق المنظمون الأمريكيون هذه الاشتراطات على مراحل بدءا من عام 1990 و حتى نهاية عام 1992.
2- من اتفاق بازل1 إلى بازل 2:
إن الفهم الكامل لطبيعة الاتفاق الجديد يتطلب متابعة التطور الكبير الذي تتحقق في مجال الرقابة على المصارف والذي لعبت فيه لجنة بازل دورا بارزا بإصدار الجديد من الوثائق في هذا المجال، كذلك فإن اتفاق بازل 2 ليس مجرد إعادة نظر في الاتفاق السابق لكافية رأس المال بل هو نظرة جديدة للتعامل مع المخاطر وما يستوجب ذلك من تغير في أساليب إدارة المصارف والرقابة عليها.لقد اعتمد المعيار لكفاية رأس المال على مقياس واحد للمخاطر بتحديد أوزان لهذه المخاطر، وبالتالي لنسبة رأس المال المطلوب، على أساس التفرقة بين أنواع المقترضين،فلإقراض ومصارف دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي بالإضافة إلي السعودية تتمنع بمعاملة خاصة حيث يعتبر حاليا من المخاطر ،أي دون مقابل لرأس المال ،في حين أن الأقراص للدول الأخرى ومؤسساتها ينبغي التحوط له بواقع 8٪ لكفاية رأس المال ،ولم يقتصر الأمر علي التمييز بل فكرة المخاطر المستخدمة هنا .قد حددت علي أساس تنظيمي دون النظر إلي طبيعة المخاطر كما تذكرها أوضاع السوق .وهنا ظهرت الحاجة إلي ضرورة إعادة النظر في معايير كفاية رأس المال بإزالة التمييز بين مختلف الدول من ناحية والاستناد بدرجة أكبر إلي طبيعة المخاطر وقياسها وفقا لظروف السوق.
كما أدى التقدم التكنولوجي في الاتصالات من ناحية وتقدم الفن المصرفي وتحليل المخاطر من ناحية أخرى إلى إتباع العديد من المصارف أساليب أكثر تقدما وفعالية في إدارة المخاطر، وأصبح من الضروري أن تلاحق معايير كفاية رأس المال هذه التطورات في تكنولوجيا الإدارة المالية للمصارف.
وعندما بدأ التفكير في تعديل اتفاق كفاية رأس المال ( بازل 1) استقر الرأي، بأن لا يقتصر الأمر على مراجعة الحدود الدنيا لرأس المال بل أن تنتهز اللجنة الفرصة للنظر في الموضوع اعتبار معالجة للقضية الرئيسية للمصارف وهي إدارة المخاطر بحيث يتضمن التعديل تقديم حوافر للمصارف نفسها للارتقاء بأساليب إدارة المخاطر وأن تتوسع أهداف الرقابة لضمان استقرار النظام المالي في مجموعه .
3- اتفاق بازل2
تتمثل المقترحات الجديدة والتي تم الإعلان عنها في 6 جانفي 2001 في توسيع قاعدة و إطار كفاية رأس المال بها يضمن تحقيق الأهداف التالية:
1- المزيد من معدلات الأمان وسلامة ومتانة النظام المالي العالمي
2- تحقيق العدالة في المنافسة وتدعيم التساوي والتوازن في المنافسة بين البنوك ودولية النشاط وضمان تكافؤ الأنظمة والتشريعات وعدم التعارض بين الأهداف السياسية والأهداف العامة.
3- إدخال منهج أكثر شمولية لمعالجة المخاطر من خلال إدراج العديد من المخاطر لم تكن متضمنة من قبل – وإيجاد نماذج اختبار جديدة أكثر ملائمة للتطبيق في البنوك على كافة مستوياتها.
4- إيجاد طريقة جديدة قابلة للتطبيق على البنوك بكافة مستوياتها.
وضمان لتحقيق تلك الأهداف أرست اللجنة عددا من القواعد لتطوير وتنمية الثلاث دعائمرئيسية والمتوازية لاحتساب رأس المال طبقا للمعايير المقترحة وذلك على النحو التالي1:
أ/- الدعامة الأولى: الحد الأدنى لمتطلبات رأس المال
تحقق درجة أكبر من التناسب بين رأس المال البنك وأصوله الخطرة من خلال أسلوب مرن وتتضمن المعايير الجديدة في هذا الخصوص عدة بدائل تحل محل المعايير الموحدة التي تتضمنها اتفاق بازل 1988 بما يتناسب مع حجم المخاطر التي يتحملها البنك ويمكن من السيطرة على المخاطر ويتركز التعديل على تحسين أساليب قياس المخاطر( الأسلوب المعياري، أسلوب التقييم الداخلي).
ب/- الدعامة الثانية: الفحص الرقابي لكفاية رأس المال
أي أحكام ورقابة الأجهزة الرقابية والإشرافية على مخاطر الائتمان للتأكد من أن كل بنك لديه نظم داخلية سليمة لتقدير ملائمة رأس المال ماله بالاعتماد على تقييم مخاطره.
ج/- الدعامة الثالثة: انضباط السوق
من خلال تدعيم عنصري الشفافية والإفصاح من جانب البنوك بما يكفل القدرة على فهم أفضل للمخاطر التي تواجه البنوك لذلك تطالب اللجنة الإفصاح عن هيكل رأس المال والمخاطر وملائمة رأس المال.
3- أهم خصائص اتفاقية بازل 2:
يمكن أن نلخص أهم الخصائص الجديدة التي أخذت بمقترحات كفاية رأس المال الجديد ( بازل2) بمايلي:
أ/- نظرة متكاملة للمخاطر:
جاء التعديل الجديد لاتفاقية كفاية رأس المال (بازل2) منطلقا من فكرة أوسع للمخاطر، وأن الأمر ليس مجرد ضمان حد أدنى لمستلزمات رأس المال بل أن هناك ضرورة لنظرة أوسع للمخاطر تتجاوز مجرد مخاطر الائتمان لإدخال المظاهر الأخرى للمخاطر وخاصة مخاطر التشغيل، فضلا عن أن التعامل مع المخاطر لا يقتصر على مجرد توفير حد أدنى من رأس المال، بل يتطلب مراعاة منظومة كاملة من مبادئ الإدارة السليمة للمصرف والتحقق من الوفاء بها، ومن هنا أضاف اتفاق بازل 2 الدعامة الثانية المتعلقة بعمليات مراجعة الرقابية، وأخيرا فإن الاستقرار المالي يتطلب انضباط في السوق وشفافية كاملة في البيانات التي تصدرها المصارف الأمر الذي تعرضت له الدعامة الثالثة المتحكمة في انضباط السوق.
ب/- حساسية أكبر للسوق في تقدير الخطر:
جاء اتفاق بازل 2 لإضفاء مزيد من الاحتكام لتقدير السوق لهذه المخاطر، فالفكرة الرئيسية لمفهوم المخاطر في بازل2 هو أنها أصبحت أكثر حساسية لتقديرات السوق فالمصارف من خلال تعاملها المستمر في الأسواق أقدر على تحديد هذه المخاطر وذلك بالمقارنة بالتقدير الجزافي للجنة بازل 1.
ومن هنا فان الاتجاه العام في بازل 2 هو نحو المصارف على وضع نظم داخلية لتقدير المخاطر وفقا لنظرة السوق
ج/- إلغاء التمييز مع زيادة المرونة:
جاء اتفاق بازل 2 متجها إلى الاستناد بدرجة أكبر إلى تقدير السوق للمخاطر وبالتالي فإنه عمد إلى إلغاء هذا التمييز بين الدول، فالمخاطرة هي للمخاطر، والسوق وحدها هي الأكثر قدرة على تقديرها، واستمرار مع منطق التقدير الجزافي، فقد كان اتفاق بازل 1 يضع معيار كميا ثابتا يطبق بشكل عام على كل العمليات، وإذا كان لبساطة المعيار ميزة وخاصة عند بداية إدخال معايير دولية لكافية رأس المال الأول مرة، فإن هذه البساطة حالت دون مراعاة البيان في حجم وطبيعة هذه المخاطر، ومن هنا فقد جاء اتفاق بازل 2 موفرا مزيدا من المرونة أمام المصارف في تطبيقها لمعايير كفاية رأس المال الجديدة.
المبحث الثاني: مبادئ حوكمة البنوك حسب مقررات لجنة بازل
المطلب الأول: أعمال لجنة بازل في مجال حوكمة البنوك
أ/ أوراق عمل لجنة بازل حول أهمية حوكمة البنوك1:
أصدرت لجنة بازل عدة أوراق عمل حول مواضيع محددة, حيث تم فيها التركيز على أهمية الحوكمة المؤسسية و تشمل هذه الأوراق مايلي:
1- مبادئ إدارة مخاطر معدل الفائدة (سبتمبر 1998) ؛
2- تحسين شفافية البنك (سبتمبر 1998) ؛
3- إطار لنظم الرقابة الداخلية في المنظمات البنكية (سبتمبر 1998) ؛
4- مبادئ إدارة مخاطر الائتمان (ماي 1998).
و قد بينت هذه الأوراق حقيقة أن الاستراتيجيات و الأساليب الفنية و التي تعتبر أساسية للحوكمة المؤسسية السليمة داخل الجهاز المصرفي تتكون من عدة عناصر, نذكر منها:
1- توافر دليل عمل و معايير للسلوك الملائم, و نظام لقياس مدى الالتزام بهذه المعايير؛
2- توافر إستراتيجية واضحة للمؤسسة, يتم على ضوئها قياس نجاح المنشأة ككل, و مدى مساهمة الأفراد في هذا النجاح؛
3- التوزيع السليم للمساهمات و مراكز اتخاذ القرار, متضمنا نظام هرمي لسلطات الاعتماد المتدرجة بداية من الأفراد و حتى مجلس الإدارة؛
4- وضع آلية للتعاون و التفاعل بين مجلس الإدارة و الإدارة العليا و مراجعة الحسابات؛
5- توافر نظم قوية للرقابة الداخلية, تتضمن وظائف المراجعة الداخلية و الخارجية, و وظائف إدارة المخاطر؛
6- رقابة خاصة لمراكز المخاطر في المواقع التي يتصاعد فيها احتمال تضارب المصالح, بما في ذلك علاقات العمل مع المقترضين المرتبطين بالبنك و كبار المساهمين و الإدارة العليا و متخذي القرارات الرئيسية في المؤسسة؛
7- الحوافز المالية و الإدارية للإدارة العليا و التي تحقق العمل بطريقة ملائمة, و أيضا بالنسبة للموظفين سواء كانت في شكل مكافآت أو ترقيات أو أي شكل آخر؛
8- تدفق مناسب للمعلومات سواء إلى داخل البنك أو خارجه.
كما أشارت ورقة أخرى صادرة عن لجنة بازل خاصة بالحوكمة و الإشراف عليها Corporate Governance And Oversightعلى مايلي:
- يجب الحصول على موافقة من مجلس إدارة البنك أو إحدى اللجان المختصة و كذلك من الإدارة العليا على كافة النواحي المادية لعمليات التصنيف و التقدير, و يجب أن يكون لدى تلك الأطراف فهم عام عن نظام البنك لتصنيف المخاطر و مفهوم تفصيلي عن التقارير الادارية المصاحبة.
- يجب أن يكون لدى الإدارة العليا مفهوم جيد عن تصميم نظام التصنيف و كيفية عمله, كما يجب عليها أن توافق على الاختلافات المادية بين الإجراءات الموضوعة و الممارسة الفعلية و يجب على الإدارة أيضا أن تتأكد باستمرار من سلامة عمل النظام.
- يجب أن يكون التصنيف الداخلي جزءا أساسيا من عملية التقارير لتلك الأطراف, و يجب أن تضم التقارير شكل المخاطر وفقا للدرجة, و التغير فيما بين درجات التعرض, و تقدير المعايير ذات الصلة بالنسبة لكل درجة, و مقارنة معدلات التعثر في مقابل التوقعات.و قد يختلف عدد مرات تقديم التقارير طبقا لأهمية و نوع المعلومات و مستوى الجهة التي تقدم إليها التقارير.
ب/ مبـادئ حوكمة البنوك1:
أصدرت لجنة بازل تقرير عن تعزيز الحوكمة في المصارف عام 1999 ثم أصدرت نسخة معدله منه عام 2005 وفى فبراير 2006 أصدرت نسخة محدثة بعنوان "Enhancing Corporate Governance for banking organization" يتضمن مبادئالحوكمة في المصارف وتتمثل في :
المبـدأ الأول:
يجب أن يكون أعضاء مجلس الإدارة مؤهلين تماما لمراكزهم وأن يكونوا على دراية تامة بالحوكمة وبالقدرة على إدارة العمل بالبنك ، و يكون أعضاء مجلس الإدارة مسؤولين بشكل تام عن أداء البنك وسلامة موقفه المالي وعن صياغة إستراتيجية العمل بالبنك وسياسة المخاطر وتجنب تضارب المصالح وان يبتعدوا بأنفسهم عن اتخاذ القرارات عندما يكون هناك تعارض في المصالح يجعلهم غير قادرين على أداء واجبهم على أكمل وجه تجاه البنك ، وان يقوموا بإعادة هيكلة للمجلس ويتضمن ذلك عدد الأعضاء مما يشجع على زيادة الكفاءة ، وتتضمن واجبات المجلس اختيار ومراقبة وتعيين المديرين التنفيذيين بما يضمن توافر الكفاءات القادرة على إدارة البنك وان يكون أعضاء المجلس على دراية كافية بمبادئ وأسس الأنشطة المالية للبنك التي يجب إتباعها وبالبيئة التشريعية ، ويقوم مجلس الإدارة بتشكيل لجان لمساعدته ومنها لجنة تنفيذية ولجنة مراجعة داخلية وتقوم لجنة المراجعة بالتعاون مع مراقبي الحسابات وتراجع وتتسلم تقاريرهم وان تأخذ القرارات التصحيحية في الوقت المناسب لتحديد أوجه الضعف في الرقابة وعدم التوافق مع السياسات والقوانين والنظم . كما يشكل مجلس الإدارة لجنة إدارة المخاطر تضع المبادئ للإدارة العليا بشأن إدارة مخاطر الائتمان ،السوق, السيولة ،التشغيل ،السمعة وغير ذلك من المخاطر، ولجنة الأجور التي تضع نظم الأجور و مبادئ تعيين الإدارة التنفيذية والمسئولين بالبنك بما يتماشى مع أهداف وإستراتيجية البنك .
المبـدأ الثاني:
يجب أن يوافق ويراقب مجلس الإدارة الأهداف الإستراتيجية للبنك وقيم ومعايير العمل آخذا في الاعتبار مصالح حملة الأسهم والمودعين وأن تكون هذه القيم سارية في البنك ، ويجب أن يتأكد مجلس الإدارة من أن الإدارة التنفيذية تطبق السياسات الإستراتيجية للبنك وتمنع الأنشطة والعلاقات والمواقف التي تضعف الحوكمة وأهمها تعارض المصالح مثل الإقراض للعاملين أو المديرين أو حملة الأسهم ممن لهم السيطرة أو الأغلبية أو إعطاء مزايا تفصيلية لأشخاص ذات الصلة ، ويجب على مجلس الإدارة والإدارة العليا توفير الحماية الملائمة للعاملين الذين يعدوا تقارير عن ممارسات غير قانونية أو غير أخلاقية من أي إجراءات تأديبية مباشرة أو غير مباشرة .
المبـدأ الثالث:
يجب على مجلس الإدارة أن يضع حدودا واضحة للمسئوليات والمحاسبة في البنك لأنفسهم وللإدارة العليا والمديرين وللعاملين وان يضع هيكل إداري يشجع على المحاسبة ويحدد المسئوليات .
المبـدأ الرابع:
يجب أن يتأكد مجلس الإدارة من وجود مبادئ ومفاهيم للإدارة التنفيذية تتوافق مع سياسة المجلس وان يمتلك المسئولين بالبنك المهارات الضرورية لإدارة أعمال البنك وان تتم أنشطة البنك وفقا للسياسات والنظم التي وضعها مجلس الإدارة وفقا لنظام فعال للرقابة الداخلية.
المبـدأ الخامس:
يجب على مجلس الإدارة أن يقر باستقلال مراقبي الحسابات وبوظائف الرقابة الداخلية (ويشمل ذلك وظائف التطابق والالتزام والقانونية ) باعتبارها جوهرية لحوكمة المصارف وبغرض تحقيق عدد من وظائف الرقابة بغرض اختبار وتأكيد المعلومات التي يتم الحصول عليها من الإدارة عن عمليات وأداء البنك ، والإدارة العليا للبنك يجب أن تقر بأهمية وظائف المراجعة والرقابة الفعالة الداخلية والخارجية لسلامة البنك في الآجل الطويل .
ويجب على مجلس الإدارة والإدارة العليا للبنك التحقق من أن القوائم المالية تمثل الموقف المالي للبنك في جميع جوانبه وذلك من خلال التأكد من أن مراقبي الحسابات الخارجيين يمارسوا عملهم بالتوافق مع المعايير المطبقة وان يشاركوا في عمليات الرقابة الداخلية بالبنك المرتبطة بالإفصاح في القوائم المالية ، ومن الملائم أن تقوم لجنة المراجعة الداخلية بكتابة التقارير مباشرة إلى مجلس الإدارة.
المبـدأ السادس:
يجب أن يتأكد مجلس الإدارة من أن سياسات الأجور والمكافآت تتناسب مع ثقافة وأهداف وإستراتيجية البنك في الآجل الطويل وان ترتبط حوافز الإدارة العليا والمديرين التنفيذيين بأهداف البنك في الآجل الطويل .
المبـدأ السابع:
تعد الشفافية ضرورية للحوكمة الفعالة والسليمة ، وتبعا لدليل لجنة بازل عن الشفافية في البنوك فانه من الصعب للمساهمين وأصحاب المصالح والمشاركين الآخرين في السوق أن يراقبوا بشكل صحيح وفعال أداء إدارة البنك في ظل نقص الشفافية ، وهذا يحدث إذا لم يحصل المساهمون وأصحاب المصالح على معلومات كافية عن هيكل ملكية البنك وأهدافه ، ويعد الإفصاح العام الملائم ضروريا وخاصة للبنوك المسجلة في البورصة لتحقيق الانضباط في السوق ، ويكون الإفصاح في الوقت المناسب والدقيق من خلال موقع البنك على الإنترنت وفى التقارير الدورية والسنوية ، ويكون متلائما مع حجم وتعقيد هيكل الملكية وحجم تعرض البنك للمخاطر أو عما إذا كان البنك مسجلا في البورصة ، ومن ضمن المعلومات التي يجب الإفصاح عنها المعلومات المتعلقة بالبيانات المالية ، التعرض للمخاطر ، الموضوعات المرتبطة بالمراجعة الداخلية و بالحوكمة في البنك ومنها هيكل ومؤهلات أعضاء مجلس الإدارة والمديرين واللجان وهيكل الحوافز وسياسات الأجور للعاملين والمديرين .
المبـدأ الثامن:
يجب أن يتفهم أعضاء المجلس والإدارة العليا هيكل عمليات البنك والبيئة التشريعية التي يعمل من خلالها ويمكن أن يتعرض البنك لمخاطر قانونية بشكل غير مباشر عندما يقوم بخدمات نيابة عن عملائه الذين يستغلون خدمات وأنشطة التي يوفرها البنك لممارسة أنشطة غير شرعية مما يعرض سمعة البنك للخطر .
المطلب الثاني: العناصر الأساسية لدعم التطبيق السليم للحوكمة داخل الجهاز المصرفي1

وقد أشارت هذه الأوراق إلى أن هناك مجموعة من العناصر الأساسية التي يجب توافرها لدعم التطبيق السليم للحوكمة داخل الجهاز المصرفي نستعرضها فيما يلي:
1- وضع أهداف إستراتيجية ومجموعة القيم والمبادئ التي تكون معلومة لكل العاملين في المؤسسة المصرفية:
- يصعب إدارة الأنشطة البنكية بدون تواجد أهداف إستراتيجية أو مبادئ للإدارة يمكن الاسترشاد بها، لذا فإنه على مجلس الإدارة أن يضع الإستراتيجيات التي تمكنه من توجيه وإدارة أنشطة البنك، كما يجب عليه أيضا تطوير المبادئ التي تدار بها المؤسسة سواء تلك التي تتعلق بالمجلس نفسه أو بالإدارة العليا أو بباقي الموظفين، ويجب أن تؤكد هذه المبادئ على أهمية المناقشة الصريحة والآنية للمشاكل التي تعترض المؤسسة، وخاصة يجب أن تتمكن هذه المبادئ من منع الفساد والرشوة في الأنشطة التي تتعلق بالمؤسسة سواء بالنسبة للمعاملات الداخلية أو الصفقات الخارجية؛
- يجب أن يضمن مجلس الإدارة قيام الإدارة العليا بتنفيذ سياسات من شأنها منع أو تقييد الممارسات والعلاقات التي تضعف من كفاءة تطبيق الحوكمة مثل:
· منح معاملة تفضيلية لبعض الأطراف التي لها مكانة خاصة لدى البنك كمنح قروض بشروط مميزة، أو تغطية الخسائر المرتبطة بالمعاملات، أو التنازل عن العمولة؛
· إقراض الموظفين وغير ذلك من أشكال التعامل الداخلي دون مراعاة للشروط الواجب توافرها عند منح القروض (فمثلا يجب أن يتم منح الإقراض الداخلي للعاملين بالمؤسسة وفقا لشروط السوق، و أن يقتصر على أنواع محددة من القروض، مع تقارير خاصة بعملية الإقراض لمجلس الإدارة على أن يتم مراجعتها من جانب المراجعين الداخليين والخارجيين.
2- وضع وتنفيذ سياسات واضحة للمسؤولية في المؤسسة:
يجب على مجلس الإدارة الكفء أن يحدد السلطات والمسؤوليات الأساسية للمجلس وكذلك الإدارة العليا. وتعد الإدارة العليا مسؤولة عن تحديد المسؤوليات المختلفة للموظفين وفقا لتدرجهم الوظيفي مع الأخذ بعين الاعتبار أنهم في النهاية مسؤولون جميعا أمام مجلس الإدارة عن أداء البنك.
3- ضمان كفاءة أعضاء مجلس الإدارة وإدراكهم للدور المنوط بهم في عملية الحوكمة، وعدم خضوعهم لأي تأثيرات سواء خارجية أو داخلية:
- يعتبر مجلس الإدارة مسؤول مسؤولية مطلقة عن عمليات البنك وعن المتانة المالية للبنك، لذا يجب أن يتوفر لدى مجلس الإدارة معلومات لحظية كافية تمكنه من الحكم على أداء الإدارة، حتى يحدد أوجه القصور وبالتالي يتمكن من اتخ�

المصدر: كلية العلوم الإقتصادية و علوم التسيير ماجستير أسواق مالية من إعداد الطالبة: ناصري وهيبة
  • Currently 109/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
38 تصويتات / 10876 مشاهدة
نشرت فى 26 أكتوبر 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,718,376

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters