الضمانات في المصارف الإسلامية
الضمانات المصرفية هي مجموعة الاعتبارات والعناصر المصرفية والمالية التي يرتكز عليها المصرف في دراسته وتقييمه لطلب الائتمان..
أما الضمانات القانونية فهي مستندات التوثيق الرسمي للضمانات لدى الجهات الرسمية المعتمدة لتوثيق العقود والرهونات والكفالات بأنواعها أما الضمانات الشرعية فهي الضمانات المقبولة شرعاً والمتعلقة بأساليب وصيغ الاستثمار المختلفة.
ويعد المصرف الإسلامي وكيلاً مضارباً في أموال المساهمين والمشاركين في حسابات الاستثمار المختلفة وهو مقيد بالقوانين وبعقد التأسيس والنظام الداخلي وبالقواعد والأسس المصرفية والشرعية التي تحكم ممارسته لأعماله المختلفة لذلك يجب على إدارة المصرف عدم تعريض أموال المساهمين والمودعين للخسارة أو التآكل أو منحها للغير من دون عوض أو توثيق أو دون أخذ إذن صريح.
تنبع أهمية الضمانات من الناحية المصرفية العملية من كونها تشكل - إضافة إلى الركنين الآخرين وهما دراسة العميل ودراسة المشروع- الركن الثالث من أركان القرار الائتماني وتشكل في الوقت ذاته متطلباً رئيسياً لتوثيق الالتزامات.
هذا وتكتسب الضمانات أهمية استثنائية في العمل المصرفي الشرعي بسبب تنوع الأساليب والصيغ الاستثمارية في المصارف الاسلامية ومقارنة بالمصارف التقليدية وبسبب الحاجة إلى تكييف بعض الصيغ القانونية و/أو المصرفية السائدة لمتطلبات العمل المصرفي الإسلامي.
كما تنبع أهمية الضمانات من الناحية الشرعية في أنه لايجوز قبول ضمانات من حيث الكم ولا من حيث النوع تتعارض مع مفاهيم وأهداف العمل المصرفي الإسلامي أو أسس التوثيق.
الضمانات مشروعة في الكتاب والسنة وإجماع الفقهاء ومفهومها في المعاملات الإسلامية أنها ليست وقاية من الخسارة التي يتعرض لها العميل نتيجة استثماره لمال المصرف وإنما هو تحوط فقط من تقصير أو تعد أو عدم وفاء بالتزام ناشئ عن مديونية في بيع أو التزام آخر.
في إطار ممارسة المصرف المركزي لسلطاته وصلاحياته في الرقابة على المصارف بشكل عام وعلى توجيه ومراقبة الائتمان الكمي والنوعي فإن الرقابة على الضمانات في المصارف الإسلامية تعد علاقة رقابية تحليلية وتقييمية ونظامية مباشرة.
وتعمد الكثير من المصارف المركزية إلى طلب كشوفات مفصلة للائتمان الممنوح من قبل المصرف حسب أنواع الضمانات وذلك كوسيلة من وسائل الرقابة وتتزايد أهمية هذا الموضوع من وجهة نظر السلطة النقدية حين مراجعة الميزانية السنوية للمصرف مبدئياً تمهيداً للموافقة عليها وحين تحديد مخصصات الديون المشكوك في تحصيلها أو الديون الهالكة وذلك تقديراً وبناءً على الضمانات المقدمة.
لا اختلاف من حيث المبدأ ومن النواحي المصرفية بين طبيعة الضمانات في المصرف الاسلامي عنها في المصرف التجاري إلا في مدى الالتزام الشرعي وفي مدى تفهم طبيعة الصيغ والآليات من قبل العميل والجهات الرسمية ذات العلاقة بتوثيق أو تسييل الضمانات.
ولا يختلف النهج العام للضمانات بالنسبة للمصرف الإسلامي عنه في التقليدي إلا من حيث دور المستشار الشرعي خاصة فيما يتعلق بموضوع الديون الهالكة وشطبها بعد تحديد المسؤولية..إضافة إلى الضمانات المصرفية المتعلقة بدراسة وتقييم الطلب الائتماني والضمانات القانونية والتي تتضمن مستندات التوثيق الرسمي للضمان لدى الجهات الرسمية المعتمدة لتوثيق العقود والرهونات والكفالات وتجهيز وتوقيع عقود التسهيلات المختلفة المتداولة في العمل المصرفي هناك الضمانات المقبولة شرعاً والمتعلقة بأساليب وصيغ الاستثمار المختلفة
وهنا يبرز دور المراقب الشرعي فيما يتعلق بالضمانات من حيث المراقبة والتحقق من أمور عديدة مثل:
1. أن يكون الضمان موافقاً للأحكام الشرعية أساساً والتحقق من كون المدين معسراً أم لا ومن ثم النظر في مسألة تسييل الضمانات أو استيفائها في ضوء هذا الأمر التقديري (بالنظر إلى ميسرة).
2. التحقق من الخسارة قبل شطب الديون والتحقق كذلك من مسؤولية الطرف المسبب للخسارة وحتى لو كان المسبب هو المصرف نفسه خاصة في حالات المشاركة أو المضاربة لأن هذه الخسارة تؤثر أيضاً في حقوق أصحاب الحسابات الاستثمارية.
3. التأكد من أن قيمة الضمان ونسبة التغطية هي بحدود الخطر أو الضرر الفعلي للتمويل أو الاستثمار ومراعاة إمكانيات المتعامل مع المصرف على مبدأ (لاضرر ولا ضرار).
من الأمثلة على الاختلافات في مسألة الضمانات بين المصارف الإسلامية والتقليدية أنه لايجوز رهن أسهم مصرف إسلامي لمصلحة أحد المصارف التقليدية ضماناً وتوثيقاً لعقد التزام ربوي وأنه لايجوز قبول رهن أسهم مصرف تقليدي لمصلحة مصرف إسلامي ضماناً لتسهيلات مقدمة من المصرف الإسلامي.
أما الضمانات التي تؤخذ عادة في الصيغ الاستثمارية والتمويلية الإسلامية فيمكن توضيحها بعدد من الأمثلة كالتالي:
بيع المرابحة:
يجوز الأخذ بإلزام الوعد على الواعد بالشراء وفرض غرامة على التأخير في السداد والتأخر في صرف تلك الغرامة في أوجه الخير تفادياً لتساهل المتعامل مع المصرف في التسديد ويمكن للمصرف أخذ الضمانات المعهودة والعقارية ولكن لايجوز للمصرف في أن يتصرف بتلك الضمانات في حالة عدم الوفاء قبل التأكد من عدم إعسار المتعامل مع المصرف على مبدأ (لا ضرر ولا ضرار)
الإجارة التشغيلية:
الآلات أو المعدات المستأجرة أمانة في يد المستأجر فلو هلكت دون اعتداء منه أو مخالفة أو تقصير في الحفظ فيتحمل المؤجر عندئذ مسؤولية وتبعة الهلاك ودفع تكلفة التأمين.
المشاركة الدائمة:
يكون الشريك أميناً على مال الشركة الذي في يده وهو لايضمن إلا إذا تعدى أو قصر في حفظه أو إدارته للمشروع الإنتاجي ويجوز اخذ ضمان أو رهن على هذا الشريك مقابل عدم التعدي والتقصير ولكن لايجوز اخذ ذلك الضمان مقابل الربح أو الخسارة التجارية.
المزارعة:
تعد مدخلات الإنتاج التي يقدمها المصرف أمانة في ذمة الطرف الآخر ويكون الأخير ضامناً لها في حالة تعديه أو تقصيره.
المضاربة : يعد المضارب وكيلاً وأميناً لرب المال ولهذا فهو غير ضامن للمال من التلف أو الخسارة دون تعد أو تقصير.
القرض الحسن:
إذا عجز المقترض عن رد القرض الحسن في موعده لعذر فيجب عندئذ إمهاله إلى ميسرة أما إذا كان تهرباً من الدفع مع القدرة على ذلك وجب إلزامه كما يمكن أخذ الرهن و/أو الكفالة.
العلاقة بين المصرف والعميل في المصرف التقليدي هي علاقة مديونية ومن ثم فهي تتطلب أقصى درجات التأمين أما في المصرف الإسلامي فطبيعة العلاقة والقائمة في صيغها العديدة على أساس علاقة الشريك بشريكه فالعملية تتطلب تحليل المخاطر المتنوعة والمحيطة بها وبناء على المخاطر يتم تحديد الضمانات والضمانات يجب أن تكون موافقة لصيغة العملية المصرفية بحيث يستوفي الضمان دن إفراط أو مبالغة.