أن نظام الإعتماد للجودة من أهم النظم العالمية التي تهدف إلي تحسين جودة الخدمات الصحية مما يعود بالنفع علي صحة المواطن والمجتمع بالإضافة إلي بناء الثقة بين الجهاز الصحي والمواطنين ومراعاة حقوق المرضي وضمان رضائهم عن الخدمة الصحية ، كما أن الإلتزام بمعايير الآمان وسلامة للمرضي تعتبر من أهم المعايير التي يركز عليها برنامج إعتماد جودة الخدمات الصحية.
أن البرنامج المصري لإعتماد جودة الخدمات الصحية يتميز بإشتماله علي ثلاثة مراحل وهي المستوي التأهيلي للجودة والمستوي الأساسي للجودة ثم الإعتماد الكلي ، وهو ما يشجع كافة المؤسسات الصحية بمصر علي الإنضمام للبرنامج والتطور التدريجي حتي الوصول إلي مستوي الإعتماد الكلي لجودة الخدمات الصحية.
جودة الخدمة الصحية
فقد عرفتها الهيئة الأمريكية المشتركة لاعتماد المنظمات الصحية والمعروفة باسمها المختصر (جاكو ) The Joint Commission on Accredit ion of Hospitals (JCAH)
بانها" درجة الالتزام بالمعايير المعاصرة المعترف بها على وجه العموم للممارسة الجيدة والنتائج المتوقعة لخدمة محددة أو أجراء تشخيص أو مشكلة طبية " (سعيد , 1994)
وكذلك عرفها (Pasternak and Berry 1993,p.88)بأنها "كل ما يتعلق بشئون المستهلك والالتزام بجودة المنتج المقدم لهم عن طريق البحث المستمر واختيار أفضل الطرق لإشباع حاجاتهم ورغباتهم".
تعريف الجودة في القطاع الصحي
الخدمات الطبية الجيدة هي تلك التي تتبع المعايير والأسس التي يتبعها ويدرًسها القادة المؤسسون لمهنة الطب في المجتمع. (لي وجونز 1933)
- جودة الخدمات الصحية تعني مدى تحقق النتائج الصحية المرجوة ومدى توافقها مع المبادئ المهنية.
- الرعاية التي تمتاز بدرجة عالية من رضاء المستفيدين ، والتميز المهني ، وكفاءة استخدام الموارد ، وتحقق النتائج المرجوة ، وتحد من تعرض المريض للخطر.
- تعرف الهيئة الأمريكية المشتركة لاعتماد منظمات الرعاية الصحية الجودة بأنها :
- " درجة الالتزام بالمعايير الحالية والمتفق عليها للمساعدة في تحديد مستوى جيد من الممارسة ومعرفة النتائج المتوقعة من الخدمة أو الإجراء العلاجي أو التشخيصي". أي أن الجودة هي درجة تحقيق النتائج المرغوبة وتقليل النتائج غير المرغوبة في ظل الحالة المعرفية في فترة زمنية معينة.
عناصر جودة الخدمات الصحية
1 . فعالية الرعاية (Effectiveness) : درجة تحقيق الإجراءات الصحية المستخدمة للنتائج المرجوة منها . أي أن تؤدي الرعاية إلى تحسن متوسط العمر مع توافر القدرة على الأداء الوظيفي والشعور بالرفاهية والسعادة بشكل مستمر.
2. الملائمة (Appropriateness): اختيار الإجراءات الصحية الملائمة لحالة المريض.
3. القبول (Acceptance) : تقبل المريض (والمجتمع) لاستخدام إجراء صحي معين.
4. إمكانية الحصول على الخدمة الصحية(Access) : مثال ذلك قوائم الانتظار للحصول على مواعيد سواء في العيادات الخارجية أو للتنويم أو لإجراء عمليات جراحية.
5. العدالة (Equity): مدى توفر الرعاية الصحية لمن يحتاجونها فعلا وعدم وجود تفاوت في إمكانية الحصول عليها بين فئات المجتمع لأسباب غير صحية.
6. الكفاءة (Efficiency) : الاستخدام الأمثل للموارد والتكاليف أخذا بالاعتبار الاحتياجات الأخرى والمرضى الآخرين.
التطوير التاريخي لفــكر الجودة في الإدارة الصحية .
يرجع تاريخ الجودة في المجال الصحي إلى عام 2000 قبل الميلاد وإلى قانون حمو رابي ملك بابل ، حيث يحتوي قانونه على أقدم قوائم عرفها الانسان تتعلق بتكاليف ورسوم الخدمات المقدمة والذي جمع بين الجودة وتكلفة الرعاية الصحية (بن سعيد ، 1418هـ). كما تضمن قانون حمو رابي بنوداً خاصة بالعقوبات المرتبطة بالأخطاء الجراحية والتقصير والإهمال (المرجع السابق).
وفي القرن الخامس قبل الميلاد احتوت كتب "توت" في الحضارة المصرية القديمة على بعض معايير الممارسات الطبية، حيث عد أي انحراف عن هذه المعايير جريمة تستوجب العقاب(المرجع السابق). وفي القرن الرابع قبل الميلاد وضع أرسطو قانوناَ يؤكد أنه لايسمح للأطباء بتغيير طريقتهم الاعتيادية في المعالجة إلا في ظروف قصوى. وفي عصر الاغريق طلب أبو قراط من تلاميذه أن يقسموا على أن يقدموا لمرضاهم أفضل مايمكن تقديمه من رعاية. وقد أدت هذه الخلفية التاريخية إلى تأسيس وترسيخ قيم وتقاليد مهنية معينة تحكم ممارسة مهنة الطب منذ عصور ماقبل التاريخ وحتى عصرنا الحاضر.
وفي العصر الحديث أدى إنشاء الكلية الأمريكية للجراحين عام 1913هـ إلى حدوث تطورات رئيسية في مجال جودة الرعاية الطبية من أهمها تحسين التوثيق للإجراءات الجراحية وإعداد والالتزام بما يعرف ببروتوكولات العلاج (Clinical Protocols).
هذا وقد انضمت الكلية الأمريكية للجراحين وعدد من الهيئات الأخرى لتشكل ما يعرف بالهيئة المشتركة لاعتماد المستشفيات عام 1951م والتي تابعت حركة تحسين الجودة في المستشفيات وذلك بوضعها لضوابط محددة للأداء في المنظمات الصحية.
n وقد تتابعت جهود تحسين الجودة في القطاع الصحي تحركها جهات التمويل والمنظمات الحكومية والخاصة والجمعيات المهنية. وقد يكون أهم أعمال هذه الحركات فكرة معايير الجودة النوعية أو توكيد الجودة في السبعينيات والثمانينيات الميلادية.
في التسعينات الميلادية انتشرت مفاهيم إدارة الجودة الشاملة (Total Quality Management) أو الجودة الشاملة للجودة (Continuous Quality Improvement) والتي تستند إلى المبادئ التي وضعها خبراء الجودة أمثال ديمينغ, وجوران, وكروسبي والتي بدأ تطبيقها في القطاع الصناعي في اليابان في أعقاب الحرب العالمية الثانية ثم امتدت تدريجياً إلى القطاعات الأخرى بما فيها الخدمات الصحية.
قياس جودة الخدمة الصحية :
تشير الدراسات السابقة إلى ان هناك أسلوبين لقياس جودة الخدمة ينسب أولهما إلى (Berry,et.-al.,1985) وهو الذي يستند على توقعات العملاء لمستوى الخدمة وإدراكهم لمستوى أداء الخدمة المقدمة بالفعل , ومن ثم تحديد الفجوة ( او التطابق ) بين هذه التوقعات والادراكات وذلك باستخدام الأبعاد العشر الممثلة لمظاهر جودة الخدمة وهى :
• الفورية Access أو سهولة الوصول إلى الخدمة فى الموقع المناسب والوقت المناسب وبغير انتظار طويل .
• الاتصالات Communication أو دقة وصف الخدمة باللغة التى يفهمها العميل .
• المقدرة Competence اى امتلاك العاملين للمهارات والقدرات والمعلومات اللازمة.
• الثقة Credibility حيث ينظر العاملون فى المنظمة إلى العميل بوصفه جديرا بالثقة .
• الاعتمادية Reliability حيث تقدم الخدمة للعميل بدقة يمكنه الاعتماد عليها.
• الاستجابة Responsiveness حيث يستجيب العاملون بسرعة وبشكل خلاق لطلبات العميل ومشكلاته .
• التجسيد Tangibles ويركز هذا العنصر على الجانب الملموس من الخدمة كالأجهزة والأدوات التى تستخدم فى تأديتها
• الأمان Security بمعنى ان تكون الخدمة خالية من المخاطرة والمغامرة والشك
• فهم ومعرفة العميل Knowing / Understanding ان يبذل العاملون جهدا لتفهم احتياجات العميل وان يمنحوه اهتماما شخصيا .
•المجاملة Courtesy بمعنى التعامل مع العميل بصداقة واحترام وتقدير .
وفى دراسة لاحقة تمكن (Berry,et.-al.,1988) من دمج هذه الأبعاد العشرة فى خمسة أبعاد فقط هى النواحي المادية الملموسة فى الخدمة , الاعتمادية , الاستجابة , الأمان والتعاطف . كما احتوت هذه الأبعاد على اثنتين وعشرين عبارة تترجم مظاهر جودة الخدمة بالنسبة لكل بعد من هذه الأبعاد .
ومن الملاحظ ان هذه الإبعاد الخمسة هى من وجهة نظر الباحثين أبعادا عامة يعتمد عليها العميل فى قياس جودة الخدمة بغض النظر عن نوعية الخدمة وأطلق على هذا الأسلوب فى قياس جودة الخدمة اسم مقياس الفجوة أو مقياس SERVQUAL. وهذه الفجوات تحدث أذا حدث اختلاف بين توقعات العميل وبين إدراك الإدارة لهذه التوقعات (Smith,1995)
جودة الخدمة الصحية تقاس بمدى توافر الابعاد الخمسة التى توصل إليها Berry ,et.al., فى الخدمة الصحية التى تقدمها المستشفى , وهذه الابعاد هى :
ا- الجوانب الملموسة , وتشمل المتغيرات الآتية :
• جاذبية المباني والتسهيلات المادية .
• التصميم والتنظيم الداخلى للمباني .
• حداثة المعدات والأجهزة الطبية .
•مظهر الأطباء والعاملين .
ب- الاعتمادية , وتشمل المتغيرات الآتية :
• الوفاء بتقديم الخدمة الصحية فى المواعيد المحددة .
• الدقة وعدم الأخطاء فى الفحص أو التشخيص أو العلاج .
• توافر التخصصات المختلفة .
• الثقة فى الأطباء والأخصائيين .
• الحرص على حل مشكلات المريض .
• الاحتفاظ بسجلات وملفات دقيقة .
ج- الاستجابة , وتشمل المتغيرات الآتية :
•السرعة فى تقديم الخدمة الصحية المطلوبة .
• الاستجابة الفورية لاحتياجات المريض مهما كانت درجة الانشغال .
• الاستعداد الدائم للعاملين للتعاون مع المريض .
• الرد الفوري على الاستفسارات والشكاوى .
• إخبار المريض بالضبط عن ميعاد تقديم الخدمة والانتهاء منها .
د- الأمان , ويشمل المتغيرات الآتية :
• الشعور بالأمان فى التعامل .
• المعرفة والمهارة المتخصصة للأطباء .
• الأدب وحسن الخلق لدى العاملين .
• استمرارية متابعة حالة المريض .
• سرية المعلومات الخاصة بالمريض .
• دعم وتأييد الإدارة للعاملين لأداء وظائفهم بكفاءة .
هـ - التعاطف , ويشمل المتغيرات الآتية :
• تفهم احتياجات المريض .
• وضع مصالح المريض فى مقدمة اهتمامات الإدارة والعاملين .
• ملائمة ساعات العمل والوقت المخصص للخدمة المقدمة .
• العناية الشخصية بكل مريض .
• تقدير ظروف المريض والتعاطف معه .
• الروح المرحة والصداقة فى التعامل مع المريض .( إدريس 1996)
هناك مبادئ بسيطة يمكن من خلالها الحكم على جودة الأداء أو النظام الصحي، فعلى سبيل المثال:
ـ التقليل من الاختلافات في الممارسة الطبية وتقليل الأخطاء الطبية يدل على الجودة.
ـ قصر أوقات الانتظار بين المواعيد وقصر الانتظار لاجراء العمليات الاختيارية يدل على جودة النظام.
ـ انطباع ورأي المريض عن النظام الصحي يدل على مدى جودة النظام.
ـ توفير الخدمات الصحية بشكل مقبول لجميع فئات المجتمع بشكل متوازن، الأطفال والنساء وكبار السن وأصحاب الإعاقات وذوي الأمراض المزمنة والشباب وغيرهم، يدل على جودة النظام الصحي.
ـ الالتزام بالمعايير والأخلاقيات الطبية والإدارية دليل آخر على جودة النظام.
ـ وجود معايير ونظم واضحة تحكم النظام الصحي تدل على جودته.
ـ توفر الخدمة الصحية الفعالة في الوقت والمكان المناسب للمريض دليل على مدى جودة النظام الصحي.
تلك مؤشرات عامة، بعضها يمكن قياسه بشكل موضوعي والبعض الآخر يظل خاضعاً لوجهات النظر الشخصية والخلفية التي منها ينطلق التقييم، ومرة أخرى تستخدم الأمثلة لايضاح مثل هذه الفلسفة:ـ
ـ الجودة من المنظور المهني الطبي هي تقديم أفضل الخدمات وفق أحدث التطورات العلمية والمهنية، ويحكم ذلك ثلاث نقاط رئيسية: أخلاقيات الممارسة الصحية، الخبرات ونوعيتها والخدمة الصحية المقدمة.. والاتهام للعاملين في المهن الصحية بتدني المستوى أو الجودة ينطلق من عدم الكفاءة، عدم القدرة على التعامل المثالي مع بعضهم البعض ومع المريض والإداري، وكذا عدم الالتزام بالمعايير والأخلاقيات التي تحكم المهن الصحية، اضافة إلى ضعف التأهيل والممارسة والخبرة..
ـ الجودة من منظور المستفيد أو المريض، قد تختلف عن المفهوم المهني بالتركيز على طريقة الحصول على الخدمة ونتيجتها النهائية، وهنا لا يكفي النظام المتقدم أن يركز على فرض التنظيمات وسن التشريعات التي تبنى على أسس مهنية أو تنظيمية محددة دون الالتفات إلى احتياج ورغبة وطموح وآمال المستفيد النهائي من كل ذلك، وفي الخدمة الطبية يجب أن تكون الخطوة الأولى في العلاج معرفة شكوى واحتياج المريض، ويجب أن يكون الهدف النهائي هو معالجة أو التغلب على تلك الشكوى، والتفاصيل ما بين ذلك تعتبر مفيدة للمريض ولكنها ليست الهدف من مراجعته لطلب العلاج، وأفضل طريقة لمعرفة تحقق الجودة في هذا الجانب تكمن في قياس مدى رضاء العملاء وهم في الجانب الصحي للمرضى، بطرق مقننة يمكن الاستدلال منها على مدى جودة الخدمة..
ـ الجودة الصحية من الناحية الإدارية تعنى بالدرجة الأساسية بكيفية استخدام الموارد المتوفرة والقدرة على جذب مزيد من الموارد لتغطية الاحتياجات اللازمة لتقديم خدمة متميزة، وهذا يشمل ضمناً أهمية تقديم الخدمة المناسبة في الوقت اللازم وبالتكاليف المقبولة، وبقدر الاهتمام بالتكاليف وترشيد الموارد يجب الحرص على أن لا يكون ذلك على حساب الجودة في الأداء ويتطلب ذلك كفاءة إدارية على المستوى التخطيطي وعلى المستوى التنفيذي، ويتطلب كفاءة على المستوى الفني وكفاءة على المستوى الشخصي، ويتطلب تنظيماً إدارياً داخلياً جيداً وكذا تنظيماً إدارياً واضحاً في التعامل مع الأطراف ذات العلاقة خارج النظام، فعندما يرتبط النظام على سبيل المثال بجهات مالية أخرى تؤثر على كمية الموارد المتوفرة، فإن إدارة النظام الصحي تصبح مسؤولة عن تطوير المبررات والحيثيات المهنية والموضوعية والاجتماعية التي تتيح لها المطالبة بمزيد من الموارد، وبشكل أدق يتطلب البحث عن الموارد اللازمة تطوير العلاقات العامة للمؤسسة والقطاع الصحي، بما في ذلك العلاقات الشخصية للقيادة الصحية للبحث عن مزيد من الموارد وللتعامل والاقناع للجهات المعنية بتوفير تلك الموارد، وتبرز الحاجة إلى العلاقات الاجتماعية والشخصية بشكل أكبر في المجتمعات ذات التنظيمات الإدارية والبيروقراطية والسياسية المعقدة والغامضة، والنظام الصحي بصفة عامة نظام معقد يتطلب الكثير من الجهد في الارتقاء بالجودة الإدارية.
ـ ويبقى هناك وجهة نظر أخرى للجودة، ألا وهي وجهة النظر السياسية أو وجهة نظر القيادة والإدارة العليا بالدولة، وغالباً ما ينطلق القياس هنا من مدى رضا المواطن والمقيم عن أداء قيادته في دعم وتطوير الخدمة الصحية والنظام الصحي، وحين تضع القيادة العليا ثقتها في القيادة الصحية أو التنفيذية فإنها تضع لها هدفاً لا يخرج في الغالب عن اطار تحقيق الرضا للمواطن بتقديم أفضل الخدمات الصحية الممكنة له، وفي نفس الوقت فإن المنظور القيادي أو السياسي يبحث عن كفاءة النظام الصحي من ناحية توازن مصاريفه مع ما يقدمه من خدمة ومدى قدرته على رسم استراتيجيات مستقبلية تضمن الاستقرار والتطور الطبيعي للنظام الصحي ضمن منظومة العمل الإداري للدولة بشكل عام، بجوانبه الاقتصادية والتقنية والاجتماعية والبيئية والسياسية.. الخ.
ولمزيد من الايضاح نشير إلى أهمية النظر إلى الجودة الصحية بالنظر إلى الرعاية الصحية كنظام، أو ما نطلق عليه النظام الصحي، ويتم تقييم الجودة هنا وفق معاييرمنفردة ومجتمعة وبشكل تنظيمي، تنظر إلى كافة مكونات النظام الصحي الرئيسية التي منها:
ـ البنية التحتية، وتشمل الإدارة، التنظيم، التشريعات والقوانين التي تشكل وتحكم عمل الفريق الطبي والصحي وما يشمله ذلك ضمناً مثل العلاقات بين أفراد الفريق الصحي ومع الجهات ذات العلاقة خارج الفريق الصحي وتكوين الفريق الإداري القيادي..
ـ البنية المادية وتشمل المباني والمنشآت وتحديث الأجهزة وصيانتها.. الخ.
ـ التعليم والتدريب ويشمل التقييم المهني والتدريب المستمر وتطوير الكفاءات.. الخ.
ـ أسس الجودة النوعية مثل المراجعة للتنظيمات وكيفية إجرائها.. الخ.
ـ تصنيف المجتمع الممارس لتقديم الخدمة الصحية وخلفياته الديموغرافية والتدريبية والعلمية وعلاقة ذلك بمدى الرضا الوظيفي وكفاءة الأداء.. الخ.
قبل أن تنتهي المساحة المحددة للموضوع، أشير إلى ان موضوع الجودة الصحية ومرادفاتها ومشتقاتها يعتبر من العلوم المتخصصة التي تدرس بشكل مستقل أو ضمن سياق مواضيع الإدارة والتنظيم والمعلومات الصحية، والاستطراد في السرد حول الموضوع دون عناوين محددة وأشكال توضيحية قد يبعث على الملل، وبالتالي فالهدف في هذا المقال لم يكن حصر جميع النقاط المتعلقة بالموضوع بقدر ما هو تقديم جرعة تثقيفية نأمل أن تسهم في تشكيل الوعي والمفهوم العام تجاه قضية التطور الصحي وقياس جودته، كمدخل أو توضيح لما تطرقنا إليه سابقاً في مقالات عديدة وما سنتطرق له في المستقبل في مجال نقد أو تقييم النظام الصحي بصفة عامة، والخدمة الصحية المقدمة من مختلف القطاعات والمؤسسات الصحية المختلفة..( محمد الخازم,2007م)
فـوائد تطبيق الجودة بالمستشفيات
تواجه المستشفيات تحديات كبيرة ومتعددة لعل في مقدمتها التكاليف المتزايدة في انتاج الخدمات الطبية ، وتحديات جودة هذه الخدمات ، لاسيما وأن هذه المستشفيات تتعامل مع صحة الإنسان وعامل الحياة والموت. وإدارة الجودة الشاملة تحقق الاستخدام الأمثل للموارد وتقنين الإنفاق وجودة متكاملة في العمليات والخدمة المقدمة للمرضى والمراجعين للمستشفيات. ويمكن تلخيص أهم فوائد تطبيق إدارة الجودة الشاملة في المنظمات الصحية فيما يلي:
1. جودة الرعاية المقدمة: الهدف من تطبيق إدارة الجودة الشاملة هو تحقيق مستويات عالية من الجودة في الرعاية الطبية التي توفرها المستشفيات والاستخدام الأمثل لمواردها المادية والبشرية وترشيد النفقات والاستخدام وتقويم جودة الإنتاجية المتمثلة في الخدمات الصحية والعمل الدائم والمستمر على تحسين جودة الخدمات الصحية.
2. رضا العملاء: تستهدف ادارة الجودة الشاملة تقديم خدمة صحية عالية الجودة وبما يتفق مع تطلعات المستفيدين منها وذلك من خلال عملية تستهدف تحسينا مستمرا للجودة بما يتفق ويتفوق على توقعات العملاء.
3. رفع معنويات العاملين: تعد مشاركة العاملين في صنع القرار من أساسيات إدارة الجودة الشاملة، فهم يعتبرون عملاء داخليين يجب إرضاءهم.
مجالات تطبيق إدارة الجودة في المنظمات الصحية
حقق كثير من المنظمات الصحية فوائد ومكاسب لا بأس بها كتحسين الجودة و الكفاءة والإنتاجية ورضاء العملاء وتحسين بيئة العمل نتيجة لتطبيق إدارة الجودة الشاملة. ووفقا لهذا المفهوم فإن إدارة الجودة الشاملة تعتمد على الجودة الشاملة للعمليات بتبسيط إجراءاتها أو تحسينها والقضاء على الهدر والتكرار وعلى اختلاف الطريقة التي تؤدى بها هو أفضل السبل لكي تحقق المنظمات أهدافها. وفيما يلي بعض الفوائد المرتبطة بالجوانب الطبية والتي حققتها بعض المنظمات الطبية نتيجة لتطبيق إدارة الجودة الشاملة:
1- تبسيط الإجراءات :
يساعد تطبيق نموذج الجودة الشاملة على تحديد سبل تبسيط إجراءات العمل من خلال اختصارها أو تحسينها، وقد تمكن مستشفى جامعة ميتشيجن (University of Michigan Hospital) من تخفيض مدة وتكلفة الإقامة وأجور العاملين بما قيمته (500.000) دولار أمريكي سنويا نتيجة لتبسيط إجراءات الدخول وتخفيض فترة انتظار المريض قبل أن يتم تحويله إلى الغرفة التي تخصه.
2- تحسين الإجراءات:
يهدف نموذج الجودة الشاملة إلى السعي الدؤوب لتقصي فرص التحسين واغتنامها. وقد تمكن مستشفى وست باسس فيري (West Paces Ferry) تقليص معدل العمليات القيصرية والبالغ (22%) من المعدل السنوي للمواليد بالمستشفى إلى أقل من (10%) وذلك باستخدام أسلوب المقارنات المرجعية (Benchmarking) ، حيث تم اختيار مستشفيات الدانمارك والتي تبلغ فيها نسبة الولادات القيصرية 5% لتكون معيارا لعملية التحسين ومن ثم جرى العمل على تحديد أوجه القصور في طرق العمل وتحسينها لتحقيق المستوى المطلوب من الأداء. كذلك تمكن مستشفى جامعة ميتشغن (University of Michigan Hospital) من رفع معدل تشغيل غرف العمليات بنسبة (30%) نتيجة لتحسين جدولة استخدامها.
3- كفاءة التشغيل:
تعتبر كفاءة التشغيل من أهم الفوائد التي يحققها تطبيق مفهوم الجودة الشاملة وذلك نتيجة للقضاء على الهدر في أداء العمليات وارتفاع مستوى مهارة العاملين . وقد تمكن مستشفى سنترال دو بيج في ولاية إلينوي الأمريكية من توفير (73.000) دولارأمريكي سنوياً بتخفيض استهلاك الإبر الوريدية في وحدة الطوارئ نتيجة لتدريب العاملين على استخدامها بشكل أفضل. وفي برنامج زراعة نخاع العظام بمستشفي لوثرن جنرال في ولاية إلينوي تم تخفيض الهدر في استهلاك أحد الأدوية الباهظة الثمن والناتج عن التأخر في إعطائه للمريض مما يفقده صلاحيته للاستخدام وقد كان يكلف المستشفى حوالي (120.000) دولار أمريكي سنوياً.
4- القضاء على اختلافات الممارسة الإكلينيكية:
من أهم المشكلات التي تواجه المنظمات الصحية اختلاف الطرق التي يؤدي بها الأطباء عملهم، وما لذلك من انعكاسات على مستوى الجودة والكفاءة. ويسهم تطبيق مفهوم الجودة الشاملة في القضاء على اختلافات الممارسة الإكلينيكية واختيار الطرق الأفضل لأداء العمل وفقا للأدلة والحقائق العلمية. وفي أربع مستشفيات تابعة لمركز (إنترماونتنIntermountain ) وجدت الاختلافات التالية بين مجموعة متماثلة من المرضى الذين أجريت لهم عملية جراحية معينة من قبل ستة عشر جراحا تابعين للمركز: تراوحت مدة العملية الجراحية بين (20) إلى (90) دقيقة، وتراوح وزن الأنسجة المستأصلة في العملية بين (13) إلى (45) غرام، وتراوحت مدة بقاء المريض في المستشفى بين(2.7) إلى (4.9) أيام، مما يعكس تفاوتا غير مبرر في الأسلوب الإكلينيكي المتبع. وقد تمكن فريق التحسين والمكون من مجموعة من الجراحين المعنيين من دراسة هذه الاختلافات ومن ثم تحديد الأسلوب الأفضل لإجراء هذه العملية الجراحية وبالتالي القضاء على هذه الاختلافات.
5- الحد من تكرار العمليات:
يساعد تطبيق هذا المفهوم على تحديد الطرق الأفضل لأداء العمل ومن ثم الحد من التكرار وما لذلك من تأثير سلبي على مستوى الجودة والكفاءة والإنتاجية ورضاء العملاء. وفي دراسة أجريت في مستشفى هنري فورد وجد بأن (25%) من مسحات عنق الرحم (Pap Smear) تتم إعادتها لأن حجم العينة ليس مناسبا لإجراء التحليل. و كان ذلك يسبب إزعاجا للمريضات ويؤدي إلى زيادة غير مبررة في تكاليف العلاج . وقد تم القضاء على المشكلة بعد أن تبين لفريق التحسين أن الأطباء يتبعون طرقا مختلفة لإجراء مسحة عنق الرحم وأن بعض هذه الطرق يحقق نتائج أفضل من غيره.