حماية العمل الخيري العربي
العمل الخيري العربي أو مؤسسات ومنظمات العمل الخيري العربي هي تجمع لجهود مجتمعية تجمع متطوعين مؤمنين بمجتمعاتهم العربية وبالقضايا الإنسانية عكفوا على درس احتياجات المجتمع ووجّهوا جهودهم وأموالهم للعمل الخيري.
إن المتصدي للعمل الخيري العربي والدارس له يجد تاريخياً طويلاً جذوره الممتدة كان منشأها الطبيعي البعد الديني وفكرة الإحسان ومفهوم الزكاة في الإسلام ومساعدة الضعفاء والفقراء في كافة الأديان. إن تقديم الرعاية للعاجز والمعوز وصاحب الحاجة. المبادرات كانت فردية في الأساس ويقوم جانب منها على مؤازرة السلطات الرسمية في شكل بيت المال, وحديثاً في شكل الوزارات المعنية بالمجتمع وبمشكلات المواطنين واحتياجاتهم للخدمات, وظل الجانب الآخر والأهم يقوم به نفر من المتطوعين. ومع الوقت انتظموا في جمعيات أو منظمات اجتماعية لتقديم الخدمات.
المتأمل والدارس يجد مراحل عدة مر بها العمل الخيري حتى وصلنا إلى شكله الحالي, وهو مجموعة الجمعيات والمنظمات الخيرية التي نظمت أعمالها وفق التشريعات الوطنية والتي أخذت بالجديد وحاولت أن تواكب العصرنة. وبرزت مفاهيم عدة تحكم العمل وتدخله إلى مجال الحرفية مع الحفاظ على معانيه الإنسانية وأصوله الخيرية.
ومع تطور العمل الجمعياتي الخيري. كما برزت في المجتمعات أشكال تنظيمية أخرى ذات بعد طائفي أو مهني أو ذات توجهات سياسية وقضايا تتعلق بالحرية وحقوق الإنسان.
فكان ظهور الروابط للفئات المختلفة – التشكيلات العمالية ونقاباتها – والنقابات المهنية وتوجهاتها – الهيئات والنوادي الرياضية والفئوية – الأحزاب السياسية وما يتبعها من تنظيمات, جمعيات حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات – هيئات الصداقة بين الشعوب... الخ كم هائل من التنظيمات.
كما برز للوجود منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة التي بدأت بالعمل مع الحكومات وامتدت إلى العمل مع التنظيمات الأهلية بصفتها وثيقة الصلة بالمجتمع وظهرت أيضاً التنظيمات والاتحادات العالمية التي أنشأت لها فروع بالدول. ناهيك عن الجمعيات المصنوعة التي شكلت خصوصاً حول توجه معين أو لغرض تنفيذ مشروعات معينة أو الترويج لقضايا بعينها تهم المواطنين أو بافتراض ذلك.
وبدأت سفارات بعض الدول وخصوصاً الغربية منها تتبنى أيضاً مشروعات في شكل برامج للمساعدة ومجابهة الاحتياجات. وشكلت وكالات للتنمية بصفة عامة كوكالة التنمية الأميركية والكندية أو أخرى متخصصة سواء بقضايا المرأة أو الطفولة أو غيرها.
ومع ثورة الاتصالات وتعدد نواحي الحياة برز إلى الوجود ما سمى بالقطاع المدني ليشمل كل تلك التنظيمات والأعمال وتنامي القطاع أو قل المجتمع المدني بكل تشكيلاته وأصبح له صوت محلى وآخر عالمي وله من المنظمات والأصوات ما يدافع عنه وقد يكون لذلك جانبه الإيجابي, لكن الجمعيات الأهلية ذات الجذور الأصيلة التي شكلت البدايات والتي اتسمت أعمالها بالخيرية والغيرية وصالح الإنسان بلا طائفية أو تحزب أو توجه مصنوع أو غايات خفية أصبحت جزءاً من المجتمع المدني وكادت تذوب فيه وتحقق لها من جراء ذلك استفادت منها:
1. الانفتاح محلياً ودولياً.
2. تنوع مجالات العمل ليواكب قضايا أخرى لم تكن مرئية.
3. وصول العمل الخيري نتيجة الاحتكاك إلى نوع من الحرفية والأخذ بالجديد وتنظيم الأعمال بشكل علمي عصري وليس بشكل تلقائي.
4. بروز مؤسسات مانحة وأخرى متلقية واشغال الجميع في نوعية العلاقة.
وبرزت أيضاً مجموعة من السلبيات منها:
1. وفود المال والمساعدات في شكل لا ندري شكل نواياه.
2. اضطرار بعض الجمعيات إلى تغيير توجهاتها لتلائم توجهات الممول وأهدافه من أجل الحصول على المال والدعم.
3. ظهور الفساد في بعض الجمعيات نتيجة أساليب العمل غير الواضحة.
4. التسلل إلى مجتمع الجمعيات للتأثير على توجهاتها والانحراف أحياناً بغاياتها.
5. تحملها لسلبيات القطاع أو قل تعميم المشكلات والشوائب بجانب اختلاط المفاهيم.
وبأسلوب آخر فقدت بعض الجمعيات استقلاليتها واختلطت الأوراق ربما في البعض الآخر.
وصايا وتوجهات لحماية العمل الخيري:
إن الجمعيات والهيئات الأهلية مدعوة وبقوة للعمل وباستمرار, فهي ركيزة أساسية في منظمات المجتمع المدني حيث تشكل قطاعاً من قطاعات المجتمع مطلوب تكامل أدواره مع أدوار القطاع الخاص والقطاع الحكومي. وكي يظل العمل الأهلي الخيري هو نبض المجتمع وضميره والمعبر عن آلامه وآماله والساعي مع الشركاء لتلبية احتياجاته, يجب أن يصان العمل وأن يظل بمنأى عن أية تنظيمات أو صراعات ومن ثم نوصي القائمين بالعمل الخيري السعي بحمياته من خلال الأخذ بالأمور التالية:
1. الشرعية:
تنظم الدول العمل الأهلي من خلال عدد من التشريعات أو بإقرار قوانين خاصة يعمل في إطارها وعلى هدى أحكامها. وبقدر ما يعتقد البعض أن القوانين قد تكون معوقة لحرية الجمعيات والهيئات أو داعية للتدخل في شؤونها بقدر ما تكون في غالب الأمر حامية لها كعاملين عليها أو كمتبرعين يضعون أموالهم بين أيدي أمينة تحسن التصرف.
إن حصول الجمعيات والهيئات على الشرعية والتسجيل سواء في وزارة الشؤون الاجتماعية أو الداخلية أو وفق ما تحدده القوانين المعمول بها بالبلاد أمر ضروري لاكتساب الشرعية والعمل في النور.
حب الخير وحده لا يكفي والنوايا الطبية ليست سياجاً للحماية ولكن الشرعية والعمل في النور هم الضمان, وبالتالي فأولويات الأمور هي الحصول على الشرعية والتسجيل ووجود مقر لمباشرة العمل, فالعمل علني وليس سري وتنظيمات المجتمع هي من أجل المجتمع والعمل لصالحه.
2. تنظيم العضوية:
بعد الحصول على الشرعية فهناك أمور التنظيم الأساسي واللائحة الداخلية التي تنظم عمل الجمعية ومن أبرزها شروط العضوية. وتأتي عملية العضوية وإمساك سجلات لها والحصول على البيانات الكاملة للأعضاء, والالتزام بشروط العضوية في تسجيل الأعضاء أمر هام, والجمعيات غالباً لا تقبل في عضويتها من عليهم أية شبهات أو صدرت ضدهم أحكام أو سبق أن صدرت ضدهم أحكام مخلة بالشرف. ولا بد أن تطبق الشروط لإسقاط العضوية حسب الأنظمة.
إن تنظيم العضوية عملية حيوية ويجب أن تظل مستمرة حتى تنقي العضوية باستمرار من الأعضاء الذين تركوا لأي سبب من الأسباب, كما أن البيانات الخاصة بهم يجب تحديثها. ناهيك عن عملية التواصل مع الأعضاء لإطلاعهم على الأعمال وإشراكهم في النشاطات والمؤتمرات العامة أن عقدت.
إن الأعضاء هم جمهور المتطوعين والمطلوب الحفاظ عليهم وتدريبهم وتحفيزهم, فهم الزاد لميسرة العمل الأهلي وتطويره. وبالتالي فالتخلص من بعض العناصر أمر مطلوب طالما حادوا عن الطريق والأهداف, وذلك وفق الاشتراطات واللوائح المنظمة للعمل. والعناصر النشطة التي تبني وتؤازر العمل مطلوب تشجيعها وتحفيزها بل وتكريمها.
إن العضوية وتنظيمها تظل مشكلة في معظم الجمعيات والمنظمات والأهلية وبالتالي يجب أن تولى الاهتمام, فيمكن من خلالها البقاء والتقدم البنّاء, وفي انسيابها وعدم ضبطتها يكون الخلل ووضع علامات استفهام على الأعمال.
3. التنظيم الإداري الجيد:
إن العمل الأهلي الخيري لم يعد عملاً تلقائياً ولكنه دخل مرحلة الاحتراف, وبالتالي فالأخذ بالأسلوب العلمي في الإدارة والاستعانة بالكفاءات الإدارية أضحى أمراً أساسياً إن التنظيم الإداري يعني تنظيم إداري للأعمال التطوعية والهيئات الإدارية وكيفية اتخاذ القرار وانتظام الجلسات واللجان ورسم السياسات ووضع الخطط والبرامج. وعلى صعيد العاملين يعني عناصر قادرة لها رؤية وتقوم بالعملية التنفيذية باتباع الأساليب الإدارية الحديثة في التخطيط والتنظيم والإدارة وأداء الأعمال من ناحية إعداد المشاريع وتنفيذها وما يتعلق بالمتابعة والتقييم وإعداد التقارير.
القيام بأعمال الدعوة والإعلام وربط الصلات مع المنظمات الأهلية والأطر الرسمية في داخل المجتمع ودعوتها للمشاركة في الأعمال. بجانب المحافظة على الجودة الشاملة في تنفيذ البرامج والمشروعات. كل ذلك يحسب للعمل الأهلي ويرفع من شأنه ويضعه في مصاف الأعمال الجديرة بالتقدير.
4. الاستقلالية:
الإستقلالية لا تعني التقوقع او الإنغلاق على النفس ولكنها تعني الإنفتاح ولكن باستقلالية في رسم السياسات وفي أخد القرار. وهذه الاستقلالية تنبع من الشعور بالمسؤولية تجاه احتياجات المجتمع والجماهير المستفيدة.
الاستقلالية تعني عدم الارتباط بحزب معين أو توجه سياسي ليطغى على العمل الخيري ويضحي محسوبا على فئة دون أخرى, فيكون الولاء ليس للخير وحده والمصلحة العامة ولكن الولاء للطائفة أو الحزب. فتعلو وتهبط وتتلون حسب توجهات الطائفة أو الحزب. ويفقدها ذلك الموضوعية في رسم البرامج واتخاذ القرارات.
وتجدر الإشارة هنا إلى الجمعيات ذات الصفة الدينية. فيجب أن تكون سماتها التسامح وخدمة المجتمع, وإن اقتصرت في بعض الأحيان على خدمة فئة المسلمين أو المسيحيين أو غيرهم, ولكن يتم ذلك من واقع الأهداف العليا للمجتمع دون ما تطرف أو محاربة لأصحاب الأديان الأخرى بل وفي غالب الأمر يكون التعاون مع مثيلاتها من الجمعيات لصالح الجميع, وإن كانت خدماتها ذات طابع جماهيري كالصحة والتعليم فليكن بلا تعصب وللجميع وذلك بالنسبة للعمل العام. وبذا تكون سبباً للتآلف وليس التناحر.
الاستقلالية تعني التحرر من فرض توجهات معينة تتعارض مع أهداف الجمعية أو الهيئة فتكون أعمالها خالصة لخدمة المجتمع والمواطنين ومحققة للرسالة التي تنشدها.
5. وضوح الأهداف:
العمل الأهلي أو القطاع الخيري, كما سبق الإشارة, لم يعد عملاً تلقائياً تحدوه النوايا الحسنة فحسب. بل هو عمل علمي لا بد أن تكون له مجموعة من الأهداف العليا أو قل الإستراتيجيات التي يسعى إلى تحقيقها والسير في فلكها. وهذه الأهداف العامة لا بد أن تكون محددة وواضحة السمات, ليس هناك أهداف خفية أو غير مرئية أو مستترة.
وفي العمل لا بد من ترجمة الأهداف العليا أو الاستراتيجيات إلى أهداف عملية وللتعامل مع هذه العملية تكون البرامج والمشاريع. وفي الأخيرة يكون تحديد للجمهور المستهدف وغايات هذه البرامج والمشاريع, الأهداف العملية أو الأهداف الخاصة بالبرامج والمشاريع لا بد أن تكون واضحة ومحددة وسهلة القياس.
إن عملية وضوح الأهداف سمة علمية ولا تكون مجرد أهداف مكتوبة ولكن تكون معلنة بتشربها جمهور المتطوعين والعاملين كي يسعى الجميع لتحقيقها أيضاً يتسنى للشركاء أو منظمات المجتمع الأخرى والتعاون والتنسيق معها.
6. المشروعات المجتمعية:
الأصل في العمل الخيري وأعمال الجمعيات أن تكون موجهة لخدمة المجتمع وتلبية الاحتياجات, فالجمعيات الخيرية وإن كان البعض منها موجه لفئات خاصة بالمجتمع إلاّ إنها في النهاية موجهة للمجتمع وشرائحه. ومن ثم فإن ترجمة الأهداف إلى برامج ومشروعات يجب أن توجه إلى المجتمع وتستهدف في الأساس نهضة المجتمع وتقدمه. وكلما كانت المشروعات مخططة ومصممة بشكل يتناغم مع الاحتياجات كلما كانت أكثر قبولاً دينياً بل وتعاطفاً بين فئات المجتمع, وهناك شريحة من الجمعيات قد تكون موجهة لمجتمعات أخرى أكثر حاجة, فهي تخاطب بالأساس الآخر وتنبع من شعور بالتعاطف بين الدول والمجتمعات والإنسان أياً كان موطنه, وهنا تنبع الحساسية والتخوف. وهذا الصنف أولى بالوضوح والتناغم مع سياسات الدولة التي تكتسب, فمثل هذه الجمعيات شرعيتها منها وتراعي كل الظروف والملابسات. فمثل هذه الجمعيات قد تتوجه بالفعل لمجتمعات يعنيها أو فئات خاصة, وعليها مراعاة ظروف تلك الفئات والمناخ السياسي والمجتمعي الذي تعيش ومدى تقبل ذلك. ونحاول التوصل إلى الصيغ الملائمة للعمل دون ما مخاطر أو تخوفات أو شبهات.
إن العمل الخيري سيظل مطلوباً ما وجدت الحياة, وحري بنا أن ننأى به عن أية مؤثرات أو تلوينات.
7. الشفافية:
وهي محصلة لما سبق ذكره من أمور وضوابط. فالشفافية مطلوبة في كل شيء بداية من تبيان الأهداف ونيل المقصد وصولاً إلى تنفيد المشروعات على الأرض. إن الأمر الهام الذي قد يثير قلق المتبرعين أو المانحين هو إلى أين نوجه الأموال أو كيف توظّف؟ وهل تحقق الغرض منها أم لم تتحقق؟.
وهنا يأتي دور التقارير الخاصة بالإنجازات سواء كانت تقارير عن مشروعات يعنيها أو تقارير عامة فئوية كانت أم سنوية التي يجب أن تعكس النشاطات والأعمال. إن عملية التواصل مع الجهات المانحة وجمهور المتبرعين عملية هامة لكسب المصداقية.
وقد يفسر البعض الشفافية بمفهوم سطحي بمعنى تدخل الآخر في الأعمال أو تدخل كل من له مصلحة أو غيره في تفاصيل الأشياء, إن ذلك الأمر مربك للعمل وللعاملين وكأنهم موضع اتهام مستمر. ولكن المقصود بالشفافية هو اطلاع من يهمهم الأمر على طبيعة الأعمال بجانب نشر التقارير المعبرة.
8. البعد عن الصراعات:
إن القائمين على العمل الخيري أو الجمعيات هم في الأساس متطوعون أو أناس آلوا على أنفسهم العمل الخيري من أجل خدمة مجتمعاتهم أو الفئات المستهدفة بالخدمة. كما أن العاملين هم عنصر فاعل في أداء الأعمال. ومن ثم فإن جمهور المتطوعين الذين رسموا السياسات والأهداف حري بهم الاتفاق والبعد عن الصراعات. وقد تكون الصراعات على بعض المناصب من هياكل الإدارة أو من موقع اتخاذ القرار. هذه الصراعات قاتلة ومدمرة للعمل وتبعد عن نبل المقصد. وحل ذلك يكمن في إعمال الديمقراطية وأسلوب الحوار للاتفاق ودحض كل ما من شأنه بعث الفرقة والاختلاف. النقاش الحر واتباع الأسلوب الأمثل في الإدارة ينأى بالعمل ومؤسساته من مغبة الصراع. قد يكون بين العناصر في الإدارة ما قد يشوه الصورة أو من يبتعد عن قصد عن الهدف المرجو فالحوار هنا والمصداقية تلفظ تلك العناصر وتنقي العمل من الشوائب. أن العناصر العاملة تعتبر في الأساس عناصر متطوعة. فالمتطوع العامل أصبح سمة لجمهور العاملين في الجمعيات والمؤسسات الخيرية. فبالرغم من حصول العامل على أجر واعتباره متفرغاً لأداء الأعمال, إلاّ أن سمة التطوع هي عنصر النجاح في أداء الأعمال حيث يتحلى العامل بروح التطوع ويتفاعل مع الأعمال ليس بمنظور الموظف ولكن بمنظور القانع بأداء الخدمات والعامل على تحقيق الأهداف.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه بين جمهور العاملين قد تكون أو توجد بعض الصراعات الوظيفية أو اختلاف في الرؤية, وتأتي هنا مهمة الإدارة, فبجانب إعمال الديمقراطية والاستماع للرأي الآخر تكون مسألة العمل في فريق وجماعية العمل مع وضع الأهداف نصب الأعين وليست المسائل الشخصية الصراع هو أسوأ الأشكال المدمرة, ومطلوب أن يكون هنا كتنافس شريف من أجل إعمال المصلحة العامة وليس التنافس المدمر الذي يؤدي إلى صراع يدمر ولا يبني.
9. التكامل مع القطاعات الأخرى:
إن العمل الخيري التطوعي أضحى عملاً مخططاً حتى يؤتي الثمار المرجوة, وبالتالي فإن قوته في تلبيته للحاجات الفعلية للجماهير والمجتمع, وأيضاً في تكامله مع القطاعات الأخرى في المجتمع, بمعنى الجمعيات الشبيهة. فلا توجد مؤسسة أو جمعية تلبي كافة الحاجيات التي يحتاجها الإنسان فهناك مؤسسات متخصصة في أنواع متنوعة في الرعاية ومن العمل التنموي. ناهيك عن الإطارات والإدارات الرسمية التي تقدم الخدمات الاجتماعية المناسبة. فالعمل الأهلي والجمعيات هو عمل مكمل لها أو مبادر لتقديم نوعية الخدمات التي يحتاجها المواطنون.
المهم الذي نريد إبرازه هو فكرة التكامل بين المؤسسات وفكرة الاستفادة بمصادر الخدمات المتوفرة بالمجتمع حكومية كانت أم أهلية. وعملية التكامل تدفع بنا إلى أهمية الشفافية التي أشرنا إليها والمصداقية وكسب ثقة المجتمع, فالعمل الخيري ليس عملاً سرياً ولكنه عمل علني شفاف لخدمة المجتمع وبتكامله مع الخدمات الأخرى تتجسد صور الرعاية والتنمية. بل إن العمل الناجح والصادق والمفيد "مُعدي", إذا جاز التعبير, وابتكار الجديد في أساليب الخدمة ما يدفع الآخرين إلى التقليد ويحفزهم على الإجادة.
10. التقارير:
إصدار التقارير دائماً هو نوع من المتابعة, والتقييم له أبعاد مختلفة فهو تسجيل حي لما ينجز وفرصة للدعوة والإعلام عما يتم, بجانب كون ذلك فرصة لمحاسبة النفس ماذا تم وماذا تحقق من نجاحات. أيضاً ما حدث من عقبات أو اخفاقات واستخلاص الدروس المستفادة في محاولة لتجاوز العقبات والمشكلات.
والتقارير أنواع, هناك تقارير خاصة عن المناسبات المختلفة أو المشروعات المنفدة, وهنالك تقارير عامة سواء كانت شهرية أو دورية أو سنوية, وبالتالي فالتقارير وسيلة لتحقيق الشفافية والمصداقية والتعبير عما يتم من أعمال ونشرها بالمجتمع.
11. ميثاق الشرف:
كثر الحديث عن ميثاق الشرف في أعمال مختلفة معنية كانت او خدمية. فهناك ميثاق الشرف الصحفي أو ميثاق الشرف الطبي على سبيل المثال ... وبمناسبة عام التطوع العالمي فهناك ميثاق الشرف التطوعي. وأشار مؤتمر الخير العربي إلى ميثاق الشرف الخيري, والمقصود بميثاق الشرف أياً كان هو نوع من القواعد أو المبادئ أو الأسس التي يرتضيها العاملون بالمجال ويلتزمون بها وتحدد فيما بينهم أخلاقيات العمل ومجموعة القيم التي تربط فيما بينهم. وهذا الميثاق هو معاني ليست بالضرورة أن يكون منصوصاً عليها في النظم الأساسية واللوائح, ولكنها التزام مشترك للعاملين والمتعاملين في المجال.
وبصدور مثل هذا الميثاق ما يعزز القيم السابقة ويبرز المعاني السامية وراء العمل الخيري وينقيه دائماً من الشوائب والشبهات ويدفع به قدماً لمزيد من الخير والعمل الإنساني.
12. الاعتماد على الذات:
رغم أن العمل الخيري يعتمد في الأساس على عطاء المتبرعين وأهل الخير لدعم هذا العمل سواء كان هذا الدعم مؤقت أم دائم في شكل وقف أو زكاة متواصلة. فإن التوجه المرئي يشير إلى انحسار التبرعات وتعرضها لتقلبات سواء مؤقتة أو نتيجة أزمات اقتصادية معينة. ولما كان وجود مصادر للتمويل يعتبر عاملاً أساسياً في تحقيق الاستقرار ورسم الخطط والأعمال المتواصلة. من هنا وجب وجود مصادر ثابتة أو شبه ثابتة للتمويل وضمانة الاستمرارية.
ومن هنا وضع شعار الاعتماد على الذات كهدف أسمى للمؤسسات الخيرية وابتكر من الوسائل ما يساعد في هذا الاتجاه. والحديث يطول عن أساليب تنمية الموارد وترشيد الإنفاق والجدوى الاقتصادية وتبني المشروعات التنموية المدرة للدخل والانتقال من مفهوم الرعاية الخالصة إلى المفاهيم التنموية ومساعدة الناس كي يساعدوا أنفسهم كما يقول المبدأ الأساسي في الخدمة الاجتماعية.
13. عدم قبول تبرعات مجهولة المصدر:
والحديث عن تنمية الموارد تجعلنا نذكر تحفظاً على قبول تبرعات مجهولة المصدر أو تبرعات مشروطة تجعل الجمعية أو المؤسسة تحيد عن أهدافها ومبادئها. وهذا موضوع حيوي يجب التنبه له. فليس الفرض قبول أية أموال, بل يجب التأكد من هوية المتبرع والمقصد بجانب النظر في الشروط التي قد يفرضها المتبرع أو صاحب المال. فالأضرار التي تحيق بالعمل الخيري في حالة عدم نبل المقصد ضارة بالعمل ككل, وبالتالي وجب التنبيه والتنويه إلى ذلك والنص في لوائح الجمعيات الخيرية على الموارد المالية وقبولها وتنظيم ذلك.