كَيْفَ نَزِيدُ إِيمَانَنَا
لا شكَّ أن قضية ضعف الإيمان من القضايا المهمة التي تُقلق المؤمنين ،
ويشعر المؤمن أحياناً حينما يتأمل في هذا الموضوع بنوع من الألم و نوع من الأسى .
دواعي للحديث عن هذا الموضوع الخطير الذي له آثار عظيمة على الفرد و المجتمع فمن ذلك :
1- كثير من الناس يشكو من قسوة قلبه.
2- كثرة المعاصي و المنكرات المتفشية في المجتمع.
3- قلة الخشوع و التذوق في العبادات.
4- غلبة الحرص و الشح في النفوس على الأموال.
5- كثرة أمراض القلوب التي يبتلى بها المؤمن.
6- اليأس و القنوط و الحزن من الظروف المعيشية و المصائب.
7- الأنانية و الغرور و الأثرة و الانتصار للنفس لدى بعض المسلمين.
8- انتشار التعصب القبَلي و الجنسي و كذلك البلدي و المذهبي في كثير من طوائف المسلمين.
هذه الأمور تجعل الحديث عن زيادة الإيمان و عن ضعف الإيمان في غاية من الأهمية.
هناك حقيقة إيمانية في هذا الموضوع :
قبل الشروع في بيان أسباب زيادة الإيمان و أحوال المؤمن في ذلك نتكلم عن حقيقة إيمانية في هذا الموضوع ؛
اتفق أهل السنة و الجماعة على أن الإيمان يزيد بالطاعات و ينقص بالمعاصي ،
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
(فإنه بإجماع السلف يزيد (يعني الإيمان) بالطاعة و ينقص بالمعصية)
و قد دل على ذلك الكتاب في قوله تعالى :
{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}
[التوبة:124]
و قد دلت السنة أيضا في جملة من الأحاديث الصحيحة، قال النبي صلى الله عليه و سلم كما ثبت في الصحيحين :
(الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ)
وقد وصف النبي صلى الله عليه و سلم المرأة بنقصان الدين كما ثبت ذلك في الصحيح و الأدلة من الكتاب والسنة على هذه الحقيقة كثيرة .
ومع ذلك فإن ما دل عليه الشرع مطابق للواقع و مما يستأنس به حساً أن المؤمن إذا عمل طاعة و اشتغل بذكر و أنفق صدقة أو غير ذلك من الصالحات شعر ذلك اليوم بلذة نفسية و انشراح في الصدر يعني أن هذا الأمر لا ينكره إلا مكابر .
الحديث عن حقيقة نفسية قلبية في هذا الموضوع :
فقد دلت النصوص الشرعية على أن الإيمان له لذة وحلاوة يجدها المؤمن في قلبه و روحه يأنس بها و يستروح بها ، و يتلذذ بها ، و يسكن إليها ،
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ)
رواه البخاري
و في صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه و سلم :
(ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ، رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا)
و قد أشار القرآن إلى هذا المعنى في بعض من الآيات كما في قوله تعالى :
{قل بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }
[يونس:58]
قال بعض السلف من أصحاب ابن عباس :
(فضل الله الإيمان و رحمته القرآن)
وهذه اللذة العجيبة لا تعدلها لذة في الدنيا و لا يجدها أرباب الأموال و القصور و النساء و غيرها من متاع الدنيا الزائل لأنها لذة ربانية ناشئة عن نور الإيمان متصلة بأشرف محبوب هو الله وأشرف نعيم وهو رؤية الله و دار كرامته .
هذه اللذة أصلها في القلب و تظهر جلياً في الوجه و الجوارح فتزيده بهاءً وهيبةً و نوراً و حُليةً ،
كما أن المعصية و الغفلة تظهر على المُحيا والوجه بالظلمة و الذلة و التعاسة ،
كما قال الحسن البصري رحمه الله في قولته الشهيرة :
(وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين، فإن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه).
المؤمن يعرض له ضعف الإيمان :
فقد دلت النصوص الشرعية على أن المؤمن مهما كمل إيمانه فقد يعرض له ضعف إيمان ونزول في مستوى الإيمان بسبب ذنب يلم به ،
أو غفلة تحصل له أو دنيا يفتتن بها أو مخالطة الأهل والعيال أو مصاحبته لأهل الدنيا فيما لا بد منه .
قال الله تعالى في وصف المؤمنين الكُمل :
{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ }
[النجم:32]
و قد اختلف المفسرون في هذا الاستثناء على وجهين :
الوجه الأول : المعنى أن يلم بالكبيرة مرة أو مرتين ولا يداوم على فعلها .
الوجه الثاني : المقصود باللَّمَمَ في الآية، أن يقعوا في صغائر الذنوب .
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ)
رواه الترمذي
وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
( لو لم تذنبوا لأتى الله بقوم يذنبون، ثم يستغفرون،ثم يذنبون، ثم يستغفرون ثم يقول الله لهم افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم )
يعني ما دمتم على الاستغفار و التوبة .
فهذا يدل على أن المؤمن قد يعرض له ضعف الإيمان . ولا ضير في هذا مادام أنه لم يغلب على أحوال المؤمن ،
بل كان الغالب عليه زيادة الإيمان و الاستكثار من الصالحات بل تنقلب المعصية في حقه إلى حسنة و رفعة في الدرجات و تكفير السيئات ،
إنما المذموم شرعاً أن تغلب عليه السيئات و التهاون في القيام بحق الله و حقوق الخلق حتى يكون مقصراً فاسقا هاتكا لستر الله مستخفا بعذاب الله آمنا من عذاب الله والعياذ بالله .
و الحاصل أن المؤمن له حالتان :
الحالة الأولى : أن يكون كثير الأَوْبة والتوبة والندم و أن يغلب عليه العمل الصالح مع وقوعه في شيء من الذنوب وهذه الحال أكمل .
الحالة الثانية : أن يكون المؤمن مسرفاً على نفسه بالذنوب و السيئات مغتراً مغروراً بالأماني والعياذ بالله متكلا على رحمة الله و رجائه و هذه هي أسوءُ الحالتين .
أسباب ضعف الإيمان وذهابه :
الأسباب كثيرة جدا فكل ما ذمه الله أو حذر منه و نهى الخلق عن إتيانه ،
وكذلك ما نهى عنه رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فهو سبب إلى ضعف الإيمان و لكن نشير إلى أهمها :
1- الجهل فهو أعظم السبل لضعف الإيمان ،
لأن الجاهل زاهد في فضل الطاعات لا يعرف قدر الحسنات معرض عن العمل بأسباب زيادة الإيمان .
2- غلبة الهوى و طول الأمل ،
فغلبة الهوى أن يغلب على النفس الميل إلى الشهوات و العياذ بالله ، و طول الأمل حب الدنيا و رجاء الخلود فيها ،
قال علي رضي الله عنه :
‹‹ أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى و طول الأمل فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، و أما طول الأمل فينسي الآخرة ››.
3- مقارفة الكبائر و الفواحش ،
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كما ثبت في الصحيح :
(لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ)
فدل ذلك على أن اقتراف الكبائر و السيئات يذهب كمال الإيمان و يضعف الإيمان .
4- كثرة تعاطي المباحات ،
فالانغماس في الملذات ككثرة النوم و كثرة الأكل و الشرب وكثرة الاستمتاع وكثرة اللهو و كثرة الضحك و الاشتغال بالأمور التافهة تضعف الإيمان وتقسي القلب و قد تكلم السلف في هذا الباب كلاما طويلا .
5- التفريط في الفرائض و الواجبات
فإن ذلك يقسي القلب و يضعف الإيمان و يجعل القلب سكنا للشيطان و العياذ بالله .
6- أكل المال الحرام و التساهل في الشبهات و الفتنة بالدنيا و عبادتها و الولع بها ،
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ)
رواه البخاري
فسمى النبي صلى الله عليه و سلم من استولت الدنيا على قلبه عبدا لها .
7- الإكثار من الخلطة لكل من هب و دب ،
فبعض الناس يحمله طبعه و حبه لكثرة الاجتماع على كثرة الأصحاب و شهود المجالس على الدوام مما لا يجعل له وقتاً لإصلاح فساد قلبه و السمو بإيمانه ،
فهذا المسلم دائماً مضيعا لوقته بين الناس و ليس عنده وقت يخلو فيه يزكي نفسه .
8- مصاحبة السفهاء و مخالطة الفجار من المؤثرين الدنيا على الآخرة ،
فإن صحبتهم و ربي تمرض القلب وتوهن الإيمان .
9- الذهاب إلى مكان المعصية و الفجور و الإقامة في البيئة الفاسدة و الرضا بذلك وكثرة مشاهدة المنكرات ،
فإن ذلك يورث ضعف الإيمان و ذهاب الغيرة الشرعية ؛
فكما أن رؤية كتاب الله و رؤية الصالحين و رؤية الكعبة و رؤية المسجد و رؤية مشاهد الإيمان تزيد في الإيمان ؛
فكذلك رؤية الأشياء التي تدل على الشيطان وتحمل على السوء تذهب بهاء الوجه و تضعف الإيمان .
أسباب زيادة الإيمان :
لزيادة الإيمان أسباب كثيرة من أهمها :
1- التعرف على الله بأسمائه و صفاته و التفكر فيها ،
فإن ذلك يقوي الإيمان فإذا تعرف المسلم على أسماء الله الحسنى و صفاته العلى و أفعاله الحسنة وعاداته الجميلة و تمعن في آلاء الله ونعمه على العباد و البلاد .
قال تعالى : {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}[النحل:18]
وإذا تعرف المؤمن على ذلك زاد الإيمان في قلبه و عظم الرب في قلبه .
2- مما يورث زيادة الإيمان :
طلب العلم النافع و شهود مجالس العلماء فإنه سبيل الخشية و الخوف من الله و يحصل به زيادة الإيمان،
{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر:48].
3- الخلوة بالله و معالجة القلب و إعمار القلب بأعمال القلوب من التعظيم و المحبة و الخوف و الرجاء و التذلل و اليقين ،
فإن ذلك يزيد في الإيمان ومداواة القلب من الأمراض و العلل .
4- دعاء الله و سؤاله في زيادة الإيمان و الثبات عليه :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما عند الحاكم :
(إِنَّ الإِيـمَانَ لَيَخْلُقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلُقُ الثَّوْبُ فَاسْأَلُوا اللهَ تَعَالَى أَنْ يُجَدِّدَ الإِيـمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ).
5- تلاوة القرآن و التدبر فيه و سماعه ممن يحسن تلاوته :
فإنه نور في القلب يورث الطمأنينة و الخشوع مما يكون سببا في زيادة الإيمان .
قال الله تعالى : {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال:2].
6- الإكثار من الذكر،
من التسبيح و التهليل و التكبير و التحميد والصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم ؛
قال الله تعالى : {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28].
7- قيام الليل،
إذا هدأت العيون و سكنت النفوس فله أثر كبير في حصول السكينة والتلذذ والتدبر و صفاء الروح.
8- الصوم،
فإنه من أعظم العبادات التي تزيد الإيمان لأنه يقطع تأثير الشهوات ولا يجعل للشيطان سبيلا على المؤمن مما يطهر القلب و يطهر الجوارح فيرتفع مستوى الإيمان ؛
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كما ثبت في الحديث الصحيح : (الصوم جنة).
9- المواظبة على أداء الفرائض و النوافل،
فإنها تحافظ على ارتفاع الإيمان وتذهب أثر الغفلة والمعصية عن قلب المؤمن.
10- الورع عن ارتكاب الكبائر و الإصرار على الصغائر،
فإن مجانبة ذلك طاعة لله يورث زيادة الإيمان.
11- ترك فضول المباحات و الملذات،
طمعاً بما عند الله و ابتغاء رضوانه يورث النفس سكينة فيزيد من الإيمان.
12- بذل المال و الإنفاق في سبيل الله :
يشرح الصدر و يرفع من الإيمان و يقويه، لأنه يدل على صدق الإيمان و المتاجرة مع الله.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
(النَّاسُ غَادِيَانِ: بَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُوبِقُهَا، وَمُفَادِيهَا فَمُعْتِقُهَا، الصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَالصَّلاةُ نُورٌ، وَالسَّكِينَةُ مَغْنَمٌ وَتَرْكُهَا مَغْرَمٌ)
رواه مسلم.
13- صحبة أهل الإيمان من العلماء و الزهاد و الناسكين :
فإن ذلك يحمل المؤمن على عمل الصالحات و زيادة الإيمان.
قال الحسن البصري رحمه الله :
‹‹ إخواننا عندنا أغلى من أهلينا، أهلونا يذكروننا الدنيا و إخواننا يذكروننا الآخرة ››.
14- زيارة القبور و التفكر في حال الموتى ،
فإن ذلك يحمل النفس على الندم و التوبة و التزود من الصالحات مما يرفع مستوى الإيمان.
15- التوبة و الإكثار من الاستغفار و الندم و الحسرة على الذنوب التي فعلها المؤمن :
فإن هذه الملامة تورث التذلل و الافتقار لله و تزيد في الإيمان.
و الحاصل أن الأسباب التي تزيد الإيمان كثيرة و قد ذكرنا أشهرها وأعظمها نفعاً بإذن الله.
تنبيه هام على خطأ يكثر وقوعه في هذا الباب :
يوصي بعض الوعاظ ببرنامج تفصيلي لأعمال اليوم والليلة أو أعمال الأسبوع أو أعمال الشهر ،
و يضع جداول يكلف فيها المؤمن بالسير عليه و قياس عمله من خلال النتائج ،
و لا شك أن الباعث على هذا العمل هو حب الخير و الإصلاح ،
و لكن هذا العمل غير مشروع و قد أنكره علماؤنا المحققون لأنه ليس له أصل في الشرع و يناقض مراد لشارع .
و المشروع للداعية أن يوصي بالأعمال المشروعة حسب ما وردت في الشريعة ما كان مؤقتا وقته و ما كان مجملا ترك التفصيل فيه و أوصى به على سبيل الإجمال ؛
ثم يفعله المؤمن على حسب ظروفه و فراغه ، دون تقييد ذلك بنوع من الجداول أو التقييدات .
المؤمن الحق يتعهد إيمانه :
ينبغي على المؤمن أن يتعهد إيمانه و يقيسه و يعرف مستواه كل فترة و حال عن طريق تفقده في مواضع الطاعة و إتباع الشرع فيتفقد قلبه: عند تلاوة القرآن ، وعند الصلاة ، و عند الصدقة ، و عند رؤية المساكين و المحزونين ،
فان تحرك قلبه و أقبل على فعل الطاعة فإيمانه على خير و إن لم يكن كذلك فليحزن وليعلم أن قلبه قد أصابه نوع من البلاء.
وكذلك يتفقد قلبه عند مواطن الفتنة :
عند الفتن و المحرمات عند الشبهات ، عند الأموال المحرمة ، و عند فعل الفواحش إلى غير ذلك ،
فإن وجد نفسه على خير حمد الله و استزاد من الخير و إن وجد نفسه مضيعا استرجع و جدد إيمانه و أصلح قلبه.
وهناك مقياس آخر أيضا يتبين فيه المؤمن حال إيمانه :
عن طريق طلب النصيحة و الموعظة من أخيه المؤمن ، فإن المؤمن مرآة أخيه فيطلبه النصيحة و يستنصح ممن يثق بقصده و محبته و يسأله أن يبين له حاله و أن ينصحه و أن يعظه ،
و أن يبين له إن كان ثمة خلل في إيمانه أو كان قائما على شيء من الذنوب الظاهرة ، وقد كان السلف الصالح كثيرا ما يفعلون ذلك .
و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم :
(من سرته حسنته و ساءته سيئته فذلك المؤمن)
رواه الترمذي
أما الفاجر و المنافق فلا يهتم بإيمانه و العياذ بالله و لا يشتغل به و لا يقيم له أي وزن ،
لأن قلبه مشغول باللهو و الباطل و جمع حطام الدنيا عياذاً بالله .
قال ابن مسعود رضي الله عنه كما في صحيح البخاري :
(إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا)
أي دفعه بيده.
فالله الله إخواني في الله عز جل ،
الله الله في تفقد إيمانكم و إصلاح قلوبكم و أحوالكم ،
الله الله من الاستكثار من الصالحات و التزود من طلب العلم و إتباع السنة و تلاوة القرآن و الذكر ،
الله الله في عمل الخيرات في الإنفاق في سبيل الله عز و جل و في نصرة المظلوم وفي دفع الحزن عن المحزون ؛
إلى غير ذلك من الأعمال الطيبة فإن الإيمان إذا زاد أصبح عند المؤمن حاجز كبير دون الوقوع في المحرمات و كبائر الذنوب ،
و أصبح عنده حافز في فعل الفرائض في أوقاتها وعمل السنن و النوافل و صار عنده حافز قوي على الحرص على طلب العلم و على التزود من مجالس الإيمان .
أما إذا خبا الإيمان و قل و صار ضعيفاً فإن المؤمن يصبح سريعا إلى الغفلة و الوقوع في المعصية و العياذ بالله ،
زاهداً في أهل العلم ، زاهداً في مجالس الإيمان ، زاهداً في الدعوة إلى الله عز و جل ، زاهداً في عمل في الصالحات.
فأسأل الله تبارك و تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبنا ؛
و أن يرزقنا علماً نافعاً و عملاً صالحاً و قلباً شاكراً و لساناً ذاكراً و إتباعاً للسنة و عملاً صالحاً ؛
و أسأله تبارك و تعالى أن يهدينا إليه و أن يجعلنا هداة مهتدين في السر و العلن .
والله أعلم
و صلى الله و سلم على النبي محمد وعلى آله و صحبه أجمعين .
نشرت فى 1 يوليو 2010
بواسطة ahmedkordy
أحمد السيد كردي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
30,783,145