قد يمر الإنسان بفترة في حياته يشعر فيها بعدم الراحة أو الاستقرار النفسي، وزوجك عزيزتي حواء معرض لأن يمر بهذه الحالة فيجد نفسه محاصرا بالعديد من الضغوط والمشكلات التي تدخله في حالة من الاكتئاب لا يستطيع إخراج نفسه منها بمفرده، وهنا يظهر دورك في الوقوف بجانبه ومساعدته لتخطى هذه المحنة.. ولأن السعادة الزوجية هي تكامل الزوجين في بناء أسرة سعيدة نقدم لك الأعراض التي قد تظهر على زوجك منذرة باكتئاب وشيك.. وكيفية التعامل معه بشكل يعيد التوازن والبهجة لحياتكما.
لا يريدون مساعدة
أثبتت الأبحاث العلمية أن الرجال أقل طلبا للمساعدة من السيدات عند شعورهم بالاكتئاب، وأن بعض الأزواج يخشون أنهم إذا أفصحوا عن إصابتهم به فإن زوجاتهم ربما تتخلى عنهم، الأمر الذي يلقي عبئا أكبر على الزوجة للانتباه إلى أي تغيير يطرأ على طبيعة الزوج وتصرفاته، وأن تسارع باحتوائه والوقوف بجانبه في كل أحواله.
ومن أهم التغييرات التي تحدث لزوجك حين يصيبه الاكتئاب:
- شعوره الدائم بالتعاسة وعدم الراحة خاصة في أوقات معينة من اليوم هي غالبا فترة الصباح، وعدم استمتاعه بالأشياء مهما بلغت درجة أهميتها له وحبه لها.
- إحساسه المتواصل بالذنب تجاه أمور لا تمت له بصلة، وتشاؤمه الذي قد يقوده للتفكير في الانتحار.
- إصابته بالأرق واستيقاظه مبكرا في الصباح، أو العكس فقد ينام أكثر من المعتاد.
- انصرافه عن ممارسة العلاقة الخاصة نتيجة للإحباطات والمشكلات التي يواجهها، وعدم اعتنائه بنفسه بشكل جيد فلا يبالي بحلق ذقنه أو غسل شعره أو العناية بملابسه.
- قلقه الدائم وعدم قدرته على الكلام حول بعض الأمور وظهوره هادئا على غير العادة، وشكواه المستمرة من آلام جسدية مبهمة.
وقد يتساءل البعض إن كانت أعراض الاكتئاب تختلف لدى الرجال عنها لدى النساء؟ ولا يوجد دليل على أن هناك نمطا منفصلا تماما للاكتئاب عند الرجال، لكن هناك دليلا على أن بعض الأعراض هي الأكثر شيوعا عند الرجل منها عند المرأة، ومن هذه الأعراض:
- عدم التحكم في النفس والغضب المفاجئ لأشياء قد تبدو تافهة ولا تستدعي ذلك.
- الميل للعنف وزيادة المخاطرة في تنفيذ بعض الأمور الصعبة التي لم يفعلها من قبل، والميل بصورة أكبر لتنفيذ الانتحار.
- الرجال المصابون بالاكتئاب هم أكثر احتمالا للتكلم عن الأعراض الجسدية من الأعراض العاطفية والنفسية، وقد يكون هذا أحد الأسباب أنّ بعض الأطباء أحيانا لا ينجحون في تشخيص الحالة على الوجه الصحيح.. فتتفاقم الحالة ويتأخر العلاج.
- أظهرت الأبحاث أن اضطراب العلاقات الزوجية هي المشكلة الأكثر شيوعا المترافقة مع الاكتئاب عند الرجال. فالرجل لا يستطيع بطبيعته التغلب على تعارض الآراء كما تفعل المرأة، ويتجنب النقاشات الصعبة والشجار الذي يشعره بعدم الارتياح الجسدي، في الوقت الذي تحاول فيه الزوجة مناقشة المشكلة فينسحب الزوج ما يجعلها تستشعره تجاهلا- هذه الحلقة المفرغة قد تدمر الحياة الزوجية.
وعلى الزوجة أن تدرك أن الحياة مع شخص يعانى الاكتئاب ليس بالأمر السهل حتى لو كان خاضعا للعلاج، فمعظمهم يعانون من الشعور بالذنب أو الخجل من الاعتراف بمرضهم، بل أحيانا ما يأخذ الاكتئاب شكل الغضب من النفس أو من الآخرين وقد يكون الغضب منها على وجه الخصوص، لذا عليك عزيزتي حواء معرفة التعامل مع زوجك في هذه الحالة بشكل أكثر ودا وحبا، وأن تتفهمي جيدا حقيقة مشاعره وأنك تمثلين الجزء الأكبر في علاجه وتخطيه للمحنة.
• ضعي في ذهنك أنه شيء خارج عن إرادته، وأنه يعاني من مرض حقيقي لا يستطيع التغلب عليه، وحاولي بكل جهدك أن تجعليه يعبر عن استيائه أو شعوره بالإحباط أو الغضب بطريقة سلمية لا تجعله يشعر بالندم وفي نفس الوقت لا يكبت مشاعره.
• إذا كان زوجك المصاب بالاكتئاب متشائما فحاولي أن توضحي له الأشياء الإيجابية الموجودة في حياته.
• أنت أكثر إنسانة تعرف مفاتيح شخصيته.. استعمليها، إلى أقصى حد ممكن، لتحسين مزاجه ورفع معنوياته، فإذا كان يحب الهواء الطلق فخذيه في نزهات متكررة، وإذا كان اجتماعيا يحب الناس فخذيه إلى التجمعات العائلية حتى لو لم يرغب بالكلام، أما إذا كان شخصا متدينا فإن قراءة القرآن أو الاستماع إليه والى المحاضرات وسيلة مناسبة لتخفيف حدة الاكتئاب.
• لا تجبريه على الاختلاط بالآخرين في حال إذا لم يرد هذا، واجعليه يختار المكان والصحبة التي يريدها.. فهذا يساعد على تخفيف الإحساس بالفشل والدونية الذي يصاحب الاكتئاب.
• أقنعيه بممارسة بعض التمارين الرياضية مثل المشي، لأن هذا سيساعده في الحفاظ على لياقته البدنية وسيؤدي لتحسين نومه، وقد يساعده أيضا على عدم الإسهاب في التفكير بالمشاعر والأفكار المؤلمة.
• حدّدي وقتا منتظما كل أسبوع ليعمل شيئا يستمتع به مثل مطالعة بعض الكتب التي يحبها أو ممارسة هواية معينة أو الاستماع للراديو أو مشاهدة التلفاز؛ وهيئي له تقنيات الاسترخاء كالمساج أو الدواء العطري.
• لا تفقدي شعورك وتقولي حاول أن تتخطى محنتك.. (أنا مش قادرة أستحمل)، بل أظهري اهتمامك به، وحاولي أن تكوني مستمعة جيده له وأن تقيمي معه حوارا لأن الرجال عادة ما ينكرون مشاكلهم لاعتقادهم أن الاكتئاب علامة ضعف.
• الكثير من الناس المصابين بالاكتئاب يضغطون على أنفسهم أكثر من اللازم، ساعديه أن يضع لنفسه أهدافا أكثر واقعية وفاعلية في حياته وبذلك يقلل العبء عن نفسه.
• اعرضي عليه استبيانا ليعرف ما إذا كان يعاني من الاكتئاب حتى يتعرف على حالته واقترحي عليه أن تذهبا للطبيب معًا، واحرصي أن تحضري أول مقابلة لتشعريه أنك معه دائما.
• ربما يفيد لو قرأتما معا عن الاكتئاب بشكل متمعن وموضوعي بحيث لا يؤثر ذلك بالسلب عليه.. ابحثي عن كتاب جيد حول الاكتئاب، لا يساعده وحده في فهم ما يحصل له، ولكن يساعدك أيضا على التعامل معه.
• من الأفضل أن يتفق المحيطون بالشخص المكتئب على إستراتيجية موحدة للتعامل معه، وأن يحرصوا على تنمية ثقافتهم النفسية لأن تفاوت مستوى فهمهم للمشكلة قد يؤدي إلى آراء متفاوتة وحلول متناقضة، والمريض قد يفسر هذا كله بشكل سلبي يتماشى مع تفكيره الاكتئابي ويؤكده، فإذا احتاج زوجك إلى التنويم في المستشفى لأنه يفكر بالانتحار قد يعتقد أن أبناءه الذين وافقوا على هذا القرار يرغبون في التخلص منه، أما إذا رأى موقفا متماسكا من جميع أفراد أسرته فإن هذا يذكره بسوء وضعه ويساعده على تقبل المشكلة والتعامل معها.
وفي النهاية تذكري أنه على المدى البعيد قد يكون الاكتئاب مساعدا لبعض الأزواج على الخروج أقوى وأفضل من قبل، فيرى الأمور والعلاقات الاجتماعية أكثر وضوحا وربما يكون لديه القوة والحكمة ليتخذ قرارات مهمة وتغييرات كان يتجنبها سابقا.