الوساوس هي أفكار مزعجه متكررة، لا يستطيع المريض التخلص منها أو مقاومتها رغم أنه يعلم أنه مسئول عن هذه الافكار وأنها أفكار سخيفة غير منطقية وأنها من نتاج عقله.. وأحيانا تكون الوساوس عبارة عن خيالات أو نزعات.

ومن أكثر الوساوس انتشاراً فكرة التلوث والتي تدفع ببعض المرضى إلى الخوف من العدوى وتطهير يديه وجسمه عشرات المرات كل يوم وكذلك الخوف من أن يكون قد ارتكب ذنباً أو الخوف من استخدام السكين فى قتل طفله أو زوجته.

ورغم انه لا يقدم أبداً على القيام بالأفعال التى يرهق نفسه بالتفكير فيها.. إلا أنه يتعذب باختراق هذه الافكار والمخاوف لذهنه وتكرارها وعدم توقفها رغم محاولاته المتكررة لإيقافها.

وهناك نظير آخر للوساوس هو الدفعات أو الأفعال القهرية حيث يشعر الفرد انه مقهور ومضطر لتكرار سلوك سخيف لا معنى له مثل عد السيارات أو عد السلالم أو بلاطات الرصيف أو لمس أعمدة النور أو تكرار غسل اليدين أو الوضوء مرات عديدة بدون سبب.

ومريض الوسواس تسيطر عليه أحياناً أفكار غريبة لا يستطيع أن يتخلص منها وتدور فى رأسه كأنها أسطوانة لا تتوقف أبداً .. ومن أمثلة تلك الافكار أن الله غير موجود، أو أنه موجود ولكنه يتصف - والعياذ بالله - بصفات سيئة أو كريهة، أو يرى أمامه صورة حذاء كلما هم للصلاة.. الخ.

وتأخذ هذه الافكار الغريبة أشكال أخرى.... مثل ذلك الشاب الذى حضر إلى عيادتي يشكو بمرارة وألم أن جميع الرجال ينظرون إليه كأنهم يريدون أن يغتصبوه وان يعتدوا عليه.. رغم أن مظهره وأسلوبه فى الحركة والحديث لا يدل على أى شيء من ذلك، وعند بحث تاريخه الشخصي وجدته خاليا من خبرات الجنسية المثيلة، كما أنه لا يرغب فيها بالمرة؟! كل ما فى الأمر أنها أفكار غريبة يشعر بسخفها وعدم معقوليتها.. ولكنها مزروعة فى رأسه وتخيفه كلما خرج إلى الشارع وقابلت نظراته نظرات أى رجل آخر.

ورغم أنه ذهب على عدد من الأطباء النفسيين وعرف تشخيص حالته وتناول كميات لا بأس بها من الأدوية .. إلا أن الحالة كانت تهدأ ثم ما تلبث أن تعود بكل قوتها وشراستها.. ولم يساعده على التحكم فى هذه الأفكار وإيقافها إلا أسلوب تأمل ذكر الله.. فقد كان يردد فور ظهور هذه الافكار فى ذهنه بعمق مع رغبة قوية فى إيقاف هذه الافكار السخيفة.. كان يردد" الله اكبر.. سبحان الله” لمدة عشر دقائق ثم يتعوذ بالله من الشيطان لمدة عشر دقائق أخرى.. وبعد عدد من الجلسات اتفقنا على أن يردد سبحان الله لمدة 10 دقائق ثم يقرأ المعوذتين عدة مرات لمدة 20 دقيقة، وكررت له دواء كان يستعمله من قبل مع تغيير الجرعة ، وكان التحسن أكثر وأسرع مما توقعنا جميعاً.

وهناك أنواع من الوساوس أخرى منتشرة أكثر من غيرها، وهى الافكار التى تتعلق بالتلوث وعدم النظافة، فهناك من يرفض السلام على أى شخص آخر حتى لا تتلوث يديه، ومن يظل يستحم طوال النهار ، ومن تطلب من زوجها وأطفالها خلع ملابسهم وأحذيتهم وغسلها ثم وضعها فى المطهرات كلما خرجوا إلى الشارع.

أمثلة وحالات عديدة تعانى من تسلط واقتحام هذه الافكار الوسواسية بدرجة مؤلمة ومزعجه يصعب معها الحياة بصورة طبيعية.

ويحدث الوسواس القهري بدرجة اكبر فيما يسمى بالشخصيات الوسواسية أو القهرية.. وهى شخصيات تتسم بالنظام الشديد والصرامة والحذلقة والالتزام والضمير اليقظ.. إلا أن هذا الالتزام الشديد بالنظم و المبادئ يصبح عبئاً عليه وعلى من حوله بسبب عدم مرونته وقلقه المستمر، وبعض هؤلاء الأشخاص يقومون بعمل طقوس لا تنتهي للتأكد من إغلاق أدراج المكتب وموقد البوتوجاز وجهاز التليفزيون ثم إطفاء النور وإغلاق باب الشقة ثم فتحه مرة أخرى للتأكد وإعادة هذه الخطوات مرة أخرى أو أكثر.

التشخيص:

يمكن تشخيص الوسواس القهري إذا تواجدت الوساوس أو الأفعال والطقوس القهرية أو كلاهما:

أ - أولاً الوساوس

وساوس على هيئة أفكار أو تصورات أو نزعات قوية متكررة اقتحامية وغير مرغوبة وتسبب للفرد القلق والضيق.

  • هذه الافكار والتصورات والنزعات ليست ناتجة عن مشكلة واقعية.
  • يحاول المريض مراراً تجاهل أو قمع هذه الافكار والتصورات والنزعات ومقاومتها.
  • يعلم المريض أنها غير منطقية وأنها نتاج عقله وليست دخيلة عليه.

ب - ثانياً الطقوس والأفعال القهرية

سلوك متكرر (غسيل الأيدي أو التأكد مرات متكررة من شيء معين) أو أفعال وطقوس (مثل تكرار الصلاة لشعوره بعدم صحتها أو عد السيارات أو بلاطات الرصيف أو ترديد كلمات فى الذهن( .

  • هذه السلوكيات أو الأفعال تتسبب فى القلق إذا لم ينجزها رغم تأكده من عدم جدواها.
  • تأكد المريض من أنها تهدر وقته وجهده وأنها غير منطقية.
  • تعطل المريض عن ممارسة أنشطته ووجباته الأخرى.
  • أن لا تكون بسبب مرض آخر أو تعاطى أدوية وعقاقير.

أ - العلاج النفسي

ويختلف من حالة إلى أخرى (راجع أساليب العلاج النفسي الحديثة المذكورة فى الموقع وللاستشارة راجع مساعدة زوار الموقع.(

ب - العلاج الدوائي

والذي لا يجب أن يستخدم إلا تحت إشراف طبيب متخصص…

  • دواء أنافرانيل Anafranil وهو فى الأصل أحد مضادات الاكتئاب إلا أنه إذا أعطى للمريض - تحت إشراف طبي - بجرعات من 75-200مجم يوميا مقسمة على ثلاث جرعات فانه يفيد بدرجة جيدة فى علاج الوسواس القهري. ألا أن بعض الحالات لا تستجيب للعلاج.

بعض الأدوية الجديدة التى تعمل من خلالها تأثيرها على مادة السيروتونين ويرمز لهذه المجموعة من الادوية بـ SSRI's ومنها دواء فافرين Faverin وبروزاك Prozac وسيبرام Cipram وزولوفت Zoloft ..  الخ.

وقد أثبتت هذه العقاقير الجديدة فعالية عالية فى علاج الوسواس القهري.

يمكن أن تضاف بعض مضادات القلق - التى أشرنا إليها من قبل - لخفض حدة التوتر والقلق ولمساعدة المريض على مقاومة هذه الأفكار القهرية وبعض الحالات تتطلب إضافة بعض المطمئنات الكبرى المضادة للذهان والتي سوف نتحدث عنها بشيء من التفصيل فى علاج الفصام.

وتحتاج بعض الحالات المزمنة للاستمرار على العلاج الدوائي إلى جانب العلاج النفسي فترة طويلة لا تقل عن 6-12 شهر.

ملحوظة : لا يتسع المقام هنا لذكر أدوية أخرى جديدة وفعالة فى حالات القلق المختلفة.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 138/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
46 تصويتات / 1070 مشاهدة
نشرت فى 7 يونيو 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,755,454

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters