تعتبر الأزمات الإنسانية التي تقع في منطقة ما في العالم الإسلامي هي عصب اهتمام الجمعيات الخيرية؛ لذا تسارع الجمعيات الخيرية والاغاثية إلى مساندة المتضررين في هذه الأماكن المنكوبة، لكن عددا كبيرا من هذه الجمعيات يفتقد إلى خطة واضحة لمواجهة الأزمات، وعادة ما يتسم أداء الجمعيات بالعشوائية وعدم الدقة.
في السطور القادمة بحث متميز أعده الدكتور علي الحمادي مدير مركز الإبداع الفكري بدولة الإمارات العربية المتحدة، وفيه يحاول تقديم خطة عمل واضحة للجمعيات لكي تكون مستعدة لمواجهة الأزمات الإنسانية التي تواجهها.
في البداية يقول الدكتور على الحمادي: العمل الخيري عمل مبارك وهو من أفضل نعم الله تعالى على الأمة الإسلامية، بل على الناس جميعا؛ إذ كم ساهم هذا العمل في التخلص من الأزمات وحل المشكلات ورعاية الفقراء، وتلبية الحاجات، وجبر الكسور، وسد العوز، ورسم البسمة على شفاه من لم يجدها منذ زمن بعيد.
ونظرًا للأهمية البالغة للعمل الخيري كان لزامًا على مؤسساته أن تطور من نفسها وترفع من مستواها لتواجه التحديات الصعبة والمتنوعة، ولتضرب مثلاً فذًا في الرقي والسمو والتقدم.
ولعل من أكثر ما يواجه مؤسسات العمل الخيري في عالم اليوم كثرة الأزمات والكوارث والمصائب التي أصبحت سمة العصر، من هذا المنطلق نود إلقاء الضوء في عجالة على الأزمات وكيفية إدارتها من قبل مؤسسات العمل الخيري، وما هي الأمور التي ينبغي الانتباه إليها قبل وفي أثناء وبعد حدوث هذه الأزمة.
إن الأزمة لحظة حاسمة، ووقت حرج، وحالة من عدم الاستقرار تُنبئ بحدوث تغيير حاسم ووشيك، كما أنها تأخذ بخناق الناس، وتقع في توقيت لا يختاره المتأثرون بها؛ لذا كان الله في عونهم، وفي الوقت نفسه فإن الأزمة كما قد تكون تحولا إلى الأسوأ، ونتائجها سلبية وغير مرغوبة، فإنها قد تكون تحولا إلى الأحسن ولها نتائج إيجابية ونافعة وتحق فيها الحكمة القائلة: "رب ضاربة نافعة".
إن تحويل الأزمة إلى فرصة للنجاح والتفوق والتأثير النافع لا يتأتى إلا إذا أحسنا إدارتها، وتمكنا من القضاء على أكبر قدر ممكن من الأخطار والآثار السلبية، واستطعنا التحكم إلى حد كبير في توجيه دفة هذه الأزمة والسيطرة على آثارها.
ويضيف الحمادي: وهذه التوجيهات والوصايا العشر سوف تعين بإذن الله تعالى في إدارة الأزمات. واستثمارها وتحويلها إلى فرص جيدة للنجاح:
* إن الاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه واستخارته سبب مهم للتوفيق والبركة والسداد واختصار الوقت والجهد؛ إذ ما ضل من استخار.
* مؤسسات العمل الخيري بحاجة إلى تشكيل فريق دائم لقيادة الأزمات والكوارث، بحيث تتراكم عنده الخبرات والتجارب ولا تبدأ المؤسسة في كل مرة من الصفر أو من المربع الأول، ولا بأس بإضافة بعض الأفراد إلى هذا الفريق عند الحاجة.
* ضرورة تحديد أشكال وأنواع الأزمات والكوارث المتوقعة، ومن ثم وضع خطة لمواجهة كل نوع منها؛ إذ التعامل مع الزلازل والبراكين يختلف عن التعامل مع التصحر والجفاف، وهذا بدوره يختلف عن التعامل مع إغلاق المؤسسة أو التضييق التام على مواردها واستثماراتها.
* من الأهمية بمكان توفير جميع مستلزمات الخطط "أو سيناريوهات الخطط" المرسومة لمواجهة الأزمات المتوقعة؛ إذ قد تكون المستلزمات بشرية أو مادية أو معنوية أو غيرها.
* على قيادة الأزمات القيام بالتدقيق الدوري "كل 6 أشهر مثلا" على الخطط ومدى صلاحيتها، وكذلك على الخبرات والمعدات والأدوات وجميع احتياجات هذه الخطط.
*يحسُن بفريق إدارة الأزمات والكوارث المشاركة في دورة تدريبية متخصصة في إدارة الأزمات والكوارث؛ حيث إن هناك تفاصيل دقيقة وكثيرة يصعب حصرها أو الإحاطة بها في مقال أو كتاب.
* على المؤسسات الخيرية دراسة الواقع واستشراف المستقبل لتكون قادرة على التعرف على علامات الخطر المبكرة، ومن ثم تكون مستعدة للعمل بسرعة من أجل حصر الضرر في أضيق الحدود.
* على القائمين على إدارة الأزمات أن يتعلموا فنون ومهارات التعامل مع الإعلام؛ فهو أخطر الأجهزة وأكثرها تأثيرًا، والإعلام سلاح ذو حدين، إما استثمرته لصالح التخلص من الأزمة، أو كان سببًا في مضاعفتها.
* على إدارة الأزمة محاولة النظر إلى السبب الرئيس الذي أدى إلى نشوء الأزمة ومن ثم التركيز على علاجه؛ إذ في كثير من الأحيان نجد أن الأزمة تفجر أزمات عديدة وتسبب مشكلات كثيرة؛ وهو ما يؤدي إلى الانشغال بالمشكلات الفرعية وإهمال المشكلة الرئيسة.
* السرعة في اتخاذ القرار من أهم سمات من يود قيادة الأزمة؛ لذا ينبغي أن يتعلم من يريد إدارة أزمة كيف يتخذ قرارًا سريعًا.
نشرت فى 31 مايو 2010
بواسطة ahmedkordy
أحمد السيد كردي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
30,878,186