مفهوم التطوّع:

"التطوع يتضمن جهوداً إنسانية، تبذل من أفراد المجتمع، بصورة فردية أو جماعية، ويقوم بصفة أساسية على الرغبة والدافع الذاتي سواء كان هذا الدافع شعورياً أو لا شعورياً ..
ولا يهدف المتطوع تحقيق مقابل مادي أو ربح خاص بل اكتساب شعور الانتماء إلى المجتمع وتحمل بعض المسؤوليات التي تسهم في تلبية احتياجات اجتماعية ملحة أو خدمة قضية من القضايا التي يعاني منها المجتمع"
(1).
"إن العمل التطوعي دافع أساسي من دوافع التنمية بمفهومها الشامل اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً، ودليل ساطع على حيوية المجتمع واستعداد أفراده للتفاني والتضحية"
(2).
وهو أيضاً "نوع من الاختبار الحر للعمل، وقناعة لمشاركة الأفراد طواعية في العمل من واقع الشعور بالمسؤولية"
(3).

تقنيات العمل التطوعي:

الإعلام والدعوة:
يجب أن يكون هناك إعلام يتواصل حول التطوع، خصوصاً عندما يرتبط بمسألة التنمية الشاملة، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً .. وتكتسب الدعوة إليه اهتماماً خاصاً في لبنان، حيث الثقة تكاد تكون معدومة على المستويات السياسية والأسرية والمجتمعية، مما يفقد مبادرات الأفراد والمجموعات الحماس والثقة لجهة نجاح جهودهم في تحقيق الأهداف المرجوة منها.
أضف أن ثمة أفراد في المجتمع وعلى المستويات كافة ينحصر نشاطهم "بتثبيط" همم المتطوعين والتشهير بهم إذا لم نقل السخرية من جهودهم.


تحديد الحاجة إلى المتطوعين:
تُعتبر هذه المسألة على جانب كبير من الأهمية، لأنها تتصل اتصالاً وثيقاً بمسألة الاستغلال الصحيح لطاقات المتطوعين فإذا كان من المهم إيجاد متطوع، فإنه من الأهم أن نحسن استغلال طاقاته في الجوانب التي تحقق:
- سد حاجات أساسية من حاجات المؤسسة - المجتمع.
- تتفق وإمكانات المتطوّع ورغباته.
- لا تتعارض مع مفاهيمه الثقافية والمجتمعية.
- لا تضعه في خانة الملاحقة القانونية أو التعارض مع المفاهيم الاجتماعية السائدة.


الاختيار:
يكتسب اختيار المتطوعين بعداً خاصاً وهاماً لعدة أسباب منها:
- يساعد الاختيار على بلورة المفهوم المشترك لكل من الطرفين، لجهة طبيعة العمل، الإطار الذي سيعمل من خلاله، الفوائد على المديين القصير والطويل والالتزامات المختلفة لكل فريق من الأفرقاء المعنيين:
- إن الاختيار الصحيح يسهم في:
1- توفير القدرة على استغلال سليم لطاقات المتطوع.
2- يخفض كلفة الإعداد.
3- يسرع في بلوغ الأهداف.
4- يمنع التضارب ويحول دون الإحباط.
5- عدم تحمل المتطوع فوق طاقته.
6- تفهم المتطوع لأهداف وتطلعات المؤسسة.

التأهيل - التدريب:
في غالب الأحيان، يحتاج المتطوعون إلى نوع من التأهيل أو التدريب من أجل الاستفادة من طاقاتهم.
بعضهم يحتاج إلى فترات زمنية أطول من الآخرين ..
وبما أن للتدريب أهداف أساسية تتصل:
1- بمواقف المتدربين.
2- تعميق خبراتهم القائمة.
3- إكسابهم مهارات جديدة.
فإن أهداف دورات التأهيل للمتطوعين يجب أن تغطي هذه المجالات كافة، إذ إن التدريب سوف يبلور موقف المتطوّع ويساعده على إنجاز العمل المطلوب بكفاءة أعلى.
يلعب التدريب دوراً بارزاً في:
1- شد المتطوع إلى المؤسسة أو الجماعة.
2- استمراره متطوعاً لأطول فترة ممكنة.
3- استغلال طاقاته بشكل أفضل على الصعد كافة.

الإطار التنظيمي:
أهمية هذا الأمر تكمن فيما يلي:
إن التطوع الفردي معرّض للشطط من ناحية وللتوقف عند مواجهة أية صعوبات من ناحية أخرى.
إن الإطار الجماعي للمتطوع يكسب المجموعة المزيد من الاحترام والقوة، وبالتالي يكسب أفرادها مناعة لجهة التفرد أو الأنانية أو الانحراف عن الأهداف الموضوعة.
إن تأطير العمل، يساعد على تحقيق مسألتي الاستمرارية والمتابعة ..

التحفيز والتنشيط:
يلعب التحفيز والتنشيط دوراً بارزاً في المحافظة على المتطوع واستغلال طاقاته وخبراته المستجدة سواء على صعيد الجماعة أو المؤسسة. وإن ثمة مجالات عديدة للتحفيز منها:
1- المشاركة: تعني أن يكون المتطوع في صلب العمل الذي تعمل به المؤسسة - الجماعة وليس على هامشها.
2- الشفافية: أن يكون عمل المؤسسة أو الجماعة، معروفاً مرئياً لا أهداف مستترة.
3- الإبراز: يجب الاعتراف دائماً بإنجازات المتطوع وعطاءاته.
4- الإدماج: يجب أن تتاح أمام المتطوع فرصة الاندماج في المؤسسة والجماعة، فيما لو رغب بذلك.
5- التشاور: يجب إتاحة الفرصة لحوارات وأخذ آرائهم بعين الاعتبار.
6- إزالة العقبات: أكثر ما يسيء إلى المتطوع "الروتين" ....فقد يأتي متحمساً ثم يصطدم ببوقراطية إدارية أو فنية أو غير ذلك مما قد يؤدي إلى تثبيط حماسه، لذلك يجب العمل دائماً على إزالة مختلف العقبات من أمامه لتشجيعه على مواصلة العمل.
7- الشكر والتقدير: وهو جزء من الإبراز، ولكن يختلف عنه إن الأول قد يحتاج إلى مناسبات عامة، بينما يقتصر الثاني على كتاب شكر وتنويه، يرسل إليه في حال أدى الفترة التي تطوع خلالها .. آملين لقاءه مجدداً في رحاب أخرى من رحاب العمل.

التقييم:
من المفيد أن يتم تقييم جهود المتطوعين تقييماً علمياً كما لا بد من أن يشترك المتطوعون في هذه العملية من أجل:
1- الوقوف على أهميتها وشفافيتها.
2- للتعرف على النتائج المحققة، وإجراء تقييماً ذاتياً.
3- لمعرفة المساعدة الفعلية التي قدمت للمؤسسة و - أو الجماعة.
4- للاستفادة من النتائج والثغرات في رسم خطط مستقبلية أفضل.

المتابعة:
من المتفق عليه ان بعض "التطوع" ظرفي لمهلة محددة أو لموضوع محدد. مثل مخيمات العمل التطوعية التي تستمر لفترة محدودة زمنياً، والبعض الآخر له صفة الاستمرارية والديمومة وربما كان هذا النوع الأخير، هو الأكثر صعوبة في إيجاد العناصر القادرة على متابعة التطوع إذا أحسن الاختيار، وقد تكون عودة المتطوع مرهونة بالارتياح الذي يجده عند تطوعه الأول، ولكنه يجب أن يكون لدى المؤسسة - الجماعة تصور واضح لكيفية الإفادة من متطوعيها خصوصاً إذا أنفقت على إعدادهم وتأهيلهم واكتسبوا خبرات مهمة في جوانب محددة من العمل.

ماذا يريد المتطوع؟

1- الشعور بالاحترام والثقة من قِبل المؤسسة - الجماعة.
2- التعامل معه بشفافية وديمقراطية.
3- مساعدته على إبراز مواهبه وصقلها.
4- اطلاعه بطريقة صحيحة وواضحة على مناخ المؤسسة - الجماعة وتنظيماتها.
5- إدماجه في إطار العمل، واستغلال طاقاته وإمكاناته استغلالاً مفيداً ومؤثراً.
6- أن تكون المؤسسة جدية في تعملها مع المتطوعين.

ماذا تريد المؤسسة من المتطوع؟

1- الالتزام بالتعهدات (تحديد نمط المشاركة والتقيد بها).
2- استيعاب واضح لأهداف المؤسسة وتطلعاتها.
3- عدم توريط المؤسسة في مواقف شخصية.
4- عدم محاولة استغلال التطوع لأهداف أخرى.
5- الاندماج الفعلي في المؤسسة (عدم النظرة الفوقية أو اتخاذ موقف دوني).
6- المشاركة في الإعداد والتدريب.
7- الجدية والمصداقية في العمل الذي يقوم به.

تاريخ العمل الإغاثي التطوعي . منذ بدء الخليقة والمخاطر بمختلف أنواعها تهدد سلامة الإنسان ، فقام يواجهها بما أوتي من قوة وبما سخره الله عز وجل في الكون لهذا الغرض ، غير أن ذلك لم يكن كافياً ، حيث أن بعض هذه الأخطار تفوق قوته وتقلق راحته ، ففكر في أن يطلب المساعدة والمعاونة من بعض الحيوانات الأقوى والأكثر التي تحوم دوماً حوله ، إلا أن لغة التخاطب حالت دون أن يستمر هذا التعاون قدماً ، ثم أدرك أن هذه المخاطر لا تهدده وحده بل تهدد كافة أبناء جلدته فقرر أن يستعين بهم لمواجهة هذه الأخطار سوياً لاسيما وأن مخاطر أخرى جديدة أخذت تهدد حياته ولم تكن معروفة من قبل مثل المخاطر النووية والصناعية والحربية والتي تعددت أساليبها وكثرت مخلفاتها فباتت تهدد سلامته وأمنه إضافة إلى مخاطر الكوارث الطبيعية من البراكين والزلازل والفيضانات والانهيارات الأرضية والأعاصير والجفاف والمجاعات والأوبئة …..الخ . فكان أن فكر في العمل الجماعي الذي حقق كثيراً من الأهداف في مجال الإغاثة والتغلب على مخاطر الكوارث . غير أن أعباء ومسئوليات مواجهة تلك الأخطار زادت بحيث أصبح تنظيمها ووضع القوانين المناسبة لها أمرا ضرورياً ، فتقرر إنشاء منظمات أو هيئات ترعى هذا العمل وتحدد المهام المطلوبة منه وتضع اللوائح والأنظمة الضابطة لها . وتاريخياً يعتبر الصينيون القدماء هم أول من بدءوا نظام التطوع لمواجهة أخطار الكوارث فقد نشأت عندهم قديماً فرق للتطوع أو المليشيات في المقاطعات والمدن والقرى الصغيرة وتعتبر بريطانيا أول من أسس فرقاً من المتطوعين لمواجهة " حريق بلندن " الذي عرف بالحريق العظيم في سبتمبر عام 1666م كما أن بريطانيا بدأت في الاستفادة من المتطوعين إبان الحربين العالميتين للاستعانة بهم في إبلاغ المواطنين عن الغارات الجوية لحمايتهم من أخطارها ، ولقد ظهر أول تنظيم للعمل التطوعي في العالم بالولايات المتحدة الأمريكية حيث صدر في ديسمبر عام 1737م قانون ينظم العمل التطوعي في مجال إطفاء الحريق بمدينة نيويورك . أهمية العمل الإغاثي التطوعي : للأعمال التطوعية الإنسانية في مجالات الإغاثة والمساعدات الإنسانية مزايا وفوائد عديدة للفرد والمجتمع نذكر منها : * تعود الفرد على الإيثار وخدمة المجتمع . * تعود على المتطوع بفوائد معنوية تتمثل في شعوره بالسعادة لمشاركة إخوانه في الضراء وتخفيف معاناتهم . * تجريب طرق جديدة لمقابلة احتياجات المجتمع . * تكمــيــل العمل الحكومي وتدعيمه لصالح المجتمع عن طريق رفع مستوى الخدمة أو توسيعها .  * توفير خدمات قد يصعب على الإدارة الحكومية تقديمها لما تتسم به الأجهزة التطوعية من مرونة وقدرة على الحركة السريعة . * تطبيق الأسلوب العلمي من خبراء متطوعين وصنع قنوات اتصال مع منظمات شبيهة بدول أخرى من دون حساسية أو التزام رسمي والاستفادة من تجاربها الناجحة القابلة للتطبيق . * جلب خبرات أو أموال من خارج البلاد من منظمات مهتمة بالمجال نفسه بجانب المشاركة في ملتقيات أو مؤتمرات لتحقيق تبادل الخبرات ومن ثم مزيد من الاستفادة والنجاح . * أن التطوع يعود على الفقراء بفوائد مالية تتمثل فيما تقدمه المشاريع الخيرية لهم من خدمات ترفع من مستواهم وتساعد في حل مشاكلهم وتغنيهم عن المسألة وذلك من مقاصد الشريعة . * أن التطوع ومساعدة الآخرين تشيع المحبة في المجتمع ويزرع الوئام بين أفراده . * التعرف على الفجوات الموجودة في نظام الخدمات في كل مجتمع . * التطوع ظاهرة مهمة للدلالة على حيوية الجماهير وإيجابياتها ، ولذلك يؤخذ مؤشراً للحكم على مدى تقدم الشعوب . * توفير الفرصة للمواطنين لتأدية الخدمات بأنفسهم مما يقلل حجم المشكلات الاجتماعية في المجتمع . * إتاحة الفرصة للمواطنين للتدريب على المساهمة في الأعمال والاشتراك في اتخاذ القرارات التي تمس حياتهم وحياة مجتمعهم بطريقة ديموقراطية . * إبراز الصورة الإنسانية للمجتمع وتدعيم التكامل بين الناس وتأكيد اللمسة الحانية المجردة من الصراع والمنافسة .
----------------
الهوامش :
1- مؤتمر التنظيمات الأهلية العربية.
2- تنمية العمل التطوعي في جمعيات تنظيم الأسرة العربية عمان عام 1992.
3- ندوة التطوع آفاق العام 2000 بيروت.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 155/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
51 تصويتات / 2340 مشاهدة
نشرت فى 31 مايو 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,876,135

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters