أهمية الذكاء العاطفي ..

يعتبر الذكاء العاطفي مفهوم عصري حديث, ولكن وجد له تأثير واضح على مجرى سير حياة الإنسان, وتأثير مهم في طريقة تفكيره وعلاقاته وانفعالاته, فهناك قاسم مشترك بين العواطف والتفكير وبين العقل والقلب, وهناك تعاون فيما بينها لإتاحة الفرصة للإنسان لاتخاذ القرارات الصحيحة والتفكير بشكل سليم, فالشخص الذي يعاني من اضطراب عاطفي أو عدم أتزان عاطفي لا يستطيع السيطرة على عواطفه أو التحكم بانفعالاته حتى وأن كان على مستوى عالي من الذكاء (أبو رياش وآخرون, 2006: 280-281).

            ومن ثم تبدو أهمية الذكاء العاطفي خصوصا ونحن في بداية الألفية الثالثة حيث نجد المجتمع يواجه العديد من المشكلات المتعلقة بالمجال السياسي و الاجتماعي و الثقافي و الاقتصادي,- والأزمة المالية العالمية خير مثال لذلك وما أفرزته من تأثير قوي على كثير من الشركات وبالتالي التأثير على الموظفين والعاملين وما صحاب ذلك من حالات قلق واضطرابات بل وصلت إلى حد الانتحار - . وليس هناك ثمة شك في أن الحلول لمعظم هذه المشكلات التي تسبب الضيق و القلق للمجتمع هو أن يمتلك الفرد ليس فقط القدرات الفكرية المطورة بطريقة جيدة ، بل عليهم أيضا أن يمتلكوا مهارات اجتماعية و وعاطفية تتكامل مع المهارات الفكرية لحل هذه المشكلات الراهنة والخروج من الأزمات التي يمر بها الأفراد بين حين وآخر, ومن هنا يتضح أهمية هذه المهارات لدى الأفراد و القدرة على إدارتها والتعامل معها و الانسجام بينهم بفاعلية وقد ساهم كل هذا في الاهتمام بمفهوم  الذكاء العاطفي لتأثيره القوي على ذلك (Pfeiffer & Steven, 2001:138-142 ).

أن البحث العلمي بدأ في الاهتمام بالعواطف والانفعالات للإنسان وطور الأساليب والطرق لفهم ودراسة هذه العواطف والانفعالات التي كانت مصدر غموض فيما مضى, وتعتبر العواطف جانباً أساسياً من جوانب السلوك الإنساني, وهي ذات صلة وتأثير كبير على حياة الإنسان وشخصيته وتختلف باختلاف شخصية الفرد وسلوكه والبيئة التي يعيش فيها, فمن الناس من لدية نضج عاطفي وانفعالي وله القدرة على التكيف مع أفراد المجتمع, ومنهم من ليس لديه نضج وهو غالباً ما يعاني من مشكلات التكيف والتوافق وإدارة العلاقات مع المجتمع, ومنهم من لديه القدرة على التعامل مع العواطف و الانفعالات الإيجابية والسلبية منها, ولديه القدرة على التحكم بها وإدارتها لتكون حافز له ودافع له ويكون هو متخذ القرار والمتصرف الأول, ومنهم من تحطمه العواطف السلبية وتقذف به يمنتاً ويساراً وتتحكم بقراراته وتصرفاته, فالذكاء العاطفي هو المفتاح الجديد للنجاح, ولقد أشارة العديد من الدراسات إلى أن الكثير من الموظفين ذوي المؤهلات الواعدة فشلوا في تحقيق النجاح, وكان من أسباب فشلهم تندي معدل الذكاء العاطفي لديهم, وعدم قدرتهم على التواصل وبناء علاقات مع الآخرين, فالفشل غالباً ما ينشأ عن أسباب عاطفية أكثر من أسباب فنية ومهنة (خوالدة, 2004: 26-27). وهذا يوضح لنا كيف أهمية التعامل مع الذكاء العاطفي وفهمه الفهم الصحيح ليكون خير معين للإنسان في مواجهة المشكلات والتعامل مع ضغوط الحياة وإدارة عواطفه وانفعالاته لتكون دافعاً له وليس محطماً له, وبناء العلاقات المثمرة وإدارة عواطفه وعلاقاته بشكل صحيح نحو النجاح.

          إن القدرة على السيطرة على العواطف والانفعالات هي أساس الإرادة وأساس الشخصية الناجحة, وإدارة العواطف هي تحد وهي حاجة ملحه بنفس الوقت, فهناك أشخاص يتمتعون بمستوى ذكاء مرتفع ولكن لا يستطيعون تسيير حياتهم العاطفية بشكل جيد, فقد يفشل الشخص اللامع من حيث الذكاء في حياته نتيجة عدم سيطرته على انفعالاته ودوافعه الجامحة (خوالدة, 2004: 44) فالعواطف هي التي تقود التفكير والقيم و الخوف والبقاء, والقدرة على إدارتها بشكل صحيح يعني الخروج من الأزمات والمشكلات وإدارتها بشكل سلبي يعني الانغماس في الأزمات والمشكلات وبالتالي التأثير بشكل سلبي على قراراته.

          والأفراد الذين يدركون مشاعرهم وعواطفه بصورة دقيقة يتعاملون مع الموضوعات الانفعالية بصورة أفضل, ومن ثم يتمتعون أكثر بحياتهم قياساً بأولئك الذين يدركون مشاعرهم وعواطفهم بصورة أقل دقة, وللذكاء العاطفي تأثير على قدرة الفرد على التكيف مع متطلبات البيئة المحيطة به والتعامل مع ضغوطها, وهذا ما أشار إليه (بار-أون) و(جولمان) من أهمية الذكاء العاطفي في النجاح بالحياة والسعادة (الخضر وآخرون,2007: 18).

وتشير الدراسات في مجال الذكاء العاطفي إلى أنه يرتبط إيجابياً بمجموعة من المتغيرات المرغوبة شخصياً واجتماعياً, فالذكاء العاطفي يرتبط إيجابياً بالرضا عن الحياة (Palmer ,et al 2002), ويرتبط بجودة العلاقات الاجتماعية للفرد وحجمها (Austin, et al. 2005) , ومرتبط  بالعلاقات الإيجابية مع الأصدقاء (Brackett , et al. 2004) , والأفراد الأكثر ذكاء عاطفي أكثر قدرة على التكيف الاجتماعي والمخالطة الاجتماعية (Sjoberg &  Engel berg , 2005 ), وهم أفضل في جانب الصحة النفسية والبدنية , وأكثر اهتماماً بمظهرهم الخارجي  (Brackett, et al., 2004) وأكثر استعداداً  لطلب المساعدة المهنية وغير المهنية للمشكلات الشخصية العاطفية (Ciarrochi & Deane , 2001 ), وهم أكثر تفوقاً من الناحية الأكاديمية (Parker, et al, 2004) (الخضر وآخرون,2007: 17).

ووجد أن الأفراد ذوي الذكاء العاطفي المرتفع أكثر نجاحاً في حياتهم المهنية (Dulewicz & Higgs, 2004؛Vakola, et al. 2004 )  وأعلى أداءً وظيفياً وشعوراً بضغوط العمل (Kaipiainen & Cartwright, 2002 ؛Fletcher, 2001 ؛Slaski, 2001) ولديهم مهارات قيادية أعلى (Higgs & Rowland, 2002), ولديهم مقدرة على تحقيق التوازن بين متطلبات العمل والمنزل (Sjoberg, 2001), وييسر عمليات التغيير التنظيمي بشكل أفضل (Vakola , et al. , 2004), ويزيد من أداء فرق العمل (Jordan, et al., 2002), وتحسن الأداء الإداري (Slaski & Cartwright , 2002) (الخضر وآخرون,2007: 17).

والذكاء العاطفي هو قاعدة وأساس نمو الكفاءة العاطفية, و التي أساسها الأفراد الأكثر ذكاء عاطفي أو لديهم قدرة اكبر على تنمية مهارات كفايتهم العاطفية. وقد توصلت الدراسات إلى ان الذكاء العاطفي يؤثر إيجابا في كفاءة المؤسسات والمنظمات من خلال ما يلي:

§         الذكاء العاطفي يخلق نمطا مستقرا من العلاقات العامة الايجابية بين الأفراد والموظفين.

§         يؤثر ذلك النمط من العلاقات العامة على نمو متميز باستقراره ومنهجيته المؤسسية وفاعلية إدارته.

§    الذكاء العاطفي لدى المجموعات والمنظمات يؤثر على الذكاء العاطفي لدى الموظفين و الأفراد حيث المواقف الهانئة «السعيدة» والتغذية الراجعة توفر دوافع ايجابية وأماناً لدى الموظفين والأفراد مما يوفر جواً لمزيد من النمو والتطور.

§     يؤثر الذكاء العاطفي للمجموعات و للأفراد في تحسين الإنتاج، لما في ذلك من قدرة على البعد عن الاضطراب وضغوط العمل.

§        أظهرت الدراسات في هذا المجال ان الذكاء العاطفي له علاقة بتحصيل الأطفال وتعليمهم وبتحسين سلوكهم.

§    كما أشارت الدراسات إلى ان ضعف مستوى الذكاء العاطفي لدى المعلمين والآهل يجعل انفعالات وعواطف الأطفال حادة وسلوكياتهم عدوانية ويكونون أكثر تعرضا للإحباط والاكتئاب.

§    ان إهمال التعامل الذكي عاطفياً من الأطفال يجعلهم يلجئون إلى التلفزيون والفيديو بما فيها من خبرات عاطفية مصطنعة وسطحية تؤدي إلى فقدان الأطفال للكثير من ابن النمو العاطفي الطبيعي.

§    تشير نتائج الدراسات النفسية التربوية والاجتماعية إلى ان اثر ذكاء العاطفة على النجاح في الحياة أعلى من اثر الذكاء العام.

§   أهمية وجود برامج خاصة لتغيير جانب خاص من السلوك, وأخرى لإحداث تغيير جذري في شخصية المتدرب ومن ذلك ما سمي بعلم الذات, وهذه البرامج تشجع الأطفال على التعرف على مشاعرهم واحتياجاتهم والحديث عنها وعلى تدريبهم على تحديد أولوياتهم وأهدافهم وعلى التعلم من الخبرات السابقة. وبذلك فإن علم الحياة يعمل على تطوير الشخصية بوجه عام ومن هذه البرامج برنامج حل النزاعات إبداعيا ، ويركز على تدريب الأفراد على تحديد بدائل لحل النزاع واحترام الخلفيات الثقافية والاجتماعية للآخرين وبالتالي إلغاء التعصب ومقاومته. ( http://www.addustour.com).

وأخيرا يجب أن نشير إلى ان للذكاء العاطفي صلات كثيرة ومتشعبة بواقع تعاملنا مع الحياة وطريقة إدارتنا لأنفسنا وعلاقاتنا مع الآخرين. فالذكاء العاطفي يتعلق بالتنظيم الشخصي في الإدارة والمهارات التي تدفع الفرد للتفوق في مركز العمل وفي الحياة بشكل عام, وهو يشمل حدساً وبديهة ومميزات وحماس وطموح يتميز به المدير, ومهارات في إدارة العلاقات مع الموظفين وتكوين الصلات والعلاقات (نصيف, 2006: 11).

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 144/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
48 تصويتات / 7235 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,770,900

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters