أولا :- إدراك الدعم التنظيمى .

Perception of organizational support

 

يشير الدعم التنظيمي إلى القدر الذي تهتم فيه المنظمة برعاية ورفاهية أعضائها ، من خلال معاملتهم بعدالة ، ومساعدتهم في حل ما يواجهونه من مشكلات والإنصات لشكواهم . و ينعكس في صورة  اهتمام القيم التنظيمية بالأفراد العاملين ، وتقديم المساعدات والمساهمات ، والعناية بهم وبصحتهم النفسية ، وتبدو ايجابية وفعالية المنظمة في استمرارية العناية والاهتمام وشمولها ، مما ينعكس في صورة إدراك الأفراد لهذا التأييد والدعم .

 

وتفترض نظرية الدعم التنظيمي وجود علاقة تبادلية ومشاركة بين المنظمة والعاملين بها ، فلابد أن تتفاعل وتتأثر معتقدات العاملين بمدى تقدير المنظمة لإسهاماتهم والعناية برفاهيتهم ، وتتضمن هذه المعاملات الموضوعات المادية والشخصية على حد سواء فهي تشمل مثلاً الصداقة والاحترام والمحبة، كما تتضمن النقود والخدمات والمعلومات. ، وبناء على تلك المشاركة فإن إدراك الدعم التنظيمي يظهر الالتزام النفسي للعاملين تجاه منظماتهم ومساعدتها في تحقيق أهدافها التي تسعى إليها. ولذلك يجب على العاملين الوفاء بهذا الدين من خلال التزامهم الوجداني وجهـــدهم المبذول  .

 

يشير إدراك الدعم التنظيمي POS) إلى اعتقاد الأفراد وشعورهم باهتمام المنظمة برفاهيتهم ، وتقديرها لأفكارهم وإسهاماتهم ، مما يخلق لديهم مشاعر الالتزام والانتماء التي تجعلهم سعداء راضين بانتمائهم للمنظمة وعليهم أن يعبروا عن ذلك من خلال ممارستهم للسلوكيات التي تدعم الأهداف التنظيمية مثل سلوكيات الالتزام والمواطنة وزيادة دافعيتهم للإنجاز. ، ومن ثم يمكن القول أن إدراك الدعم التنظيمي يعد مؤشراً على التزام المنظمة تجاه مرؤوسيها.

 

ويؤكد العديد من الكتاب والباحثين على أهمية إدراك الدعم الاجتماعي والدور الذي يلعبه باعتباره محدداً من محددات الأداء ، حيث يرى أن الأداء يتأثر بالخصائص الشخصية للأفراد والجهد المبذول في العمل ، بجانب الدعم التنظيمي الذي تبدو أهمية تأثيره على أداء الفرد المتوافق مع عمله بحيث تتناسب قدراته مع طبيعة عمله ، وخلاصة ذلك أن الفرد يجب أن يلقي الدعم الكافي ويستشعر ذلك ويعيه جيداً حتى يرتفع معدل إنجازه.

 

و إدراك الدعم التنظيمي لدى الأفراد يعد من المحددات الجوهرية لتحقيق الالتزام التنظيمي وبالتالي يعمل على تنمية الدافع إلى الإنجاز ، وبذلك يمكن أن يتوسط إدراك الدعم التنظيمي ما بين المحددات الأساسية لإدراك الدعم وهي:

 (العدالة التنظيمية – سلوك القادة لمساندة المرؤوسين – المشاركة في اتخاذ القرارات – دعم تأكيد الذات لدى العاملين).

 

 وما بين تنمية الالتزام التنظيمي والدافع إلى الإنجاز حيث أثبتت دراسات إن إدراك الدعم التنظيمي يتوسط العلاقة كمتغير وسيط بين الالتزام الوجداني الناتج من الدعم وكثير من المتغيرات الموقفية التنظيمية وهي غالباً علاقة جوهرية.كما أن هناك علاقة طردية غير مباشرة بين عدالة التوزيع وعدالة الإجراءات ورضا الفرد عن اتصاله برئيسه والولاء الوجداني للمنظمة من خلال الدعم التننظيمى المدرك كمتغير وسيط في هذه العلاقة .

 *********

 

ثانيا:- الرضا الوظيفى .

 

فالرضا الوظيفي هو تجميع للظروف النفسية والفسيولوجية والبيئية التي تحيط علاقة الموظف بزملائه ورؤسائه وتتوافق مع شخصيته ,  إنه لمن المؤكد والمحسوم أيضاً أن معطيات الرضا الوظيفي هو الشعور بالسعادة، فرضا الفرد عن وظيفته يؤدي إلى الكفاية الإنتاجية العالية، فالفرد الراضي عن وظيفته أو مهنته يقبل عليها في همة ونشاط ويكون سعيداً بها مما يزيد من كفايته الإنتاجية، أما عدم الرضا عن المهنة فينتج عنه سوء تكيف، غير متوازن انفعالياً ويظهر الكثير من مظاهر الضجر والملل والاستياء والإحباط...

 

.إن ميل الفرد لعمله أو لجانب معين فيه له المردود الإيجابي على نفسه وعلى عمله والرضا يتحقق عندما تتحقق توقعات الفرد نحو ما يحصل عليه من العوائد المعنوية والمادية خاصة، كما يُعبر الرضا عن حالة تكامل الفرد النفسية مع وظيفته ومدى استغلال العمل لقدراته وميوله وإثبات لشخصيته، أضف إلى أن وصول الفرد لمستوى الطموح الذي حدده يتحقق له من خلال عمله وهذا بدوره يؤدي لإشباع حاجاته الشخصية،

 

ولا شك أن هناك عوامل مؤثرة في رضا الفرد عن وظيفته، بعضها يتعلق بذاتية الفرد نفسه وبعضها الآخر متعلق بالتنظيم الذي يعمل فيه الفرد وهي بيئة العمل التي يعيشها كنوع العمل، وطبيعة وظيفته أو مهنته كعمل روتيني أو متنوع، ابتكاري أو عادي , وإذا نظرنا لعملية الرقابة الذاتية كأحد المدلولات الهامة والمؤثرة على الرضا الوظيفى إذا تربى العنصر البشرى على الرقابة الذاتية تربيا صحيحة  .

 

ولا شك أن العمل المتنوع ينتج عنه مستوى أعلى من الرضا، كما أن الظروف المحيطة ببيئة العمل من التهوية والإضاءة والأدوات والأجهزة المستخدمة وكم العمل وحجم الإدارة، فكلما كان حجم الإدارة صغيراً زاد التعاون بين الموظفين وازدادت العلاقة الشخصية والوظيفية بينهم، وبالتالي ارتفع روح الانتماء للجماعة والعمل فزاد الرضا الوظيفي لديه.ولا تخفى علينا أهمية المكانة الاجتماعية والاقتصادية للوظيفة كمحدد مهم للرضا الوظيفي، وهذا يرجع لثقافة المجتمع وتقديره للعمل،

 

ومن المحددات الرئيسية أيضاً التي تحتل الصدارة للرضا الوظيفي نمط الإشراف أو نوع القيادة في العمل، فقد حدد علماء الإدارة والعلوم الإنسانية أن هناك علاقة قوية بين النمط السائد للقيادة أو الإشراف (ديمقراطي – ديكتاتوري- فوضوي) والرضا الوظيفي عند الفرد وهذه العلاقة علاقة طردية قوية، ولا تقف عند العوامل البيئية المؤثرة في رضا الفرد عن وظيفته فقط وهناك عوامل خاصة بالفرد يتأثر بها وتؤثر على عمله كالإنجاز فالإنسان لا يقف عند نقطة معينة في حياته فلديه أهداف (إنجازات) يتمنى تحقيقها ويتوقع تحقيقها وهذه تمثل اتجاهاً لسلوكه بناءً على تقديره لذاته وتقدير الآخرين له وكلما وصل إلى مستوى شعر بارتياح ورضا ثم يضع أهدافاً ومستويات طموح جديدة، ولا نغفل ما يحققه الترقي والتقدم الوظيفي وما يمثله ذلك من أهمية كبرى لدى الموظف ورضاه بوظيفته،

 بالإضافة إلى الراتب والحوافز المادية وهذان العاملان الأخيران لا شك أنهما مساهمان بدرجة كبيرة في منع مشاعر الاستياء والإحباط الوظيفي لدى الفرد.

كما أن الاستقرار في العمل والحاجة للأمن فيه من المصادر القوية لتحديد الرضا وكلما ارتفع المستوى الوظيفي للفرد كان أكثر استقرارا وعطاءً ورضا عن العمل، يقول روجرز العالم النفسي في نظريته (الذات) إن الأشخاص الذين ينتقلون إلى عمل جديد غالباً ما تتغير شخصياتهم للأسوأ وهذا يحدث على الأقل في البداية ولا يعد هذا غريباً إذا نظرنا إليه حسب معطيات نظريته (الذات) فالعمل الذي يرتبط به الموظف لمدة طويلة له مردود ممتاز نفسياً، وقد يفي بكل متطلباته ويشبع حاجاته، بينما الموظف الجديد لم يتعود بعد على مهام العمل وقد يرتكب أخطاء قد تؤدي إلى الضرر بتقديره لذاته سلباً وقد تنمو لديه مشاعر عدم الثقة بالذات، والمدير المشرف سيقيمه وظيفياً من خلال كفاءته الإنتاجية، وهنا دور نمط القيادة الفعال مع موظفيها (قدامى ومستجدين). كذلك أن العلاقات الاجتماعية في محيط العمل أحد محددات الرضا الوظيفي والمهمة في حياة الفرد فهذه العلاقات تشعره بالانتماء والرضا داخل المؤسسة وخارجها، فكلما كان في حاجة للانتماء كان أثر جماعة العمل على الرضا الوظيفي لدى الفرد كبيراً،

 

وأرى أنا العمر الزمني المعتمد على طبيعة العمل يحقق أيضاً رضا وظيفيا، وقد وجد الباحثون أن الجنس له صلة بذلك، فالسيدات حققن رضا وظيفيا أكبر من الرجال فيما يتعلق بالأجر والعلاقات الاجتماعية. وكما أن لكل هذه العوامل تأثير كبير في الرضا الوظيفي للفرد لاشك أن لمستواه التعليمي دور في رضاه عن عمله، فهناك علاقة إيجابية بين المهنة والمستوى التعليمي.

 

******

 

ثالثا :- الإستغراق الوظيفى .

 

لقد عرف الاستغراق ، وتم تناوله بطرق عديدة إلا أنه يمكن التعبير عنه من خلال الاندماج الداخلي للفرد في العمل ، أو التطابق والتجاوب النفسي مع العمل بما ينعكس في صورة تحقيق لذاتية الفرد أو التزامه نحو عمله  ، فالاستغراق يعني أن يحب الفرد عمله أو أن يكون مهتما بالعمل المرتبط به ، فالأفراد المحبين لوظائفهم يعملون بكفاءة أعلى وبإنتاجية أكبر من هؤلاء الذين لا يحبون وظائفهم.

 

والاستغراق الوظيفي يمثل الدرجة التي يندمج فيها الفرد مع الوظيفة التي يمارسها ويستشعر أهميتها ، ولهذا فالأمر هنا مرتبط بالنواحي العقلية والعاطفية معا، إذ يتأثر الاستغراق بالعديد من المؤثرات منها المستوى العاطفي ويتضح ذلك من آثاره الإيجابية على الفرد مثال ذلك مشاعر السعادة والرضا والتقدير العالي للذات ، وعكس ذلك صحيح عندما ينخفض مستوى الاستغراق ، فيتضح التأثير السلبي على مشاعر الفرد مثال ذلك القلق والضيق والكآبة والإحساس باليأس. و الاستغراق الوظيفي يعبر عن الارتباط النفسي بين الفرد ووظيفته بحيث تعد هذه الوظيفة ذات بعد محوري في حياته وفى تقديره لذاته .

 

إن المفاهيم العديد للاستغراق والتي عرضتها الأدبيات التنظيمية يمكن تجميعها في عناصر خمسة جوهرية :

1 – العمل يمثل الاهتمام الأساسي في الحياة.

2 – المشاركة الفعالة في العمل.

3– الأداء يمثل الأساس لتحقيق الذات.

4 – الأداء مرتبط بالمفهوم الذاتي.

5- أهمية الرقابة الذاتية فى رفع مستوى الأداء .

 

ويفرق البعض بين الرضا الوظيفي والاستغراق ،

فالرضا الوظيفي يمثل المدى الذي يستمتع فيه العاملين بعملهم، أي أنه توجه شعور عاطفي إيجابي نحو الوظيفة ، في حين أن الاستغراق يعكس درجة أهمية ودور العمل في حياة الموظف.

أن الاستغراق الوظيفي يعد واحداً من أهم المداخل المستخدمة لتنمية وتحسين جودة حياة العمل  Qwl through Employee involvement . و التفاعل بين الاستغراق الوظيفي والالتزام التنظيمي يجعل الفرد المستغرق في وظيفته ، لديه التزام تنظيمي نحو منظمته وأكثر بقاء فيها ، حريصا على تنميتها وتطوير عملياتها .و خصائص العمل بما تشتمل عليه من تنوع واستقلالية ونوعية المهام والأنشطة وكذلك التغذية المرتدة ، تلعب دورا مهما في تنمية استغراق الفرد في عمله .

 

وهناك وجود علاقة بين المناخ التنظيمي والاستغراق الوظيفي، فكلما تميزت بيئة العمل بالقبول والرضا من العاملين ساهم ذلك في جعل الأفراد مستغرقين بشكل كامل في وظائفهم بما يؤدى في النهاية للحصول على أداء أفضل.

*********

نفعنا الله و إياكم بعلمه وفضله وكرمه .. ورزقنا الرضا منه ...

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

**************

المصدر: 1- أحمد السيد كردى " العوامل المؤثرة على أهمية إدراك الدعم فى تنمية الرضا والإستغراق الوظيفى " 2- عبدالحميد المغربى ( جودة حياة العمل وأثرها في تنمية الاستغراق الوظيفي ), دراسة ميدانية , ، مجلة الدراسات والبحوث التجارية ، العدد الثاني ، (جامعة الزقازيق ، كلية التجارة : 2004) . 3- عبد الحميد المغربى ,( أثـر محـددات إدراك الدعـم التنظيمـي علـى دافعيـة الأفـراد للإنجــاز بالتطبيق على الشركات الصناعية ) , بحث منشور ، المجلة العلمية التجارة والتمويل ، كلية التجارة ، جامعة طنطا ، الملحق الثاني، العدد الثاني ، 2003 م. 4- عبد العزيز الخضراء , ( دور التفاؤل والقيادة الفعالة فى تحسين الأداء الوظيفى ) , 2009 م , منتدى الأزمنة .
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 348/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
117 تصويتات / 5603 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,755,372

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters