السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام، حيث جاءت مفصلة وموضحة لكثير من الأمور التي تحدث عنها القرآن الكريم بشكل عمومي.

والإدارة الإسلامية لها نصيب عظيم في السنة المطهرة تفصيلا وتوضيحا ويكفي أن نعلم أن الإداري الأول والقائد الأول في الإسلام هو النبي محمد . ﷺ . خير البشر وأفضلهم على الإطلاق الذي علمه ربه فأحسن تعليمه.

وجاءت السنة النبوية المطهرة بالكثير من المبادئ والأسس الإدارية والأساليب القيادية التي تطمح لها الإدارة الحديثة وتسعى للوصول إليها، ويمكن أن نتلمس منها المبادئ التالية:

<!--الشعور بالمسؤولية وأهميتها

حددت السنة النبوية مسؤولية القائد والمدير وبينت أهميه هذه المسؤولية وقيمتها الدنيوية والأخروية وبأنها مناط الحساب والسؤال من قبل الله عز وجل، وقال النبي محمد . ﷺ .: " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ".

لذا فإن الرئيس ومهما كان نوع رئاسته، سواء رئيس الدولة أو رئاسة الرجل لأهل بيته أو مسؤولية المرآة على أسرتها أو مسؤولية العبد في مال سيده أو مسؤولية الخادم في بيت خادمه، كلها مسؤوليات توجب الشعور بأهميتها وإخلاص فيها.

فعن ابن عمر - رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله . ﷺ .: " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْوَلَدُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه ".

<!-- الإخلاص في العمل وإتقانه

من مبادئ الإدارة الحديثة الدقة والإتقان والإخلاص في العمل من أجل تحقيق أفضل الأرباح  وأعظم الإنجازات بأقل التكاليف والخسائر، وهذا المبدأ هو خلق إداري إسلامي أمر به الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم، حيث قال النبي محمد . ﷺ .:" من غش فليس منا ".

فالغش أمر من الأمور المرفوضة المكروهة المنبوذة في الإسلام لأنه يفسد العمل ويخرب العلاقات الإنسانية والإنتاجية معا.

و قال النبي محمد . ﷺ .:" إن الله يحب اذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" وقال:" إن الله يحب من العامل إذا عمل أن يحسن " [رواه البيهقي، ورواه أبو يعلى والعسكري].

والإخلاص أيضا في تولي مسؤولية الأفراد أمر حضت عليه السنة المطهرة وحذرت من التفريط فيه ، قال النبي محمد . ﷺ .:" أيما رجل استعمل على عشرة أنفس علم أن في العشرة أفضل ممن استعمل ،فقد غش الله وغش رسوله وغش جماعه المسلمين " [رواه أبو داوود الترمذي والحاكم وأحمد بروايات مختلفة].

<!--الأمانة

الأمانة خلق عظيم وتطبيقه في مجال الإدارة أعظم لأن الشخص الأمين الصادق هو عون للمؤسسة أو المنظمة وهو رافد من روافد العمل الإداري الناجح، ويدخل في نفس الرئيس الطمأنينة من ناحية مرؤوسه الأمين، وفي هذا الإطار يقول النبي محمد . ﷺ .:" اعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فإنه يراك " رواه مسلم. فمن علم أن الله يراقبه أصلح عمله وأتقنه.

<!-- الكفاءة

الكفاءة من أهم مبادئ الإدارة الحديثة حيث تسعى النظم الإدارية المعاصرة إلى البحث عن الرجل المناسب ليوضع في المكان المناسب من خلال توافر شروط معينه وصفات خاصة فيه تساعده وتساعد إدارته على النجاح في العمل وتحقيق أفضل معدلات التفوق والتطور الإداري.

والإسلام لم يغفل عن مبدأ الكفاءة بل انه سبق الأنظمة الإدارية الحديث إليه حيث كان النبي محمد . ﷺ . يستخدم ويستعمل القوي الأمين الشجاع الذي يخاف الله ويتقه، العادل، الصادق صاحب الاستقامة، المتمتع بالخلق القويم وسعه العلم والجدارة والنزاهة، ولم يكن يولي أحدا إلا بعد أن يستوفي هذه الصفات فيه.

فقد جعل وزيريه أبي بكر وعمر، وكان القائد في غزوة بدر وأحد حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وقبل هجرته بعث مصعب بن عمير ليكون سفيره إلى المدينة وأطلعهم على الإسلام وأسلم الكثير من أهل المدينة، وفي غزوة الأحزاب جعل رئيس حرس الخندق علي بن أبي طالب، وكذلك أعطاه الراية يوم خيبر، وغير ذلك من الأمور التي كان يوليها النبي محمد . ﷺ . للأكفاء.

<!-- القيادة الشورية

طبَّق النبي محمد . ﷺ . الأسلوب الاستشاري في قيادة الدولة، حيث كان يشاور أصحابه من أهل الرأي والحكمة وأصحاب العقل والعلم ويأخذ برأيهم في كثير من الأمور، فقد شاور النبي محمد . ﷺ . أصحابه بأسرى بدر وأخذ برأي أبي بكر بافتداء الأسرى وكذلك استجاب لرأي الأكثرية من الصحابة في الخروج يوم أحد، وأخذ النبي محمد . ﷺ . برأي سعد بن معاذ وسعد بن عبادة عندما أشاروا عليه بعدم مصالحه رؤوسا غطفان، والأمثلة كثيرة من سيرته العطرة عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

وتشير الدراسات الإدارية الحديثة إلى أن أفضل أنواع الإدارة والقيادة هو الإدارة الشورية التي كان يطبقها النبي محمد . ﷺ ..

<!--تقسيم العمل

إن تقسيم العمل وتخصيص الواجبات وتحديد المسؤوليات هو عمل إداري ناضج متطور لأنه بغير ذلك تدب الفوضى في أوصال الجهاز الإداري فعندها لا يعود أحد يعرف واجبه ومسؤولياته مما ينعكس سلباً على الأداء والإنتاج، ورسولنا الكريم النبي محمد . ﷺ . كان يخصص الواجبات ويقسم العمل على أصحابه ليقوم كل واحد منهم بواجبه خير قيام.

 ومن أمثلة ذلك هو كُتَّاب الوحي الذين كان عددهم حوالي اثنين وأربعين [42] كاتباً، وكان كل واحد منهم له عمل مختلف عن الآخر يؤديه ويقوم به. 

 

 

<!--العدالة بين المرؤوسين

العدالة بين المرؤوسين من أسس الإسلام العظيمة ومن مبادئه القويمة وهو مبدأ هام من مبادئ الإدارة، حيث أن العدالة بين المرؤوسين تحقق نتائج مذهلة في الأداء حيث ترتفع معنويات العاملين ويقبلون على العمل بمحبة وشغف ويشعرون أن حقوقهم محفوظة وبأن هناك من يرعاها ويصونها لهم، وبأن المجتهد سوف ينال نصيبه وإن حق لن يضيع، قال النبي محمد
. ﷺ .:" من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمَّر عليهم أحدا محاباة فعليه لعنه الله، ولا يقبل منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم " [أخرجه الحاكم وصححه].

<!--الاهتمام بالمرؤوسين

اهتم الرسول النبي محمد . ﷺ . بحاجات عماله ومرؤوسيه وقادته الروحية والنفسية والجسدية والمادية، وذلك لكي يعطي ويبذل أقصى ما عنده من طاقة ولتكون نفسه مرتاحة مطمئنة على أهله وماله وولده حيث يقول النبي محمد . ﷺ .:" من ولي لنا عملا وليس له منزل فليتخذ منزلا أو ليس له زوجة فليتزوج أو ليس له دابة فليتخذ دابة " ومعنى الحديث: أن من ولي لنا عملا ولم يكن عنده منزل نعطيه منزلا، وإن لم يكن متزوجا نساعده على الزواج وتكاليفه، والذي ليس عنده دابة وهي وسيلة النقل آنذاك، فإنا نعطيه دابة ونساعده على شراء أحدها، وفي هذا اهتمام بالمرؤوسين وحاجاتهم ليكونوا مكتفين ذاتياً، حتى لا ينجرفوا بالانحراف عن أخلاقيات وواجبات عملهم.

وقال أيضاً. ﷺ .:" من كان لنا عاملاً ولم يكن له مسكن فليتخذ مسكنا" 
[رواه أبو داوود].

وهذا ما تسعى إليه النظم الإدارية الحديثة من حيث توفير المسكن المناسب للموظفين وإعطاء الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والرعاية الأسرية والاجتماعية لهم ولعائلاتهم.

ونرى أن الإسلام قد سبق هذه النظم بمئات السنين في تحقيق وتطبيق أغلى أمنيات الفرد في مجال الإدارة والأعمال.

<!-- طاعة الرئيس واحترامه

لأن فيها دوام للعمل واستمرار للعطاء والإنتاج، فالإسلام لم ينظر إلى الصور والأشكال بل نظر إلى العقل والفكر والقلب ومحتواهما، وأمر بطاعة الأمير والمدير والرئيس والقائد مهما كان لونه أو شكله ما دام يطيع الله ويخافه، قال النبي محمد . ﷺ .:" اسمعوا وأطيعوا ولو أُمِّر عليكم عبد حبشي رأسه كزبيبه ". وهذه الطاعة تنتهي عندما يأمرك رئيسك بأمر فيه معصية الله فلا يجوز طاعته، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كالغش وتقبل الرشوة والتلاعب بالرواتب والميزانية والصادرات والواردات، وغير ذلك.

إن ما سبق ذكره من مبادئ الإدارة في القرآن الكريم والسنة المطهرة هو فيض من غيض وقليل من كثير يصعب على المرء الإحاطة به لأنها كلمات الله التي وسعت كل شيء وكلمات رسوله الكريم التي جاءت مفصلة لكل نواحي الحياة الإنسانية.

إن الإدارة الإسلامية هي إدارة عصرية متطورة ذات نظرة مستقبلية ثاقبة، لأن الإدارة الحديثة تسعى جاهدة لتطبيق ما نجحت بتطبيقه الإدارة الإسلامية على يد القائد الإداري الأول النبي محمد . ﷺ . الذي كان يتلقى التوجيهات من لدن رب العالمين الذي أحاط بكل شيء علما، فكيف يعتريها النقص أو التقصير.

إن مبادئ الإدارة الإسلامية هي عبارة عن دساتير ونظم إدارية دائمة متجددة لا غنى للإدارة العصرية عن الاسترشاد والاهتداء بها مهما تطورت وتحدثت.

باختصار، الإدارة الوضعية هي نهج إداري يركز على تحليل المشكلات والقضايا بناءً على الوضع الراهن، واستخدام البحث والتحليل للعثور على الحلول الأكثر فعالية والمناسبة للحالة الراهنة. في حين أن الإدارة في الإسلام هي نهج إداري يستند إلى القيم الإسلامية والمبادئ الشرعية، ويهدف إلى تحقيق العدالة والتكافل الاجتماعي والتضامن بين أفراد المجتمع. يتم التركيز في الإدارة في الإسلام على المشورة والتشاور بين القادة والمجتمع، وتحقيق التوازن بين الحاجات الفردية والاجتماعية.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإدارة في الإسلام تركز على العدل والإنصاف في جميع الجوانب، بما في ذلك توزيع الموارد والفرص بين الأفراد والمجتمعات، وتشجيع التعاون والتضامن فيما بينهم. وتحرص على تحقيق الإنفاق الحكيم وتجنب الإسراف والتبذير في استخدام الموارد. كما تركز الإدارة في الإسلام على بناء الثقة وتحقيق الاستقرار والسلم الاجتماعي بين الناس، وتحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 17 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,015,533

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters