المصـرفيـة الإسلاميـة (دراسات في المحاسبــة والإدارة)

للدكتور: أحمد شوقي سليمان" دكتوراة كلية التجارة جامعة الأزهر"

المخاطر الإئتمانية  في ضوء

مقررات لجنة بازل II للإشراف على البنوك.

 والمبادئ الإرشادية الصادرة عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية

 لإدارة المخاطر للمؤسسات المالية  (عدا المؤسسات التأمينية)

 التى تقتصر على تقديم خدمات مالية إسلامية

ينطوى العمل المصرفي على في إغلب تعاملاته على العديد من المخاطر، فالمخاطر لها جانبان، الأول هو احتمالية حدوث حدث ما، والأخر هو مقدار أو حجم النتائج المترتبة على حدوث هذا الحدث للحد من النتائج السلبية للمخاطر وينبغي تطبيق مبدأ الحيطة والحذر والذي هو اساس  مفهوم  إدارة المخاطر، ويتمثل دور إدارة المخاطر بالمؤسسات المالية في كيفية التعامل والحد من النتائج السلبية المتوقع حدوثها، من خلال تحديد وقياس ومتابعة ومراقبة المخاطر التي تواجهها عند القيام بكافة اعمالها ولا سيما عند التمويل للمشروعات المختلفة وتحيط المؤسسات المالية النمطية والإسلامية العديد من المخاطر وسيسعى الباحث إلى التعرض لها من خلال هذه الدراسة إلى مخاطر الائتمان وذلك لما لمسه بالواقع النظرى والتطبيقي عند التعامل مع هذه النوعية من المخاطر.

1= مفهوم مخاطر الإئتمان :-

أولاً :- مفهوم وطبيعة مخاطر الإئتمان في ضوء مقررات لجنة بازل للإشراف على البنوك.

يوجد العديد من التعريفات لمخاطر الإئتمان وتعرفها لجنة بازل بأنها مخاطر تعثر الطرف المقابل (المدين) وتتحدد مخاطر الإئتمان طبقاً لقدرة الطرف المقابل (المدين)  على الوفاء بالتزاماته وفقاً للعقد من منظور محدد لذا فإن تقييم البنك للعقد ينبغى أن يتضمن مقدرة الطرف المقابل (المدين) على الوفاء بأصل الدين والفائدة من خلال مقدرته على تحقيق الارباح والتدفقات النقدية، الربح، قيمة الضمانات، المستقبل الإقتصادي للقطاع الصناعى الذي يعمل به الطرف المقابل (المدين).

وأنواع مسببا ت المخاطر طبقاً لإطار بازل II كالتالى:-

= مخاطر العميل (المدين) اخذا في الاعتبار تقدير الحجم (إحتمال التعثر).

= مخاطر التسهيل (العملية) (الخسارة عند  التعثر).

= حجم التسهيل (التعرض عند التعثر).

= البعد الزمنى (الإستحقاق).

= التنوع / التركز (ومدى الإرتباط).

ثانياً :- مفهوم وطبيعة مخاطر الإئتمان في ضوء المبادئ الإرشادية الصادرة عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية لإدارة المخاطر للمؤسسات المالية  (عدا المؤسسات التأمينية)

      هى المخاطر الناشئه عن عدم وفاء أحد الاطرف بالتزاماته وفقاً للشروط المتفق عليها. وهذا التعريف يسرى على مؤسسات الخدمات المالية التى تدير مخاطر تمويل الذمم المدينة والإجارات (على سبيل المثال المرابحة – المشاركة المتناقصة والإجارة) وعمليات / مشاريع تمويل رأس المال العامل (على سبيل المثال الإستصناع والمضاربة).

  وتتمثل عملية إدارة مخاطر الائتمان في التالي :-

= طبيعة التسهيلات التمويلية والمحافظ الاستثمارية فيما يتعلق بالعجز عند السداد.

= التدنى في التصنيف الإئتمانى.

= التركيز على الإئتمان والتى تنشأ في سياق عمليات التسوية والمقاصة.

= مخاطر الإئتمان المرتبطة بخصائص محددة تتعلق بعقود التمويل الاسلامي.

 

2- الفرق بين مفهومى مخاطر الإئتمان.  

وفي ضوء العرض السابق لمفهومي مخاطر الائتمان يمكن للباحث إيضاح الفرق بينهما  كالتالي :-

= بالنسبة لمخاطر الإئتمان في مقررات لجنة بازل للإشراف على البنوك فإنها تركزت دراسة الطرف المقابل (المدين) فقط من حيث إحتمالية عدم قدرة المدين على وفائه بإلتزاماته خلال فترة محدده، والقيمة التقديرية عند تعرض المدين للتعثر، ومدى تعرضه لحالات التعثر، والمدة الزمنيه الفعليه لتعرض البنك لمخاطر تعثر المدين.

= أما بالنسبة لمخاطر الإئتمان في ضوء المبادئ الإرشادية الصادرة عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية لإدارة المخاطر للمؤسسات المالية  (عدا المؤسسات التأمينية) فنجد انه يتناول كافة الأطراف ذات العلاقة بعملية التمويل وذلك وفقاً للشروط المتفق عليها بالعقود وذلك لاختلاف طبيعة التمويل في المؤسسات المالية الإسلامية عن نظيرتها التقليدية والتي يمكن إيضاحها من خلال صيغ التمويل الإسلامي كالتالي :-

المرابحة والمرابحة للأمر بالشراء:-

= في حالات الوعد بالشراء غير ملزم في عقود المرابحة للأمر بالشراء، فتقع مخاطر الإئتمان في حالة إرتباط المؤسسة المالية (المأمور) مع عميلها (الأمر) بشراء سلعة معينة لبيعها له في موعد محدد، فقد لا يقبل الامر استلام السلعة لعدم مطابقتها للمواصفات المحددة مثلاً ويرجع ذلك لعدم وفاء بائع السلعة للمؤسسة المالية بتوفير السلعة المطلوبة طبقاً للمواصفات المتفق عليها. كما يجب على المؤسسة التأكد بأن الذي يبيع السلعة إليها طرف ثالث غير العميل (الآمر) أو وكيله، أو تكون الجهه البائعة للسلعة مملوكة للعميل، وإلا تكون العملية باطلة. وبالتالي فإن هناك مخاطر مخاطر ائتمانية قد تقع بها المؤسسة المالية الإسلامية ناتجة عن طرف أخر متمثلة في بائع السلعة.

= وفور تملك المؤسسة للسلعة وقبضها فإن السلعة قد تتعرض لمخاطر تقلبات الأسعار لحين عرضها على الأمر وإبرام عقد المرابحة معه (مخاطر سوق تتحول لمخاطر إئتمانية)

= كما يجب على المؤسسة أن تبين للعميل العيب الحادث بعد الشراء، وأن تتحمل كافة الأضرار التي قد تقع نتيجة سوء في تخزين السلعة أو نقلها من محل البائع لحين قبول العميل شرائها واستلامها (مخاطر تشغيل تتحول لمخاطر إئتمانية).

وعليه فإن هناك مخاطر أخرى بخلاف المخاطر المتعلقة بالأمر بالشراء (المدين) والتى ستؤدى إلى حدوث المخاطر الإئتمانية. 

السلم والسلم الموازي:-

إذا قام العميل (المسلم إليه) بعقد السلم الأول بتسليم المؤسسة سلعة أخرى لعدم قدرته على توفير السلعة وقبلت المؤسسة إستبدال السلعة وإستلامها أو قيام المسلم إليه بتسليم السلعة غير مطابقة للمواصفات للمؤسسة. وهو ما سيؤدى إلى قيام المؤسسة ببيع السلعة البديلة التي تم إستلامها بالسوق، وقد يأخذ الأمر وقتاً لتسويقها مما قد يؤدي إلى إنخفاض قيمتها بالسوق وقت البيع. بخلاف قيامها بتوفير السلعة المتفق عليها من عميل أخر لتسليمها للمسلم في عقد السلم الثاني وبسعر السوق الحالي وهو ما سيؤثر على ربحية المؤسسة، وبالتالي فإن مخاطر السوق ستتحول إلى مخاطر إئتمان.

الإجارة والإجارة المنتهية بالتمليك.

= عند توقيع المستأجر وثيقة وعد بالإستئجار أو ما في حكمها، ولا يجوز أن تشتمل الوثيقه على مواعدة ملزمة للطرفين وفي حاله نكول المستأجر فسيقوم المؤجر بإستئجار السلعة أو بيعها في السوق لطرف أخر، والرجوع على المستأجر لتعويضه بأي خسائر لحقت بالمؤسسه نتيجة نكوله عن الإستئجار.

= وفي حالة قيام المؤسسة بشراء السلعة من غير الواعد بالاستئجار ولم تكن السلعة المطلوب إجارتها مطابقة للمواصفات المطلوبة من الواعد بالاستئجار. فلن يتسلم الواعد بالاستئجار السلعة، وستواجه المؤسسة صعوبة في بيعها أو إيجارها للغير وفي كلتا الحالتين ستتعرض المؤسسة لمخاطر تقلبات سعر السوق للسلعة والتى قد تتحول لمخاطر إئتمان.

= في حالات الإجارة التشغيلية وعدم القيام بعمل الصيانة الأساسية للعين التي يتوقف عليها بقاء المنفعة من جهه المستأجر أو الجهه القائمة بالصيانة للعين، وبالتالى فستتعرض المؤسسة لمخاطر إئتمانية.

= عدم وفاء شركات التأمين بشروط عقد التامين للمؤسسة المالية في حالة حدوث أي أضرار على الموجودات المؤجرة .

الإستصناع والإستصناع الموازى

= فى حالة  تأخر جهة التنفيذ (الصانع) في عقد الإستصناع الثاني بتسليم المصنوع للمؤسسة في الأجل المتفق عليه، فستتأخر المؤسسة في تسليم العميل المستصنع في عقد الإستصناع الأول المصنوع وبالتالي فسيقع عليها عبء سداد الشرط الجزائى.

= إذا لم تلتزم جهة التنفيذ (الصانع) بعقد الإستصناع الثاني بمواصفات المصنوع المتفق عليها بعقد الإستصناع في وقت التسليم .

= في حالات ظهور عيوب في المصنوع بعد تسليمه وهو ما سيضعف قدرة المستصنع على الوفاء بإلتزاماته لتوقف عمل المصنوع والذي يكون في الغالب أحد مصادر الدخل .

وفي كل الاحوال فستتعرض المؤسسة لمخاطر إئتمانية ناتجة عن عدم إلتزام الصانع وليس المستصنع (المدين)

المشاركة والمضاربة  

= قد لا تتوافر الخبرة الكافية للعاملين بالمؤسسة المالية في متابعة المشروعات الإستثمارية، في ضوء تكنولوجيا الأعمال الحديثة والتي تتسم بالتداخل والتعقيد. وعدم توافر نظم المتابعة والتقييم الشاملة للمشروعات الإستثمارية.

= في مرحلة انتهاء المشاركة أو المضاربة والمحاسبة على نتائجها وتوزيع الأرباح أو الخسائر وفقاً للنسب المتفق عليها وتصفيتها ثم تجديدها إن رغب الشركاء فى ذلك قد لا يتم الإفصاح عن الأرباح الحقيقية المتولدة من المشروع.

= في حالات إثبات إهمال أو سوء تصرف الشريك أو المضارب الذي يدير المشروع.

         وفي ضوء ما سبق فقد تتعرض المؤسسات المالية الإسلامية لمخاطر مختلفة عن المؤسسات المالية التقليدية ناتجة عن طبيعة عقود صيغ التمويل الإسلامي المختلفة. إلى جانب حالات عدم سداد المدين لإلتزاماته فإنة يحظر على المؤسسات المالية فرض أى غرامات تأخير إلا في حالات المماطلة مما سيؤدى إلى زيادة المخاطر الإئتمانية (مخاطر عدم السداد)، كما أنه إذا تم تحصيل غرامات تأخير نتيجة المماطلة فإنه يحظر على المؤسسات المالية الإسلامية استخدامها لمنفعتها ويجب عليها التبرع بها لصرفها في أوجه الخير والبر، وهو ما سيؤدى على زيادة مخاطر عدم السداد.

        وهناك مخاطر إئتمانية أخرى تحيط عمليات الإئتمان في المؤسسات المالية الإسلامية والنمطية وتتمثل في دراسة التدفقات النقدية للعميل (المدين) والتى تتمثل في بعض الأحوال في الحصيلة الناتجة عن أوامر التوريد وحصيلة الأوراق التجارية لمدينى العميل (المدين). وذلك لعدم قيام عملاء المدين بالوفاء بالتزاماتهم الناتجة عن اوامر التوريد أو الاوراق التجارية في أجالها المحددة والتي ستؤثر على قدرة العميل (المدين) بسداد مديونيته للمؤسسة المالية.

ويرى الباحث أنه يمكن للمؤسسة المالية دراسة قدرة مديني العميل على الوفاء بإلتزاماتهم من خلال الإستعلام الجيد لمدينى العميل (المدين) ودراسة سمعتهم في السوق وموقفهم المالي قبل الموافقة على منح العميل (المدين) التمويل المطلوب للتأكد من مدى قدرتهم على سدادهم لإلتزاماتهم تجاه العميل (المدين) وحتى لا يؤثر على الوفاء بإلتزاماته للمؤسسة المالية.

والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات ، ، ،

30-8-2015

المصدر: = موسى عمر مبارك ، "مخاطر صيغ التمويل الإسلامي وعلاقتها بمعيار كفاية رأس المال للمصارف الإسلامية من خلال معيار بازل II" رسالة دكتورة مقدمة للأكاديمية العربية للعلوم المصرفية، 1429هـ - 2008 م. = ميرفت على أبو كامل "الإدارة الحديثة لمخاطر الائتمان في المصارف وفقاً للمعايير الدولية "بازل2" دراسة تطبيقية على المصارف العاملة في فلسطين" رسالة ماجستير، كلية التجارة قسم إدارة الأعمال،الجامعة الإسلامية غزة، 2007. = المبادئ الإرشادية لإدارة المخاطر للمؤسسات التي تقدم خدمات مالية إسلامية عدا المؤسسات التأمينية الصادرة عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية في ديسمبر 2005 . = الإطار الدولى لمقررات بازل II و III، الصادر عن البنك المركزي المصرى، المعهد المصرفي المصري، 2-13 نوفمبر 2014. = Basel II : Revised International Capital Framework , 12 sept 2010
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1066 مشاهدة
نشرت فى 30 أغسطس 2015 بواسطة ahmed0shawky

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

195,526

أحمد شوقي سليمان

ahmed0shawky
يهتم الموقع بعرض المقالات والابحاث ذات العلاقة بالمصارف الإسلامية , والمحاسبة والمراجعة والإدارة الإستراتيجية. د/ أحمد شوقي .... في سطور .... دكتوراة وماجستير المحاسبة كلية التجارة جامعة الأزهر مدير مخاطر معتمد CMRM- الاكاديمية الامريكية للادارة المالية نائب مدير عام مراقبة ومتابعة التمويل الإسلامي بقطاع المخاطر بأحد أكبر البنوك المصرية »

تسجيل الدخول

ابحث

عـــن العلــم العمـــل

العلم والعمل كلمتان متساويتان في عدد الحروف مع إختلاف الترتيب فالعلم هو دليل العمل ودائما ً ما يكون العلم سابق للعمل والقول فلا يصح العمل بدون علم ، والدليل على ذلك قول الله سبحانه وتعالى "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ"  سورة الزمر (الاية 9)

فالعلم والعمل لهما علاقة ترابطية علاقة السبب ونتيجته ، كما أن العلم هو اساس نوايا البشر ويقول الإمام الشافعي في العديد من المرات: إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معًا فعليك بالعلم .

ويأتى العمل بعد النيه والتى يسبقها العلم ويظهر ذلك في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، ..) فالعمل لا يصلح إلا بالعلم والذي سيعرض على الله عز وجل يوم القيامة لتحديد صحته ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ( سورة التوبة الاية 105) ﴾

فالإخلاص في العلم يؤدى لتصحيح النوايا حتى يصح  العمل

أحمد شوقى سليمان