قسم: القيادة, مقالات تنموية
أضيف بتاريخ: 11 سبتمبر 2013 - 518 زيارة

عنوان المقالة: أعلام ..وأقزام
كاتب المقالة: د.أحمد السيد كمال
محتوى المقالة:أعلم جيداً أن التكوين الثقافي للإنسان وتصوره للأمور مرتبطان ارتباطا وثيقاً بتحصيله في فترة تعليمه أثناء مشواره الدراسي…أكتب هذا المقال في أثناء قراءتي للتاريخ الإسلامي .. فلم يستطع قلمي أن يصبر حتى أفرغ من قراءتي تلك..ولم يتمكن ذهني من طرد كل هذه الأسئلة الحانقة المتبادرة اليه .. ومنها مثلا :لماذا إذن درسنا سيرة نابليون بونابرت في إحدى مراحلنا الدراسية ولم ندرس سيرة خالد بن الوليد ؟ وهو الذي خاض نحو 100 معركة ولم يُهزَم قط ؟؟!!
أليس هو الذي دق مسماراً في نعش الامبراطورية الفارسية بل والرومانية أيضاً وهما أعظم وأغلظ قوتين على وجه الأرض آنذاك ؟؟!!
أليس هو القائد الملهم الذي انتزع 3000 مسلم لقمةً سائغةً من فكّ 200,000 من مقاتلي الروم بخسارة 12 مقاتل مسلم فقط ؟؟
أليس هو من ابتكر سياسات وخطط حربية تُدَرّس حتى الآن في المدارس العسكرية الاوروبية .. مثل سياسة النظام المائل مثلا التي أصبحت من
أساسيّات القاموس العسكري الحديث ؟؟
…إذا كان المراد مما ندرسه في المناهج المقررة هو إتحاف العقول وترويح النفوس .. فأنا شخصيّاً كنت أعتبر سيرة نابليون مملة ولو كنّا درسنا سيرة خالد لكانت أتحف للعقول وأرْوَح للنفوس ..أما إذا كان المراد مما ندرسه أخذ الدروس واستلهام العبر .. أفلم يكن من الأولى أن نستلهم العبر من سيرة (الفاروق) مثلا بدلاً من (شجرة الدرّ ) ؟!! أو أن ندرس سيرة (محمد الفاتح) بدلاً من (الخديوي توفيق) الذي ملأ علينا السمع والأبصار في المرحلة الإعدادية ؟؟؟ أو إلى جانبها على الأقل ؟؟ …

وليس بخفيّ عنّا ذلك السؤال الذي تلقّاه الكاتب الشهير أنيس منصور عن أعظم قائد عسكري في التاريخ من وجهة نظر سيادته .. فكانت إجابته : نابليون بونابرت ..وقرأت فيما بعد عن باول هيندنبيرغ أحد أعظم القادة الألمان والرئيس الثاني لألمانيا بعد فريدريتش إيبرت أنه تعرّض لنفس السؤال فكانت إجابته بعد تفكير ورويّة : ” خالد بن الوليد .. لأنه أستاذ المناورة والسرعة في الحروب “…لا أعلم مدى صحة مقولة الزعيم الألماني ولكنها على كل حال لن ترفع من قدر وعظَمة القائد الملهم خالد بن الوليد ولن تغيّر مكانته المحفوظة في التاريخ…ولكنّها تضع إجابة كاتبنا الشهير في وضع محرج للغاية .. ألم يكن هو الأولى بتلك الإجابة ؟؟

ثم شاء الله لي أن أقرأ رأي المفكّر مونتوجومري وات _ وهو أحد المستشرقين _ في هذا الشأن قائلاً :” خالد بن الوليد هو أعظم قائد عسكري عرفته العصور ” … وهذا يجعلني أعيد النظر في ترتيب أعلام الفكر على ميزان ثقافي جديد .. وهو ميزان الإلمام والشمولية والتأثر بجميع الثقافات بدلاً من ثقافة واحدة… وعلى هذا الميزان الجديد تأتي إجابة كاتبنا الشهير مطأطئة الرأس حزينةً أنّها خرجت ممن كان أولى بأن يجعلها تفخر أمام إجابات القادة والمفكرين الغربيين -الغير مسلمين- على الأرجح .. قائلةً في حسرة بالغة : سلام الله عليك يا خالد .. فلتقبل اعتذاري !!

بقلم دأحمد السيد كمال
9-9-