يتضمن التشكيل الوزاري الجديد عددا من الشخصيات الوطنية والمشهود لها بالخبرة والكفاءة في مجالات العمل المختلفة، ورغم حسن الاختيار إلا أنه من المعروف أننا أمام حكومة انتقالية قد لا يتعدي بقائها في الحكم عدة أشهر، وأنها تواجه تحديات ومشكلات متعددة تحتاج إلي خطط طويلة ومتوسطة الأجل لعلاجها، ومن المتوقع ألا يلمس المواطن جهودها في التعامل مع هذه المشكلات بشكل ملحوظ خلال هذه الفترة الانتقالية.ورغم ذلك فهناك قدر من التفاؤل لدي الغالبية من الشعب في قدرة هذه الحكومة في التعامل مع المشكلات الأمنية والقضاء علي ظاهرة الإرهاب ومخالفة القانون وعدم احترامه. فقد عاشت مصر منذ قيام ثورة يناير انفلاتا أمنيا وخروجا عن القانون في مجالات المرور والبناء وأمن المواطنين، علاوة علي المظاهرات غير السلمية التي يرتكب المشاركون فيها أفعالا اجرامية متعمدة مثل إتلاف الممتلكات العامة والخاصة، وقطع الطرق والكباري واشعال النيران والتعدي علي النفس والذي يصل أحيانا إلي القتل لكل من يخالف في الرأي أو يحاول منع ارتكاب مثل هذه الجرائم.
   ومن المعلوم أن مصر شهدت منذ قيام ثورة يناير تراخيا واضحا من الاجهزة التنفيذية سواء المركزية أو المحلية في تنفيذ القانون مما ساعد علي انتشار هذه الظواهر الاجرامية. ولاشك أنه من الصعوبة بمكان أن تعيش أي دولة بشكل مستقر وينشط فيها الاقتصاد والتنمية بدون الخضوع الكامل للقانون واحترام قواعده وكان طبيعيا في ظل الانفلات الأمني ان يتأثر النظام الاقتصادي المصري سلبا وتتعقد الأمور الاجتماعية والمعيشية للمواطن.
   وعلي ذلك فإنه من الضروري ان تولي الحكومة الجديدة اهتماما خاصا بوضع الآليات التي تكفل مكافحة الإرهاب وعدم احترام القانون في أقصر وقت ممكن. ولا ننكر أن الحكومة الحالية لديها الوعي الكامل بأن الحزم في تطبيق القانون لن يكون علي حساب حق الافراد في التظاهر والتعبير عن الرأي إذا كان هناك التزام بالسلمية، أيضا جاءت تصريحات مجلس الوزراء تؤكد التزام الحكومة بحقوق الانسان واحترام كرامة كل من يتم اتهامه بشكل عام. وما يجب التأكيد عليه ان الحكومة عليها الموازنة بين هذه الجوانب بقدر من الحكمة والمرونة.
  وفي اعتقادي ان الحكومة تواجه ظروفا صعبة ويجب أن نتفهم ان الحزم قد يقتضي في حالات الضرورة تغليب اعتبارات الصالح العام إذا تعذر التوفيق بين هذه الجوانب. وقد صور الرسول الكريم ذلك بقوله »إن قوما ركبوا البحر في سفينة فاقتسموها، فصار لكل منهم موقع، فأخذ رجل منهم الفأس فنقر موقعه، فقالوا له: ماذا تصنع؟ فقال هذا مكاني أصنع فيه ما شئت، فإن أخذوا علي يديه نجوا ونجا، وإن تركوه غرق وغرقوا، فخذوا علي أيدي سفهائكم قبل أن يهلكوا«.

المصدر: أ.د. محمد ماهر الصواف
PLAdminist

موقع الإدارة العامة والمحلية- علم الإدارة العامة بوابة للتنمية والتقدم - يجب الإشارة إلى الموقع والكاتب عند الاقتباس

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 524 مشاهدة
نشرت فى 26 يوليو 2013 بواسطة PLAdminist

عدد زيارات الموقع

808,852

ابحث