جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
إدارة محلية بدون محافظين- أ.د. محمد ماهر الصواف
أظهرت ردود فعل بعض المواطنين في محافظة قنا مدي الحاجة إلي بذل مزيد من الجهود لنشر ثقافة المواطنة، وأهمية تبني إقامة دولة مدنية ديمقراطية، وبحق يري الأستاذ عبد العظيم حماد في مقاله عن معركة تقرير المصير الديمقراطي فى قنا بتاريخ 22 ابريل أن ما حدث في قنا يضع ثورة 25 يناير ومشروعها الديمقراطي المدني الوطني أمام امتحان عسير ، بل ويفتح بابا من أبواب جهنم الطائفية التي يمكن أن تعيق الحكومة في مسيرتها نحو النهوض الاقتصادي.
وفي تقديري أنه بجانب ما طرحة الأستاذ عبد العظيم حماد من ضرورة تعبئة كافة الجهود المخلصة سواء من الجماعات الدينية المعتدلة، أو من شباب الثورة والسياسيين المهمومين بمشاكل هذا المجتمع، نحتاج إلي تبني أحد أهم آليات تعميق الديمقراطية ودعم مسيرتها، وهي بناء نظام للإدارة المحلية يستبعد دور المحافظ في صنع القرار المحلي، ويعمل علي نقل السلطة للمجالس المنتخبة ويضمن استقلالهم بالقرار المحلي، ومشاركة فعالة للمواطن فى توزيع الموارد المتاحة؛ بما يتفق مع الاحتياجات الفعلية وتوفير الخدمات العامة الضرورية لمعيشته؛ وذلك وفق الأصول العامة للامركزية الإدارية .
لقد أعطى قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 79 المحافظ وضعا خاصا، فهو ممثلا للسلطة المركزية، وكلفه بمباشرة عدد من السلطات الإشرافية والرقابية على الوحدات المحلية وكافة العاملين التنفيذيين سواء التابعين للوحدات المحلية أو العاملين بفروع الوزارات، التي لم يتم نقل اختصاصاتها إلى الوحدات المحلية عدا الهيئات القضائية.
ورغم أن المحافظ يتمتع بالصفة المركزية على مستوى الإقليم، ويعد ممثلا للسلطة التنفيذية بمحافظته ويراقب قرارات المجالس المحلية، إلا أنه من الغريب أن القانون اعتبره فى نفس الوقت جزءا من السلطة المحلية، وكلفه فى ذات الوقت بأن يتولى جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء بالنسبة إلى جميع المرافق العامة التي تدخل فى اختصاص وحدات الإدارة المحلية، وله وضع القواعد العامة لإدارة واستثمار أراضي المحافظة وممتلكاتها والتصرف فيها. وهكذا يجمع المحافظ بين صفتين فهو يعد محليا وصاحب الحق فى إدارة المرافق المحلية واتخاذ ما يراه من قرارات، وفى نفس الوقت فهو صاحب الحق في الرقابة باعتباره ممثلا للسلطة المركزية. ويعد هذا الوضع يعد خللا تنظيميا لا يضمن سلامة العمل والحرص على الصالح المحلى، كما يضعف أي أمل لتعميق الديمقراطية.
علاوة علي ذلك لا يتفق هذا الوضع للمحافظ مع جوهر وفلسفة الإدارة المحلية، وما جاء بدستور 71، والذي قضي بتشكيل المجالس الشعبية المحلية على مستوى الوحدات المحلية عن طريق الانتخاب المباشر، وأن يكفل القانون نقل السلطة إليها تدريجيا. ويلاحظ أنه قد ترتب على عدم دقة الصياغة وعدم تحديد زمن محدد يتم فيه نقل السلطة أنه حتى اليوم وبعد مرور أربعين عاما لم يتم نقل السلطة إلى هذه المجالس، ويقتصر دورها وفقا للقانون المعمول به على تقديم التوصيات والاقتراحات مع قدر من الرقابة الضعيفة على القيادات التنفيذية للوحدة المحلية، الذين يرأسون عددا من الموظفين المعينين من السلطة المركزية، ويديرون فعليا الخدمات المحلية دون أدني مشاركة من المواطن المحلي؛ حيث يعملون على حجب المعلومات والحد من تدخل المجالس المنتخبة.
وعلى ذلك نطرح بعض التساؤلات للحوار العام :
· ألم يحن الوقت بعد لنقل سلطة إدارة وتقديم الخدمات المحلية البحتة للمجالس المنتخبة؛ بما يخدم المصالح المحلية ويتفق مع الاحتياجات الفعلية من جانب، ونحقق بذلك مشروع الثورة الأساسي وهو تعميق الديمقراطية من جانب أخر، علي أن يعاد النظر فى مواردها المالية ونسبتها من الضرائب العامة والرسوم، ومنحها سلطات اختيار أو انتخاب القيادات المحلية، وتعيين العاملين التنفيذيين المحليين من خلال التعاقد المحلى؟
· وإذا ما تم الاتفاق علي نقل السلطة للمجالس المحلية المنتخبة كاملة فمن الطبيعي أن نتساءل عما إذا كان ذلك يعني إلغاء دور المحافظين فى إدارة الشئون المحلية، علي أن يقتصر دورهم علي رئاسة فروع إقليمية للسلطة المركزية تختص بالرقابة أو الوصاية الإدارية على المحليات، بالإضافة إلى تفويضهم بأداء بعض الواجبات والخدمات ذات طبيعة قومية أو إقليمية تتعدى الطابع المحلى البحت، وذلك بتكليف أو تفويض من السلطة المركزية وتحت إشرافها الوزارات المختصة؛ بهدف الحد من تضخم الوزارات وتقريب الخدمة للمواطن ورفع كفاءة وفاعلية أداءها، ومن أمثلة هذه الواجبات (استخراج جوازات السفر وشئون الجنسية، الأحوال المدنية، الدفاع المدني، والتنسيق والتعاون فى أعمال الرقابة البيئية والصحية والبيطرية والأمن الصناعي، والتخطيط للتنمية الاقتصادية الإقليمية، وإدارة الري والمجاري النيلية، والأمن الصناعي، والتعاون مع الجامعات ومديري الأمن ..الخ).
· وفى هذه الحالة قد تثار تساؤلات أخرى: هل يستمر استخدام مسمي "محافظه" لهذه الفروع الإقليمية الجديدة أم يطلق عليها مسمى آخر " أقاليم أو مناطق" ؟ وهل يعاد النظر فى تحديد نطاقها الجغرافي وفق أسس جديدة علي سبيل المثال تتطابق مع النطاق الإقليمي للأقاليم الاقتصادية والذي يشمل حاليا عدة محافظات (إقليم الإسكندرية، إقليم شمال الصعيد، إقليم وسط الدلتا..الخ)؟ وذلك للعمل على تقليل النفقات.
المصدر: أ.د.ماهر الصواف - صحيفة الأخبار المصرية في 20 مايو 2011
موقع الإدارة العامة والمحلية- علم الإدارة العامة بوابة للتنمية والتقدم -
يجب الإشارة إلى الموقع والكاتب عند الاقتباس