عاشوراء عند الرافضة

الحمد لله رب العالمين, الحمد لله منَّ علينا فهدانا الصراط المستقيم، والصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير، تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا من كان من الهالكين، ما من خير في الدنيا والآخرة إلا ودلنا عليه، وما من شر إلا وحذرنا منه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن أكبر نعمة أنعم الله - تبارك وتعالى - بها علينا هي نعمة الإسلام, فكم من الأمم لا زالت في كفرها - نسأل الله تعالى - لهم الهداية, ثم نعمة الالتزام بهدي النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم -، والسير على منهجه ومنهج الخلفاء الراشدين من بعده، حيث أمرنا الله - تبارك وتعالى - بالاقتداء به فقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}(1),

وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (2), وحذرنا من مخالفته فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(3)، وقال - عليه الصلاة والسلام - في حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - الطويل: «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة» (4)؛

وقد أرشدنا النبي الكريم - عليه الصلاة والسلام - إلى صيامه، وأخبر أن صيامه يكفر سنة فقال: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» (5)؛ فهذا هو هدي النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بخلاف من تنكب الصراط المستقيم، واتخذ سبيل الشيطان سبيلاً، فعمد إلى الطعن في خير هذه الأمة بعد نبيها - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - من الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم أجمعين -.

وإن المتأمل لحال هؤلاء القوم - أعني بهم الرافضة - وما يفعلونه في يوم عاشوراء يدرك مدى مخالفتهم لهدي المصطفى - عليه الصلاة والسلام -، ويجزم بأن هذا الفعل لا يقوم به عاقل، ولكن قد قال الله - تعالى - في كتابه الكريم: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (6), فإنهم جعلوا هذا اليوم عيداً، وجعلوا فيه حفلات دموية، يُبْدَأ فيها بالسكاكين، والخناجر, والسيوف, والسلاسل, واللطم, والضرب, والبكاء, وترى الدماء وهي تسيل على أجسامهم, هذا يضرب نفسه، وهذا يضرب ولده بالسيف أو الخنجر؛ ليتقرب بذلك، ويسيل دمه.

ومن أعظم المنكرات التي تحدث في هذا اليوم منكر الشرك بالله - عز وجل -، فإنهم يدعون غير الله - تبارك وتعالى -، يدعون الحسين - رضي الله عنه -، ويبكون ويولولون، ويزعمون أنهم يبكون أسفاً على الحسين - رضي الله عنه -، مع علمهم أنهم قتلوه، وكتبهم تقول أنهم قتلوه، فقد قال محسن الأمين: "بايع الحسين عشرون ألفاً من أهل العراق، غدروا به، وخرجوا عليه، وبيعته في أعناقهم، وقتلوه (7)"؛ ثم ناداهم الحر بن يزيد أحد أصحاب الحسين وهو واقف في كربلاء، فقال لهم: "أدعوتم هذا العبد الصالح، حتى إذا جاءكم أسلمتموه، ثم عدوتم عليه لتقتلوه، فصار كالأسير في أيديكم؟ لا سقاكم الله يوم الظمأ (8)"،

وهنا دعا الحسين - رضي الله عنه - على شيعته قائلاً: "اللهم إن متعتهم إلى حين ففرقهم فرقاً - أي شيعاً وأحزاباً -، واجعلهم طرائق قدداً، ولا ترض الولاة عنهم أبداً، فإنهم دعونا لينصرونا، ثم عدوا علينا فقتلونا (9)"، فهذه بعض النصوص في كتبهم التي تقرر أنهم قتلوه،


وأن أهل السنة لم يقتلوه - رضي الله عنه - بل يحبونه ويتولوه؛ وانظر إلى كلام شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية - رحمه الله - إذ يقول فيهم: "فصارت طائفة جاهلة ظالمة: إما ملحدة منافقة، وإما ضالة غاوية، تظهر موالاته وموالاة أهل بيته، تتخذ يوم عاشوراء يوم مأتم وحزن ونياحة، وتظهر فيه شعار الجاهلية من لطم الخدود، وشق الجيوب، والتعزي بعزاء الجاهلية، والذي أمر الله به ورسوله في المصيبة - إذا كانت جديدة - إنما هو الصبر والاحتساب والاسترجاع كما قال - تعالى -: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (10),

وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية» (11)، وقال: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة» (12), وقال: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب» (13)؛ وفي المسند عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما من رجل يصاب بمصيبة فيذكر مصيبته وإن قدمت؛ فيحدث لها استرجاعاً؛ إلا أعطاه الله من الأجر مثل أجره يوم أصيب بها» (14)

، وهذا من كرامة الله للمؤمنين، فإن مصيبة الحسين وغيره إذا ذكرت بعد طول العهد ينبغي للمؤمن أن يسترجع فيها كما أمر الله - تعالى -، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ليعطي من الأجر مثل أجر المصاب يوم أصيب بها, وإذا كان الله - تعالى - قد أمر بالصبر والاحتساب عند حدثان العهد بالمصيبة فكيف مع طول الزمان، فكان ما زينه الشيطان لأهل الضلال والبغي من اتخاذ يوم عاشوراء مأتماً، وما يصنعون فيه من الندب والنياحة، وإنشاد قصائد الحزن، ورواية الأخبار التي فيها كذب كثير،

 

والصدق فيها ليس فيه إلا تجديد الحزن والتعصب، وإثارة الشحناء والحرب, وإلقاء الفتن بين أهل الإسلام، والتوسل بذلك إلى سب السابقين الأولين, وكثرة الكذب والفتن في الدنيا، حيث لم تعرف طوائف الإسلام أكثر كذباً وفتناً ومعاونة للكفار على أهل الإسلام من هذه الطائفة الضالة الغاوية، فإنهم شر من الخوارج المارقين, وأولئك قال فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان» (15)،

وهؤلاء يعاونون اليهود والنصارى والمشركين على أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته المؤمنين، كما أعانوا المشركين من الترك والتتار على ما فعلوه ببغداد وغيرها بأهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة ولد العباس وغيرهم من أهل البيت والمؤمنين من القتل والسبي، وخراب الديار، وشر هؤلاء وضررهم على أهل الإسلام لا يحصيه الرجل الفصيح في الكلام(16)"أهـ.

قلت: رحم الله شيخ الإسلام فكيف لو رأى زماننا, وما يفعلونه في العراق وإيران وغيرها من بلاد الإسلام، فهم قوم بهت, يبكون على الحسين وهم قاتلوه، قاتلهم الله أنى يؤفكون.

وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: هناك أضرحة للأولياء تذبح فيها كل سنة في عاشوراء أكثر من (40) غنم وغنمة تقريباً، وأكثر من (10) أبقار تقريباً، يجتمع فيها بعض المسلمين المخرفين يقرؤون القرآن باسم الدعاء للأموات، ثم يأكلون هذه الذبائح، المطلوب من سماحتكم أن تفتونا في هذه المشكلة مع الدليل؟

فأجابت: أولاً: ما ذكرت من ذبح الذبائح عند أضرحة الأولياء شرك، وفاعله ملعون؛ لأنه ذبح لغير الله، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لعن الله من ذبح لغير الله» (17)، وعلى هذا لا يجوز الأكل من الغنم والأبقار التي ذبحت عند قبور الأولياء.

ثانيا: قراءة القرآن على الأموات بدعة محدثة، وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (18) متفق على صحته (19).

نسأل الله - تعالى - أن يهديهم إلى الطريق المستقيم, وأن يغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان بمنِّه وكرمه إنه على ما يشاء قدير.

وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.

ـــــــــــــــــــــــــــ

1ـ سورة الحشر (7).

2ـ سورة الأحزاب (21).

3ـ سورة النور (63).

4ـ رواه أبي داود في سننه برقم (4607)؛ والترمذي في سننه برقم (2676)، قال أبو عيسى: (هذا حديث صحيح)؛ وصححه الألباني في الجامع الصغير وزيادته برقم (4314)؛ وفي صحيح الجامع برقم (2549).

5ـ رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة - رضي الله عنه - الطويل برقم (1162).

6ـ سورة الحج (46).

7ـ انظر أعيان الشيعة (1/34).

8ـ انظر الإرشاد للمفيد (234)؛ وإعلام الورى بأعلام الهدى (242).

9ـ انظر الإرشاد للمفيد (241)؛ وإعلام الورى للطبرسي (949).

10ـ سورة البقرة (155-157).

11ـ رواه البخاري في صحيحه برقم (1232) واللفظ له؛ ومسلم برقم (103).

12ـ رواه البخاري في صحيحه برقم (1234).

13ـ رواه مسلم في صحيحه برقم (934).

14ـ رواه أحمد بن حنبل في المسند برقم (1734) بلفظ: "ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبة..."، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده ضعيف جداً.

15ـ رواه البخاري في صحيحه برقم (3166).

16ـ الفتاوى الكبرى (1/194).

17ـ رواه مسلم (1978).

18ـ رواه البخاري في صحيحه (2550)؛ ومسلم (1718).

19ـ فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى (1/197), الفتوى رقم ( 6208 ).

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 142 مشاهدة
نشرت فى 21 أكتوبر 2015 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

939,711

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.