باحث خليجي يسرد تاريخ العلاقات ويوثق زيارة الملك سعود للمنامة بالصور

آل سعود وآل خليفة .. جوار وأخوة تمتد لأكثر من 260 عاما

صورة أرشيفية للملك سعود أثناء زيارته للبحرين عام 1954 وبجانبه الشيخ سلمان. «الاقتصادية»

استعرض باحث في الشؤون الآسيوية مسيرة العلاقات التاريخية بين السعودية والبحرين، متخذا من زيارة الملك سعود بن عبد العزيز للبحرين في عام 1954 منطلقا لاستعراض تلك العلاقات الممتدة على مدى أزمنة بين البلدين الشقيقين.
وبدأ الدكتور عبد الله مدني الكاتب البحريني المتخصص في الشؤون الآسيوية عرضه لمسيرة العلاقات بين البحرين والسعودية، بالتطرق إلى تولي الملك سعود عرش السعودية في التاسع من نوفمبر 1953 خلفا لوالده المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، الذي وافته المنية في ذلك اليوم من بعد حياة حافلة بالجهاد والكفاح في سبيل توحيد شبه الجزيرة العربية وتوطيد دعائم الأمن والاستقرار فيها.
وقد شهد عهد الملك سعود الذي استمر مذاك وحتى الثاني من نوفمبر 1964 تطورات متسارعة على المستويات العربية والإقليمية والدولية، استدعت منه القيام بكثير من الجولات في داخل وطنه وخارجه. ففي الداخل قام بجولات كثيرة في ربوع بلاده الشاسعة لتفقد أحوال رعيته والاطمئنان عليهم والنظر في ما يستطيع تقديمه إليهم.

وإضافة إلى جولاته الكثيرة داخل بلاده قام بعديد من الزيارات الرسمية والخاصة للخارج، بل أنه خلال الأعوام الخمسة الأولى من عهده، أي ما بين 1954 و1959، قام بزيارات لم ينافسه فيها من حيث العدد أي من خلفائه.
وكان للبحرين نصيب في زيارات الملك سعود، انطلاقا من الروابط ذات الجذور التاريخية العميقة بين البلدين والشعبين الشقيقين والأسرتين الحاكمتين. ففي يوم السبت السابع من شعبان 1373 للهجرة الموافق للعاشر من أبريل 1954، أي بعد أقل من نصف عام على اعتلائه العرش، غادر الملك سعود الرياض بالطائرة متوجها إلى الظهران ليتحرك منها في اليوم التالي إلى البحرين في أول زيارة له كملك إلى الجارة الصغيرة لبلاده، وذلك تلبية لدعوة من الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة ــ رحمه الله.
الملك سعود يؤدي العرضة مع الأمراء والشيوخ من آل سعود وآل خليفة.
كانت تلك الزيارة الملكية فرصة لاستعادة كثير من الذكريات والوشائج التي ربطت البلدين وحكامهما من آل سعود وآل خليفة على مدى حقبة زمنية طويلة.
ذلك أنّ العلاقات بين البلدين بدأت في عهد الدولة السعودية الأولى (1744 ــ 1818)، وتوطدت في عهد الدولة السعودية الثانية (1843 ــ 1891) حينما زار الأمير سعود بن فيصل بن تركي البحرين في عام 1870 وأهدى في أثناء الزيارة الشيخ عيسى بن علي، سيف جده المسمى بـ "الأجرب" توكيدا للصداقة بين الأسرتين الحاكمتين.
ولاحقا توطدت العلاقة حينما قام الأمير عبد الله بن فيصل بزيارة مماثلة في عام 1887. ويذكر لنا التاريخ الموثق أن الأمام عبد الرحمن الفيصل آل سعود، الذي كان قد زار البحرين في عام 1876، توقف في البحرين في عام 1891 لزيارة حاكمها الشيخ عيسى بن علي ــ رحمه الله ــ والتشاور معه وهو في طريقه مع عائلته ــ كان في عدادها ابنه الملك المؤسس عبد العزيز ــ من الرياض إلى الكويت.
وبعد أن توفي الإمام عبد الرحمن في عام 1928 ونجح ابنه عبد العزيز في استعادة ملك أجداده، قرر الأخير بصفته ملكا للحجاز وسلطانا لنجد وملحقاتها، أن يقوم بأول زيارة له إلى البحرين من أجل الالتقاء بمن كان يصفه بـ "الوالد" وهو الشيخ عيسى بن علي. ونلمس هذا بصفة جلية من الرسائل التي كان الملك يبعثها إلى عظمته، مخاطباً إياه بعبارة "من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل إلى جناب الأجل الأمجد الأفخم، بهي الشيم الوالد المكرم الشيخ عيسى آل خليفة، سلمه الله تعالى وأدام بقاءه".الملك سعود والشيخ سلمان ورئيس شركة نفط البحرين (بابكو) خلال حفل أقامته الشركة على شرف الضيف في عوالي.
وتمت الزيارة في 25 فبراير 1930 أي بعد ثلاثة أيام من القمة التاريخية التي عقدها الملك عبد العزيز وملك العراق فيصل الأول بن الشريف حسين على ظهر البارجة البريطانية "لوبين"، التي كانت راسية في عرض البحر شمال البحرين، علما بأن الملك عبد العزيز كان قد وصل إليها من ميناء رأس تنورة على متن السفينة "باتريك ستيوارت" التابعة لشركة "كيبل آند وايرلس"، فيما وصل الملك فيصل إليها على متن سفينته "نرجس". وهناك روايات كثيرة حول محاولات بذلتها حينذاك السلطات البريطانية في بوشهر والبحرين لعرقلة لقاء الزعيمين السعودي والبحريني، وذلك عبر إرسال رسالة إلى عبد العزيز مفادها أن الشيخ عيسى مريض ولا يمكنه الالتقاء به، وإرسال رسالة أخرى إلى الشيخ عيسى مفادها أن عبد العزيز قد صرف النظر عن النزول في البحرين لارتباطات طارئة.
غير أن اللقاء تم نتيجة لإصرار الشيخ عيسى بن علي على رؤية الشاب الذي سبق أن رآه صبيا في العاشرة من عمره مع والده الإمام عبد الرحمن، بعد أن وحد الجزيرة العربية وأدى دورا تاريخيا مشرفا، ناهيك عن إصرار أنجال الشيخ عيسى ــ حمد ومحمد وعبد الله ــ على أن تتم الزيارة رغم أنف الإنجليز. ومما يذكر في هذا السياق أن الشيخ حمد بن عيسى استقل بنفسه مركبا إلى عرض البحر وصعد إلى سفينة الملك عبد العزيز ليدعوه إلى النزول على أرض البحرين، نافيا له أكاذيب الإنجليز. وبعد انتهاء الزيارة تولى الشيخ حمد نيابة عن والده توديع الملك عبد العزيز عند شاطئ الزلاق، حيث دعاه الأخير لأداء فريضة الحج.الملك سعود والشيخ سلمان في عربة مكشوفة في عوالي.
وفي الثاني من مايو عام 1939 أعاد الملك عبد العزيز الكرة فانطلق بحرا من فرضة الخبر نحو المنامة فوصلها قبل مغرب ذات اليوم برفقة 300 فرد من الأمراء والحاشية.
وأكد الذين عاصروا تلك الفترة أن المنامة ازدانت بالأعلام والزينات بشكل غير مسبوق، وبلغت الحفاوة بالملك عبد العزيز من قبل الشيوخ الذين وفدوا لتحيته، أنهم ألقوا في طريق الموكب العظيم العبي والمشالح التي كانوا يرتدونها ليمر فوقها الموكب تشريفاً وتعظيماً للضيف الكبير.
لم تكن زيارة الملك سعود في عام 1954 المشار إليها آنفا هي الأولى له إلى البحرين، فقد سبقتها ست زيارات حينما كان وليا للعهد: لعل أشهرها الأولى التي تمت في التاسع من ديسمبر 1937 بدعوة من حاكم البحرين آنذاك الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وانتهت بعودته إلى الرياض عن طريق الأحساء في 19 ديسمبر منه.
والثانية التي كانت برفقة والده الملك عبد العزيز الذي وصل إلى البحرين في الثاني من مايو 1939 وغادرها بحرا إلى الخبر فالظهران في السابع منه. والثالثة التي تمت في 13 يونيو 1940 في طريق عودته مع بعض إخوانه الأمراء إلى الرياض جوا من زيارة لهم إلى كراتشي ومومباي. ويضيف البعض إلى زيارات الملك سعود الست زيارة سابعة، ويعنون بذلك زيارته في فبراير من عام 2009 من خلال "معرض الملك سعود المتنقل" الذي حط رحاله في البحرين كأول محطة له خارج المملكة العربية السعودية بتنظيم ودعم من أبناء وبنات الملك الراحل. ما يهمنا هنا هو ما حدث على هامش الزيارة الرابعة للملك سعود إلى البحرين، التي حلت ذكراها الستون في أبريل المنصرم. حفلت الزيارة بترحيب رسمي وشعبي لم تشهد البحرين له مثيلا من قبل، خصوصا أنها تزامنت مع افتتاح قصر القضيبية العامر بعد تجديده وتحديثه ليكون ملائما لإقامة الملك والوفد المرافق له من الأمراء والوزراء والأعيان. لكن أبرز ما حدث أثناء تلك الزيارة إطلاقه فكرة إنشاء جسر يربط الخبر على الساحل الشرقي من المملكة العربية السعودية بجزر البحرين، وتأكيده على أهمية المشروع، وإبداء استعداد بلاده للمساهمة بحصة كبيرة من نفقاته.الملك سعود والشيخ سلمان.
جاء ذلك أثناء كلمة ألقاها خلال مأدبة أقامها على شرفه الوجيه حسن المديفع في مزرعته بمنطقة الجفير بالمنامة، بالقرب من الموقع الحالي للسفارة الصينية. وطبقا لما أوردته مجلة "صوت البحرين" في الصفحة 64 من العدد السابع للسنة الرابعة الصادر في رمضان 1373 للهجرة، فإن الملك قال أمام حاكم البحرين الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة وبحضور الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة وأولاده والشيخ عبد الله بن عيسى آل خليفة وأولاده، والشيخ حمود بن صباح آل خليفة والعديد من وجهاء البحرين وأعيانها ما نصه: "إن الروابط بين البحرين والمملكة قوية، ويجب أن نعمل على توثيقها، وقد كلمتُ عظمتكم من قبل بشأن مد جسر بين الخبر والبحرين، ولا أزال عند رأيي بضرورة إنشاء هذا الجسر. آمل أن تدرسوا هذا المشروع، وستساهم المملكة بقسط كبير من مصاريفه".
ثم أردف قائلا: "إن الوعي القومي آخذ في الازدياد، وإن الشعوب العربية متيقظة اليوم، وإن من واجبنا أن نفهم ذلك، فنحن راع وكل راع مسؤول عن رعيته". وأضافت المجلة "وكان الملك عند إدلائه بهذا التصريح يقاطع بالتصفيق بعد كل عبارة يتفوه بها".
وحينما كان الملك على وشك مغادرة البحرين وجّه رسالة وداعية إلى البحرين كان عنوانها "من الملك سعود بن عبد العزيز إلى إخوانه في البحرين". وقد جسدت تلك الرسالة ما كان الملك سعود يكنه لشعب البحرين وشيوخها ورجالاتها من حب ومودة. ومما ورد فيها "إنني أقدر لإخواني في البحرين وأنا أغادر هذه البلاد العزيزة، كل هذه العواطف الصادقة التي لمستها وسمعتها، آملا أن يوفق الله الجميع لما فيه الخير والسعادة والسؤدد للبلاد العربية عامة ولهذين القطرين خاصة".

المصدر: http://www.aleqt.com/2014/06/19/article_859007.htm الاقتصادية السعوديه
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 292 مشاهدة
نشرت فى 19 يونيو 2014 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

938,255

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.