تتفوق على اللحوم الحمراء باحتوائها على البروتينات والفيتامينات والمعادن

للوقاية من أمراض القلب.. تناول ثلاث وجبات من السمك أسبوعياً

    الشق الثاني من اللحوم البيضاء والذي تحدثنا عنها الاسبوع الماضي هو السمك الذي يعتبر واحداً من الاغذية العالمية التي تشكل الطعام الرئيسي لعدد كبير من البشر، ففي الشرق الاقصى وفي افريقيا على امتداد النهر الأصفر يتغذى الملايين على الأسماك حيث يستطيعون مع الارز الذي يشكل ايضاً غذاءً رئيسياً تحقيق مردود غذائي جيد ومورد بروتيني يفوق اللحم الاحمر في مقاديره، حيث ان السمك يعد مصدراً ممتازاً للبروتين ويتفوق على اللحم في هذا الجانب مع العلم ان المدة التي يتطلبها هضم السمك في الجهاز الهضمي هي نفس المدة التي يتطلبها هضم اللحم الأحمر إلا أن الشعور بالامتلاء عقب تناول السمك اقل منه بالنسبة للحم الاحمر.

إن الجسم يحتاج لإتمام عمليات تعاون أنسجة الجسم للعنصر البروتيني بالدرجة الاولى، وهي عملية تدعى (التبادل البروتيني) ولكن هذه العملية تحتاج الى الاحماض الامينية التي تعتبر عنصراً أساسياًَ من عناصر البروتين، وفي لحم السمك يستطيع جسم الانسان ان يجد كل المواد اللازمة لإتمام تلك العملية كالأرجنين والتربتوفان والفالين وغيرها، كما ان محتوى السمك من حمض الفلوتاميك لا يقل عنه في اللحم الاحمر، وقد اثبتت دراسات اجريت مؤخراً في الفلبين على ان السمك يحتوي على جميع البروتيدات الكبريتية الرئيسية. وإذا كان البروتين يعطي حريرات لها اهميتها فإن اشباه الشحوم والدهون تملك قدرة حرارية اكبر. ومن هذه الناحية يملك السمك مقداراً مرموقاً من المواد الدهنية، وهذا المقدار يختلف باختلاف نوع السمك. ويمتاز دهن السمك عن دهن اللحم الأحمر بأنه اسهل هضماً، كما ان نسبة اليود الموجودة فيه تسهل على العصارة البنكرياسية مهمة امتصاصه.

إن الدهون في الاسماك هي من الانواع عديدة اللاتشبع والتي تبقى على حالتها السائلة حتى عندما تبرد. ان لتناول السمك ثلاث مرات اسبوعياً علاقة كبيرة في معدلات انخفاض الاصابة بأمراض القلب، وقد اصبح هذا الامر واضحاً عندما لاحظ العلماء عدم او ندرة اصابة شعب الاسكيمو الذين يعيشون في القطب الشمالي وأيضا صيادي السمك في اليابان والأمريكيين الذين يعيشون على السواحل الشمالية الغربية للمحيط الهادئ بمرض الشريان التاجي وهو المسبب الرئيسي للوفاة في الولايات المتحدة ومعظم الدول الغربية، والعامل المشترك بين هذه المجموعات الثلاثة هو النظام الغذائي الذي يعتمد بشكل كبير على الاسماك كمصدر للبروتينات. وعندما قام الباحثون باختبار هذا التأثير على الانظمة الغذائية المختلفة عند شعوب اخرى توصلوا الى ان الاشخاص الذين يتناولون السمك بشكل منتظم مرتين او ثلاث مرات اسبوعياً تقل نسبة اصابتهم بالنوبات القلبية مقارنة بالذين لا يتناولونه. إن زيت السمك غني بنوع من الدهون غير المشبعة والتي تدعى بالأحماض الدهنية أوميغا – 3. وتغير هذه الاحماض الدهنية التركيبة الكيميائية في الجسم عن طريق زيادة مستويات الكوليسترول المفيد من نوع البروتينات الدهنية عالية الكثافة HDL وهو الكوليسترول الذي يقي من الاصابة بالنوبات القلبية وتقليل مستويات الكوليسترول الضار من نوع البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة LDL والدهون الثلاثية، وتقلل الاحماض الدهنية احتمالية التصاق صفائح الدم مع بعضها البعض مسببة تخثر الدم، كما تزيد مرونة خلايا الدم الحمراء مما يجعلها قادرة على المرور بسرعة عبر الاوعية الدموية الصغيرة. لقد اكدت سلسلة من الدراسات ان الغذاء الغني بالأسماك يساعد على الوقاية من امراض القلب محفزة بذلك الكثير من الناس على استبدال اللحوم الحمراء والدجاج في غذائهم بوجبتين او ثلاث وجبات من السمك اسبوعياً. ان الاحماض الدهنية (أوميغا – 3) في السمك تكبح افراز الجسم للبروستاجلاندين والليكوترين والثرومبوكسين وهي مركبات طبيعية قد تجعل الكميات الكبيرة منها تضيق الاوعية الدموية مما يرفع ضغط الدم، وقد تعمل هذه المركبات ايضاً على التجلط غير المرغوب في مجرى الدم والذي يمكن ان يؤدي الى الاصابة بأمراض القلب. ان قدرة أوميقا – 3 على منع التجلط لها اهمية خاصة حيث قال الدكتور جيمس كيني اخصائي أبحاث التغذية المعتمد في مركز بريتيكين في سانتا مونيكا بكالفورنيا (ان الجلطات التي تتكون في مجرى الدم يمكن ان تعيق تدفق الدم الى القلب مما قد يؤدي الى الاصابة بالنوبات القلبية. علاوة على ذلك يعمل الزيت الموجود في السمك على رفع نسبة كوليسترول البروتينات الدهنية عالية الكثافة وهو يساعد على منع الرواسب الدهنية من الترسب على جدران الشرايين. لقد اثبتت الابحاث ان السمك يقدم فوائد خاصة للأشخاص الذين اصيبوا فعلاً بنوبة قلبية. ان مجرد تناول وجبتين من السمك بحيث تحتوي كل منها على 3 اوقيات من السمك اسبوعياً قد يقلل من احتمال الاصابة بنوبة قلبية اخرى قد تكون قاتلة. ويبدو ان تناول المزيد من اسماك المياه الباردة مثل السالمون قد يساعد على منع الشرايين من ان تنغلق مرة اخرى بعد اجراء احد عمليات تقويم الاوعية جراحياً، وهو اجراء يستخدم لفتح الاوعية الدموية المسدودة في القلب. بالإضافة الى آثاره المفيدة في منع التجلط وخفض الكوليسترول فإن زيت السمك يساعد على الحفاظ على استمرار القلب في النبض بطريقة ايقاعية سليمة، وهذا امر مهم للغاية، لأن عدم انتظام نبضات القلب قد يؤدي الى توقف القلب عن النبض تماماً.

وهناك ادلة متزايدة على ان احماض أوميغا -3 في السمك تقوي عضلة القلب وتحافظ على انتظام النبض. في احد الدراسات وجد ان الاشخاص الذين يحصلون على 6 جرامات من أوميغا -3 في الشهر أي ما يعادل تناول 3 اوقيات من السالمون اسبوعياً انخفض لديهم خطر توقف القلب الى النصف على عكس الذين لم يتناولوا أوميغا -3.

ينصح العلماء بالتقليل من تناول الدهون الحيوانية ومنتجات الالبان وذلك لخفض خطر الاصابة بأنواع معينة من السرطان، ولكن دهون السمك مستثناة من هذه القاعدة. يقول الدكتور بنداروس ريدي رئيس قسم السرطان الغذائي في المؤسسة الامريكية للصحة في فالهالا بنيويورك (إن هناك دليلاً قوياً على ان تناول السمك يمد الجسم بالوقاية ضد الاصابة بسرطان الثدي والقولون والمستقيم)، ان السمك يقينا ضد السرطان بنفس الطريقة تقريباً التي يساعدنا بها على تجنب الاصابة بأمراض القلب وذلك عن طريق تقليل افراز الجسم من مادة البروستاجلاندين حيث ان الافرازات الكبيرة من هذه المادة تعمل على تشجيع نمو الاورام كما قال الدكتور ريدي. في دراسة اجريت على مجموعة من الاشخاص ينتمون الى 24 دولة اوروبية مختلفة وجد الباحثون البريطانيون ان الاشخاص الذين يتناولون السمك بشكل منتظم يقل لديهم خطر الاصابة بالسرطان، وقد اكد الباحثون ان تناول حصتين غذائيتين صغيرتين من السمك ثلاث مرات اسبوعياً مع تقليل مقدار تناول اللحوم الحمراء والدهون الحيوانية المشبعة يقلل من معدل الوفيات بسبب سرطان القولون عند الرجال بنسبة الثلث تقريباً. لقد توصل الباحثون ايضاً الى ان تناول السمك يحسن من صعوبات التنفس لدى المدخنين، حيث يصاب المدخنون بحالة تسمى مرض الرئة المعيق والمزمن، وفيه تضعف القدرة على ادخال وإخراج الاكسجين من والى الرئتين، كما ان هناك بعض الادلة التي تشير الى ان تناول السمك قد يساعد على الوقاية من هذه الحالة. ويقول الباحثون ان شريحة من التونة يمكن ان تكون مفيدة للغاية في الوقاية من الاصابة بهذا المرض للمدخنين، ولكن اذا كنت تحاول الاقلاع عن التدخين او اذا كنت تعيش مع شخص يدخن فإن تناول السمك هو احد الطرق لتلافي الضرر والأذى. كما قام الباحثون في احدى الدراسات بفحص عادات تناول السمك لأكثر من 1000 سيدة حامل في جزر فابرو والتي تقع شمال المملكة المتحدة وقد وجدوا انه كلما تناولت السيدات المزيد من السمك زاد حجم المولود، فقد كان الاطفال الذين تناولت امهاتهم الكثير من السمك اكثر وزناً من الاطفال الاخرين الذين تناولت امهاتهم كميات اقل بحوالي نصف رطل وهذا امر مهم لان الاطفال الاكبر حجماً يكونون في العادة اكثر صحة من الاطفال الاقل حجماً.

ويعتقد الباحثون ان مركب أوميغا – 3 الموجود في السمك يساعد على تدفق الدم عبر المشيمة، مما يسمح للجنين بالحصول على المزيد من العناصر الغذائية بالإضافة الى ذلك فعن طريق تثبيط التأثيرات الضارة للبروستاجلاندين، وهي المسؤولة عن انقباضات الرحم فقد يساعد مركب أوميغا – 3 على منع الولادة المبكرة.

تعتبر الاسماك ذات قيمة غذائية عالية حيث تحتوي على اربعة فيتامينات هامة تذوب في الدهن وهي أ، د، ه، ك. كما ان الاسماك تزود الجسم بكم هائل من المعادن ومنها المغنيسيوم والكالسيوم واليود والحديد والفوسفور والبوتاسيوم والفلوريد والنحاس، بالاضافة الى ذلك تعتبر عظام سمك الساردين والسالمون المعلب مصدراً مهماً للكالسيوم. يعتبر السالمون من الاسماك الغنية بالإستازانثين astaxanthin وهو الذي يعطي اللون الزهري المشهي لهذا النوع من الاسماك وهو عبارة عن صبغ جزراني.

تنصح منظمة القلب الامريكية American Heart Association بتناول ثلاث حصص او اكثر من الاسماك اسبوعياً للحصول على الفوائد الكثيرة التي يحتويها.

المصادر:

- أ. د. جابر سالم القحطاني: الطب البديل مكمل للطب الحديث. العبيكان 2011م.

- د. صبري القباني: الغذاء لا الدواء: دار العلم العالمية. الطبعة 19- 1987م.

- سيلين ييجر: كتاب الاطباء عن العلاج بالغذاء. جرير. 2006م.

المصدر: جريدة الرياض
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 214 مشاهدة
نشرت فى 28 أكتوبر 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

900,679

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.