رؤية الله عز وجل

 

هل يرى المؤمنون ربهم في الجنة ؟ <!-- AddThis id:{$this->id}-->هل ثبت أن المؤمنين يرون ربهم في الدار الآخرة ؟.
الحمد لله

 

فإن نعم الله على عباده لا تحصى ، وقد خص سبحانه المؤمنين بمزيد من الإنعام في الدنيا بأن مَنَّ عليهم بالإسلام ، واصطفاهم بالقرآن ، وسيخصهم في الجنة بأعظم نعمة أنعم عليهم بها ؛ ألا وهي تشريفهم وإكرامهم بالنظر إلى وجهه الكريم في جنة عدن ، كما قال تعالى: ( وجوه يومئذ ناضرة . إلى ربها ناظرة ) القيامة/22-23

أي أن وجوه المؤمنين تكون حسنة بهية مشرقة مسرورة بسب نظرها إلى وجه ربها كما قال الحسن رحمه الله : " نظرت إلى ربها فنضرت بنوره ".

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "(وجوه يومئذ ناضرة ) قال : من النعيم  ( إلى ربها ناظرة ) قال تنظر إلى وجه ربها نظراً . وهذا قول المفسرين من أهل السنة والحديث .

وقال جل شأنه : ( لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد ) ق/35

فالمزيد هنا هو:" النظر إلى وجه الله عز وجل . " كما فسره بذلك علي و أنس بن مالك رضي الله عنهما

وقال سبحانه : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) يونس/26

فالحسنى الجنة  والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم ، كما فسرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم في صحيحه ( 266 ) عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ وهي الزيادة ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ )

فإذا علمت أن أهل الجنة لا يعطون شيئاً فيها أحب إليهم من النظر إلى وجه ربهم جل وعلا تبين لك مدى الحرمان ، وعظيم الخسران ، الذي ينتظر المجرمين الذين توعدهم الله بقوله : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) المطففين/15 نسأل الله السلامة والعافية .

ومن جميل ما يروى عن الشافعي ما ذكره عنه الربيع بن سليمان ـ وهو أحد تلاميذه ـ : قال : حضرت محمد بن  إدريس الشافعي وقد جاءته رقعة من الصعيد فيها : ما تقول في قول الله عز وجل : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) ؟ فقال الشافعي : " لما أن حجب هؤلاء في السخط ، كان في هذا دليلٌ على أن أولياءه يرونه في الرضى " 

فهذه بعض الأدلة من القرآن على ثبوت رؤية المؤمنين لربهم في الجنة .

وأما أدلة السنة فهي كثيرة جداً ، فمنها :

1- ما رواه البخاري ( 6088 ) ومسلم  ( 267 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن ناسا قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله : " هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ " قالوا : لا يا رسول الله . قال : " هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ "   قالوا : لا . قال : " فإنكم ترونه كذلك ...الحديث ". 

وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ ( لا تَضَامُّون أَوْ لا تُضَارُّونَ ) عَلَى الشَّكّ وَمَعْنَاهُ : لَا يَشْتَبِه عَلَيْكُمْ وَتَرْتَابُونَ فِيهِ فَيُعَارِض بَعْضكُمْ بَعْضًا فِي رُؤْيَته . ولا يلحقكم في رؤيته مشقة أو تعب . وَاَللَّه أَعْلَم .ا.هـ مختصرا من شرح مسلم.

2- وفي الصحيحين أيضا ( خ/  6883 . م / 1002 ) من حديث جرير بن عبد الله البجلي قال:  كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة فقال إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته " .

والتشبيه الذي في الأحاديث هو تشبيه للرؤية بالرؤية، أي أننا كما نرى الشمس في اليوم الصحو في غاية الوضوح ، ولا يحجب أحد رؤيتها عن أحد رغم كثرة الناظرين إليها ، وكما نرى القمر مكتملا ليلة البدر وهو في غاية الوضوح ، لا يؤثر كثرة الناظرين إليه على وضوح رؤيته  فكذلك يرى المؤمنون ربهم يوم القيامة بهذا الوضوح والجلاء ، وليس المقصود من الأحاديث تشبيه المرئي بالمرئي ـ تعالى الله ـ فإن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .

3- وروى البخاري ( 4500 ) و مسلم (6890 ) عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن يروا ربهم تبارك وتعالى إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ".

وقد روى أحاديث الرؤية نحوٌ من ثلاثين صحابيا ، ومن أحاط بها معرفة يقطع بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قالها . فمن زعم بعد هذا أن الله تعالى لا يُرى في الآخرة فقد كذب بالكتاب وبما أرسل الله به رسله ، وعرَّض نفسه للوعيد الشديد الوارد في قوله تعالى : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) المطففين/ 15 نسأل الله تعالى العفو والعافية ، ونسأله أن يرزقنا لذة النظر إلى وجهه الكريم .. آمين .

 يراجع : ( شرح العقيدة الطحاوية ( 1 / 209 وما بعدها ) و ( أعلام السنة المنشورة للشيخ حافظ الحكمي ص 141 ).

الشيخ محمد صالح المنجد

http://islamqa.info/ar/ref/14525

ــــــــــــــــــــ

رؤية الله عز وجل


تعريف الرؤية لغة:

الراء والهمزة والياء أصلٌ يدلُّ على نظرٍ وإبصارٍ بعينٍ أو بصيرة. (1)

والرؤية بالعين تتعدى إلى مفعول واحد، وبمعنى العلم تتعدى إلى مفعولين. (2)


عقيدة السلف الصالح -أهل السنة والجماعة- في رؤية الله عز وجل: أنه لا يُرى في الدنيا لقوله تعالى لموسى وقد طلب رؤية الله: {لَنْ تَرَانِي} [الأعراف : 143]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الدجال: ”لن تروا ربكم حتى تموتوا.“

أما رؤية الله في الآخرة للمؤمنين فهي ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف، وهذه الرؤية ستكون بالأبصار كما سيتبين في هذا المقال.


الأدلة من القرآن:

قول الله تعالى:

{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة} [القيامة : 22 ، 23]

{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس : 26]

فسر النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة بأنها النظر إلى الله عز وجل، كما سيأتي.

{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين : 15]

أي الكفار محجوبون عن رؤية الله عز وجل، كما فسرها السلف وأئمة السنة.

وغيرها من الآيات


الأدلة من السنة:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ”إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ." ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}“ [صحيح مسلم]

وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:َ ”إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا.“ [صحيح البخاري]

وعن جرير قال: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَال:َ”إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا لا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ“ [صحيح البخاري]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: "يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَة؟"

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ”هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟“ قَالُوا: "لا يَا رَسُولَ اللَّهِ."

قَالَ: ”فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ ؟“ قَالُوا: "لا يَا رَسُولَ اللَّهِ."

قَالَ: ”فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ.“ [صحيح البخاري]


قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ”مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ وَلا حِجَابٌ يَحْجُبُهُ.“ [صحيح البخاري]

وغيرها من الأحاديث


أثار السلف الصالح:

1. قال التابعي عبد الرحمن بن أبي ليلى (3) (83 هـ) في قوله تعالى :{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}: «الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله عز و جل لا يصيبهم بعد النظر إليه قتر ولا ذلة.» (4)

2. قال عامر بن سعد البجلي (نحو 90 هـ) في قوله تعالى {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}: «الزيادة النظر إلى وجه ربهم عز وجل.» (5)

3. قال التابعي قتادة (117 هـ) في قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}: «وأما الزيادة، فالنظر إلى وجه الرحمن.» (6)

4. الأوزاعي (157 هـ) وسفيان الثوري (161 هـ) : قال الوليد بن مسلم: (سألت الأوزاعي وسفيان الثوري، ومالك بن أنس عن هذه الأحاديث التي فيها ذكر الرؤية، فقالوا: «أمروها كما جاءت بلا كيف») (7)

5. قال عبد العزيز بن عبد الله الماجشون (164 هـ) عندما سُئل عما أحدثته الجهمية: «لم يزل يملي لهم الشيطان حتى جحدوا قوله {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة}، فقالوا: "لا يراه أحد يوم القيامة"، فجحدوا والله أفضل كرامة الله التي أكرم بها أولياءه يوم القيامة من النظر إلى وجهه» (8)

6. قال مالك بن أنس (179 هـ) : «الناس ينظرون إلى الله تعالى يوم القيامة بأعينهم.» (9)

وقال الوليد بن مسلم: سألت الأوزاعي وسفيان الثوري، ومالك بن أنس عن هذه الأحاديث التي فيها ذكر الرؤية، فقالوا: « أمروها كما جاءت بلا كيف» وقد مر تخريجها.

7. قال محمد بن إدريس الشافعي (204 هـ) : «في قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} دلالة على أن أولياءه يرونه يوم القيامة بأبصار وجوههم.» (10)

وفي رواية: «دلالة على أن أولياء الله يرون الله.» (11)

8. قال هشام بن عبيد الله الرازي (221 هـ) : «ورد علينا في تفسير القرآن ومحكم الحديث أن الله جل ثناؤه يرى في الآخرة.» ثم ذكر الروايات في تفسير القرآن والأخبار عن رسول الله. (12)

9. قال إسحاق بن راهويه (238 هـ) : «وقد مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه و سلم بأن أهل الجنة يرون ربهم وهو من أعظم نِعم أهل الجنة.» (13)

10. أحمد بن حنبل (241 هـ) : بلغه عن رجل أنه قال: "إن الله تعالى لا يُرى في الآخرة"، فغضب غضبا شديدًا ثم قال: «من قال بأن الله تعالى لا يُرى في الآخرة فقد كفر، عليه لعنة الله وغضبه، من كان من الناس، أليس الله عز وجل قال: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة}، وقال تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}، هذا دليل على أن المؤمنين يرون الله تعالى.» (14)

وقال: «قالت الجهمية: إن الله لا يرى في الآخرة، وقال الله تعالى {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} فلا يكون هذا إلا أن الله تعالى يُرى، وقال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة} فهذا النظر إلى الله تعالى، والأحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم: ”إنكم ترون ربكم“ برواية صحيحة ، وأسانيد غير مدفوعة ، والقرآن شاهد أن الله تعالى يُرى في الآخرة.» (15)

11. قال خُشيش بن أصرم (253 هـ) في كتابه "الإستقامة": «وأنكر جهم النظر إلى الله، والله يقول {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة} وقال {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ} [الأحزاب : 44] » وذكر عددًا من النصوص.

وقال: «إذا كان المؤمن يحجب عن ربه ولا يراه، والكافر محجوب عن ربه، فما فضل المؤمن على الكافر ؟ وقول الله عز وجل ورسوله وأصحاب رسوله أحق أن يتبع من قول جهم في النظر إلى الله عز و جل.» (16)

12. محمد بن يحيى الذهلي (258 هـ) : سُئل محمد بن يحيى عن اللفظة في الحديث: (هل رأيت الله ؟ فيقول: "ما ينبغي لأحد أن يرى الله تعالى.") فقال: «هذا في الدنيا، فأمَّا في الآخرة فإن أهل الجنة ينظرون إلى الله –عز وجل- بأبصارهم.» [17]

13. أبو زرعة الرازي (264 هـ) وأبو حاتم الرازي (277 هـ) قالا: «أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاما ويمنا فكان من مذهبهم:» وذكرا أمورا منها: «وأنه تبارك وتعال يرى في الآخرة: يراه أهل الجنة بأبصارهم ويسمعون كلامه كيف شاء. وكما شاء.» (18)

14. قال عثمان الدارمي (280 هـ) : «فحين حد الله لرؤيته حدًا في الآخرة بقوله : {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة} عَلِمنا أنها رؤية عيان. وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله أبو ذر: "هل رأيت ربك ؟" فقال: ”نور أنَّى أراه“، فلما سأله أصحابه: أنراه في الآخرة ؟ قال: ” نعم كرؤية الشمس والقمر ليلة البدر“. (19)

15. قال أبو بكر بن أبي عاصم (287 هـ) : «ومما اتفق أهل العلم على أن نسبوه إلى السنة:... » وذكر أمورًا منها: «وإثبات رؤية الله عز وجل، يراه أولياؤه في الآخرة، نظر عيان، كما جاءت الأخبار.» (20)

16. قال أبو العباس ثعلب (291 هـ) في قوله تعالى {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ} [الأحزاب :44] : «أجمع أهل اللغة أن اللقاء هاهنا لا يكون إلا معاينة ونظرًا بالأبصار.» (21)

أقوال من جاء بعدهم

17. قال ابن جرير الطبري (310 هـ) : (وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم، كما يرون الشمس ليس دونها غياية، وكما يرون القمر ليلة البدر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم.) (22)

- قال ابن خزيمة (311 هـ) في "كتاب التوحيد" له: (باب ذكر البيان إن رؤية الله التي يختص بها أولياءه يوم القيامة هي التي ذكر في قوله {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة}

ويفضل بهذه الفضيلة أولياءه من المؤمنين،

ويُحجب جميع أعدائه عن النظر إليه من مشرك ومتهود ومتنصر ومتمجس ومنافق كما أعلم في قوله {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}، وهذا نظر أولياء الله إلى خالقهم جل ثناؤه بعد دخول أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، فيزيد الله المؤمنين كرامة، وإحسانا إلى إحسانه، تفضلا منه وجودا بإذنه إياهم النظر إليه، ويحجب عن ذلك جميع أعدائه .)

18. قال أبو جعفر الطحاوي (321 هـ) في عقيدته المشهورة: (والرؤية حق لأهل الجنة، بغير إحاطة ولا كيفية.)

19. قال أبو بكر الآجري (360 هـ) : (وأما أهل السعادة: فهم الذين سبقت لهم من الله الحسنى، فآمنوا بالله وحده، ولم يشركوا به شيئا، وصدقوا القول بالفعل، فأماتهم على ذلك، فهم في قبورهم ينعمون، وعند المحشر يبشرون، وفي الموقف إلى الله تعالى بأعينهم ينظرون.) (23)

20. قال ابن شاهين (385 هـ) : (وأشهد أن الله -عز وجل- يُرى يوم القيامة، ويتجلى لخلقه فيراه أهل السعادة، ويحتجب عن أهل الجحود.) (24)

21. قال ابن أبي زَمَنِين (399 هـ) : (ومن قول أهل السنة : أن المؤمنين يرون ربهم في الآخرة وأنه يحتجب عن الكفار والمشركين فلا يرونه.) (25)

22. قال أبو عثمان الصابوني (449 هـ) : (ويشهد أهل السنة أن المؤمنين يرون ربهم – تبارك وتعالى- يوم القيامة بأبصارهم، وينظرون إليه، على ما ورد به الخبر الصحيح، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: ”إنكم ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر.“ والتشبيه في هذا الخبر للرؤية بالرؤية لا للمرئي بالمرئي.) (26)

وقال في وصيته أنه يشهد: (أن الله تبارك وتعالى يمن على أوليائه بوجوه ناضرة إلى ربها ناظرة ويرونه عيانا في دار البقاء لا يضارون في رؤيته.) (27)

ونكتفي بهذا القدر اختصارًأ، وإلا فإن كلام السلف وعلماء السنة في هذه المسألة كثيرٌ جدًا.

معنى قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام : 103]

فسر جماعة من السلف الصالح الآية بأنها: رؤية الله عز وجل في الدنيا:

- قال رفيع أبو العالية (نحو 93 هـ) في قوله: {سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف : 143]: «وكان قبله مؤمنون ولكن يقول: {أنا أول المؤمنين} أنا أول من آمن بهذا أنه لا يراك أحد قبل يوم القيامة. وهو يقول: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير}. يعني أنه لا تدركه الأبصار في الدنيا. (28)

- قال إسماعيل ابن علية (110 هـ) في قوله تعالى {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}: «هذا الدنيا.» (29)

- ابن المبارك (181 هـ) : قال ابن راهويه: "قيل لابن المبارك أن فُلانًا فسَّر الآيتين {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَار}َ [الأنعام : 103] وقوله {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة} على أنها مخالفة للأخرى فلذلك أرى الوقف في الرؤية."

فقال ابن المبارك: «جهل الشيخ معنى الآية التي قال الله {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَار} ليست بمخالفة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة} لأن هذه في الدنيا وتلك في الآخرة.» (30)

- قال يحيى بن سلام (200 هـ) : «{لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} يعني في الدنيا.» (31)

- وهو قول هشام بن عبيد الله (221 هـ) فيما ذكره ابن أبي حاتم الرازي قال: "وذكر أبي - رحمه الله - عن هشام بن عبيد الله أنه قال نحو ذلك." وكان قد ذكر قبلها أثر ابن علية الذي تقدم ذكره. (32)

- قال عثمان الدارمي (280 هـ) : «فيقال لهذا المريسي: تقرأ كتاب الله وقلبك غافل عما يتلى عليك ألا ترى أن أصحاب موسى سألوا موسى رؤية الله في الدنيا إلحافا فقالوا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة : 55}، ولم يقولوا حتى نرى الله في الآخرة ولكن في الدنيا، وقد سبق من الله القول بأنه {لا تدركه الأبصار} أبصار أهل الدنيا، فأخذتهم الصاعقة بظلمهم وسؤالهم عما حظره الله على أهل الدنيا، ولو قد سألوه رؤيته في الآخرة كما سأل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم محمدًا صلى الله عليه وسلم لم تصبهم تلك الصاعقة، ولم يقل لهم إلا ما قال محمد صلى الله عليه وسلم لأصحابه إذ سألوه: "هل نرى ربنا يوم القيامة ؟" فقال: ”نعم لا تضارون في رؤيته“ فلم يعبهم الله ولا رسوله بسؤالهم عن ذلك بل حسنه لهم وبشرهم بها بشرى جميلة.» (33)

- أبو الحسين الملطي (377 هـ) : (فأما تفسير {لا تدركه الأبصار} يعني لا يراه الخلق في الدنيا دون الآخرة، ولا في السموات دون الجنة. وقوله {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة} يعني يوم القيامة، ناضرة يعني الحسن والبياض يعلوها النور، إلى ربها ناظرة ينظرون إلى الله عز وجل يومئذ معاينة، فهذا تفسيرهما.) (34)

وفسر بعضهم "الإدراك" في الآية بـ: الإحاطة، أي أن الأبصار لا تحيط بالله عز وجل وإن كانت تراه يوم القيامة.

- قال قتادة (117 هـ) في الآية: «وهو أعظم من أن تدركه الأبصار.» (35)

- قال أبو بكر الآجري (360 هـ) : (إن قال قائل: فما تأويل قوله عز وجل: {لا تدركه الأبصار} قيل له: معناها عند أهل العلم: أي: لا تحيط به الأبصار، ولا تحويه عز وجل، وهم يرونه من غير إدراك ولا يشكُّون في رؤيته، كما يقول الرجل: "رأيت السماء" وهو صادق ، ولم يحط بصره بكل السماء، ولم يدركها.) (36)

- قال ابن حبان (354 هـ) في صحيحه: (يُرى في القيامة ولا تدركه الأبصار إذا رأته لأن الإدراك هو الإحاطة والرؤية هي النظر والله يُرى ولا يدرك كنهه.)

- قال أبو محمد البغوي (510 هـ) : (علم أن الإدراك غير الرؤية لأن الإدراك هو: الوقوف على كُنهِ الشيء والإحاطة به، والرؤية: المعاينة، وقد تكون الرؤية بلا إدراك، قال الله تعالى في قصة موسى {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا} [الشعراء : 61 ، 62]، وقال {لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى} [طه : 77]، فنفى الإدراك مع إثبات الرؤية، فالله عز وجل يجوز أن يُرى من غير إدراك وإحاطة كما يُعرف في الدنيا ولا يحاط به." (37)

والحمد لله رب العالمين
للسـؤال أو التعليـق على المقـال

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(حديث قدسي) حدثنا أحمد بن يونس ، ثنا أبو شهاب وهو الحناط قال : أخبرني إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن جرير ، قال : كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرفع رأسه إلى السماء ليلة البدر ، فنظر إلى القمر ، فقال : " أما إنكم سترون ربكم عيانا ، كما ترون هذا ، لا تضامون في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ، فافعلوا " . حدثنا بنحوه ابن المديني ، عن سفيان بن عيينة ، عن إسماعيل ، عن قيس بن أبي حازم ، عن جرير ، عن النبي صلى الله عليه وسلم

ـــــــــــ

http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=138&pid=66765&hid=81

ــــــــــــــــــ




(1) معجم مقاييس اللغة لابن فارس (ج2 ص472)
(2) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري (ج6 ص2347)
(3) ثقة من كبار التابعين.
(4) الرد على الجهمية للدارمي (ص100) بسند صحيح؛ والسنة لعبد الله بن أحمد (ج1 ص244) بسند آخر صحيح.
(5) الرد على الجهمية للدارمي (ص101)؛ السنة لعبد الله بن أحمد (ج2 ص257)؛ شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص 461)
(6) جامع البيان للطبري (تفسيره) (ج12 ص161)؛ تفسير عبد الرزاق الصنعاني (ج2 ص294)
(7) شرح أصول اعتقاد أهل السنة اللالكائي (ج3 ص527) ؛ معجم ابن المقرئ (ص111)؛ الصفات للدارقطني (ص75)، كلهم من طريق الهيثم بن خارجة عن الوليد بن مسلم.
(8) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص502)؛ والعلو للعلي الغفار للذهبي (ص142)
(9) الشريعة للآجري ج2 ص984)؛ شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ج3 ص501)
(10) الإبانة الكبرى لابن بطة بسنده عن ابن الأنباري عن ابن سعيد الأنماطي صاحب المزني.
(11) مناقب الشافعي للبيهقي (ج1 ص420)
(12) شرح اعتقاد أصول أهل السنة للالكائي (ج3 ص506) قال: ذكره عبد الرحمن قال وجدت في كتاب عند أبي مما وضعه هشام في الرد على الجهمية ...
(13) مسند إسحاق بن راهويه (ج3 ص672)
(14) الشريعة للآجري (ج2 ص986)
(15) الشريعة للآجري (ج2 ص986-987) بسند رواته ثقات.
(16) التنبيه والرد على أهل البدع والأهواء للملطي (ص127-129)
(17) معرفة علوم الحديث للحاكم (ص266)
(18) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ج1 ص176-180) بسند صحيح. وروى ابن قدامة المقدسي جزءًا منه بإسنادين مختلفين في كتابه "إثبات صفة العلو" (ص182-184)
(19) نقض الدارمي على بشر المريسي (ج2 ص821)
(20) السنة لابن أبي عاصم (ج2 ص1027-1028)
(21) الإبانة الكبرى لابن بطة في جزء الرد على الجهمية، باب: "الإيمان بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة"، قال: "سمعت أبا عمر محمد بن عبد الواحد صاحب اللغة يقول سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى ثعلبا يقول..." وذكره.
(22) التبصير في معالم الدين للطبري (ص137)
(23) الشريعة (ج2 ص979)
(24) شرح مذاهب أهل السنة لابن شاهين (ص319)
(25) رياض الجنة في تخريج أصول السنة لابن أبي زمنين (ص120)
(26) عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني (ص76)
(27) طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (ج4 ص289)
(28) شرح اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص521)
(29) تفسير ابن أبي حاتم الرازي (ج4 ص1363)
(30) مسند إسحاق بن راهويه (ج3 ص674)
(31) تفسير ابن أبي زمنين (ج2 ص89)
(32) قال اللالكائي في شرح اعتقاد أصول أهل السنة (ج3 ص506) : ذكره عبد الرحمن (ابن أبي حاتم) قال: "وجدت في كتاب عند أبي مما وضعه هشام في الرد على الجهمية "
(33) نقض الدارمي على بشر المريسي (ج1 ص366-367)
(34) التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع للملطي، باب ذكر متشابه القرآن.
(35) جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري (ج9 ص459)
(36) الشريعة للآجري (ج2 ص1048)
(37) معالم التنزيل البغوي (ج3 ص174)

المصدر: موقع السلف الصالح -- إعداد: أم عبد الله المِيساوي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 114 مشاهدة
نشرت فى 5 إبريل 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

902,738

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.