(أمة لا تعرف القنوط ولا يفت في عضدها الفشل)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى :-
(حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ )سورة النمل اية 18 - 19
ـــــــــــــــ
فصاحة اللسان، والتماس الأعذار، والمثابرة التي لا تعرف اليأس، والأخذ بالأسباب، والتكاتف في كل المواقف؛ هذه أبرز القضايا التي نتعلمها من النمل.
فإلى مشهد من تلك الأمة في إحدى مدنها نقف على حقيقة الأمر:
(قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون).
ولنبدأ بتأمل فصاحتها: اختصرت عدة معان في عبارة واحدة؛ حيث نادت، وأمرت، وطلبت الأخذ بالأسباب، واعتذرت، وعللت.
وما أحوجنا إلى مثل هذه الأساليب الدقيقة المركزة؛ التي توصل إلى الهدف بأقل العبارات، وتوفر عناء البحث عن الفكرة وسط إسهاب من جمل لا طائل من ورائها؛ بل قد تصرف القارئ عن المتابعة؛ لأنه تاه في غابة المترادفات، والاستطرادات، وتعب من التنقيب بحثا عن المغزى.
أما التماس الأعذار فتلك من سمة الكبار؛ فإن كان حجم النملة صغيرا، فإن العبرة بعقلها وصفاء روحها، فقد التمست العذر لسليمان وجيشه بأن التحطيم قد يحصل منهم ولكن دون قصد.
وإن تحدثنا عن المثابرة وعدم اليأس فهذا من أفضل ما نتعلمه من النمل إنها أمة لا تعرف القنوط ولا يفت في عضدها الفشل ـ إن حدث مرة ـ فديدنها كرة بعد كرة. ومن كان هذا دأبه في الحياة وصل إلى مبتغاه ولو بعد حين.
أما قضية الأخذ بالأسباب (ادخلوا مساكنكم) فهي من ديننا؛ فالسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، فلا بد من السعي في الأرض إن أردنا التمتع بخيراتها (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) ولا بد من العلم إن أردنا الرقي، ولا بد من الصبر إن أردنا الظفر.
وأما التكاتف والإيثار فهما السبيل إلى القوة. فلم تقل تلك النملة نفسي وكفى، ولم تفكر بالنجاة لوحدها وليذهب غيرها إلى الجحيم. وإنما نادت، ونصحت، ووجهت، وحملت همّ أمتها كلها، فنجت وسلم غيرها؛ بفضل هذه الروح المحبة للجميع. والاتحاد يولد قوة؛ حقيقة لا تغيب عن عاقل. ولا يكون الضعف والهوان إلا حين ينفرد الإنسان بنفسه، ولا هم له إلا ذاته، عندها يصبح للذئب فريسة سهلة.-
<!-- / M.Ysser هاك حفظ حقوق الموضوع لموقعك تعديل وتطوير mr.product - برمجة -->
ــــــــــــــــــــــــــــــ