في هذه الجلسة المباركة بإذن الله سننطلق من ثلاثة محاور:
<!--محور الكلمة الطيبة.
قال الله تبارك وتعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ
[ النداء الأول في سورة البقرة 104 ]
وبالتالي علينا أن نعرف ماذا قال الله تبارك وتعالى عن الكلمة:
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ.
(إبراهيم)
ويؤكد لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أهمية الكلمة في حياة كل مسلم :
<<لا يَسْتَقِيمُ إِيمانُ عبدٍ حتى يَسْتَقِيمَ قلبُهُ ،ولا يَسْتَقِيمُ قلبُهُ حتى يستَقِيمَ لسانُهُ ولا يَسْتَقِيمُ لسانُهُ ولا يدخلُ رجلٌ الجنةَ لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ>>.
الراوي أنس بن مالك [ صحيح الترغيب ]
هذا معناه أن استقامة الإيمان مرتبطة باستقامة الأفكار والمعتقدات فإن كل كلمة كانت في الأصل فكرة طارئة أو متأصلة في عقلنا الباطن فتحولت إلى عمل باللسان وأفعال بالأبدان.
قال الله تبارك وتعالى في سورة ق:
<< إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ >>
معنى هذا أن كل كلمة محسوبة علينا فهي إن لم تكن طيبة فسوف تكون خبيثة ، والطيب من النور والخبائث من الظلام والظلم والظلمات وكل ذلك من عمل الشيطان والنفس والهوى.
<!--محور الاستعانة بالصبر والصلاة:
قال الله تبارك وتعالى :
<< يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ >>
[ النداء الثاني في سورة البقرة 153 ]
وعن الصبر والصلاة قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن أبي مالك الأشعري قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو ، فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا " .
استخدم الصبر وتمرن عليه بأن تقمع نفسك وتجبرها على الصمت حتى يبين الله لك الحكمة مما أصابك فتهدأ ويزداد إيمانك وكذلك محبتك لله الرحمن الرحيم.
واستعين بالصلاة لتنور عقلك وقلبك وعيونك فترى رحمة الله كائنة دائما بجوارك وفي كل ما أصابك .
المحور الثالث تحري الطيب من الطعام :
قال الله تبارك وتعالى :
<< يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ >>
[ النداء الثالث في سورة البقرة 172 ]
قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
<< لا يَدْخُلُ الجنةَ لحمٌ نبت من السُّحْتِ، وكلُّ لحمِ نبت من السُّحتِ ؛ كانتِ النارُ أوْلَى به >>
الراوي : جابر بن عبد الله | المحدث : الألباني | المصدر : تخريج مشكاة المصابيح
ونجد الدليل على هذا الكلام في سورة الكهف :
<< فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا >>
عليك أن تبذل كل ما في وسعك لتحقيق أمنك واستقرار عقيدتك، فلا تتحدث مع أحد بشأن أهدافك ونصيبك من العزيز الحميد، وليكن ذلك بينك وبينه في تواضع واستسلام تام لإرادته سبحانه، وتحرى الطيب من القول والعمل والطعام وسوف ترى عجائب ربك في نفسك وعقلك وقلبك وفي كل ما يحيط بك من أيام وأحداث .
رحلة الحياة الدنيا تتكون في نفس كل مسلم من مراحل خمسة:
أولا: إسلام الشهادة بأركانه الخمسة.
ثانيا: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر.
ثالثا : مشوار التقوى ويتكون من تطبيق أركان الإسلام وأركان الإيمان.
رابعا : الإحسان { وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}.
خامسا: إسلام الوجه لله:{ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} وفي نفس السياق:{۞ وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }.
هذا وسوف نواصل الكلام بالتفصيل عندما تتفاعلون مع الكلمات والنداءات والوصايا.
ساحة النقاش