في الحقيقة قد يتجاوز الأنسان مراحل متقدمة من العمر ولكنه في بعض اللحظات يودُ العودة بقطار الزمن للوارء حيث الطفولة التي ربما هي أليمة مشردة أو مزدهرة جميلة وسواء هكذا أو ذاك
إن الطفولة تشكل جزء كبير من شخصية الأنسان فقد تكون الطفولة المشردة من أسباب النجاحات أو العكس ، وينطبق ذلك أيضاً علي الطفولة المزدهرة قد تكون سبباً أيضاً في النجاح أو الفشل
حينما رأيت بائع البالون يسير في الطرقات جذبني الأطفال من حوله يهتفون ويسيرون وراءه في شغف ،ولعل تنوع أذواقهم في أختيار الألوان منظر شديد الروعة يجعلك تعود بالذاكرة لأيام الماضي ،وفي تلك اللحظة وجدت في أقصي الناصية أب يحمل طفله علي ذراعيه وتبدو عليه علامات الحسرة وقلة الحيلة وأبنه يبكي بكاءاً مريراً
تفهمت الموقف وعلمت أنه لا يمتلك ثمن البالون ولست وحدي من تفهم فقد كان البائع ذو نظرة عميقة بعيدة المدي فترك الأطفال حوله وذهب للطفل وأعطاه كيس ملئ بالبالونات مجاناً ،تأثرت جداً من هذا الموقف فأنهمرت دموعي علي وجهي لروعة مشاعر البائع وفهو بذلك الموقف طبق سياسة من معه يعطي من ليس معه
تلك القصة أو ذلك الموقف جعلني أتذكر مفاهيم خاطئة داخل المجتمع ..
- اولاً | بائع البالون قد ينظر البعض إليه علي أنه بائع يجول الشوارع لكسب الرزق فقط ولكن هم ينظرون تحت أرجلهم فلو نظروا نظرة عن كثب لتفهموا أنه يجلب السعادة والسرور علي الكبار " عن طريق رؤيةأطفالهم سعداء " والصغار أيضاً " عن طريق اللهو واللعب بالبالونات " ،وبذلك هو له دور فعال في بناء ركيزة للمستقبل وهي بناء السعادة لأطفال سيكون لهم دور في المجتمع مستقبلاً
- ثانياً | الأدوار تتجزأ بين جميع البشر حيث المرتبة العليا في المجتمع العلماء والنخبة وأصحاب النفوذ والسلطة فيجلسوا في الصفوف الأولي في قاعة المجتمع " المجتمع عبارة عن قاعة مقسمة لصفوف " وفي أخر صفوف القاعة تجد العمال والحرفيين "محدودي الدخول " وقد يتعامل معهم الناس بنوع من التعالي والكبرياء فيحترموا أصحاب الصفوف الأولي ولا يقدرون جالسي الصفوف الأخيرة ،وذلك خطأ فادح لأن لكل فرد له دور في المجتمع
تصنيف القاعة عبارة عن أية ربانية جعلها الله في الكون حيث أن العلماء ورثة الآنبياء فوجب جلوسهم في الصفوف الأولي ،والربط بين صفوف القاعة ككل جميعا يجعلنا نعيش معاً في مجتمع متناسب
فنجد أن هجرة الرسول احتاجت لدليل " عبد الله بن اريقط " وكان له دور فعال في أتمام نجاحها بعد الله سبحانه وتعالي ،و العالم في الصفوف الأولي لا يستغني عن عامل النظافة الذي ينشئ جاذبية للشوارع تجعل العالم عند رؤيته لها ذو مزاجية عالية للعمل الجاد وهكذا
للآسف مجتمعنا يعيش في فجوة كبيرة بين الطبقات بسبب نظرة شريحة الأغنياء علي أصحاب الوظائف محدودة الدخل علي أنها وظائف حقيرة فيتم معاملتهم بنوع من التعالي والأزدراء مما سبب نوع من الآحباط لدي هذة الطبقة مهدورة الحقوق فتلجأ للسرقة والقتل في بعض الأحيان نتيجة للشحن والحقد ، نتيجة سوء المعاملة وليس كل شريحة الأغنياء هكذا
أتمني من الله أن يتزايد الصالحون منهم ليحجموا هذه الفجوة العميقة التى أصبحت أكبر من طبقة الاوزون
ولتحقيق التناسب الحتمي لأبد من أحترام جميع أفراد القاعة سواء كانوا في الصفوف الأولي أو الوسطي أو الخلفية لآنهم جميعا لهم دور في البناء وذلك عن طريق التوعية بأدوار جميع الأفراد في المجتمع وضرور وجود أحترام متبادل بينهما
فقد يصبح هذا الطفل الذي يبكي لأنه لا يمتلك نقوداً لشراء البالونات صاحب مصنع كبير للبالونات وموقف البائع نحوه محفور في ذاكرته فيحفزه فيكفل ملايين الفقراء