كان رجل يملأ قلبه كل أمراض العجب والكبر والغرور والاستعلاء على أهل الأرض، ونسي بل تناسى أن الله هو الذي من عليه بالنعم {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّـهِ} [سورة النحل: 53]، وأن الذي أنعم يمكنه أن يمنع.
ظن كما ظن قارون، بل وقالها صريحة {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي} [سورة القصص: 78]. حتى أتى ذلك اليوم الذي ابتلاه الله فيه فعلم ضعفه وحاجته، وغمر قلبه الإيمان وحب القرآن: سمع لأول مرة {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [سورة الأنبياء: 79]. ووعي لأول مرة {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [سورة البقرة: 31]. وفقه لأول مرة {كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} [سورة يوسف: 76]. وظل يبكي ويتحسر على ما أضاعه من عمره، تائهًا في الدنيا، ناسيا أن كل شيء مرده إلى الله، وأن كل نعمة هي من عند الله {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّـهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ} [سورة النساء: 79]. فهل يا نفس من عودة!!!