7 / 10 / 2009
فلسطين اليوم : غزة ( كتب / عيسى سعد الله)
تعتبر بداية شهر تشرين الأول بداية خير وتفاؤل عند الصيادين، إذ تصل أسراب أسماك "الكنعن" و"البلميدة" المهاجرة بوفرة إلى مياه القطاع، لكنهم الآن لم يعد لديهم أدنى درجات التفاؤل بسبب استمرار الحصار البحري الإسرائيلي.
ولا تزال إسرائيل تضرب حصاراً بحرياً مشدداً تمنع بموجبه الصيادين من التعمق إلى أكثر من ثلاثة كيلومترات داخل البحر، ما يمنعهم من صيد هذه الأسماك التي تتواجد على مسافة تزيد على أربعة كيلومترات.
وبالرغم من الحصار الإسرائيلي إلا أن الصيادين جهزوا الشباك الخاصة بهذا النوع من الأسماك الذي ينتظره المواطنون، وأنفقوا طوال الأيام الماضية الأموال على تصنيع هذه الشباك وصيانة ما لديهم من شباك قديمة آملين في انتهاء الحصار في كل لحظة، خاصة مع الحديث عن قرب انتهاء أزمة الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليت وملف المصالحة الوطنية.
وخيب البحر آمال بعض الصيادين الذين جازفوا بنصب شباكهم في المياه المسموح بالصيد فيها عندما أخرجوها خالية من الأسماك، كما يقول الصياد محمد سعيد الذي استثمر نحو عشرة آلاف شيكل في تصنيع الشباك اللازمة لصيد سمك "الكنعن" اللذيذ والعائلي.
ويبدأ موسم الصيد الحقيقي لسمك "الكنعن" و"البلميدة" متوسط الحجم من بداية شهر تشرين الأول وحتى أواخر شهر آذار من كل عام، وتختلف نسبة تدفق تلك الأسماك التي تعتبر مهاجرة وليست مواطنة، ويتوقع الصيادون زيادة في حجم الأسماك المهاجرة إلى شاطئ القطاع كون العام الماضي شهد انخفاضا في هجرتها.
ويعول سعيد على انتهاء أزمة شاليت وبالتالي رفع الحصار البحري الذي يزيد حظوظهم في صيد هذه الأسماك متوسطة السعر، ويوضح أنه اضطر إلى إخراج شباكه من البحر حرصاً عليها من التمزق بانتظار السماح بمزاولة المهنة في مياه أكثر بعدا عن الشاطئ.
ويعتمد سعيد على موسم الكنعن والبلميدة في تعويض فشل موسم السردين هذا العام بسبب المنع الإسرائيلي، معتبراً أن هذه هي الفرصة الأخيرة أمامه لإنقاذه من براثن الديون المتراكمة عليه لأصحاب محال بيع الشباك.
أما الصياد سفيان الداقوري فينوي المخاطرة خلال الأيام القادمة والتوغل في المياه الممنوعة، أملا في صيد وفير من هذه الأنواع التي يتراوح سعر الكيلو منها بين 20 و35 شيكلا.
ويعتمد صيد هذا النوع من الأسماك على الحظ في أحيان كثيرة، كما يقول الداقوري، لافتا إلى أن الصيد يحتاج إلى الانتظار والصبر.
وتتميز شباك صيد الكنعن والبلميدة "الزيدة" بالعيون الواسعة والعمق والعرض.
ولا يعول الداقوري الذي انشغل في تمتين شباكه على سماح قوات الاحتلال للصيادين بالصيد في مناطق تواجد هذه الأسماك التي تهاجر من المناطق الجنوبية باتجاه الشمال، وأكد أن قوات الاحتلال تتعمد التضييق على الصيادين في مواسم الصيد وهجرة الأسماك، كما حدث في بداية العام عند موسم هجرة سمك السردين.
ويقضي الصيادون غالبية أوقاتهم في الاسترخاء على الشاطئ في مجموعات، يحتسون الشاي والقهوة بعد انتهائهم من يوم صيد محدود يقضونه في نصب شباك صغيرة الحجم في المناطق المسموح بالصيد فيها.
ويترقب هؤلاء الأخبار لحظة بلحظة أملا بسماع الخبر الجميل القاضي بإنهاء الحصار البحري الذي أجبر العديد منهم على ترك هذه المهنة.
وترابط عشرات الزوارق الحربية الإسرائيلية السريعة من مختلف الأحجام في عرض البحر وعلى مسافة قصيرة من الشاطئ لملاحقة الصيادين ومنعهم بالقوة من الدخول إلى أكثر من ثلاثة كيلومترات.
وبحسب اتفاقات أوسلو الموقعة بين منظمة التحرير وإسرائيل في العام 1993 فإنه يحق لصيادي القطاع الوصول إلى مياه بعمق عشرين كيلومترا والصيد فيها بحرية دون التعرض لهم.
ومنذ بداية الانتفاضة الأولى لم تلتزم إسرائيل بما جاء في الاتفاقات، وفرضت حصارا متقطعا على البحر، قتلت خلاله العشرات وأصابت المئات من الصيادين، كما اعتقلت المئات ودمرت واحتجزت عشرات سفن الصيد مختلفة الأحجام.
ولا تزال الأسواق تخلو من هذه الأسماك التي تقبل على شرائها كل الطبقات خاصة أصحاب العائلات الكبيرة، نظرا لخلوها من الأشواك الدقيقة التي تؤذي الأطفال، ولاحتوائها على قيمة غذائية كبيرة، وتعدد أشكال طهيها.
ساحة النقاش