مشروع تنظيف حوض صيد الأسماك في العبدة
كلفته 954 ألف دولار وينتهي في كانون الأول
من المتوقع إزالة 48 ألف متر مكعب من القاذورات.
عملية تنظيف حوض مرفأ صيد الاسماك في العبدة، والتي كانت توقفت لاسباب تتعلق بحماية الثروة السمكية والنباتية البحرية ليس في محيط الحوض فحسب، وانما في كامل المنطقة التي من المفترض ان تتحرك فيها الاليات العاملة والقوارب المحملة بالوحول والرمول المستخرجة من حوض المرفأ والتي تنقل الى مسافة 17 كيلومترا في عمق البحر بعيدا من الشاطىء، وفق المواصفات العلمية والبيئية التي وضعتها وزارة الاشغال العامة والدراسات واعدها برنامج الامم المتحدة الانمائي.
وعملية تنظيف مرفأ الصيد في العبدة حظيت بارتياح كبير من الصيادين والناشطين البيئيين الذين طالما سعوا الى اعادة ترميم الواقع البيئي للشاطىء العكاري الذي كان تعرض في السابق لشتى انواع الاعتداءات ابرزها كان رمي النفايات التي شوهت كامل الشاطىء العكاري الا ان هذا الشاطىء حالياً، وبعد سلسلة النشاطات البيئية والمطالبات الملحة والمتكررة، بات الافضل بيئيا علماً بأنه قد يكون الشاطىء الوحيد في لبنان الذي لم تداهمه بعض مشاريع الاسمنت.
يشار الى ان هذا المرفأ هو الوحيد عمليا على طول الشاطىء العكاري الذي يمتد من العبدة جنوبا حتى نقطة العريضة الحدودية مع سوريا شمالاً، بطول يقارب الـ16 كيلومتراً قد شكّل عاملاً حيوياً جداً بالنسبة الى الصيادين الذين كانوا في السابق يلجأون الى مرفأ ميناء طرابلس لايواء مراكبهم وانجاز اعمالهم وبيع ما يجنونه من صيد، مما كبدهم على الدوام اعباء اضافية. الا ان تنفيذ منشآته على مراحل متباعدة، خفف الكثير من هذه الاعباء، الا ان عدم توفير صيانة دورية له وتنظيف حوضه قد أديا الى متاعب جديدة للصيادين، لان الانواء البحرية في فصل الشتاء غالبا ما تدخل كميات كبيرة من الرمول والنفايات الى حرمه، مما تسبب ايضاً بتناقص متزايد لعمق المياه فيه وعوّق عملية خروج مراكب الصيد ودخولها وأدى الى تلف الشباك ومعدات الصيد.
ورش بمعايير عالية الجودة
مشروع تنظيف حوض المرفأ بدأ مرحلته الاولى منتصف شهر كانون الاول 2009، واستمرت شهرين لتتابع الاشغال في آب 2010 حيث تقوم ورش فنية بالعمل على التنظيف بمعايير ومواصفات عالية الجودة وذلك، في سياق مشروع النهوض المبكر للمنطقة المحيطة بمخيم نهر البارد الذي ينفذه برنامج الامم المتحدة الانمائي بتمويل من الحكومة الايطالية وبالتنسيق مع وزارة الاشغال العامة والنقل وبالتعاون مع بلدية ببنين والجمعية التعاونية لصيادي الاسماك في ببنين – العبدة – عكار.
مديرة المشروع ربى عرجا الهاشم تحدثت عن تفاصيل المشروع فاشارت الى أن "مرفأ العبدة يحتوي على عدد من مراكب الصيد يراوح بين 140 و200 مركب. كذلك يعمل في القطاع نحو ألف شخص معظمهم من منطقة العبدة - ببنين، بالإضافة إلى حوالي 250 إمرأة يعملن في تحضير وصيانة شباك الصيد في منازلهنّ وخصوصاً في بلدة ببنين. ويراوح مدخول معظم العاملين في هذا القطاع بين 200 و600 ألف ليرة لبنانية فقط في الشهر.
كما اطلق مشروع النهوض المبكر بالبلدات المحيطة بمخيم نهر البارد بتمويل من الحكومة الإيطالية الذي يستهدف البلدات الست المحيطة بالمخيم وهي: البداوي، دير عمار، بحنين، المنية، المحمرة وببنين.وقد ركز المشروع على مسائل عدة منها : تحسين البنى التحتية، تحسين الأحوال المعيشية للسكان، تدعيم أسس الحوار بين الشباب، بناء القدرات البشرية للبلديات والمنظمات الأهلية ودعم جهود التنسيق من خلال بناء قدرات لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني.
وفي هذا السياق، يعتبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن تنمية قطاع الصيد من الأنشطة الأساسية للنهوض بالأحوال المعيشية بعد الضرر الكبير الذي لحق بهذا القطاع نتيجة أحداث أيار 2007 التي حصلت في مخيم نهر البارد ومحيطه.
بانتظار تنفيذ كل المشاريع المتبقية
وعن الخلفية العامة لمشروع تنظيف مرفأ العبدة لفتت الى انه "منذ إنشاء المرفأ عام 1984، لم تتم عميلة تنظيف اوتعميق المرفأ بشكل كامل . اذ يعتبر الصيادون بأن وضع المرفأ سيئ للغاية من حيث القدرة على استيعاب دخول المراكب وخروجها منه. ونتيجة لهذا الواقع، لجأ عدد من صيادي العبدة إلى مرفأ الميناء في طرابلس للصيادين لرصف مراكبهم، الأمر الذي أدّى إلى ازدياد كلفة تنقلهم من طرابلس واليها، بالاضافة الى كون المرفأ مخول لأن يستقطب كل المراكب العاملة على طول الشاطئ العكاري الممتد من العبدة الى العريضة.
وقد بات إيلاء موضوع تحسين البنى التحتية لمرفأ العبدة أهمية قصوى، خصوصاً بعد توقف الصيادين عن عملهم أشهراً عدة نتيجة أحداث مخيّم نهر البارد.
ومن الناحية التقنية قالت هاشم: "عملية تنظيف حوض المرفأ تستهدف تعميقه ليصل الى 3 أمتار عمق عن سطح البحر، وذلك بهدف ركن أكبر عدد ممكن من القوارب.
وعن الاعتبارات البيئية التي تم الاخذ بها قبيل بدء عملية التنظيف اشارت الى ان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قام بتنفيذ دراسة مفصلة للأثر البيئي للمشروع (Environmental Impact Assessment). وتمّ الإستعانة بتوصيات الدراسة لإعداد دفتر الشروط بالتعاون مع وزارتي الأشغال العامة والنقل والبيئة. واستنتج البرنامج من هذه الدراسة أنّه، ولأول مرة بتاريخ مشاريع تنظيف وتعميق المرافىء في لبنان، يتم رمي المواد المستخرجة ما بعد الجرف القاري على بعد 17 كلم عن الشاطىء بعمق 200 متر، وذلك لضمان عدم عودة الرمول المستخرجة عبر التيارات البحرية الى الشاطىء، بغية عدم إلحاق الضرر بالثروة السمكية وبالنباتات البحرية".
واضافت ان المشروع ينفّذ بالتنسيق مع وزارة الاشغال العامة والنقل وبلدية ببنين والجمعية التعاونية لصيادي الاسماك في العبدة، وتمتد الاعمال من كانون أول 2009 حتى كانون الأول 2010. وقد تم تجميد عملية التنفيذ في الفترة الممتدة من نيسان حتى تموز 2010 لحماية الثروة السمكية، إذ تشهد هذه الفترة عمليتي تكاثر الأسماك ونمو الأعشاب البحرية (التي تشكل الحلقة الغذائية للأسماك).
صيادو الاسماك الذين يتابعون يوميا عمل الآليات الضخمة التي استقدمت الى مرفأهم وهي تحفر وتنقل الرمول والاوساخ، يعولون كثيرا على تنفيذ هذا المشروع ويأملون بأن تكتب له الخاتمة الناجحة كي يتمكنوا فعليا من الافادة من حوض المرفأ، معلقين الآمال على وزير الاشغال العامة والنقل غازي العريضي وآملين منه زيارة المرفأ قريباً للاطلاع على اوضاعه واعطاء توجيهاته لتنفيذ كل المشاريع المتصلة به كي يكون مرفأ نموذجيا لصيد الاسماك.
البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة
رئيس الجمعية التعاونية لصيادي الاسماك في ببنين عبدالرزاق حافظة، اشار الى الصعاب الكثيرة التي تقف عائقا امام تطور حركة صيد الاسماك مما ترك آثاراً سلبية على مجمل حياة الصيادين. وقال: "هناك نحو 500 عائلة تعيش من صيد السمك في مرفأ العبدة الذي يضم نحو 200 مركب صيد للاسماك، القسم الاكبر منها ولا سيما المراكب الكبيرة التي يزيد طولها عن 7 امتار، غير قادرة على الرسو في حوض المرفأ بسبب دخول الرمول والاوساخ اليه، و سماكة المياه عند باب الحوض اقل من متر، مما عوّق حركة المراكب التي اثر اصحابها اللجوء الى مرفأ الميناء في طرابلس بعيدا من بلدتهم ببنين".
وأثنى حافظة على الجهود التي تبذل حاليا لتنظيف حوض المرفأ وزيادة عمقه، شاكراً البرنامج الانمائي للامم المتحدة على تبنيه المشروع الذي يعتبر حيويا للغاية بالنسبة الى الصيادين ومتابعة أدق تفاصيله، لافتاً الى انه "يعتبر الابرز اذ كان الصيادون قد طالبوا به مراراً،علماً ان حوض المرفأ الذي تدفقت اليه على مر الاعوام الماضية ولا سيما إبّان المواجهات في مخيم نهر البارد، شتى انواع الوحول والرمول والاوساخ، مما اثّر سلباً على حركة الصيد برمتها ودفع الصيادين في حينه الى الابحار بمراكبهم الى طرابلس، كون حوض المرفأ غير قادر على حماية هذه المراكب التي ارتفعت سماكة الرمول والوحول فيه الى مستويات عالية وتراجع ارتفاع المياه داخل الحوض الى ما دون المتر".
يشار الى ان المشروع سوف يستمر مبدئياً وفق عقد التنفيذ المبرم مع شركة "هيدرومار" حتى شهر كانون الاول المقبل، اذ من المتوقع ازالة نحو 48 الف متر مكعب من الوحول والرمول ومخلفات المراكب والنفايات التي تقتحم الحوض بالتزامن مع الأنواء التي تضرب الشاطىء في فترات عدة على مدار السنة.
واخيراً، لا بد من الاشارة الى ان الكلفة الاجمالية للمشروع تبلغ 954 الف دولار اميركي.
ساحة النقاش