بسم الله الرحمن الرحيم

فصل في الآيات المحكمات والمتشابهات

 والهدف منهن

     يتكون كتاب الله الكريم من نوعين رئيسين من الآيات: آيات محكمات وأخرمتشابهات. والهدف من كل نوع هو تحقيق أهداف محددة من أهداف تنزيل الكتاب. وأهداف تنزيل الكتاب هي:أولاً التعريف بوجود إله واحد أحد تجب عبادته وحده. ثانياً: امتحان الخلائق لتمييز المؤمن الصادق في إيمانه من المنافق الكاذب لقوله تعالى(أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) (ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين)  2-3 العنكبوت ثالثاً: اصلاح الفساد الذي كان سائداً في الجاهليه ورفع الظلم عن الضعفاء وتحقيق العدل وهو الاعتدال بقوانين الخالق والمساواة بين خلقه. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف أنزل الكتاب على مرحلتين متداخلتين: مرحلة الأخبار(وهو أحسن الحديث كتاباً متشابهاً) وبالتالي كان تشابه هذه الآية هو تشابه الكلام الذي يماثل بعضه بعضاً أي لا اختلاف فيه لأنه كلام عن شيء واحد وهو الوحدانية. ومرحلة الأحكام وهي تتكون من الأوامر والنواهي والحلال البين والحرام البين لأنها أحكام واضحة الدلالة لا لبس فيها ولا غموض. والحلال البين هو الذي بصريح العباره (أحل لكم) والحرام البين هو بصريح العباره (حرم عليكم). إن المشكلة التي لم يفطن لها الباحثون هي: إن كل مرحلة كان فيها الحككم والمتشابه. فكان هنالك نوعان من المحكمات(محكمات الأخبار ومحكمات الأحكام) ونوعان من المتشابهات(متشابهات الأخبار (الآية 23 الزمر) ومتشابهات الأحكام (الآية 7 آل عمران)). والفرق بينهما هو:

محكمات الأخبار               محكمات الأحكام

- أول ما أنزل في الأخبار    -  أول ما أنزل في الأحكام

- غير واضحات المعنى      -  واضحات المعنى

- لا ناسخات ولا منسوخات   -  ناسخات

متشابهات الأخبار            متشابهات الأحكام

- تشابه الكلام وتماثله         -  اشتباه "الحلال والحرام"

- أنزلن بعد محكماتهن        -  أنزلن قبل محكماتهن

-واضحات المعنى            - غير واضحات المعنى

- يؤمن بهن ويعمل بهن    -  يؤمن بهن ولا يعمل بهن

- غير منسوخات            -  منسوخات

-تنجذب إليهن قلوب المؤمنين         -   تنجذب إليهن قلوب المنافقين

لقد أنزلت آيات الأخبار أولاً آيات قصار محكمات كقوله "إن إلى ربك الرجعى" أي مجملات غير واضحات الدلاله وكالحروف المقطعة في بداية السور وكأخبار الساعة. والهدف منهن هو: جذب انتباه الناس في بداية الإسلام لوحدانية الله وعبادته. أما الهدف من محكمات الأحكام فهو تمييز الخبيث من الطيب وبالتالي هن الآيات الواضحات الدلاله اللاتي يستطيع كل فرد تطبيق حكمهن. والهدف من متشابهات الأخبار هو: تفصيل محكمات الأخبار. حيث ينزل تفصيل المحكم تدريجياً في آيات تطول شيئاً فشيئاً إلى أن تظهر معانيه في سور طوال كسورة هود. والهدف من متشابهات الأحكام هو: النهي عن حب الشهوات تدريجياً لتعارضها مع عبادة الله من ناحية ولتمييز الطيب الذي يؤمن بالأقدار خيرها فيرضى بقسمة الله له ويشكره عليها من الخبيث الذي لا يرضى بقسمة الله فيجري وراء المتشابهات التي ليس فيها الحلال البين والحرام البين بل فيها إباحة مقيدة بشرط كآيات الربا والخمر. وقد اوضح العلماء (منهم صبحي الصالح) أن المتشابهات قد أنزلن في الحالات الشعورية. أي في زينة الحياة الدنيا وشهواتها التي يشعر فيها الإنسان بالمتعة والسعادة. وقد جمع الله الشهوات التي نزلت فيها المتشابهات لتنهي عن التكاثر منها والانشغال بها عن العبادة في الآية 14 آل عمران.