بسم الله الرحمن الرحيم
الفرق بين "الآيات المتشابهات المنسوخات " و بين "الآيات المنسأ ومتغير حكمها
يمكن توضيح الفرق بوضع اسئلة مشتركة لكل من النوعين من الآيات ثم الإجابة عنها وأخيراً يمكن إعطاء أمثلة لكل من المتشابهات والمنسأ حكمهن. والأسئلة هي: فيما أنزلت الآيات؟ ما الهدف من تنزيلهن؟ ما هي أهم معالمهن؟ ما هو حكم العمل بهن؟ ما الذي يترتب على نزول الآية الأخيرة؟
أولاً : "الآيات المتشابهات المنسوخات "
فيما أنزلت الآيات المتشابهات : لقد أنزلت الآيات المتشابهات المنسوخات في زينة الحياة الدنيا التي أدمنها الناس في الجاهلية . وهي نوعان: نوع لا تحتاج إليه استمرارية الحياة فتم النهي عنها كلياً كالخمر وأكل الربا. ونوع آخر تحتاج استمرارية الحياة إلى القليل جداً منه كالزواج والأبناء والحرث والأنعام والخيل المسومة . ما الهدف من تنزيلهن: لقد أنزلت المتشابهات لمعالجة إدمان حب زينة الحياة الدنيا والنهي عنه تدريجياً. ما هي أهم معالمهن ؟
المعلم الأول: لقد أنزلن أولاً غير واضحات الحكم (أي يشتبه الناس في حكمهن هل هو الحلال أم الحرام). المعلم الثاني: الحكم فيهن إباحة فتظهر الاباحة وكأن الحكم حلال وهو ليس بالحلال البين (أحل لكم) وحكم الإباحة مقيد بشرط صعب وعدم استيفائه يبطل الاباحة. فيظهرالحكم وكأنه حرام وهو ليس بالحرام البين (حرم عليكم) أو (لا يحل لكم) مما أدى إلى اشتباه أي تشابه الحكم الحلال والحرام فيهن. المعلم الثالث : أن الصحابة يستفتون الرسول صلى الله عليه وسلم في حكمهن. المعلم الرابع: نزول آيات توضح أن العمل بحكمهن فيه إثم والاثم هو الانشغال عن ذكر الله وان الشيطان يوقع بها العداوة والبغضاء بين الناس. المعلم الخامس : يكون الناس قد عملوا بحكمها لفترة من الزمن ليشعروا بتعارضها مع عبادة الله. المعلم السادس: إذا رد حكمهن للحكم يظهر تعارضهما أي تعارض حكم الاباحة مع الحكم الفرض الذي يجب العمل به. ما هو حكم العمل بهن ؟ حكم العمل بهن هو النهي بعد نزول الآية الأخيرة التي فيها نسخ لحكم الاباحة . ما الذي يترتب على نزول الآية الأخيرة؟ يترتب على نزول الآية الأخيرة فرض العمل بها وترك العمل بالاباحة . ومن يعمل بالاباحة ويترك العمل بالآية الأخيرة يقع في الحرام ويكون من الذين في قلوبهم زيغ وضلال. ثانياً: الآيات المنسأ حكمهن: فيما أنزلت الآيات المنسأ حكمهن؟ لقد أنزلت الآيات التي تأخر نزول حكمهن المطلوب في حالتين: حالة نشر الدعوة وأوضاع الكفار والمنافقين فيها. كما أنزلت في بعض أوضاع الحياة الدنيوية. والحكم المطلوب يكون إما خفيفاً أو ثقيلاً. فينزل أولاً حكماً خفيفاً بدلاً عن الحكم الثقيل المطلوب. كما ينزل أولاً حكماً ثقيلاً بدلاً عن الخفيف المطلوب. وبذلك نجد أن الحكم المطلوب هو الذي ينزل متأخراً فيتغير الحكم فقط من خفيف إلى ثقيل ومن ثقيل إلى خفيف. ما الهدف من تنزيلهن؟ هنالك هدفان من تنزيلهن: هدف تنزيلهن في حالة نشر الدعوة وهدف منتنزليهن في بعض أوضاع الحياة. ففي حالىة الدعوة كان الهدف: الصبر على الكفار لإعطائهم الفرصة الكافية للرجوع عن كفرهم ودخولهم في الاسلام . ولهذا كان الحكم عليهم في بداية الأمر خفيفاً عليهم وعلى المؤمنين وهوالعفو والصفح عنهم وعدم قتالهم. وبالفعل دخل عدد كبير من الكفار في الاسلام نتيجة الصبر والعفو عنهم. ثم أنزل الله الحكم الثقيل وهو القتال بعد أن علم الله أن ما تبقى من الكفارهم الثابتين على كفرهم ونفاقهم وأنهم قد قرروا قتال المسلمين. أما الهدف في حالة أوضاع الخلق فهو: تنظيم مسيرة الحياة الدنيا. ما هي أهم معالمهن ؟ المعلم الأول هو: إن آيات المنسأ محكمات واضحات الحكم لا لبس في فهمه. المعلم الثاني: لم ينزلن في زينة الحياة الدنيا وحب شهواتها.المعلم الثالث: لم يشغل حكمهن عن ذكر الله . المعلم الرابع: في العمل بحكمهن منفعة دينية ودنيوية وليس فيه أثم.المعلم الخامس: لم ينسخ الحكم الأول جذرياً بل حدث فيه تغير من خفيف إلى ثقيل أو من ثقيل إلى خفيف. وبالتالي يمكن العمل به إذا وجدت الظروف التي أنزل فيها. ما هو حكم العمل بهن ؟ حكم العمل بهن جائز في حالة وجود الظروف التي أنزل فيها الحكم الأول.ما الذي يترتب على نزول الآية الأخيرة؟ لا يترتب إثم او وقوع في الحرام على من يعمل بالحكم الأول إذا تناسب مع ظروفه ثالثاً: أمثلة من المتشابهات المتشابهات نوعان: نوع اشتبه فيه الحلال والحرام بالرغم من وضوح معنى مفردات آياته. ونوع اشتبه في حكمه لعدم وضوح معاني مفردات آياتهويسمى بالظاهرلأن المعنى الظاهر من السياق لم يكن هو المراد ولهذا تحتاج آياته لقرينة تخرجه من معناه الظاهر وتوضح المراد من الحكم. سوف تكون الأمثلة الآيات الأول والآيات الأخيرات. أمثلة النوع الأول هي آيات الخمر والربا. آية الخمر الأولى:(يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَأَنْتُمْ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ وَإِنْ كُنْتُمْ مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن ٱلْغَآئِطِ أَوْ لَٰمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً) 43 النساء
آية الخمر الأخيرة:( إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ فِي ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلٰوةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ) 91 المائدة لية اكل الربا الأولى: (يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ ٱلرِّبَٰواْ أَضْعَٰفاً مُّضَٰعَفَةً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) 130 آل عمران آية الربا الأخيرة:( يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَٰواْ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ ) 278 البقرة فهذه الآيات هن اللاتي أنزلن في حالتي حب الخمر وأكل الربا (متع الحياة الدنيا وزينتها) اللتان كان الناس قد أدمنوهما في الجاهلية. (المعلم الأول). فعالج القرآن إدمان هاتين الحالتين بتنزيل الآية الأولى وبها إباحة مع تقييدها بشرط صعب وهو عدم السكر في حالة الخمر وإباحة أكل الربا مع شرط عدم مضاعفة الفائدة . فظهر الحكم وكأن شرب الخمر وأكل الربا حلال وهو لم يكن بالحلال البين (أحل لكم). ووجود الشرط الذي بدونه يسقط العمل بالإباحة أظهر الحكم وكأنه حرام وهو لم يكن بالحرام البين(حرم عليكم) المعلم الثاني. فشرب الناس الخمر وأكلوا الربا لفترة من الزمن ثم شعروا بصعوبة استيفاء الشرط مع عبادة الله (المعلم الرابع). فتعارض شرب الخمر مع آداء الفرض وهو الصلاة وتعارض أكل الربا مع الصدقات ومساعدة المحتاجين(المعلم الخامس)فاستفتوا الرسول صلى الله عليه في الخمر فنزلت الآيات متدرجه في إظهار قبح الخمر ولعب الميسر وهو أن الشيطان يشغلهم بها عن ذكر الله ويوقع بينهما العداوة والبغضاء. وأخيراً تم النهي عن شرب الخمر ولعب الميسروأكل الربا(المعلم السادس). أما أمثلة الظاهر فهي آيات تعددية النساء وأكل مال اليتيم. فقد ضرب كلاً من السيوطي وعبدالوهاب خلاف وصبحي الصالح ومحمد الخضري المثل للظاهر بالآية 3 النساء. والآية الأولى هي: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ) 3النساء والآيتان الأخيرات هما: (وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَٱلْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً) (وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ ٱللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ ٱللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً) 129 -130النساء أما آيات أكل مال اليتيم فهي : (وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً) 6النساء والآية الأخيرة هي(إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلْيَتَٰمَىٰ ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) 10 النساء وبالفعل تنطبق معالم الآيات المتشابهات على آيات التعددية وآيات أكل مال اليتيم . حيث أنزلت الآيات في اثنين من زينة الحياة الدنيا (المعلم الاول) وأنزل الحكم فيهن إباحة فظهرت وكأن الحكم حلال وهو ليس بالحلال البين(أحل لكم) ولكن الاباحة مقيدة بشرط صعب وهو العدل في تعدد النساء وتسليم اليتيم أمواله كاملة عندما يبلغ الرشد في آيات اكل مال اليتيم مما جعل الحكم يظهر وكأنه حرام وهو ليس بالحرام البين (حرم عليم) فصار الحكم فيه شبه بين الحلال والحرام مما جعل فيه لبس في فهم الحكم المطلوب هل هو حلال أم حرام (المعلم الثاني). استفتى الصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم في الآيتين (المعلم الرابع). نزلت الآيات موضحة للناس قبح العمل بالاباحة (المعلم الخامس) نزلت الآيات الأخيرة موضحة النهي عن العمل بالإباحة وجاء الحكم فيها مختلفاً تماماً عن حكم الآيات الأول. فمن يعمل بالحكم المنسوخ يقع في الحرام والله أعلم من قبل ومن بعد رابعاً: أمثلة من المنسأ وهي كثيرة آيات القتال وهي: الآية الأولى(وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ فَٱعْفُواْ وَٱصْفَحُواْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) 109 البقرة الآيات الأخر : { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ }{ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم وَأَخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَٱلْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَٱقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ }{ فَإِنِ ٱنتَهَوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } 190-192 البقرة هذه الآيات لم تنزل في زينة الحياة الدنيا وقد جاء الأمر فيها بالعفو والصفح عن الكفار وهو الحكم الخفيف . وقد أنسأ الله الحكم المطلوب وهو قتال الكفار لحين الوقت المناسب. فالآية محكمة واضحة الحكم لا لبس فيه (أي إنها غير متشابهة) (المعلم الأول). لم تنزل الآيات في حب زينة الحياة الدنيا (المعلم الثاني) أنزلت الآيات الأخر توجب قتال من يقاتل وأمرت بعدم الاعتداء مما يدل على أن مبدأ العفو والصفح لم ينسخ حذرياً بدليل قوله تعالى(فَإِنِ ٱنتَهَوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (المعلم الثالث) وأخيراً أوجبت القتال على الذين يريدون الفتنة والدعوة لغير دين الله. أما من لا يريد الفتنة وانتهى عن أذى المسلمين فلا عدوان عليه وبالتالي يمكن العمل بالآية الأولى إذا توفر السبب الذي نزلت فيه الآية (المعلم الرابع). آيات النقاب الآية الأولى هي: (أَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) 59 الأحزاب والآية المنسأ حكمها هي : ( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) 31 النور تنطبق كل معالم المنسأ على آيتي النقاب والحجاب فلا تقع من لبست النقاب في الحرام إذا توفرت لها الظروف التي استوجبت لبس النقاب. فالحكم كان ثقيلاً أولاً لوجود المنافقين في المدينة وأنسأ نزول حكم الحجاب الخفيف المقصود به تغطية الزينة فقط لحين الظروف المناسبة له. وكذلك آيات الصدقة عند النبي صلى الله عليه وسلم وهي: الآية الأولى: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)(ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) 12-13 المجادلة هذه الآيات نزلت في الصدقات وهي أموال وتعتبر من زينة الحياة الدنيا ولكنها نزلت محكمة واضحة الحكم لا لبس فيه. كما أن حكم مناجات الرسول صلى الله عليه وسلم قد جاء ثقيلاً بتقديم الصدقة وعندما شق على الناس أنزل حكم مناجاته خفيفاً بأن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة. فرفعت عنهم الصدقة تخفيفاً ولم ينسخ الحكم الأصل جذرياً وهو مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم. أي لم ينهي الله عن مناجاته لعدم الصدقة. وأيضاً آيات الفطام وهي: (وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ ) وكانت الآية الأولى (وفصاله في عامين) فخفف الله هذا الحكم لحين ظهور أسبابه. فلا إثم على من أرضعت حولين ولا على من أرضعت أقل من الحولين.
والله أعلم