جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
هل الإسلام جريمة يعاقب عليها القانون الدولي؟
يمثل المسلمون اليوم ربع سكان العالم، ونسبة المسلمين في مصر 95% من إجمالي عدد السكان، فإذا كان الغرب يدين بغير الإسلام ويعتبر المسلمون أقلية بالنسبة لسكان العالم، فكيف يتعامل الغرب مع الأقلية المسلمة التي تمثل الربع؟
احتلت أوروبا أغلب الدول العربية والإسلامية حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، ولم يكن لأمريكا موضع قدم لها في تلك المنطقة، إلا من بعض المنظمات التنصيرية، فقد كانت دولة ناشئة إلى أن خرجت منتصرة في الحرب العالمية الثانية بعد أن حسمت الحرب بتجربة سلاحها النووي بضرب جزيرة هيروشيما وناجازاكي والتي أدت إلى تدمير المدينتين اليابانيتين، وبعد تلك الضربة قررت أن ترث العالم الإسلامي وتستبدل هيمنة أوروبا بالهيمنة الأمريكية في المنطقة، وقد أيدت زرع الكيان الصهيوني في المنطقة ليكون يدها التي تبطش بها، وكان ما كان من حروب ضد العالم الإسلامي وإلى الآن.
لم تكتف أمريكا بفلسطين والجولان في سوريا والضفة الغربية في الأردن بل قررت محاصرة العالم الإسلامي من الجهات الأربع، قادتها حرب الخليج الأولى في عام 1990 إلى نشر قواعدها العسكرية في الخليج العربي وبعض دول الخليج بحجة حمايتها من العراق.
أصبحت العراق معزولة سياسيا عن المنطقة العربية بعد اعتدائها على الكويت، ومنهكة إقتصاديا نتيجة الحرب العراقية الإيرانية، كما أصبحت مصر معزولة من قبل بموجب اتفاقية السلام عام 1979 والتي وقعتها منفردة مع الكيان الصهيوني وبمباركة أو بإكراه من أمريكا للرئيس المصري أنور السادات، ما هي المغامرة القادمة لسيدة العالم أمريكا في العالم الإسلامي؟
بعد احتلال الإتحاد السوفيتي لأفغانستان اضطرت أمريكا أن تمد الأفغان بالسلاح في حربهم ضد روسيا لأنها هي التي تنافسها في قيادة العالم، كما تجمع المجاهدون من كل البلاد العربية والإسلامية لمعاونة إخوانهم من المجاهدين الأفغان لطرد المحتل الروسي من الأرض المسلمة طبقا للبيان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام الصادر عام 1981، والذي ينص على أن أمة الإسلام أمة واحدة، وبعد سنوات استطاع الأفغان بفضل الله أن ينتصروا على الاتحاد السوفيتي والذي سقط سقوطا مروعا بعد حربه ضد أفغانستان.
سقط العدو الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية وأصبحت أمريكا سيدة العالم، ولابد لها من عدو فكيف لها أن تسوق ترسانتها الحربية وتجربة اختراعتها العسكرية بدون عدو، العراق فُصل عن جسد الأمة بعد حرب الخليج والخليج محاصر بالقواعد الأمريكية، أفغانستان منهكة اقتصاديا وهناك صراعات داخلية على الحكم وقد انتصرت على روسيا، فإذا حققت أمريكا نصرا في أفغانستان فقد أكدت أنها تفوقت على الاتحاد السوفيتي حتى بعد سقوطه، هذا هو النصر السهل الذي تبحث عنه أمريكا، هي دائما تحارب في الوقت الضائع وخارج الأرض الأمريكية ولا تحارب منفردة بل بتحالفات دولية غالبا أوربية.
ولكن ما الحجة التي تقدمها للعالم لاحتلال أفغانستان، حادث 11 سبتمبر عام2001 كان الذريعة لغزو أفغانستان بحجة القضاء على المتسبب في هذا الحادث، وبعد أقل من شهر وفي 7 أكتوبر 2001 تم احتلال أفغانستان، لم تنتظر التحقيقات التي تبين أسباب الحادث والمنفذين له، لم تعلن نتائج التحقيقات على العالم بل أعلنت وفور وقوع الحادث أن قائد تنظيم القاعدة في أفغانستان أسامة بن لادن هو من تسبب في هذا الحادث.
مبني أمريكي يُدمر، ثلاثة آلاف يُقتلون، وشخص مطلوب القبض عليه، ذريعة لأمريكا لاحتلال دولة مستقلة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة علينا ومن أرض دولة أخرى مستقلة هي باكستان وبتهديد من أمريكا بتدمير السلاح النووي الباكستاني، هذه هي تعاملات الغرب مع الأقلية المسلمة في العالم، مبني يدمر يقابله في العرف الأمريكي أرض دولة إسلامية تدمر، ثلاثة آلاف أمريكي يُقتلوا يقابله في العدل الأمريكي شعب بكامله يُقتل، وكل ذلك على مرأى ومسمع ومعونة من العالم المتحضر.
لم تكتف أمريكا بأفغانستان، فالعراق أولى لأنها تمثل تهديدا حقيقيا للأمن القومي العربي، أسامة بن لادن لا يقيم في العراق فلابد من اختراع آخر للمسلمين حتى تحتل العراق، يوجد شبهة سلاح نووي في العراق إذن لابد من دكها وكان احتلال أمريكا للعراق عام 2003.
هل رأينا العدل الأمريكي والغربي مع قضايانا؟ هل رأينا كيف يحترم العالم الغربي وعلى رأسه أمريكا حقوق الإنسان المسلم؟ لقد دفنت أسامة بن لادن في البحر طبقا للشريعة الإسلامية، فهي تعلم إذن أن هناك دين يسمى الإسلام وبشر يصل تعدادهم إلى 1,6 مليار يدينون بالإسلام ويسمون مسلمين، ويعلمون أن هؤلاء المسلمين لهم شريعتهم التي تحكمهم تسمى الشريعة الإسلامية، فأين مشكلة المسلمين حين يطلبون تطبيق هذه الشريعة في بلادهم؟.
من حق المسلمين أن يُحكموا شريعتهم بعد أن ضاقت شريعة غيرهم بهم، من حق المسلمين أن يعودوا إلى شريعتهم بعد أن وجدوا في تاريخهم أن هذه الشريعة هي التي حفظت دينهم وديارهم وأعراضهم كما حفظت دين وديار وعرض الأقليات التي كانت تقيم بينهم، فلنعد إلى التاريخ لنرى عدل الإسلام في تعامله مع المسلمين وغير المسلمين حين طبقوا ما جاء بكتاب الله وسنة رسوله، "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"،
وقوله تعالى: "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ(8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ(9): الممتحنة.
إن الخاسر الحقيقي في استبعاد الإسلام من الحياة والسياسة هو كل العالم بأسره؛ لأنه سوف يحرم من تطبيق العدالة الاجتماعية وحرية الإعتقاد وكرامة الإنسان والأمن النفسي والسلام الإجتماعي الذي يتصف به المجتمع الذي يحكمه الإسلام، فالتاريخ أثبت أن أفضل منهج للإصلاح والنهضة هو المنهج المرتكز على قيم الإسلام كما أثبت ذلك الواقع الحالي فإذا نظرت للتجربة التركية والماليزية يتبين لك قدرة المنهج الإسلامي على الإصلاح والتغيير.
والحمد لله رب العالمين
مهندسة/ سحر زكي
المصدر: سحر زكي: "لو كنت رئيسا لمصر-يونيه 2011"