يا علماء الأمة
تحولت المساجد على أيديكم ساحة للقتال، هناك مساجد للسلفيين وهناك مساجد للإخوان، قسمتم الإسلام أقساما: قسم مرجعيته حسن البنا، وقسم آخر مرجعيته ابن القيم وابن تيمية، ونسيتم أن المرجعية لكل المسلمين: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد حذر عمر بن الخطاب رضي الله عنه من التجمعات الشخصية حيث قال: بلغني أنكم تتخذون مجالس، لا يجلس اثنان معا حتى يقال من صحابة فلان من جلساء فلان، حتى تحوميت المجالس، وأيم الله إن هذا لسريع في دينكم، سريع في شرفكم، سريع في ذات بينكم، ولكأني بمن يأتي بعدكم يقول هذا رأي فلان، قد قسموا الإسلام أقساما، أفيضوا مجالسكم بينكم وتجالسوا معا فإنه أدوم لألفتكم وأهيب لكم في الناس، و أهم ما يجب في أي تجمع هو حرصه على وحدة المسلمين وجمع كلمتهم على الحق والإلتزام بالأصول المنهجية والأخلاقية في مناقشة سائر المسلمين.
يا علماء الأمة
أصبحت المساجد على أيديكم ساحة للبيع والشراء، هناك من يبيع القرآن بأربعين جنيها لمن يريد حفظ القرآن، وهناك من يبيعه بخمسين، ومن يزيد، وأصبح المحفظون يتشاجرون على الزبائن حتى يحصل كل شيخ على أكبر عدد ليزداد ما يحصل عليه من مال،نسوا قول الله تعالى الذي يحفظونه لتلاميذهم: "إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم"
يا علماء الأمة
أصبحت المساجد مصدرا للغش والتدليس على المسلمين، هناك من يأتي بشيخ من السعودية ويقولون أنه هاشمي، جاء ليقرأ عليهم صحيح البخاري ومسلم في خمسة عشر يوما ثم يحصلوا بعدها على شهادة سماع أنهم سمعوا من الشيح صحيح البخاري ومسلم، في مقابل أن تباع أعداد كبيرة من الكتب لكي يقرأ فيها من حضر، ونجدهم يجمعون الناس من محافظات مصر المختلفة ليحضروا هذا اللقاء ليأخذوا هذه الشهادة ثم يقال عنهم أنهم علماء، ومنهم من يسجل اسمه ثم يذهب ويأتي في نهاية الخمسة عشر يوما ليجد شهادته قد أعدت له، هل هناك وتدليس وتجارة بالدين أكثر من هذا، أليس من الأولي أن تعلموا هؤلاء القراءة الصحيحة لكي يتمكنوا من قراءة القرآن بطريقة صحيحة، ويأتي شيخ آخر ويسمي أكاديمية باسمه يعلم من خلالها السيرة والفقه، ليكون شيخ طريقة.
يا علماء الأمة
يا هيئة الحقوق والإصلاح، ما الحقوق التي رددتموها لأصحابها، وما الإصلاح الذي قدمتموه للأمة؟ كل ما سمعناه: لا يجب الخروج على الحاكم، لم تحددوا أي حاكم لا يجب الخروج عليه ولماذا لا نخرج عليه؟هل هو الحاكم الذي يحكم بما أنزل الله، أم الحاكم الظالم الذي يعادي شرعة الله وأحكامه، وتسوقون لنا حجتين: أولا: قول الله تعالى: "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" ثم لا تكملوا الآية: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر" ونسيتم أن طاعة ولي الأمر مرهونة بطاعته لله ورسوله، وإلا فخروج موسى عليه السلام ومن آمن معه من السحرة على فرعون لا يجوز، وكذلك كل أنبياء الله ورسله الذين جاءوا ليخرجوا الناس من عبادتهم لحكامهم إلى عبادة الله الواحد القهار، فإذا كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء، فهناك من يقوم بالدعوة إلى دين الله وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، أليس هذا ما تعلمونه لطلبة العلم، هل نعلمهم شيئا ونأتي شيئا آخر، ثانيـــا: تستندون إلى القاعدة: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، قولوا بالله عليكم، سكوتكم على الحاكم الظالم هل درء المفاسد عن بلاد المسلمين، وهل جلب لها مصالح، لا أذكركم بتاريخ، بل أذكركم بواقعنا الأليم من معتقلات وتعذيب في سجون أمن الدولة، وقتل أبرياء لمجرد اعتراضهم على سياسة الحاكم، ومجازر سوريا وانفصال جنوب السودان واحتلال العراق وحصار إخواننا في غزة وقتل المسلمين في أفغانستان وفي نيجيريا والنيجر وغيرها من بلاد المسلمين، هل بسكوتكم عن الحاكم درءتم هذه المفاسد، أم تقولون إن حياة باقي الشعب هي المصالح التي جلبتموها، هل تلك الحياة تستحق أن نحياها، حياة يحارب فيها دين الله وسنة نبيه ويستهزأ فيها برب العالمين ويساء فيها إلى نبينا الكريم ثم تقولون جلبتم لنا المصالح، أليس حفظ الدين مقدم على حفظ المال والأهل والنفس، فلماذا إذن هاجر رسول الله إلى المدينة، ألم يهاجر ليحفظ الدين ويقيم دولة الإسلام؟ "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97):النساء
يا علماء الأمة
الثورة التي قامت ليست فقط على الحكام الطغاة، بل ثورة أيضا على العلماء الطغاة والوزراء الطغاة والأزواج الطغاة والآباء الطغاة، وكل راع طغى وتكبر على من ولاه الله أمرهم، "إنما أهلك من كان قبلكم من إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد"، والآن لقد طغى المجلس العسكري وتجبر على الشعب المصري منذ بداية الثورة، ويبدوا أن علماءنا الأجلاء ينتظرون ثلاثين عاما أخرى ليفكروا في الخروج على الحاكم الظالم، هل المجلس العسكري يحكم بما أنزل الله، هل طبق القانون على من قتل في محمد محمود ومجلس الوزراء ومجزرة بورسعيد وحريق السويس وحريق طنطا، هل نفذ وعده وكان صادقا وترك السلطة بعد ستة أشهر، هل أعطى الصلاحيات الكاملة لمجلس الشعب المنتخب، هل سحب الثقة من حكومة حدثت فيها سفر المتهمين في قضية التمويل الأجنبي، هل سحب الثقة من حكومة لا تدري كم الأموال الموجودة في الصناديق الخاصة، هل سحب الثقة من حكومة تأتمر بأوامر المجلس العسكري وتستفز مشاعر كل المصريين وكأنهم رعاع أمام الملك حسني مبارك الذي يتبختر ذهابا وإيابا بطائرة خاصة لحضور المحاكمات وشعب يقتل وهو يرى هذا الاستفزاز، هل سحب الثقة في حكومة لم تنفذ نقل مبارك إلى مستشفى السجن، هل هؤلاء هم الحكام الذين لا يجب الخروج عليهم.
يا علماء الأمة
راجعوا أنفسكم واتقوا الله في دينكم واعلموا أن الظلم الواقع على الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل جدد كل الأحزان وأشعرنا أن الأمل في إقامة العدل بات بعيد المنال بسكوتكم عن الحق لأنه يجد هوى في نفوسكم، فقد شاركتم في هذا الظلم حين سكتم وصدقتم لجنة تزوير انتخابات الرئاسة وهم كاذبون، صدقتم عدل المجلس العسكري وقد رشح أحمد شفيق رئيس الوزراء الذي قامت مليونية للإطاحة به فإذا به يترشح لرئاسة مصر ويخرج المجلس العسكري لسانه للشعب المصري بأكمله، بالله عليكم أين العدل، لم نر منكم شجبا أو استنكارا لأنكم تدبرون أمرا بليل وهو ترشيح واحد من الإخوان وقد خرجوا على الشعب بأكمله أنهم لن يرشحوا أحدا للرئاسة، هل علمتم الآن من الصادق ومن الكذاب.
"واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون"
وحسبنا الله ونعم الوكيل، هو نعم المولى ونعم النصير
والحمد لله رب العالمين
مهندسة/ سحر زكي