فواكه المناطق المعتدلة (المتساقطة الأوراق) و مشاكل عدم توافر البرودة اللازمة
الدكتور / عاطف محمد إبراهيم
الأستاذ بكلية الزراعة - جامعة الإسكندرية - مصر

5 - ملاحظات عامة عن أضرار البرودة وكيفية حماية الأشجار منها

تحدث أضرار البرودة لجميع أجزاء النبات وخاصة المجموع الخضري, إلا أن درجة تحمل البرودة تختلف باختلاف العضو النباتي.. ويرجع تأثر المجموع الخضري بشدة بأضرار البرودة إلى أن انخفاض درجات حرارة الجو إلى أقل من الصفر المئوي تعمل على تغطية سطح الأرض بطبقة من البرٌد و الجليد تعمل على عزل الجذور جزئياً عن الجو المحيط, ومن ثم تكون درجة حرارة التربة أعلى من درجة حرارة الجو وهذا يقلل الأثر الضار للبرودة على جذور الأشجار. إلا أن استمرار انخفاض درجة الحرارة قد يقلل من أو يوقف نمو الجذور وخصوصاً القريبة من سطح التربة, كما تقلل من مقدرتها على امتصاص العناصر الغذائية حيث أن هذا الانخفاض يُنقص من معدل تنفس الجذور ويزيد من لزوجة السيتوبلازم, ويقلل من النشاط الحيوي لخلايا الجذور مما يبطئ من حركة الأيونات.
وكما سبق القول بأن أضرار الحرارة المنخفضة تُعد واحدة من أهم العوامل التي تُحد من إنتاج محاصيل الفاكهة. فمعظم محاصيل فواكه المناطق الاستوائية مثل الموز لديها القليل من المقاومة أو قد تكون معدومة المقاومة لتحمل البرودة و التجمد, حيث تُضار كثيراً على درجات الحرارة المنخفضة وتموت عند نقطة التجمد. ومن ثم فإن زراعة و إنتاج محاصيل الفواكه الاستوائية ينحصر في المناطق الخالية من الصقيع, إلا أن هناك بعض أنواع الفاكهة تحت الاستوائية مثل الموالح و الأفوكادو تملك القدرة على تحمل البرودة حتى - 9 ﻩم لفترات قصيرة, غير أنها تجود وتزدهر في المناطق التي يسودها جواً معتدلاً. كما أن فواكه المناطق المعتدلة مثل التفاح و البرقوق والعنب أكثر تحملاً للبرودة, حيث يمكنها الحياة لمدة طويلة على درجات حرارة - 20 ﻩم. وهناك القليل من فواكه المناطق المعتدلة منيعة تماماً ضد أضرار التجمد.
ويختلف تأثير إجهاد الحرارة المنخفضة على إنتاجية أشجار الفاكهة من إحداث أضرار طفيفة إلى نقص أو فقد كبير في المحصول. وكما هو معروف أن الفقد في حالة الأشجار المعمرة يتطلب وقتاً طويلاً لإحلال أو تجديد البستان. كما تتسبب البرودة أو الحرارة المنخفضة أضراراً بالغة لأشجار الفاكهة.. ومن أهم هذه الأضرار ما بلي:
1. قتل البراعم الزهرية: قد تتسبب درجات الحرارة المنخفضة خلال الشتاء في قتل العديد من البراعم الزهرية, حيث لوحظ أن البراعم الزهرية أقل تحملاً لدرجات الحرارة المنخفضة عن البراعم الورقية وذلك في منتصف الشتاء حيث تصل البراعم الزهرية إلى أقصى تحمل لها. وتكون البراعم الزهرية لبعض الفواكه أكثر تحملاً للبرودة إذا لم تتكشف أجزائها الزهرية بدرجة كبيرة قبل حلول الشتاء. كما تتأثر البراعم الزهرية إلى حدٍ بعيد بدرجة حرارة فصل النمو, فعند تفتح البراعم الزهرية في طقس بارد نوعاً فإن الأزهار الناتجة تكون أكثر تحملاً للبرودة أو الصقيع الذي يحدث في أوائل الربيع عن أزهار نفس الصنف التي تظهر في جو دافئ لأن انخفاض درجات حرارة الجو بعد هذا التفتح قد يقتل الأزهار.
2. موت النموات الحديثة: قد سبق أن الأفرخ الحديثة النمو و الغضة تقريباً لجميع الأنواع تكون أقل مقاومة لدرجات الحرارة المنخفضة التي تسود في أواخر الخريف مقارنة بالأفرخ التي نضج خشبها وتوقف نموها. وانخفاض درجات الحرارة في هذا الوقت قد يؤدي إلى قتل الأفرخ الغضة.
3. موت الجذور: لاشك أن المجموع الجذري أكثر مقاومة لانخفاض درجات الحرارة الجوية عن المجموع الخضري, إلا أن استمرار انخفاض درجة الحرارة قد يؤدي إلى تقليل معدل نمو ونشاط الجذور وقد تُقتل الجذور القريبة من سطح التربة.
4. تقليل عقد الثمار: انخفاض درجات الحرارة خلال فترة التزهير و التلقيح يمنع أو يقلل إنبات حبوب اللقاح وكذلك يقلل من نشاط الحشرات مثل النحل وتكون النتيجة انخفاض نسبة عقد الثمار ومن ثم يقل المحصول.
وسائل حماية الأشجار من أضرار البرودة.
يمكن تقليل خطر البرودة و تأثيره على أشجار الفاكهة بإتباع بعض الوسائل و المعاملات الزراعية التي يمكن إيجازها فيما يلي:
1. الري السطحي: حيث أن الماء يشع حرارته الكامنة عندما يبرد أو يتجمد, فإنه في حالة توقع حدوث صقيع وجب ري البستان رياً سطحياً - وهذه تُعد من أسهل الوسائل لتقليل خطر الصقيع, إلا أنه تجدر الإشارة أن لهذه الطريقة بعض العيوب تتمثل في: (1) إذا انخفضت درجة الحرارة أكثر من اللازم قد يتجمد الماء, (2) إذا استمرت درجة تجمد الماء لعدة أيام مع استمرار الري, تصبح أرض البستان غدقة تتسبب في موت الأشجار.
2. الري بالرش: استخدم الري عن طريق رش الأشجار بالماء كوسيلة لتقليل خطر الصقيع, وفكرة هذه الوسيلة مبنية على أساس أن جرام الماء الواحد يُطلق 80 كالورى عند تجمده, وخليط الماء مع الثلج المتكون يظل كما هو حتى درجة الصفر المئوي, عند هذه الدرجة نجد أن الأزهار و الأوراق المغطاة بمثل هذا الخليط لا تتجمد وذلك بسبب أن المواد الصلبة الذائبة تُخفض نقطة التجمد لمحلول الأوعية التوصيلية. عيوب هذه الطريقة هي عيوب الطريقة السابقة.
3. تدفئة البستان: لتقليل ضرر درجات الحرارة المنخفضة سواء كان ذلك خلال الشتاء خاصة بالنسبة لأشجار الفاكهة المستديمة الخضرة, وكذلك لحماية الأزهار و الثمار الحديثة العقد من صقيع الربيع, فإنه عادة ما تتم تدفئة البستان باستخدام دفايات خاصة تُشع الحرارة في الوسط المحيط بالأشجار. حوالي 10 - 20 % من الحرارة المشعة تسير في خط مستقيم, وتقل كفاءة الدفاية نسبياً مع مربع المسافة. وحوالي 80 - 90 % من الحرارة الناتجة تتصاعد لأعلى بواسطة تيارات الحمل, ويذكر أنه لكي تعمل هذه الدفايات بكفاءة عالية, فإنه يلزم حرق جالون واحد في الساعة لكل شجرتين أو حوالي 100 جالون للهكتار, إلا أنه تحت معظم الظروف يُتطلب عدد من الدفايات القادر على رفع درجة حرارة الجو المحيط بالأشجار بمقدار 3 ﻩم. وإذا لم توجد رياح أو أية ظروف معاكسة, فقد يرتفع هذا المقدار إلى 10 ﻩم, غير أن ارتفاع أسعار الدفايات و الوقود وكذلك أسعار خزانات الوقود تُعد من عيوب هذه الطريقة.
كذلك تستخدم مواقد خاصة يحرق بها الكيروسين, البروبان السائل, زيت الاحتراق أو الغاز الطبيعي والتي يتم إشعالها عند التنبؤ بانخفاض درجات حرارة الجو إلى الحدود التي قد تسبب أضرار لأشجار الفاكهة.. ويمكن معرفة درجات الحرارة المتوقعة من محطات الأرصاد الكائنة بالمنطقة, وعند انخفاض درجات الحرارة, تُوقد المواقد ويستمر ذلك حتى ترتفع درجة حرارة الجو عن الحدود الضارة بالأشجار.
كذلك تُستخدم بعض المراوح الهوائية والتي ترتفع فوق مستوى سطح الأشجار, تقوم المراوح بخلط طبقات الهواء الساخنة والتي تعلو الأشجار بالهواء البارد المجاور لسطح التربة. فطبقات الهواء العليا تم تدفئتها خلال النهار, أما عند حلول الليل فإن الهواء الذي يعلو سطح الأرض مباشرة والذي كان دافئاً خلال النهار يُصبح بارداً وذلك بسبب انتقال حرارته للتربة. وباستمرار تبادل الحرارة بين التربة و الهواء الملاصق لها, يزداد سمك طبقة الهواء البارد المجاور لسطح التربة, وعلى ذلك نجد أن طبقات الهواء المجاورة للتربة هي أثقلها و أبردها.. ثم تنتقل هذه الطبقات الباردة وتختلط بالطبقات العليا الدافئة, وتعمل المراوح على خلط طبقات الهواء ببعضها مما يعمل على رفع حرارة الطبقات المحيطة بالأشجار. وتثبت المراوح بالجهات التي تهُب منها الرياح وكذلك المنحدرات لدفع الهواء الدافئ إلى أسفل وسحب الهواء البارد لأعلى مما يُحد من أو قد يمنع أضرار البرودة.
4. العزيق: من المعروف أن نباتات الحشائش وكذلك نباتات محاصيل التغطية الموجودة بين أشجار الفاكهة تقوم بامتصاص الطاقة الحرارية المنبعثة و الآتية من الشمس و تستخدمها في عملية التخليق الضوئي, ومن ثم تُعيق وصول هذه الأشعة لسطح التربة و تدفئة الأرض بهذه الطاقة, وعليه فإن عملية عزيق هذه الحشائش وخلطها بالتربة تعمل على وصول حرارة الشمس للتربة وتدفئة سطحها. والحرارة التي تكتسبها التربة خلال النهار, تشعها مرة أخرى خلال الليل إلى الهواء الخارجي المحيط بالأشجار وعلى ذلك تُحد من خطر الصقيع على الأشجار النامية بالبستان.
5. تغطية الأشجار: مهما انخفضت درجة حرارة الجو, فإن تربة البستان لاتزال تُشع جزءاً من حرارتها, ولقد استخدمت هذه الحقيقة كوسيلة لتدفئة الأشجار ولوقايتها, خاصة الأشجار الصغيرة التي يمكن تغطية كلٍ منها بتعريشة من أعواد الذرة و القش بحيث يُشكل الغطاء مخروط يعمل على عكس أكبر قدر من الحرارة المتجهة لأعلى.
6. معاملات زراعية أخرى: وُجد أنه في المناطق التي تنخفض فيها درجات حرارة الشتاء إلى الحد الذي قد يضر بالأشجار المنزرعة, أنه يمكن استخدام بعض المعاملات الزراعية التي تُزيد من قدرة الأشجار على تحمل البرودة. ومن هذه المعاملات, دهان أفرع وجذوع الأشجار بطلاء أبيض لامع يضمن عدم انخفاض حرارتها خلال الليالي البرادة الساكنة - زراعة مصدات الرياح حول البستان, حيث تعمل أشجار المصد على رفع مستوى الرياح السائدة الباردة إلى ما فوق مستوى أشجار البستان - عدم إضافة الأسمدة الآزوتية في نهاية فصل الصيف وبداية فصل الخريف - خف الثمار في حالة الحمل الغزير يعمل على زيادة مقدرة الأشجار على إنضاج الخشب الحديث ومن ثم يقلل من أضرار البرودة - المحافظة على المجموع الخضري و الأوراق في حالة صحية سليمة تُزيد من مقدرة الشجرة على تحمل درجات الحرارة المنخفضة ومن ثم تلافي أية أضرار.
7. اختيار الصنف المناسب: لاشك أن الحل الأمثل لمجابهة أضرار البرودة هو الاختيار المناسب للصنف المُزمع زراعته بمنطقة ما, فالمزارع يمكنه تجنب تكاليف حماية بستانه من أخطار البرودة إذا ما اختار الصنف الملائم و الأكثر تحملاً للبرودة خلال الشتاء وزراعته في المنطقة التي تنخفض بها درجات الحرارة في الشتاء إلى الصفر المئوي أو أدنى من ذلك, كما هي الحال في غالبية الفواكه المتساقطة الأوراق واستبعاد الفواكه الحساسة لبرودة الشتاء مثل معظم الفواكه المستديمة الخضرة وبعض الفواكه المتساقطة الأوراق مثل الرمان و التين و العنب.

<!--

<!--<!--

1 – عاطف محمد إبراهيم – 1989 – الفاكهة المتساقطة الأوراق – زراعتها, رعايتها و إنتاجها – منشأة المعارف – الإسكندرية – جمهورية مصر العربية.

<!--

<!--<!--<!--

1– Salas, A. and K. Slowik. 1974. Influence of branch bending of apple trees on the development of buds in the tropical highlands of  Mexico. Summary Proc. XIX int. hort. Conger. Warsaw, Vol.I B, 523.

2 – Saure, M. 1971. Successful apple growing in tropical Indonesia. Proc. XVIII int. hort. Conger. Vol. 1, Abestr. 443.

3 – Weinberger, J. H. 1950. Chilling requirements of peach varieties. Proc. Amer. Soc. Hort. Sci., 56: 122 – 128.

4   – Weinberger, J. H. 1956. Prolonged dormancy troubles peaches in the southeast in relation to winter temperatures. Proc. Amer. Soc. Hort. Sci., 67: 107 – 112.

 

 

 

 

 

 

  • Currently 1/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 780 مشاهدة
نشرت فى 20 مارس 2016 بواسطة FruitGrowing

PROF.DR.Atef Mohamed Ibrahim

FruitGrowing
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

779,786