التركيب الكيميائي للصبغات النباتية و ألوان الخريف
لأوراق الأشجار
الدكتور / عاطف محمد إبراهيم
الأستاذ بكلية الزراعة- جامعة الإسكندرية – مصر
دكتوراة في العلوم الزراعية – جامعة ولاية أيوا - أمريكا
مقدمة :
تقع الأشجار النباتية الخشبية المعمرة تحت مجموعتين هما : الأشجار الدائمة الخضرة Evergreen وهي التي تستطيع النمو و الإزهار في المناطق الاستوائية و شبه الاستوائية و المناطق المعتدلة ذات الشتاء الدافئ , هذه الأشجار تظل خضراء طوال العام , وهذا لايعني أن عمر الورقة يستمر طالما ظلت الشجرة حية , ولكن الذي يحدث أن الشجرة تسقط أوراقها تدريجيا,وفي ذات الوقت تنتج أوراقاً جديدة تحل محل الأوراق التي سقطت , وعلى ذلك يظل لون الشجرة اخضر طوال العام. و الأشجار المتساقطة الأوراق Deciduous, وهي تنمو وتزدهر في المناطق الباردة , و المناطق المعتدلة ذات الشتاء البارد وهذه المجموعة تسقط أشجارها الأوراق خلال فصل الشتاء , ولكن قبل سقوط الأوراق يحدث تغير في لونها إلى ما يسمى بألوان الخريف . وحتى في أشجار المجموعة الأولى يتغير اللون بتقدم عمر الورقة من أخضر زاهي لأصفر أو لدرجات مختلفة بين الأخضر و الأصفر.
السبب في ظهور ألوان الأوراق:
لون الورقة إن هو إلا ناتج محصلة التفاعلات للصبغات المختلفة و التي تخلق داخليا بواسطة النبات. وأهم الصبغات الرئيسية المسئولة عن لون الورقة هي البورفرينات porphyrins الكاروتينويدات carotenoids و الفلافونويدات flavonoids . ولون الورقة الذي تستقبله أعيننا, يتوقف على نوع و كمية الصبغات الموجودة. كما أن التفاعلات الكيميائية التي تحدث داخل النبات ,خاصة تلك التي تتأثر بحموضة الوسط ( pH ) تؤثر أيضا على لون الأوراق. وتوضح بيانات الجدول التالي أقسام الصبغات النباتية الموجودة بالنباتات و نوعها و ألوانها.
القسم |
النوع |
اللون |
بورفيرين Porphyrin |
الكاوروفيل Chlorophyll |
أخضر |
الكاروتينويدات Carotenoids |
1 – الكاروتين Carotene |
أصفر |
2- الليكوبين Lycopen 3 – الزانثوفيل Xanthophyll |
أصفر أصفر |
|
الفلافونويدات Flavonoids |
1 – الفلافون Flavone |
أصفر |
2 – الفلافونول Flavonol |
أصفر |
|
3 – الأنثوسيانين Anthocynin |
أحمر,أزرق,وردي و بنفسجي. |
كيف يتحول لون الورقة ؟
عادة ما تكون ورقة النبات خضراء اللون بسبب وجود مجموعة من الصبغات تعرف بالكلوروفيلات والتي تتواجد بمستويات عالية في خلايا الورقة خلال موسم النمو, وفي هذه الأثناء يكون اللون الأخضر الزاهي هو السائد , ويحجب خلفه تأثير أية صبغات أخرى تتواجد بالورقة , وعلى ذلك تظهر الأوراق بلونا الأخضر الزاهي خلال الربيع و الصيف, و للكلوروفيلات دوراً حيوياً , حيث تقوم باقتناص جزء من الطاقة الشمسية ة الاستفادة منه في تخليق أو تصنيع غذاء النبات الذي يتمثل في صورة سكريات بسيطة و التي تنتج أساسا من الماء و ثاني أكسيد الكربون عن طريق عملية التخليق الضوئي Photosynthesis .هذه السكريات هي أساس تغذية النبات لأنها المصدر الكربوهيدراتي الذي يمثل العامود الفقري لنمو النبات و تطوره. وخلال عملية التخليق الضوئي يتحطم الكلوروفيل نتيجة استخدامها بصفة مستمرة , إلا أنه خلال موسم النمو يقوم النبات بتعويض ما يفقد من الكلوروفيلات و بمعدل ثابت تظل الأوراق معه محتفظة بلونها الأخضر البراق.
إلا أنه و بحلول الخريف تتسبب بعض المؤثرات الخارجية و الداخلية والخاصة بالنبات ذاته في إبطاء معدل تعويض الكلوروفيلات التي تحطمت بدرجة لا يتناسب معها معدل الإحلال و معدل التحطيم , عندئذ تقل مقدرة الكلوروفيلات على حجب الألوان الأخرى رويداً رويدا , وهنا تبدأ الصبغات الأخرى الموجودة ( بجانب الكلوروفيلات ) بالخلية طوال فترة حياة الورقة بإظهار ذاتها. هذه الصبغات هي الكاروتينويدات carotenoids المسئولة عن اللون الأصفر,
البني أو البرتقالي, و العديد من درجات الألوان بين الدرجات السابقة .
أما الألوان الحمراء, القرمزية و الدرجات المختلفة بينهما و التي تظهر على الأشجار خلال الخريف فسببها مجموعة أخرى من الصبغات يطلق عليها الأنثوسيانينات anthocyanins هذه الصبغات لا تتواجد بالأوراق خلال فصل النمو, كما هي الحال في الكاروتينويدات, ولكنها تظهر بالسائل الخلوي للأوراق في نهاية فصل الصيف , هذا التطور إن هو إلا محصلة لتفاعلات معقدة لعديد من المؤثرات , بعضها داخل النبات و البعض الآخر خارجاً عنه. وتكوين الأنثوسيانينات يعتمد على تحطم السكريات في وجود ضوء ساطع ونقص مستوى بعض المواد الكيميائية مثل الفوسفات بالورقة.وخلال موسم النمو ( الصيف ) تقوم الفوسفات ( عند أعلى مستوياتها ) بدور حيوي في تحطيم السكريات المصنعة بواسطة الكلوروفيلات . وفي الخريف تهاجر الفوسفات مع الكثير من المواد الغذائية و الكيميائية من الورقة إلى أفرع وسيقان النبات , عندها تتغير طريقة تحطيم السكر , مما يؤدي إلى إنتاج صبغة الأنثوسيانين. وكلما ازدادت كثافة الضوء في تلك الفترة كلما ازداد إنتاج هذه الصبغات وكلما وضحت الألوان الزاهية الناتجة عنها.وتقوم الأنثوسيانينات بإعطاء اللون الأحمر لثمار التفاح الأحمر, الفراولة , الكريز , البرقوق و غيرها.
وتتواجد الكاروتينويدات مع الكلوروفيلات داخل الخلايا في عضيات خاصة تسمى البلاستيدات, إلا أنها لا تظهر تأثيرها إلا في الخريف... وتتواجد هذه الصبغات بكثرة في المشمش , المانجو , الموز , الذرة , الجزر وغيرها, وهي المسئولة عن ظهور اللون الأصفر.
كيمياء الصبغات النباتية :
بنظرة فاحصة على التركيب البنائي ألجزيئي للصبغات ووظائفها نجد الآتي:
1 – البورفرينات Porphyrins – تأخذ جميعها الشكل الحلقي:
والبورفيرين الأساسي الموجود بالورقة هو الصبغة الخضراء التي تسمى بالكلوروفيل(كلوروفيل أ و كلوروفيل ب ) و المسئولة عن عملية التخليق الضوئي .و إنتاج الكلوروفيل مسئولية ضوء الشمس , ومن ثم فإنه عند حدوث تغيرات في الموسم و المصاحبة بتناقص الكثافة الضوئية يقل إنتاج الكلوروفيل , وتصبح الأوراق أقل اخضراراً ,و يتحطم الكلوروفيل لمركبات أبسط بمعل ثابت , وعلى ذلك يبهت اللون الأخضر تدريجيا حتى يتوقف إنتاج الكلوروفيل.
2 – الكاروتينويدات Carotenoids - عبارة عن تربينات terpenes مكونة من وحدات أيزوبرين isoprene . ومن أمثلة الكاروتينات الليكوبين و الزانثوفيل , و أن الضوء ليس ضروري لتكوينها , ومن ثم فهي تتواجد طبيعياً في النباتات الحية. و تتحطم الكاروتينات بمعدل أقل من الكلوروفيلات.
3 – الفلافونويدات Flavonoids – تحتوي على وحدات داي فينايل بروبين diphenylepropen , ومن أمثلة تلك المواد الفلافون Flovone و الفلافول Flavol الصفراء و الأنثوسيانينات ذات اللون الأحمر, الأزرق أو القرمزي ,ويتوقف ذلك على pH الوسط.
ومن الأنثوسيانينات , السياندين cyanidin , ونظراً لأن التركيب ألجزيئي للأنثوسيانينات يشتمل على سكر, فإن إنتاج هذه الصبغة يتوقف على مستويات المواد الكربوهيدراتية المتاحة بأنسجة النبات, وتجدر ملاحظة أن لون الأنثوسيانينات يتغير طبقاً لتركيز أيونات الهيدروجين بالوسط ( pH ) , ومن ثم فإن حموضة التربة تؤثر على لون الأوراق. و يحتاج إنتاج الأنثوسيانينات إلى الضوء , وعلى ذلك فالنهار المشمس الساطع يظهر ألوان خريف أفضل
لماذا تسقط الأوراق ؟
عند تحول المواد الغذائية الموجودة بالأوراق لصور أخرى , وعند انتقالها من الأوراق و هجرتها إلى الساق و الجذور,عندئذ ستتبقى فقط الجدر الخلوية وبقايا المواد الغذائية بالبروتوبلازم. وعند قاعدة عنق الورقة والمتصل بالساق , يتكون طرازين من الخلايا , هي الخلايا البرانشيمية , وهي خلايا رقيقة جداً, وهذه تتكون قريباً من النصل ( في جانب الورقة ) , أما الطراز الآخر فهو عبارة عن خلايا مسوبرة وهي شمعية , وتتكون في جانب الساق كي تقوم بتغطية الندبة في الساق التي سيخلفها سقوط الورقة – أي كعامل حماية – وفي النهاية فإن الحزم الوعائية تتحطم و تسقط الورقة تاركة ما يسمى بندبة مكان الحزمة و برعم يواصل نمو العام التالي .
المراجع :
1 – Gregory R. P. F. 1977. Biochemistry of photosynthesis (2ed ). John Wiley & Sons LTD. London .
2 – Jerry and Marcy Monkman .The colors of fall. Ecophotography. Portsmouth ,England.
3 – Leopold A. C. and P. E. Kriedemann.1975 . Plant growth and development. McGrew – Hill Book Company .New York.
4 – Taylor J.1997. Why leaves change color. Black – Hills information. USA.
5 – Wilkins M. B. (ed.).1969. The physiology of plant growth and development. McGrew- Hill Company .New York.
4 – إبراهيم, عاطف محمد . 1996 . الفاكهة المتساقطة الأوراق – زراعتها , رعايتها و إنتاجها ( الطبعة الثانية ) – منشأة المعارف – الإسكندرية – جمهورية مصر العربية.
5 – إبراهيم , عاطف محمد و محمد نظيف حجاج 0 1995 0 الفاكهة المستديمة الخضرة – زراعتها – رعايتها و إنتاجها – منشأة المعارف – الإسكندرية – جمهورية مصر العربية .