بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين النبي الآمر الهادي الأمين وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين وبعد يا أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم ، أيها الأخ الكريم الفاضل ، أيها المسلم التقي الله يأمرك فهل تجيب ؟ والحبيب يامرك فهل تطيع أيها الفطن الذكي أمر النبي صلي الله عليه وسلم ليس من عنده بل هو أمر من الله تبارك وتعالي يوجه إلي عبده ورسوله محمد صلي الله عليه وسلم وما "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" النجم : 3-4) وأمر الله عز وجل واجب التنفيذ وتركه معصية يأثم فاعلها و هناك فرق بين الفرض و السُنة و المستحب , و موضوع حديثاً فرض ليس سنة ولا مستحب , بل هو فرض عين علي كل مسلم لكنها فريضة مهجورة غفل عنها الكثير وتركوها بل أصبحت مصدر زعر و رعب مع أنها فريضة رب العالمين و سُنة نبيه الكريم صلوات ربي عليه و إله و صحبه , أنها اللحية ذلك الفرض ما تركه أحد من الصحابة قط ولا من التابعين ولا من الصالحين ولا العلماء ولا السلف الصالح من السابقين مُنذ علموا وجوبها فلما تتركها أنت وما الدليل ؟
أخواني قال رسول الله صلي الله عليه و سلم " خالفوا المشركين وفروا اللحُي و أحفوا الشوارب "
وفي هذا الدليل واضح علي وجوب اللحية وقد أجمع العلماء علي وجوبها وحرُمه حلقها وذلك لامر النبي صلي الله عليه و سلم بها وقد ورد في الأحاديث خمس ألفاظ " أعفوا , أرخوا , أوفوا , أرجوا , وفروا الحي " وكلها بمعني تركها علي حالها وعدم الأخذ منها , و اللحية من سنن الفطرة قال رسول الله صلي الله عليه و سلم " عشرة من الفطرة قص الشارب و إعفاء اللحية ................ " وهي سنن الأنبياء فجمع انبياء الله عزو جل وعلى رأسهم حبيبنا صلي الله عليه و سلم كانوا أصحاب لحُي وكانت لحيته صلي الله عليه و سلم كثيفة كما يؤكد الرواه مكان إذا بكي من خشية الله عزو جل ابتلت لحيته و سال عليها دمعة الشريف , و قد قال الله عز وجل في شأن سيدنا موسي عليه السلام " قَالَ يَاابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي " ( طه 94 )
وفي اللحية مخالفة لليهود و النصاري و المشركين و هي علامة الإسلام و منارة المسلم قال صلي الله عليه و سلم قصُّوا سبالكم ، ووفِّروا عثانينكم ، وخالفوا أهل الكتاب " ومعني السبال هي الشوارب , و العتاثين هي اللحُي , وحلق اللحية فيه تغير لخلق الله عز وجل واستجابة لنداء الشيطان إذ قال كما في القرآن " وَ َلاَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ " ( النساء 119 ) كما إنه تشبيه بالنساء و قد لعن النبي صلي الله عليه و سلم المتشبهين بالنساء , و اللحية فرض حلقها مخالفة لأمر الله عز وجل تؤدي إلي الفتنة في الدين و عذاب العزيز الحكيم قال جل في علاه " فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " ( النور 63 ) و خلق اللحية اتباع لهوي الشيطان في معصية رب الآنام و قد نهانا الله عز وجل عن اتباع الهوي حيث قال " وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ " ( سورة ص : 26 ) و اللحية فريضة شرعها الله عز وجل في دينه القويم فلا دين أحسن من دين الله عز وجل قال تعالي :" صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ " ( البقرة 138 ) , وقد خلق الله تعالي الإنسان صورة الرجل علي هيئة و المرأة علي هيئة فلا تبديل في خلق الله و قد جعل لك سنن للفطرة أمرك بها , أمرك بقص الشارب , وتقليم الأظافر و نهاك عن لحيتك فلماذا تخالف أمر الله عز وجل ؟ قال تعالي " فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ( الروم : 30 )
وقد أمر الله تعالي عباده بطاعته فقال " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ " ( النور :30 )
وخلق الله لا يحتاج إلي تعديل :- استغفر الله – قال تعالي صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ " (النمل 88)
و قال :" لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ " ( التين :4) , وقال " فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ( المؤمنون : 14 ), " أيها الأحباء هل تشتاقون إلي الجنة ؟ هل تخشون النار ؟ هل تخافون عذاب العزيز القهار ؟ أطيعوا رسول الله صلي الله عليه وسلم ,قال رسول صلي الله عليه وسلم : كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبي , قيل ومن يأبي يا رسول الله , قال : من أطاعني دخل الجنة و من عصاني فقد أبي لا أعلق علي الحديث و سأترك لك الأختيار . عباد الله المؤمنون الإيمان ليس كلمة تقال فحسب بل هو عمل و اتباع و حب خالص لله و لرسوله صلي الله عليه وسلم و الحب لا يكون إلا بالاتباع والإيمان قول باللسان و اعتقاد بالجنان و عمل بالجوارح و الأركان . فهل حققت الإيمان ؟ أحباب رسول الله صلي الله عليه وسلم هل تريدون شفاعته ؟
إذاً فاعلموا لها روي عن النبي صلي الله عليه وسلم في حديث رسولي كسري أنهما دخل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وقد حلقا لحاهما و أعفايا شواربهما , فكرة النظرة إليهما ثم أقبل عليهما وقال : ويلكما من أمركما بهذا ؟
قالاً : ربنا – يعنبان كسري وقد كانوا علي الشرك –
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"لكني ربي أمرني بإعفاء لحيتي و قص شاربي " فإذا كره الحبيب صلي الله عليه وسلم النظر لحالق لحيته في الدنيا فكيف ينظر إليه يوم القيامة و كيف يشفع له بل و كيف يعرفه و هو ليس علي سنته أخي الكريم : اعلم أن إطلاق اللحية فرض عليك ليس لك فيه اختيار فهو أمر من العزيز الجبار ومن نبيه المختار فلا يجوز أن تختار , قال تعالي " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا. " ( الأحزاب :36 )
و أعلم أن أمر النبي فرض أما السنن فلم ترد بصيغة الأمر و إنما بصورة ترغيب و استحباب وفي أطلاق اللحية امتثال لأمر الله عز وجل و اهتداء بهدية عز وجل " فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا "(طه :123:124) فأي الطريقين خير الهدي أم الضلال ؟ أخي الغالي : أني أخاف عليك الفتنة و أخشي عليك النار فاسمع لمن يريد أن يأخذ بيديك إلي الجنان وفردوس الرحمن الرحيم , اسمع كلام الرحمن ولا تتبع الشيطان توكل علي الله و أطلق لحيتك و أبشر بخير فأجرعظيم عند الله عز وجل , أسال الله أن يهدي شباب الأمة و رجالها إلي إطلاق اللحية و أن يهدينا جميعاً لما يحبه و يرضاه و يبعد عنا الفتن و يحفظنا من العصيان ويبلغنا بفضله أعلي الجنان و يجمعنا في جنته بسيد الأنام صلي الله عليه و علي آله و صحبه أجمعين .
سبحانك اللهم ربنا و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك وجزاكم الله خير .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أسماء قطيط
الجمعة 28/10/2011
ذي الحجة 1432