مباراة ودية في قطر بين منتخب البرازيل ومنتخب مصر في أول اختبار له مع مدربه الامريكي بوب برادلي في 14 نوفمبر الحالي ... فهل يقف التفكير عند مباراة كرة بين فريقين لا يقفان هما ولا دولتيهما على مستويات متقاربة؟؟؟
كيف نفكر في البرازيل ونحن عاشقوموسيقى السامبا وكرةالقدم والنكتة الشهيرة لماذا لا نجد التين في البرازيل ؟؟ والاجابة الاشهر لانها تقع في امريكا اللاتينية:)
ولا نصادر هنا على حب الوسيقى وعشق الكرة وانفراجة النكتة .. لكن لا ينبغي ان نقف عند ذلك
فالبرازيل رغم الظروف الاقتصادية الطاحنة التي كانت تعانيها عقب إعلانها كجمهورية فيدرالية بمقتضي دستور 1988 حتي أنها كانت علي وشك الإفلاس وأعلنت توقفها عن دفع ديونها الخارجية وانتشار البطالة.. إلا أنها استطاعت أن تأخذ خطوات للإصلاح السياسي والاقتصادي مكنتها لأن تكون واحدة من أقوي 20 دولة في الاقتصاد العالمي. ونراها الان وقد
اشترطت على دول اليورو التي تواجه أزمة ديون خانقة الوفاء بتعهداتها التي قطعتها على نفسها كي تقدم دعما ماليا لها لمساعدتها على حل أزمتها.
كما طالب وزير المالية البرازيلي بأن تستفيد دول غير أوروبية أضيرت من الأزمة من أي دعم يقدم لصندوق النقد الدولي بالتشاور مع البرازيل وغيرها من دول بريكس (روسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) والمعروفة بالاقتصادات الصاعدة. ووصف سياسة معالجة أزمة اليورو لتي ينتهجها الاتحاد الأوروبي بالبطيئة وغير المرضية
فهل يمكن ان نستفيد في مصر ودول الثورات العربية من التجربة البرازيلية؟؟؟
البرازيل التي استطاعت التحول،من ديكتاتورية عسكرية، إلى ديمقراطية برلمانية. و اختار جناح من المؤسسة العسكرية دون ثورات الديمقراطية والحكم المدني، وراح يناضل لسنوات لأجل الوصول إلي هذا الهدف معتمدًا علي سياسة عرفت بخطوتين للأمام وخطوة للخلف. وظهرت احترافية الجيش في الانتقال الى الديمقراطية والمدنية و لم تتصرف الحكومة والمعارضة كأعداء وإنما كشركاء غير مباشرين. وتم إشراك المؤسسات غير الرسمية والمجتمع المدني في دعم الإصلاح واتباع نهج تدريجي في الإصلاح مبني علي الدعم الشعبي والتصدي لمشكلات الفقر من خلال اتباع سياسات تؤدي إلي عدالة في توزيع الدخل ودعم السلع المنتجة محليا و زيادة قدرتها التنافسية لتشجيع الصادرات والحد من الواردات .. في تجربة جديرة بالتوقف والدراسة..
ان الانتقال الديموقراطي والتخلى عن نظام حكم سلطوي لندخل الى الديمقراطية لابد ان يقوم على تغيير حقيقي في المؤسسات والقوانين وفي أساليب ممارسة السلطة وفي علاقة الحاكم بالمحكوم و توسيع نطاق المشاركة السياسية و مساءلة المسؤولين وضمان الحقوق الأساسية للمواطن ...
و لكل ثورة أولوياتها التي يجب الاهتمام بها وتأجيل بقية القضايا إلي فترات لاحقة. ودعونا نختتم بأولوية تتعلق بالإعلام في تغطيته لكافة الاحداث ولننطلق من هنا . من مباراة مصر والبرازيل , فلابد ان نتوافق على تحفيز المجتمع وشحذ الهمم واستثمار كل المناسبات للاتفاق على مشتركات جديدة وقيم جديدة ، فالمراحل الانتقالية تحتاج أن يرتقي الإعلاميون إلي مستوي الحدث والتخلي عن المصالح الشخصية . لا نحتاج إلي اظهار الاختلاف بين التيارات السياسية وإنما توسيع مساحات الاتفاق بين الجميع . نحتاج ونحن نتحدث حتى عن مباراة كرة الاننسى اننا في مرحلة تاريخية لبناء مصر القوية داخليًا و خارجيا .. صحيح انها مباراة لكرة القدم تثير ما تثير من قضاياها الرياضية لكن لزم علينا الانغفل القضية الاسمى والهدف الابقى .. مصر في مرحلة تاريخية خطيرة .. فلنشارك في كتابة تاريخ اوطاننا بما يليق بحجم الوطن ..
د.نادية النشار