علوم الاتصال و الاعلام ( ادارة الوعي، الادراك، الذاكرة)
،،،
يرى الباحثون ان بناء الوعي و الادراك يعتمد على عاملين اساسين، هما البيانات التي ترد لنا باستمرار عن طريق الادراك الحسي لما نعيشه و نعاصره، والذاكرة التي ينبغي ان نحافظ عليها لضرورات الفهم و الاختصار و التعلم و التطور ،
فإذا كان الواقع الذي نعيشه غلب عليه الواقع الافتراضي الذي نراه عبر شاشات تنقل جزءا من الحقيقة، او تنقل التزييف الكامل او التزييف العميق، و هي علوم العصر التي يتم استخدامها بدقة للهدم و الالهاء و اعادة ترتيب اولويات الناس بما يتوافق مع مصالح اصحاب المصالح في الداخل و الخارج،
و كذلك الذاكرة ضعفت بحكم زيادة الضغط عليها بالوفرة الكمية غير المسبوقة في المعلومات المتاحة،
و كما ان الافكار تطير على جناح الاعلام ، لتصل لمستهدفيها ، فعلى جناح منصات التواصل الاجتماعي يطير النوم من العيون، و نعيش حالة تخبط في الادراك و محو للذاكرة، و يزاحم التريند الجديد بمشاعره و افكاره و اتجاهاته التريند القديم، و يتم العمل على سيكولوجية الجماهير، ثم ينمو الاستثمار في الخوف و الغضب، و عدوى المشاعر و الافكار ، و الذاكرة الضعيفة التي تنسى كثيرا من دروس الماضي،
مستفيدين من فرط الاتصال و الخلل المعلوماتي و ضعف الذاكرة ،
و قد تمادى محركو العالم في صناعة ارضية مشتركة تصلح للعمل عليها في كل اتجاه، باستخدام الزعماء الإلكترونيين و المؤثرين و المواطنين الصحفيين و النشطين و المستخدمين العاديين، و عن طريق الجميع يتناول الناس الاحداث ، و يلعب المحركون دورا كبيرا في حياتنا الخاصة و العامة ليصلوا إلى أقصى درجات الاستغلال للصدمات والكوارث التي يدفع ثمنها الافراد والشعوب ،
،،،،
في كتاب (عقيدة الصدمة، صعود رأسمالية الكوارث ) ، لمؤلفته الكندية ناعومي كلاين ، و هو كتاب صدر عام ٢٠٠٩ و تمت ترجمته لمعظم لغات العالم عام ٢٠١١ ، و حقق اعلى المبيعات
و بالطبع قرأه اهل السياسة و الاقتصاد و محركو العالم و تمادوا في صناعة الصدمات او استثمارها لو كانت قدرية ، في هذا الكتاب نجد أن الحرب طريقة من طرق التعذيب الجماعي، فالخوف الجماعي هو جزء أساسي من الإستراتيجية للاستثمار في الكوارث،
و قد نشأت عقيدة الصدمة في الخمسينيات من القرن العشرين في مجال الطب النفسي، حيث تعاونت وكالة الاستخبارات الأميركية مع الطبيب النفسي الكندي دونالد أيوين كاميرون ، ومولت أبحاثه عن استخدام الصدمة الكهربائية على أدمغة المرضى النفسيين بهدف تحويل أدمغتهم إلى صفحة بيضاء لإعادة كتابة المعلومات الملائمة عليها. كان كاميرون يعتقد أن عاملين مهمين يتيحان لنا الحفاظ على إدراكنا ، و هما البيانات الحسية التي ترد لنا باستمرار، والذاكرة. لذلك حاول إلغاء الذاكرة بواسطة الصدمات الكهربائية والمهلوسات، وحاول إلغاء البيانات الحسية بواسطة العزل التام. ثم انتقل هذا الاسلوب من العلاج النفسي الى الاقتصاد ، ثم انتقل للحياة عبر هذا العالم المتواصل،
،،،،
وكما حدث في العراق و نقلت الفضائيات الرعب ، و حدث في تشيلي ، و تسونامي ، و ١١ سبتمبر في الولايات المتحدة الامريكية ، و فيديوهات داعش، وغيرها، يصبح البث الجماهيري لمشاعر الخوف والفوضى هما أساس القفزة السريعة للأمام باتجاه تحقيق اهداف و استثمارات تبني نجاحها و ثروتها على حساب الجماهير،
،،،،،
انه فكر عالمي، و انواع جديدة من الصراعات و الحروب التي تنتعش و تروج على آلام الناس ، أثرياء العالم تنمو ثرواتهم على عذابات الملايين من البشر !!!!
فهل يمكن ان ينتهي كل هذا؟ نعم يمكن، على مر الزمان كان لكل أسلوب نهاية، بشرط ان يزداد الوعي، و ندرك الحاضر المعاصر الذي نعيشه واقعيا ، و ان تظل الذاكرة تحمل دروس الماضي و خبراته القريبة، ندرك ان الهدم له ثمن دفعناه و مازلنا،. و ان لاعادة البناء ثمنا ندفعه، مع تحمل المسئولية التامة عن افعالنا و عن مساهماتنا في حياتنا الواقعية ، خاصة بعدما تناولنا تطعيمات مواجهة الصدمات التي حولها التكرار الى جلسات سمر ، و دردشات على مقاهي السوشيال ميديا وحكايات البسطاء بنكهات دراما المحترفين، لذا وجب التنبيه.
(صوت القبائل العربية)